«كورال بريدج».. هل تتحول مصر للمفترس الأكبر في مجال الكابلات البحرية بالمنطقة؟
في أحدث الخطوات الاستراتيجية في ملف الكابلات البحرية في مصر، أعلنت المصرية للاتصالات مؤخرا الانتهاء من الربط بين مصر والأردن من خلال الكابل البحري للاتصالات عالي السعة كورال بريدج، وذلك بالتعاون مع شركة نايتل أحد أبرز مزودي خدمات الاتصالات في الأردن، وتمت عمليات إنزال نظام الكابل بمدينة طابا، كما تم مد الكابل عبر خليج العقبة وصولاً إلى إنزاله بمدينة العقبة، وهو ماوصف بالتحرك النوعي لتعظيم استفادة مصر من موقعها كمركزا للكابلات البحرية .
المشروع يعد فرصة استراتيجية وحيوية لمنظومة الكابلات البحرية في مصر، حيث يعد الكابل البحري كورال بريدج معبر هام لحركة الاتصالات عبر الشرق الأوسط وأوروبا وسيسهم بشكل مباشر في تعزيز البنية التحتية وتحسين الاتصال بالإنترنت ودعم النمو الاقتصادي والتكنولوجي في المنطقة، باعتباره أول كابل بحري للاتصالات مباشر يربط بين مصر والأردن منذ أكثر من 25 عامًا، وهو مدعم بعدد كبير من أزواج الألياف الضوئية يمر عبر خليج العقبة، ما يسمح للكابل بتوفير ربط سلس عبر القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا، وذلك اعتمادا على الموقع الاستراتيجي لمصر والأردن والبنية التحتية للكابلات البحرية الواسعة والممتدة للشركة المصرية للاتصالات.
وشهدت السنوات الأخيرة تحركات متسارعة من جانب الدولة وذراعها في قطاع الاتصالات المتمثل في المصرية للاتصالات، لعقد شراكات دولية وإقليمية في مجال الكابلات البحرية بما يعزز من فرص استثمار مصر في هذا المجال الحيوي بما يخدم أهداف التنمية، ويدعم مخططات الدولة لتحويل مصر لمركز إقليمي لمراكز البيانات وتصدير خدمات الاتصالات، إلى جانب الاستغلال الأمثل لموقع مصر الجغرافي الذي يربط بين ثلاث قارات عبر شبكة من الكابلات البحرية تتمثل في 20 كابلا بحريا يمرون عبرالمياة الإقليمية المصرية (5 منهم قيد الإنشاء)، تتحرك من خلالهم نحو 90% من البيانات المارة من الشرق إلى الغرب.
المحللون أشارو إلى أن الإعلان الأخير عن الكابل البحري كورال بريدج، يعد جزء من سلسلة خطوات فاعلة تتبناها الدولة في السنوات الأخيرة انطلاقا من رؤية طموحة للقيادة السياسية والحكومة، كون مجال الكابلات البحرية أحد المرتكزات الرئيسية لتوطين البنية التحتية الذكية القادرة على استيعاب التحركات الاستثمارية والتشغيلية في القطاع على مستوى السوق المحلي وأيضا الخارجي، وتعزيز سرعات الانترنت بسعات دولية غير مسبوقة، منوهين إلى أن جهود مصر في هذا الملف جزء رئيسي لاستضافة مراكز البيانات العملاقة وضمان إذدهارها في المستقبل لجعل مصر مركزا دوليا لنقل البيانات، عبر استضافة محطات إنزال هذه الكابلات وتعزيز أيضا مساراتها الأرضية داخل مصر.
ووفقا لإحصائيات حديثة فإن عدد مراكز البيانات في مصر هو الأكبر في أفريقيا من حيث معدلات النمو ، ويتوقع أن يبلغ معدل نموها السنوي المركب أكثر من 12% بنهاية العام الجاري مقابل 6.4% في المتوسط عالميا.
