استقطبت مصر 334 مليون دولار أمريكي من تمويل الشركات الناشئة عبر 84 صفقة في عام 2024 مع تركيز معظم رأس المال على مصادر إقليمية، وفقا لتقرير تشخيص قطاع ريادة الأعمال المصري SDR 2025″” الصادر عن شركة انطلاق.
تدفقات رأس المال الاستثماري
تعكس مشاركة 26 مستثمرا أجنبيا استمرار اندماج مصر في تدفقات رأس المال الاستثماري العابرة للحدود، في المقابل، يشير تدفق رأس المال الاستثماري الإقليمي إلى مصر إلى ثقة السوق الإقليمية في مشهد ريادة الأعمال والابتكار في مصر، حيث يأتي 677 من تمويل رأس مال المخاطر من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لا تزال الشركات الناشئة معرضة لتفاوتات رأس المال. ففي حين انخفضت تدفقات رأس المال الاستثماري إلى 334 مليون دولار في عام 2024 من 608 ملايين دولار في عام 2023. ظلت استثمارات الأسهم ثابتة بعد خصم الديون)، ويشير أوائل عام 2025 إلى انتعاش، وقد جمعت 228 مليون دولار من رأس مال الشركات الناشئة في الأشهر الخمسة الأولى بقيادة صفقات مثل دورة ناوي بقيمة 75 مليون دولار. ولا تزال معظم رؤوس الأموال الاستثماري في مراحلها المتأخرة ومستمدة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (71%)، مما يعكس نظاما رأسماليا ناضجاً ولكنه لا يزال مجزأ. وبعد سد فجوة التمويل قبل التأسيس التأسيس وضمان استقرار تدفقات النقد الأجنبي والتحويلات المالية أمرًا حيويًا لاستدامة هذا الانتعاش.
التمويلات بالمنطقة
في حين تواصل مصر قيادة شمال إفريقيا من حيث عدد الصفقات ورأس المال الاستثماري المجمع حيث حصلت على 177 مليون دولار عبر 37 صفقة في النصف الأول من عام 2025، إلا أنها لا تزال متخلفة بشكل كبير عن دول مجلس التعاون الخليجي الرائدة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. حيث حشدت المملكة العربية السعودية وحدها أكثر من 1.3 مليار دولار من استثمارات الشركات الناشئة عبر 80 صفقة خلال نفس الفترة، تليها الإمارات العربية المتحدة بمبلغ 507.6 مليون دولار عبر 79 صفقة. يعكس هذا التفاوت الصارخ عدم تناسق هيكلي أعمق في توافر رأس المال والمشاركة السيادية والنضج المؤسسي.
المرحلة المبكرة
في مصر، لا تزال ديناميكية المرحلة المبكرة تتركز حول مسرعات الأعمال مثل Flat6Labs و AUC Venture Lab، مع تحديد رأس المال عادة عند جولات التمويل الأولي وما قبل السلسلة A. ومع ذلك، لا يزال خط تدفق التوسع يتضاءل بسرعة متجاوزا عتبة المليون دولار في المقابل، أنشأت شركة Jada السعودية ومبادلة الإماراتية هياكل رأس مال مدعومة سيادية تمكن من الاستمرارية من المرحلة المبكرة إلى المرحلة المتأخرة، وتجذب شركاء محدودين أجانب ومكاتب عائلية إقليمية ومديري صناديق عالميين. أدى افتقار مصر إلى مؤسسات داعمة أو أدوات تمويلية مماثلة في مراحل النمو، بالإضافة إلى صعوبات في سوق الصرف الأجنبي وإعادة الأموال إلى الوطن إلى تجزئة رأس مالها وترك شركاتها الناشئة الواعدة تعاني من نقص هيكلي في رأس المال. وما لم يُعالج هذا التفاوت، فإنه يهدد بإدامة دورة يتم فيها الاحتفاء بالمشاريع في مراحلها المبكرة، بينما ينجو القليل منها من طريق الانحدار نحو التنافسية الإقليمية.
البيئة التنظيمية
لا تزال البيئة التنظيمية في مصر تمثل قيدا رئيسيًا على نمو الشركات الناشئة. فعلى الرغم من وجود إصلاحات متفرقة عبر هيئات مثل الهيئة العامة للرقابة المالية، والبنك المركزي المصري، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، إلا أن المجموعة الوزارية لريادة الأعمال التي تم تشكيلها مؤخرًا بقرار من رئيس الوزراء، برئاسة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أكدت على ضرورة وضع تعريف موحد للشركات الناشئة، بما يتيح تخصيص الموارد الحكومية بشكل أكثر كفاءة وضمان وصول السياسات والحوافز للفئات المستهدفة. وتشمل الجهود أيضًا العمل على إطلاق منصة حكومية لتسهيل خدمات التسجيل والترخيص للشركات الناشئة بالإضافة إلى مبادرة مالية موحدة تهدف إلى توحيد الجهود بين الجهات الحكومية والخاصة. ومن المقرر أن تنشر المجموعة الوزارية قريبا ميثاق الشركات الناشئة في مصر”، والذي يعد خارطة طريق تضم أكثر من 70 إجراء سياسيا لتعزيز بيئة ريادة الأعمال في مصر.
