Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

التأمين ضد المخاطر السيبرانية.. هل الشركات المصرية مستعدة للتحديات المستقبلية؟

«ستاتيستا»: 15.6 تريليون دولار حجم التكلفة العالمية المتوقعة للجرائم الإلكترونية بحلول 2029

وسط عالم رقمي متسارع تلعب فيه التكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الاصطناعي دور المحرك الأكبر للعديد من المجالات، حيث تتحكم البيانات في كل جانب من جوانب الحياة، أصبحت الهجمات الإلكترونية تهديدًا حقيقيًا يتربص بكل مؤسسة وشخص، وباتت ثغرات اختراق المؤسسات، خاصة المالية، منتشرة بقوة خلال السنوات الأخيرة، ما يمثل تحديًا كبيرًا لأمن المؤسسات والأفراد على حدٍ سواء.

ومع تزايد التعقيد في الهجمات الإلكترونية، برز دور التأمين السيبراني كحل استباقي لحماية الأصول الرقمية والمؤسسات بمختلف أشكالها، وتقليل الخسائر التي قد تنتج عن هذه الهجمات، إذ أن التكلفة العالمية لـ«الجرائم الإلكترونية» تبلغ نحو 9.2 تريليون دولار في نهاية عام 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 15.6 تريليون دولار بحلول 2029، وفق تقديرات الشركة الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين «Statista».

هذه التحديات فرضت على شركات التأمين، ضرورة العمل على صياغة منتجات جديدة للتأمين ضد الهجمات الإلكترونية التى تتعرض لها الشركات، خاصة في ظل الاعتماد الكامل على شبكة الإنترنت كآداة أساسية للعمل بالنسبة للشركات في جميع أنحاء العالم، واعتبار التجارة الإلكترونية جزءًا أساسيًا من نموذج الأعمال.

خبراء وقيادات قطاع التأمين في السوق المصرية، أكدوا على أهمية المنتجات التأمينية ضد المخاطر السيبرانية، معتبرين أن التحدي الأكبر أمام الشركات يتمثل في تسوية التعويضات، ووجود كفاءات بشرية لديها دراية كافية بأمن المعلومات، كما تطرقوا إلى الحديث عن دور الذكاء الاصطناعي في صناعة التأمين، وتمكين شركات التأمين من تحليل المخاطر التي يتعرض لها العملاء بدقة وتقديم عروض تأمينية مرنة بناءً على بياناتهم.

منصة «Follwoict»، المصرية الرائدة في مجال التحول الرقمي والأمن السيبراني، استطلعت آراء عددًا من قيادات شركات التأمين المصرية وخبراء في الأمن السيبراني، حول مدى جاهزية شركات التأمين في مصر لمواجهة التحديات السيبرانية، مع استعراض دور الشركات في تغطية الخسائر الناتجة عن الهجمات الإلكترونية، إضافة إلى الحديث عن دور الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الهجمات وتقليل الخسائر.

وفى هذا الصدد، قال علاء الزهيري، رئيس الاتحاد المصري للتأمين، إن الاتحاد اعتمد العديد من المنتجات التأمينية للأمن السيبراني لمواكبة التطورات العالمية في صناعة التأمين، مؤكدًا على جاهزية شركات التأمين المصرية لإصدار الوثائق والعمل بهذه المنتجات.

أشار فى تصريحات خاصة لـ «Follwoict»، إلى أن  التحدي الرئيسي أمام شركات التأمين سواء محليًا أو عالميًا، يكمن في تسوية التعويضات، والتي تتطلب كوادر بشرية ذات خبرة في مجال أمن المعلومات.

أوضح «الزهيري» أن شركات التأمين المصرية وقعت العديد من الشراكات مع جهات وشركات متخصصة في الأمن السيبراني للاستفادة من خبراتها، إلى جانب الاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال.

