في مثل هذا اليوم، 28 نوفمبر من عام 1948، شهد العالم ميلاد ثورة في عالم التصوير الفوتوغرافي مع طرح أول كاميرا للتصوير الفوري بالأسواق، وهي كاميرا “بولارويد لاند موديل 95” (Polaroid Land Camera Model 95)، في متجر جوردان مارش في بوسطن.
لم تكن كاميرا بولارويد مجرد جهاز لالتقاط الصور، بل كانت بمثابة نافذة جديدة على عالم التصوير، حيث أتاحت للمستخدمين للمرة الأولى تجربة فريدة تتمثل في الحصول على صورة مطبوعة دافئة بين أيديهم في غضون دقائق معدودة بعد التقاطها.
قبل ذلك، كان على المصورين الانتظار لفترات طويلة للحصول على الصور، مما كان يقلل من متعة التصوير ويحد من تفاعل المصور مع صوره.
كانت السرعة التي تتطور بها الصور في كاميرا بولارويد هي العامل الأهم في نجاحها، ففي وقت كانت فيه أغلب الكاميرات تعتمد على أفلام تحتاج إلى معالجة في مختبرات خاصة، أتاحت بولارويد للمستخدمين الحصول على صورهم فوراً، مما جعل التصوير أكثر متعة وتلقائية.
تم تصميم كاميرا “بولارويد لاند موديل 95” لتكون سهلة الاستخدام، حتى في أيدي المبتدئين، فقد كانت تحتوي على عدد قليل من الأزرار والضوابط، مما جعل عملية التقاط الصور بسيطة ومباشرة، كما كانت الكاميرا صغيرة الحجم وخفيفة الوزن، مما جعلها سهلة الحمل والنقل، ويمكن استخدامها في أي مكان وفي أي وقت.
كان الإحساس الفوري الذي يوفره الحصول على صورة مطبوعة فور التقاطها هو أحد أهم عوامل جاذبية كاميرا بولارويد، فقد سمح للمصورين برؤية نتائج عملهم على الفور، مما شجعهم على التجربة والاستكشاف.
لم يكن نجاح كاميرا بولارويد مجرد صدفة، بل كان نتيجة لمجموعة من العوامل التي اجتمعت لتجعل منها ظاهرة عالمية، فقد تم بيع جميع الوحدات المتاحة من الكاميرا في اليوم الأول لطرحها في السوق، مما أظهر إقبالاً كبيراً من الجمهور على هذه التقنية الجديدة والمبتكرة.
شجع النجاح الكبير للكاميرا شركة بولارويد على توسيع خط إنتاجها، حيث تم طرح العديد من الموديلات المختلفة من الكاميرات والأفلام الفورية، كما أصبحت كاميرا بولارويد رمزاً للثقافة الشبابية في الستينيات والسبعينيات، حيث كانت تستخدم في الحفلات والمناسبات الاجتماعية لالتقاط صور تذكارية فورية.
واستمرت شركة بولارويد في تطوير تقنياتها، حيث تم إطلاق فيلم فوري بالأبيض والأسود في عام 1950، ثم الفيلم الملون في عام 1963، بالإضافة إلى كاميرات ذات ميزات إضافية مثل العدسات المتعددة والفلاتر، واستمرت الشركة في إنتاج كاميرات الأفلام الفورية حتى عام 2008.
على الرغم من ظهور الكاميرات الرقمية وتطور الهواتف الذكية التي تحتوي على كاميرات عالية الجودة، إلا أن كاميرا بولارويد لا تزال تحتفظ بشعبيتها لدى الكثير من الناس، فقد عادت موضة الكاميرات الفورية في السنوات الأخيرة، حيث يفضل الكثير من الناس الحصول على صور مطبوعة ملموسة بدلاً من الصور الرقمية.
كانت كاميرا بولارويد نقطة تحول في تاريخ التصوير الفوتوغرافي، حيث غيرت الطريقة التي ننظر بها إلى الصور ونلتقطها ونشاركها، وقد تركت إرثاً كبيراً في عالم التصوير، وستظل رمزاً للابتكار والإبداع.