الشمول
ويظل الشمول، وخاصة المساواة بين الجنسين، أحد أكثر فجوات منظومة الشركات الناشئة استمرارًا في مصر تشكل النساء %38% من رواد الأعمال، لكنهن يحصلن على أقل من %6% من تمويل رأس مال المخاطر (ماستر كارد 2025 ومضة (2024. ورغم أن هذه النسبة من الملكية تعد رائدة على مستوى المنطقة، إلا أن فجوة التمويل هائلة. في المقابل، تفتخر تونس بتسجيل %29% من الشركات الناشئة التي تقودها النساء، وقد حسنت برامج المرأة في التكنولوجيا” في المغرب مشاركة المرأة في مختلف القطاعات البنك الأفريقي للتنمية 2024).
التكنولوجيا المالية تتصدر
تتصدر التكنولوجيا المالية (Fintech) بفارق كبير حيث استحوذت على 34% من إجمالي الصفقات (24) صفقة من أصل (70) مما يعكس نضجها وجاذبيتها لرأس المال الاستثماري في مجالات مثل التمويل المضمن والمدفوعات والائتمان الاستهلاكي. ومع ذلك، قد تشير هذه الهيمنة إلى تشبع السوق، مما يدفع إلى استثمارات أكثر انتقائية بدلاً من النمو الهائل.
برزت التكنولوجيا التعليمية كثاني أكثر القطاعات نشاطًا (11) صفقة)، وهو ارتفاع ملحوظ مدفوعا بالشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تستهدف حلولا متوافقة مع أهداف التنمية المستدامة في تقديم المناهج الدراسية، والدروس الخصوصية باستخدام الذكاء الاصطناعي، ومشاركة أولياء الأمور. قد يفتح هذا الزخم الباب أمام رأس مال مستقبلي في مرحلة التوسع إذا اقترن ببنية تحتية داعمة.
القطاعات
يشير نشاط الشركات متوسطة الحجم في التكنولوجيا اللوجستية (8) صفقات والتكنولوجيا العميقة (7) صفقات)، والتكنولوجيا العقارية (5) صفقات إلى نضج تدريجي للنظام البيئي. والجدير بالذكر أن دورة التمويل الأولى لشركة Nawy بقيمة 52 مليون دولار أمريكي تؤكد الأهمية المتزايدة للتكنولوجيا العقارية، لا سيما في مجال تقارب التكنولوجيا المالية في الوقت نفسه، تظهر التكنولوجيا العميقة (DeepTech) آفاقا واعدة – لا سيما في مجال أشباه الموصلات والتكنولوجيا الزراعية، لكنها لا تزال في مرحلة التجريب المبكرة. لا تزال القطاعات الاستراتيجية، مثل تكنولوجيا الصحة والتكنولوجيا النسائية، ضعيفة التمثيل، إذ لم تبرم سوي ثلاث إلى أربع صفقات مجتمعة رغم تركيز السياسات على الشمول والابتكار في مجال الصحة. ولم تسجل سوى صفقة واحدة لكل من التكنولوجيا النظيفة، وتكنولوجيا التنقل والتنقل الدقيق مما يبرز الفجوة في سردية الاستثمار الأخضر في مصر.
باختصار، مع تحسن اتساع القطاعات، لا يزال المشهد الاستثماري في مصر يفتقر إلى عمق رأس المال في المجالات الحيوية، وستعتمد المكاسب المستقبلية على تطوير مسارات خاصة بالقطاعات لدعم مرحلة النمو، ومواءمتها مع الأولويات الوطنية طويلة الأجل.
توسيع نطاق الابتكار
لا تزال الجهود المبذولة لتوسيع نطاق الابتكار في جميع أنحاء مصر مستمرة، إلا أن الاختلال الجغرافي الصارخ في التمويل يكشف عن المدى الذي لا يزال يتعين على هذه الجهود تحقيقه، ووفقا لبيانات الصفقات للأشهر الاثني عشر الماضية، تركز أكثر من 90% من إجمالي نشاط تمويل الشركات الناشئة في القاهرة الكبرى، حيث استحوذت محافظة القاهرة وحدها على 55 من إجمالي 75 صفقة. ولم تسجل سوى محافظتين أخريين – الجيزة (13) صفقة) والإسكندرية (5) صفقات) – أي نشاط تمويلي ملحوظ.
تسلط هذه المركزية المفرطة لرأس المال الضوء على الفجوة المستمرة في شمول الشركات الناشئة إقليميا. كما أنها تعزز الحاجة إلى تدخلات سياسية جغرافية مستهدفة، لا سيما في المحافظات التي لا تزال فيها إمكانات ريادة الأعمال كامنة ولكنها تفتقر إلى الدعم الكافي. إن غياب نشاط التمويل المسجل في محافظات صعيد مصر ومنطقة القناة والدلتا لا يعكس فقط نقصاً فى قنوات الاستثمار، بل أيضًا نقصا في ممكنات النظام البيئي – مثل حاضنات الأعمال، ومسرعات الأعمال المحلية والشراكات بين القطاعين العام والخاص – خارج العاصمة.