ذكر أن قطاع التأمين في مصر يشهد تطورًا رقميًا كبيرًا، وأن الخدمات التأمينية تعتمد على توزيع المخاطر لتلبية احتياجات العملاء، مؤكدًا أن الاستثمارات المتزايدة في أمن المعلومات أصبحت جزءًا من التأمينات الإلزامية، بما في ذلك الأمن السيبراني.

وأضاف «الزهيري» أن الذكاء الاصطناعي يسهم في تسريع العمليات وتحليل البيانات وتسوية التعويضات، مشيرًا إلى قدرته على تحليل آلاف العمليات في دقائق، مما يدعم اتخاذ قرارات دقيقة.

وحول تغطية الشركات لتكلفة خسائر الهجمات، لفت رئيس الاتحاد المصري للتأمين، إلى أن وثيقة التأمين تغطي جميع الخسائر التي تنتج عن الهجمات السيبرانية، فضلاً عن أنها تغطي أيضًا تكلفة استعادة البيانات الخاصة بالشركات أو المؤسسات.

ومن جانبه قال عمر جودة عضو مجلس الإدارة المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة مصر للتأمين، إن شركته تدرس التوسع في تأمين مخاطر الأمن السيبراني، الناتجة عن التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم خلال السنوات الأخيرة.

وتابع بأن الضرر والخسائر الناتجة عن المخاطر السيبرانية والهجمات الإلكترونية على الشركات جسيمة ومتنوعة وربما تفوق الأضرار الناجمة عن الأخطار التقليدية، لذا تعمل الشركة على التوسع في التغطيات التأمينية المتعلقة بالمخاطر السيبرانية، لما لها من آثار مادية مختلفة على الشركات.

لفت «جودة» إلى أن شركة مصر للتأمين تعمل على تحقيق الشمول المالي والتأميني والتنمية المستدامة، وتدعيم الخبرات والعنصر البشري، فضلاً عن تدريب موظفو الشركة بما يمكنهم من مواكبة التطورات التي تحدث في صناعة التأمين.

وأوضح أن الشركة توفر إمكانية إجراء المعاينة والدفع إلكترونيًا وتسوية التعويضات بشكل رقمي، مضيفًا أن استراتيجية الشركة تهدف إلى الوصول إلى قاعدة أوسع من العملاء بتكلفة منخفضة، مؤكدًا على أهمية الهوية الرقمية للمواطنين في دعم التحول الرقمي.

ولفت إلى أن شركة مصر للتأمين تتبنى خطة متكاملة للتحول الرقمي، والتى تعد من أبرز أولوياتها فى الوقت الحالي، بهدف تسهيل الإجراءات على العملاء وجعل العملية التأمينية أكثر سرعة ومرونة وأمانًا.

بينما يرى محمود دهشان، رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات بشركة GIG حياة تكافل، أن تأمين الأخطار الإلكترونية من التغطيات المستحدثة، لحماية الشركات والأشخاص المزاولون لأنشطة عبر الإنترنت ضد أخطار البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والهجمات الإلكترونية عمليات القرصنة، ويُغطى ببوليصة خاصة حال طلب العميل، لتعويض أضرار سرقة أو ضياع أو تدمير البيانات الشخصية أو التجارية، أو تعطل وسائل الاتصالات، مثل الموقع الإلكتروني، أو سلب الأموال باختراق الحسابات.

وأشار إلى أن القطاعات المصرفية والمالية والتكنولوجية والرعاية الطبية أبرز الجهات الساعية لشراء وثيقة التأمين ضد عمليات القرصنة الإلكترونية، إذ أنها أكثر الكيانات المعرضة لأخطار القرصنة، نظرا لاعتمادها كليًا على البيانات وسريتها.

واقترح «دهشان» أن تلجأ كيانات القطاع إلى تفنيد الهجمات الإلكترونية التي تتعامل معها وبيان أثر الخسائر دون وجود تغطية لها مقارنة بالمؤسسات المؤمن عليها، مما يدفع إلى ترويجها بشكل تقنى فعّال.

