· خبراء يشددون على ضرورة توجيه الحوافز الاقتصادية الحكومية نحو تحسين مهارات القوى العاملة
· حث الشركات على إعادة تقييم أولوياتها وتكريس استدامة عملياتها
· سياسة الحجر الصحي تؤثر على النساء أكثر من الرجال
· تراجع ثقة المستهلكين تهدد بركود عالمي في قطاعي صناعة السيارات والطيران
حثّ خبراء رفيعو المستوى، من كل من “برايس ووترهاوس كوبرز” و”آي بي إم” والبرلمان الأوروبي، الشركات على الاستفادة من الفرص المتاحة بعد وباء كورونا وإعادة تقييم أولوياتها والتركيز على الاستدامة والمسؤولية المجتمعية كأولوية أساسية لأعمالها، مشددين على أن ضعف المهارات التكنولوجية يعيق قدرة الدول على الاستفادة من الإمكانات الهائلة للتقنيات الرقمية ويهدد بعرقلة انتعاش الاقتصاد العالمي من الآثار السلبية لوباء كورونا.
واستهلت الجلسة بكلمة ألقاها “هارالد كايزر”، رئيس مجلس الإدارة والشريك الأول لشركة “برايس ووترهاوس كوبرز”، والذي تطرق فيها لأهمية إعادة تنشيط الاقتصاد العالمي وضرورة توجه شركات القطاع العام والخاص للاستثمار بقوة في تقنيات “التعلم العميق” وتدريب القوى العاملة على المهارات الرقمية، وقال: “يشهد العالم أزمة من نوع خاص تتمثل بضعف المهارات الرقمية لدى القوى العاملة، الأمر الذي يؤثر سلبًا على الإنتاجية.”
ومن جهته، حذّر “غوليرمو ميراندا”، نائب الرئيس ورئيس المسؤولية المجتمعية للشركات لدى شركة “آي بي أم”، من خطر اتساع الفجوة الرقمية وضعف المهارات الرقمية لدى القوى العاملة، وقال: “ساهمت المنصات الرقمية وتقنيات التحكم عن بعد في تقليل الأضرار التي أحدثها الوباء، ولا شك في أن هذه التقنيات ستلعب دورًا كبيرًا في طريقة سير الأعمال في المستقبل. وعلينا وضع خطط مدروسة تهدف لتوجيه الموارد الحكومية نحو مجالات التعليم والتدريب المطلوبة”.
وبدوره أوضح “إنجين إروغلو”، عضو البرلمان الأوروبي، وعضو لجنة الشؤون الخارجية، وعضو لجنة الشؤون الاقتصادية والنقدية في البرلمان الأوروبي، أن الوباء سلط الضوء على أهمية التكنولوجيا الجديدة في تسيير الأعمال والنشاطات، وقال: “يتحتم علينا تطوير معارفنا وبذل جهودنا لتعزيز استخدامنا للموارد وتوظيف التكنولوجيا في تحقيق أهدافنا، وقد أصبحت هذه الحاجة ملحة بقوة أكبر بعد المصاعب التي تعرضنا لها جراء الوباء، لذا علينا وضع أطر عمل واضحة لتطوير قدراتنا ومعارفنا”.
وشدد “كايزر” على ضرورة قيام الحكومات بإعادة توجيه حزمها التحفيزية للمساهمة في دعم عملية تطوير المهارات الرقمية للقوى العاملة وتلبية الاحتياجات المستقبلية، وقال: “يكمن الحل في برامج التحفيز التي تنفذها العديد من دول العالم حاليًا، وتتمثل واجباتنا في ضمان تحقيق الفائدة القصوى من هذه الحوافز عبر توظيفها في المجالات الأنسب التي تحتاج إلى تسريع النمو. ونهتم في شركة “برايس ووترهاوس كوبرز ” بالاستثمار في تطوير القوى العاملة لدينا، ونشجع عملاءنا على القيام بالشيء نفسه، ونتمنى من برامج التحفيز الحكومية تبني التوجه ذاته”.
ومن جهته، أضاف “ميراندا” قائلًا: “صممت العديد من حزم التحفيز الحكومية بعقلية تقليدية تعتمد بالأساس على توفير السيولة النقدية، وقد حان الوقت لتغيير هذه العقلية”.
الواقع الجديد
وسلط الخبراء الضوء على الاضطراب الذي أحدثه الوباء، وحثو الشركات على ضرورة اغتنام الفرصة لإعادة تقييم أولوياتها والنظر في إجراء تغييرات دائمة على كيفية عملها، لا سيما عندما يتعلق الأمر بقضايا مثل الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية فعلى سبيل المثال، أدى التحول السريع بتبني العمل والدراسة عن بعد إلى التشكيك في الحاجة إلى السفر المتكرر في المستقبل.
وقال “كايزر”: “تعتبر الاستدامة وتغيّر المناخ من أكبر التحديات التي يواجهها عالمنا اليوم، وصناعة السفر لها تأثير كبير على ذلك. ومع توجه الشركات لتعزيز الاستدامة والحد من الانبعاثات، فقد تقل وتيرة السفر وبالتالي المساهمة في تحقيق هذه الأهداف، ناهيك عن توفيرها للوقت والمال”.