ولفت المحللين إلى أن الشركة المصرية للاتصالات تعد المرتكز الرئيسي في مصر بهذا المجال باعتبارها أحد أكبر مشغلي الكابلات البحرية بالمنطقة ، حيث تواصل العمل على تحقيق التنوع الجغرافي لبنيتها التحتية من الكابلات البحرية، بما في ذلك إنشاء محطات إنزال ومسارات أرضية جديدة لعبور الكابلات البحرية، إلى جانب زيادة استثماراتها في أنظمة الكابلات البحرية الجديدة والحلول التكنولوجية المتطورة لمواكبة الطلب العالمي المتزايد على خدمات الاتصالات الدولية، وتمتاز بكونها الشريك المفضّل لأكثر من 160 شركة من كبرى شركات الكابلات البحرية الدولية.
ونوهو إلى أنه لايوجد دولة مؤهلة لمنافستنا في هذا المجال إذا تبنينا الخطوات الصحيحة، حيث إن وضعنا يؤهلنا لنكون رقم واحد في هذا المجال بمزيد من الاهتمام والتركيز، مشيرين إلي أن سعي مصر ممثلة في الشركة المصرية للاتصالات إلى عقد شراكات وإطلاق كوابل بحرية جديدة يساهم بشكل رئيسي في تلبية احتياجات العملاء الدوليين ويقلل أيضا من فرص المنافسين لمصر في هذا المجال.
ذكر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في تقرير حديث أن مصر إحدى الدول الإفريقية الرائدة كمركز رئيسي بمجال الكابلات البحرية، حيث أن البيانات تشير إلى أن 37 من أصل 38 دولة ساحلية إفريقية تمتلك كابلات بحرية باستثناء إريتريا، وتعد دول مثل: مصر، جنوب إفريقيا، كينيا، نيجيريا وجيبوتي مراكز رئيسية بهذا النظام.

قال المهندس محمد نصر الدين، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات، إن الشركة تواصل استراتيجيتها في التوسع بشبكة الكابلات البحرية لتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لنقل البيانات، منوها إلى أن مشروع كورال بريدج، الذي يربط مدينة طابا المصرية بالعقبة الأردنية، يمثل خطوة استراتيجية لربط حركة البيانات بين دول الجوار مرورًا بمصر، ثم ربطها بشبكات الألياف الضوئية في شبه جزيرة سيناء وصولًا إلى البحر المتوسط وأوروبا.
وأشار إلى أن مفهوم التعددية يمثل جوهر المرحلة الحالية في صناعة البيانات، من خلال تنويع مسارات الكابلات ومراكز البيانات، بما يضمن بنية تحتية قوية وآمنة قادرة على استيعاب النمو الهائل في الطلب على البيانات عالميًا.
ونوه محمد نصر، إلى إن قرب المسافة ما بين مدينتي طابا والعقبة يعد فرصة استراتيجية وحيوية لإنشاء معبر هام لحركة الاتصالات عبر الشرق الأوسط وأوروبا، لافتا إلى أنه من خلال تعاون المصرية للاتصالات مع شركة نايتل، واستغلال نظامهم البيئي المحايد في العقبة عبر مدينة العقبة الرقمية، سيستوعب كابل كورال بريدج البحري كمًا هائلًا من حركة البيانات الرقمية الإقليمية ويوجهها عبر مسارات مصر الأرضية المتنوعة نحو البحر المتوسط.
تابع “تمثل هذه البنية التحتية الحيوية ركيزة أساسية لتلبية الطلب المتزايد على نقل البيانات في المنطقة، كما يدعم انتشار مراكز البيانات، وتعزيز مرونة شبكات الكابلات البحرية في المنطقة.
قال خالد نجم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق: إنزال الكابل البحري عالي السعة كورال بريدج في مدينة طابا هي خطوة مهمة جدا، حيث إن نقطة إنزال طابا هي نقطة من ضمن البنية التحتية الرقمية التي أنشأتها الشركة المصرية للاتصالات مؤخرا بشبه جزيرة سيناء، ومن ضمن استراتيجية أكبر لتعمير سيناء، وهذا الكابل سيفيد مصر والأردن بالتأكيد في عملية نقل البيانات، ويوفر مسارات بديلة واتصالات احتياطية، وهو ما يدعم خطط الشركات الكبرى ومزودي الخدمات السحابية المستضافين في مركز البيانات للحفاظ على أعمالهم.