وحول دور الذكاء الاصطناعي في صناعة التأمين، لفت «دهشان» إلى أن التأمين الرقمي يساهم في جعل المعاملات بالقطاع أكثر سلاسة ويوفر الوقت والجهد على العملاء ويحافظ على ثقتهم ورضاهم عن مستوى الخدمات المقدمة لهم، منوهًا بأن روبوتات المحادثة أصبحت تستخدم بشكل شائع في صناعة التأمين لتقديم إجابات فورية على استفسارات العملاء المتعلقة بالتسعير أو إجراءات تسوية التعويضات مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي في قطاع التأمين يسهم في تحسين عملية تسوية التعويضات من خلال تحليل الصور والفيديوهات المقدمة من العملاء الخاصة بالحوادث مثل وثائق السيارات بشكل سريع لتحديد ما إذا كانت التعويض مستحق أم لا، كما يساعد في تحسين عمليات الاكتتاب عبر استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة مثل التعلم الآلي (Machine Learning)  مما يمكن شركات التأمين من تحليل المخاطر التي يتعرض لها العملاء بدقة وتقديم عروض تأمينية مرنة بناءً على بيانات العميل.

وذكر أنه وفقًا لتقرير  Research and Markets، فإنه من المتوقع أن ينمو سوق التأمين الرقمي العالمي من 10.4  مليار دولار في 2020 إلى 58.1 مليار دولار بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي يبلغ 18.2%.

وأكد أن الرقمنة تساعد في خفض التكاليف التشغيلية، حيث يمكن لشركات التأمين تقليل التكاليف وسرعة المعاملات المرتبطة بالعمليات اليدوية، مثل إدارة الوثائق والاتصالات بين الإدارات.

وأكد أن التقارير العالمية تشير إلى أن الشركات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في معالجة تعويضات التأمين يمكنها تقليل الوقت المستغرق في تلك العملية بنسبة تصل إلى 70%.

وأضاف «دهشان» أنه في تقرير صادر عن مؤسسة Accenture للاستشارات الإدارية والخدمات المهنية يُتوقع أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تحقيق وفورات مالية تتراوح بين 1.2 إلى 1.5 مليار دولار سنويًا لصناعة التأمين بحلول عام 2025.

كما اعتبر أن استخدام تقنيات «البلوك تشين» لضمان أمان المعاملات بين الشركات والعملاء تتيح للعديد من الأطراف «مثل شركات التأمين، والأطباء، والمستشفيات» مشاركة البيانات بشكل آمن وموثوق وإلكتروني، مما يقلل من التلاعب ويزيد من دقة المعاملات.

ونوه بأن الاعتماد على الحوسبة السحابية  لتسهيل الوصول إلى البيانات والتقارير يساعد الشركات على توفير خدمات تأمينية آمنة ومرنة، موضحًا أن استخدام البيانات الضخمة في التأمين يمنح القدرة على تسعير المنتجات بناءً على تحليلات دقيقة للبيانات.

فمن خلال تحليل البيانات الضخمة (Big Data) يمكن لشركات التأمين تقليل الخطأ في التسعير بنسبة 50% مقارنة بالأنظمة التقليدية، مما يضمن حصول الشركة على القسط العادل والكافي لمقابل الخطر، بحسب دهشان.

واعتبر أن التأمين عبر الإنترنت يشهد تزايدًا مستمرًا، حيث يُتوقع أن تمثل الأنظمة الرقمية نحو 40% من جميع معاملات التأمين خلال العام الجاري 2025، لافتًا إلى أنه في أسواق مثل آسيا و أفريقيا، ارتفع معدل انتشار التأمين الرقمي بنسبة 15%  سنويًا في السنوات الأخيرة، مما يعكس تزايد اعتماد هذه المناطق على المنصات الرقمية.

وأشار إلى أنه في الهند، يتوقع أن ينمو سوق التأمين عبر الهاتف المحمول بنسبة 30% سنويًا، وأن يصل عدد المستخدمين إلى 130 مليون شخص خلال العام الجاري.