وبدوره أضاف “ميراندا” أن على الشركات تحمل مسؤولياتها وتوظيف جهودها للارتقاء بمجتمعاتها. وقال: “لم يكن أي منا يعتقد بأن الأمور يمكن تسوء بهذا القدر، وقد أكد لنا الوباء هشاشة مجتمعنا وضعفه. على الشركات استغلال هذه الفرصة للعب دور أكبر في تطوير المجتمعات وتعزيز استدامتها. سيُعرف عام 2020 بأنه عام الوباء، ولكنه سيعرف أيضًا بالعام الذي تعلمنا فيه كيفية العيش بطريقة مختلفة”.
من جهته أكد “إروغلو” على أهمية التعاون بين مختلف قطاعات الأعمال لتطوير أدوات تساعد على التعافي خلال الأزمات، وقال: “سيساهم التعاون في إيجاد أدوات جديدة تساعدنا على تجاوز الأزمات المستقبلية مثل الموجة الثانية المتوقعة من الوباء. يمكننا تحقيق التعاون بوضع خطة هادفة ذات رؤية مستقبلية تركز على تطوير المهارات المختلفة وعلى رأسها المهارات الرقمية”.
سياسة الأغلاق تؤثر على النساء بشكل أكبر من الرجال
وأوضح “هارالد كايزر” أن على الشركات إعادة تقييم أولوياتها مع الأخذ بعين الاعتبار المجموعات التي تأثرت بشكل أكبر من غيرها من الآثار السلبية لوباء كورونا. ويرى “كايزر” إن الوباء أثر سلبًا على النساء بشكل أكثر من الرجال نظرا لكونهن يعملن في الصناعات الأكثر تأثراً، مثل الرعاية الصحية والضيافة والبيع بالتجزئة، وبالتالي فهن أكثر عرضة لخطر المشكلات الصحية والبطالة. وقال: “ساهم نظام العمل عن بعد والتعليم المنزلي في زيادة الأعباء على المرأة، خاصة مع كونها المسؤول الرئيسي عن رعاية الأطفال”.
وعطفًا على حديث “كايزر”، شدد “ميراندا” على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتحقيق التكافؤ بين الجنسين. وقال: “تقع على عاتقنا كمجتمع مهمة دعم الفئات الضعيفة وتمهيد الطريق لهم”.
من جهته أشار “إروغلو” إلى أن الوباء سلط الضوء على العبء الثقيل الذي تتحمله النساء. وقال: “من الواجب علينا كمجتمع تحمل مسؤولياتنا وبذل المزيد من الجهود في سبيل تسهيل عمل المرأة ومحاولة إيجاد الحلول لتخفيف الأعباء عنها”.
الركود يهدد قطاعي السيارات والطيران
وعند التطرق للحديث عن الأثر السلبي لوباء كورونا، صرح “هارالد كايزر” إنه من الصعب التنبؤ بالحجم الكامل لتأثير وباء كورونا، مشيرًا إلى أن شركة “برايس ووترهاوس كوبرز” تتوقع تضرر الاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح بين 8% و10%، وأوضح “كايزر” أن التوقعات المتعلقة بالصناعات المختلفة كانت متباينة، وحذّر من أن قطاعي السيارات والطيران على وجه الخصوص يواجهان تحديًا كبيرًا.
وقال: “تعد صناعة السيارات من أقوى الصناعات في أوروبا، ولها تأثير كبير على كامل سلسلة التوريد. ونظرًا لضعف ثقة المستهلكين، نتوقع أن يمتد الركود لفترة أطول، الأمر ذاته ينطبق على صناعة الطيران وبعض الصناعات الأخرى، خاصة عند الأخذ بعين الاعتبار أن العمل عن بعد بات حلًا مقبولًا لدى الكثيرين”.
وعقدت الجلسة الافتراضية، التي أدارتها الصحافية لورا باكويل، تحت عنوان “العمل خلال فترة الوباء: الحظر ومنع التجول أم مناعة القطيع”، وتعتبر الجلسة النقاشية السابعة ضمن سلسلة الحوارات الافتراضية التي تقام بشكل أسبوعي تمهيدًا لانطلاق المؤتمر الافتراضي للقمة العالمية للصناعة والتصنيع يومي 4 و5 سبتمبر 2020. ويمكنكم مشاهدة الجلسة في أي وقت عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2YHVHyY.
وتجمع القمة العالمية للصناعة والتصنيع، المبادرة المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، كبار قادة الصناعة من القطاعين العام والخاص والمؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الحكومية والدول النامية والمتقدمة بهدف عقد حوار عالمي لمناقشة أبرز القضايا المؤثرة في القطاع الصناعي وتوظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة، ومن خلال مشاركتهم في سلسلة الحوارات الافتراضية، سيقوم خبراء دوليون بارزون بتحليل أبرز التوجهات التكنولوجية التي تلعب دورًا في تطوير القطاع الصناعي مثل القوانين التي توحد المعايير الرقمية، والمصادر الجديدة للطاقة، ودور تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في إعادة صياغة مستقبل العمل. وستتضمن سلسلة الحوارات الافتراضية عددًا من النشاط