وأشار إلى أن الكابل خطوة جديدة مهمة للربط بين القارات من خلال مصر، حيث إن موقع مصر المتميز يربط بين الشرق والغرب، وبالتالي يجب استغلال ذلك بصورة أكبر، فمصر أكبر دولة لديها كابلات بحرية، ويجب البناء على ذلك باستمرار، كونها معبرا رئيسىيا لحركة البيانات الدولية بين الشرق والغرب.
ولفت نجم إلى أن هذا الكابل يمثل إضافة لمنظومة الكابلات البحرية العربية فضلا عن أهميته فى تعزيز التعاون بين مصر والأردن فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهذا يؤكد تميز المنطقة في عملية نقل البيانات، وهو ما يعزز من الربط الإقليمي ويزيد من كفاءة وسرعة نقل حركة البيانات الدولية.
وأكد على ضرورة العمل على أن تكون مصر مركزا إقليميا لنقل البيانات، من خلال بناء المزيد من مراكز البيانات والمعلومات التي تحتاجها الشركات الكبرى مثل جوجل أو شركات تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي تبحث عن أماكن توفر سرعة نقل البيانات، ولن تجد أفضل من مصر، فيجب العمل دائما على تلبية الطلب المتزايد لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، بالإضافة إلى تقديم حوافز لجذب كبرى الشركات العالمية إلى مصر، بالتزامن مع وجود أكبر عدد من الكابلات البحرية الرابطة بين الشرق والغرب لدينا، واستغلال خطوط الإنزال المطلة على البحر الأحمر والبحر المتوسط التي تعطي فرصة لبناء وإقامة مراكز دولية للمعلومات، والتي تعزز ثقة الشركات العالمية لتقديم خدماتها من خلال هذه المراكز.
من جانبه وصف محمد الحارثي، خبير تكنولوجيا المعلومات، الإعلان عن إنزال الكابل البحري عالي السعة كورال بريدج بالخطوة المتميزة واهتمام بملف يجعل مصر مركز رئيسي لمرور الكابلات الدولية، كما أن فكرة أنها تقدم الخدمات لكثير من الدول فيما يتعلق بالانزال الكابلي.
وأوضح أن مصر تتمتع بموقع استراتيجي ومركز رئيسي خاص بكابلات الإنترنت البحرية، علاوة على أنها تمتلك من الخبرات والكفاءات والموارد البشرية القادرة على العمليات والإجراءات.

وأكد محمد الحارثي أن مصر تتميز في هذه المسألة وخصوصاً الشركة المصرية للاتصالات، لافتاً إلى أن الاهتمام بالكابلات البحرية وتعظيمها والاستفادة منها شئ يحب الاستثمار فيه خلال الفترة المقبلة وهو ما تعمل عليه الدولة.
وتابع أن الخبرات المتراكمة في هذا الملف منذ سنوات وعقود عديدة يؤكد مركز مصر الاستراتيجي لتقديم هذه الخدمات وتقديم العمليات التشغيلية والتنفيذية سواء بمرور الكابلات البحرية أو انزال الكابلات والخدمات التي تقدم لدول أخرى عبر النطاق الاستراتيجي لمرور الكابلات البحرية.
