Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

كاثرين ثوربيك تكتب: ما يخسره وادي السيليكون ستكسبه الصين

لن تجد منتصراً حين تضع الحرب التجارية الطويلة أوزارها، لكن إن تمددت هذه الحرب أمداً، فقد يجد الرئيس دونالد ترمب أن قطاع التقنية الصيني سيكون أبرع في صموده في وجه صدماتها من وادي السيليكون .

فيما تسعى الشركات الأميركية لتجتاز معركة الرسوم الجمركية متعددة الأطراف التي أطلقتها واشنطن، ستغتنم بكين بلا شك هذه الفرصة لتحقيق أفضلية في تقنيات رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي فتتمكن من وضع معايير استخدامه عالمياً.

قتال حتى النهاية

تلقت أسهم التقنية العالمية على جانبي المحيط الهادئ ضربات موجعة منذ حملة يوم التحرير في مطلع الشهر ورد الصين بفرض رسوم جمركية تبادلية. وبينما يهدد ترمب بمزيد من الإجراءات الانتقامية، تعهدت الصين “بالقتال حتى النهاية”. ويشكّل عدم اليقين تحدياً كبيراً للمستثمرين وقادة الأعمال على حد سواء، وقد ألحق بالفعل ضرراً دائماً بطموحات الصناعة.

لكن إذا قارنا المخاطر التي تواجهها شركة التقنية الأميركية الأكبر قيمةً، وهي ”أبل“ المعرضة للخطر بشكل فريد، مع شركة ”تينسنت“ الصينية، سنجد فارقاً صارخاً يكاد يكون مصيرياً. تراجعت أسهم عملاقة التقنية الصينية بفعل الأسواق، لكن تركيزها على السوق المحلية يعزلها بقدر كبير عن أسوأ اضطرابات التجارة.

بيّن محللو بلومبرج إنتليجنس بأن توقعات أرباح ”تينسنت“، ونظيراتها من شركات الإنترنت في الصين، ما تزال دون تغيير إلى حد كبير. فيما يسارع المستثمرون لإعداد حسابات تقريبية للضرر الذي قد يلحق بتوقعات أرباح ”أبل“، إلا أن المتغيرات تتفاوت يومياً.

تتجاوز التداعيات طويلة المدى مجرد أكبر شركات التقنية في كلا البلدين. فقد كان رد فعل الأسواق في الصين متسرعاً تجاه زيادة الرسوم الجمركية، لكن الحقيقة هي أن هذه الشركات المحلية العملاقة -باستثناء وحدات التجارة الإلكترونية- لديها تعرض محدود للولايات المتحدة. وقد وجدت شركات التسوق عبر الإنترنت طرقاً للحفاظ على ميزاتها السعرية في أميركا، حتى في مواجهة الرسوم الجمركية الأولية، ويرجع ذلك على الأرجح إلى مزيج من المساعدات الحكومية وخفض التكاليف.

دعم صيني بلا نظير أميركي

يشير هذا إلى أن بكين أكثر استعداداً وإقبالاً على دعم شركاتها، ويكشف أن ترمب يقلّل على الأرجح من تقدير مدى تأثير هجماته على الصين من حيث تعزيزها لمنعة حكومتها مواطنيها. ويُقال إن صانعي السياسات يناقشون بالفعل تسريع خطط التحفيز لتعزيز الاستهلاك، وهو أمرٌ لا يتأمل الأميركيون بمثله على الأرجح.

غمرت وسائل التواصل الاجتماعي الصينية هذا الأسبوع صور ساخرة مُولّدة بالذكاء الاصطناعي تنتقد الولايات المتحدة وسياساتها التجارية، حتى أن وسائل إعلام مدعومة من الدولة شاركتها. وتضمّن أحد المواضيع الشائعة وسماً ترجمته: “قم بما تبرع فيه ولا تلتفت عنه”. إن تصاعد المشاعر المعادية لأميركا سيُعزز مساعي بكين لتصبح رائدة عالمية في مجال التقنية، كما سيعزز التقدم المحلي.

ويواجه قطاع التقنية الصيني تحدياتٍ فريدة، فقد خرج لتوّه من حملة تشديد حكومية، ويواجه قاعدةً من المستهلكين المُقتصدين. لكنه شهد انتعاشاً ملحوظاً هذا العام، مدفوعاً بالحماس المُتجدد لتطوير الذكاء الاصطناعي.

زخم الصين لن يفتر

منذ ذلك الحين، ازدهر قطاع الذكاء الاصطناعي المحلي بفضل الدعم الحكومي، وكان مكتظاً بالمنتجات المجانية. قد تُفاقم الحرب التجارية عدم اليقين حيال جهود اختراق السوق الأميركية أو تحقيق ربح من هذه المنتجات، لكنها لن تُبطئ الزخم الحالي.

على عكس نظيراتها في مجال الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون، أرجع العديد من مراقبي الصناعة إنجازات شركة “ديب سيك” الناشئة إلى تركيزها الواضح على الأبحاث بدل الإيرادات.

في الولايات المتحدة، سيكون تأثير الرسوم الجمركية على جهود الذكاء الاصطناعي أجلى. إذ إن النماذج الأميركية مبنية على استهلاك كميات هائلة من الموارد. وتضيف المنافسة الصينية مستوى جديداً تماماً من عدم اليقين والتكاليف إلى مشاريع مراكز البيانات المكلفة والجهود الأميركية لتصنيع الرقائق محلياً.

تعتمد المواد والمكونات المطلوبة على سلاسل توريد عالمية واسعة، يتركز كثير منها في آسيا. في المقابل، حظيت عمليات البناء الصينية بدعم الحوافز الحكومية. وقد أشار المحللون إلى أنه يُتوقع أن تستفيد شركات أشباه الموصلات المحلية من الرسوم الجمركية المضادة على الواردات الأميركية، ما سيعزز التوجه نحو الاكتفاء الذاتي.

يشهد قطاع الأجهزة الصيني نمواً سريعاً في أسواق مثل جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية، وحتى إن أُقصي من الأسواق الأميركية، فإن الحرب التجارية ستعزز موطئ قدمه التقني في هذه المناطق.

نقص في الكوادر

إن الاعتقاد بأن الرسوم الجمركية الشاملة، المطبقة على نطاق واسع على الحلفاء والأعداء، ستحفز منظومة تصنيع أميركية متقدمة هو اعتقاد خاطئ. فالرسوم التجارية لن تسدّ النقص الحاد في المواهب الهندسية أو في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات في أميركا، بل ستستنزف الإيرادات التي كان يمكن استخدامها للبحث والتطوير والابتكار. وكما كتب المحلل البارز دان آيفز: “ستُعيد هذه الرسوم عالم التقنية الأميركي عقداً إلى الوراء”.

يستحيل على وادي السيليكون أن يشهد حرباً تجاريةً وأن يفوز في حرب تقنية في آن واحد. لقد تلقت أسهم شركات التقنية الصينية لطمة قوية، ولكن مع انقشاع الغبار، ينبغي على واشنطن أن تقلق من أن الرسوم الجمركية لن تزلزل وادي السيليكون.

كاثرين ثوربيك

كاتبة عمود في بلومبرج أوبينيون تغطي التكنولوجيا في آسيا

The short URL of the present article is: https://followict.news/t0o3