وفي ذات السياق، قال هاني موسى، مدير أول تطوير الحوسبة السحابية بشركة «إي فاينانس» لتشغيل منشآت التكنولوجيا المالية، إن التطور التكنولوجي السريع يفرض على قطاع التأمين التكيف لتحقيق النجاح والاستمرارية.

وأكد أن التكنولوجيا تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز الكفاءة وتقديم خدمات أفضل، من خلال الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وتطبيقات الهواتف الذكية، لافتًا إلى إمكانية استفادة شركات التأمين من هذا التطور خاصة في التأمين ضد المخاطر السيبرانية.

وأشار إلى خطوات تطويرية اتخذتها شركات التأمين، منها الاستثمار في التكنولوجيا لتحسين تجربة العملاء عبر تقديم خدمات رقمية واستخدام أدوات تحليل البيانات لفهم احتياجاتهم بشكل أدق، مضيفًا أن هناك منصات إلكترونية تتيح للعملاء إدارة وثائقهم بسهولة.

وأضاف «موسى» أن الهيئة العامة للرقابة المالية تواجه تحديًا في تحقيق التوازن بين تشجيع التكنولوجيا في القطاع وضمان استقراره، من خلال وضع ضوابط تضمن الاستخدام الآمن والفعّال للتقنيات.

ونوه بأن التعاون مع الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني يعزز من قدرة شركات التأمين في توفير حلول للحد من الهجمات السيبرانية، وتحليل البيانات وتسوية التعويضات بشكل أكثر مرونة.

ومن جانبه نوه شريف يحيى، نائب مساعد رئيس هيئة الرقابة المالية، بإطلاق الكتاب الدوري للمتطلبات الفنية، بهدف تأسيس قاعدة للتطور الرقمي وتعزيز الأمن السيبراني، ما أسهم في نجاح الهيئة في تنفيذ خطتها لتقديم خدمات إلكترونية متعددة.

وأضاف أن الهيئة تعمل على تطوير منصة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاختبارها في مجالات متعددة، مشددًا على أهمية الهوية الرقمية الثابتة للمواطنين.

ومن ناحيته، قال رامي كالاش، رئيس قطاع الأمن السيبراني في شركة مايكروسوفت، إن هناك تحولاً جذريًا في مشهد الأمن السيبراني على مستوى العالم، إذ أن الهجمات لم تعد تقتصر على أفراد مستقلين يسعون لإثبات مهاراتهم التقنية، بل أصبحت منظمات متكاملة تعتمد على أدوات متطورة، بما يتيح تنفيذ هجمات دون الحاجة إلى مهارات تقنية متقدمة، ما يزيد من تعقيد مهمة التصدي لها.

أشار «كالاش» إلى أن المهاجمين أصبحوا قادرين على توليد أكواد خبيثة وتطويرها بسرعة، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى يُحاكي الرسائل الرسمية للشركات أو تطوير أساليب لاستهداف الأفراد بناءً على معلومات شخصية مستخلصة من وسائل التواصل الاجتماعي.

وشدد على أهمية تبني المؤسسات لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والأدوات الأمنية المتطورة لمواجهة هذه التحديات المتنامية، مؤكدًا على ضرورة رفع الوعي السيبراني لدى الأفراد والمؤسسات على حدٍ سواء.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءًا لا غنى عنه في نظم الدفاع الحديثة، مشيرًا إلى أن التحدي ليس في استخدام الذكاء الاصطناعي فحسب، بل في كيفية استغلال إمكاناته إلى أقصى حد.

فيما قال سوريش بالاكريشنان، الخبير الاستشاري في التأمين المصري، إن العالم يشهد الآن استخدامًا متزايدًا للتطبيقات التكنولوجية، ولا بد من العمل على سرعة تطبيق تأمين إلكتروني لحماية البيانات الشخصية والأموال التي يمكن خسارتها نتيجة التعامل غير الآمن عبر الوسائل والتطبيقات الإلكترونية.