قال الدكتور حمدي الليثي، نائب رئيس غرفة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، أن مصر ممر مائي عالمي من خلال قناة السويس، وتعتبر أيضا مقر عالمي للبيانات نتيجة موقعها الجغرافي الهام الذي يؤهلها لنكون من أهم مقرات الكابلات البحرية، وهناك خطوات وتحركات هامة تقوم بها الدولة من أجل زيادة عدد الكابلات، وما نحتاجه هو تهيئة الجو العام للاستثمارات في هذا المجال، من حيث التشريعات وقانون حماية وتداول المعلومات، فالعالم يهتم بتلك القوانين،
تابع، “يمكن أن نستغل إمكانياتنا لتأسيس مراكز معلومات عملاقة، بنفس فكرة قناة السويس، حيث إننا نستطيع تقديم خدمات مضافة للكابلات، فهذا يجعلنا معبرا رئيسيا للبيانات خاصة لأفريقيا الواعدة بمجال تكنولوجيا المعلومات، كما أننا لدينا كفاءات يمكنها تقديم قيمة مضافة تحقق 10 أضعاف فوائد مرور الكابل من مصر، منوها إلى أن الدولة المصرية فاتها فرصة الانطلاق في المراكز العملاقة للبيانات منذ سنوات، ولكن يمكننا اللحاق لتحويل مصر لمركز إقليمي، من خلال تهيئة الجو العام للاستثمار.
حول المنافسة الإقليمية في هذا المجال ، اكد حمدي الليثي أنه لايوجد دولة مؤهلة لمنافستنا في هذا المجال إذا تبنينا الخطوات الصحيحة، حيث إن وضعنا يؤهلنا لنكون رقم واحد في هذا المجال بمزيد من الاهتمام والتركيز، مشيرا إلي أن سعي مصر ممثلة في الشركة المصرية للاتصالات إلى عقد شراكات وإطلاق كوابل بحرية جديدة يساهم بشكل رئيسي في تلبية احتياجات العملاء الدوليين ويقلل أيضا من فرص المنافسين لمصر في هذا المجال.
ووفقا للعديد من الدراسات الدولية، تشير التحركات الأخيرة لعدد من الدول كالمغرب وأيضا قطر وإسرائيل في ملف الكابلات البحرية إلى تصاعد المنافسة في المنطقة ، حيث تسعى كل دولة الاستفادة من موقعها الجغرافي لتعزيز قوتها في صناعة واستضافة البيانات ، وذلك في ظل بحث الشركات العالمية باستمرار عن تعزيز مسارات إضافية للكابلات لتخفف من تزاحمها في منطقة ما واستكشاف طرق بديلة أقل تكلفة.

وأكد الدكتور حمدي الليثي، على حتمية البحث عن إنشاء كابلات بحرية بصورة ديناميكية مستمرة مع استمرار نمو الطلب في المنطقة والقارة الإفريقية بشكل خاص، منوها إلى ضرورة وجود دراسات تحدد بدقة البدائل في حال حدث قطع في إحدى الكابلات، تشمل حسابات علمية مرتبطة بحجم الاستخدام ومدى التطور وزيادة المشتركين وزيادة التطبيقات التي يستخدمها المواطنين.
وأشار إلى ضرورة التكامل بين الشركات لتعزيز قوة البنية التحتية للاتصالات في مصر لتكون مناسبة للمعايير العالمية ونضمن استدامتها ، وذلك عبر إتاحة المجال للقطاع الخاص لتطوير البنية التحتية للاتصالات ومد كابلات الألياف الضوئية ، مؤكدا على أن المصرية للاتصالات قامت بمجهود كبير في هذا المجال إلا أن الاحتياج الدائم لتطوير هذه الشبكات يحتاج استثمارات بمليارات الدولارات على المدى الطويل.
وأكد الدكتور حمدي الليثي على أن الدولة شهدت بالفعل نشاط إيجابي خلال الفترة الماضية في تدشين مراكز البيانات العملاقة التي تعد من أهم عناصر مجال الكابلات البحرية من حيث تعظيم العوائد وتقديم خدمات القيمة المضافة عبر مساراتها، فوفقا للدراسات فإن عدد مراكز البيانات في مصر يشهد نموا هو الأكبر في أفريقيا، والتي يتوقع أن يبلغ معدل نموها السنوي المركب أكثر من 12% بنهاية 2025 مقابل 6.4% في المتوسط عالميا.