أوضحت جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 الدور الحيوي والرئيسي التي تلعبه البنوك المصرية في تشغيل البنية التحتية للقطاع المالي والاقتصادي داخل الدولة المصرية، وأسهم استخدام التكنولوجيا المالية والعديد من المبادرات المختلفة مثل الشمول المالي ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وغيرها في تعزيز أهمية قطاع البنوك المصري وقدرته علي مساعدة الدولة والجهات المختلفة داخلها على التعامل مع تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19.
والآن نحن نعيش في عالم متغير مليء بالمخاطر المختلفة سواء الطبيعية أو التي يصنعها الإنسان، وقد تعلمنا من جائحة فيروس كورونا المستجد بأنه لا يمكن التنبؤ بالمخاطر بشكل كامل ولكن من الضروري ضمان الاستعداد والجاهزية لجميع المخاطر الناشئة والعمل على وضع الأطر اللازمة للاستجابة وتقليل التأثيرات الناتجة عن هذه المخاطر بالشكل المناسب.
وتعرف المرونة التشغيلية على أنها “قدرة البنك علي التوقع والاستعداد والاستجابة والتعافي والتكيف مع الاضطرابات والتغييرات المفاجئة وذلك من أجل ضمان البقاء والازدهار “.
في شهر أغسطس 2020، أصدرت لجنة بازل للرقابة المصرفية والمعنية بوضع مبادئ توجيهية ومعايير لقطاع البنوك علي مستوى العالم مبادئ توجيهية في “المرونة التشغيلية” للبنوك علي مستوى العالم وذلك لتعزيز قدرة البنوك على استيعاب الأحداث المتعلقة بالمخاطر التشغيلية، مثل الأوبئة، والحوادث الإلكترونية، فشل البنية التحتية التكنولوجية، الكوارث الطبيعية التي يمكن أن تسبب إخفاقات تشغيلية كبيرة أو اضطرابات واسعة النطاق في الأسواق المالية.
وفقا للمبادئ التوجيهية في المرونة التشغيلية الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية فإن الركائز الرئيسية للوصول الي المرونة التشغيلية هي الحوكمة، استمرارية الأعمال، إدارة المخاطر التشغيلية، سلاسل التوريدات المرنة، الأمن السيبراني والمعلوماتي، التحول الرقمي.
ومن ذلك يتضح لنا أهميه وضرورة وجود إطار مصري وأدلة توجيهية في المرونة التشغيلية لقطاع البنوك على أن يتضمن بحد أدني في المرحلة القادمة على متطلبات واضحة في استمرارية الأعمال يتم تنفيذها إلزاميا على البنوك المصرية، وكذلك وجود أدلة استرشادية لتطبيق استمرارية الأعمال داخل البنوك وفقا لأفضل الممارسات العالمية والإقليمية في هذا الصدد.
وهنا على البنك المركزي المصري مراعاة ضرورة إنشاء إطار مؤسسي للمرونة التشغيلية وأن يقوم بوضع آليات وأدوات مؤسسية علي مستوى القطاع للتعامل مع المخاطر السيبرانية، مخاطر سلاسل التوريدات، مخاطر السمعة، مخاطر الأوبئة، مخاطر الموارد البشرية، وذلك لبناء منظومة مرنة تجعل البنوك المصرية أكثر قدرة على التوقع والاستعداد والاستجابة والتعافي والتكيف مع الاضطرابات المفاجئة وذلك من أجل نجاح خطط البنك المركزي والبنوك العاملة في السوق المحلية في خططهم نحول التحول الرقمي الكامل.
إن وجود استراتيجية للمرونة التشغيلية على مستوى قطاع البنوك ستساهم في خلق بيئة تنافسية ومتوافقة مع المعايير العالمية وأهداف التنمية المستدامة مما يساهم في تقديم خدمات ومنتجات مرنة قادرة علي الصمود في وجه المخاطر المختلفة وبذلك تصبح خدمات ومنتجات قطاع البنوك المصري أكثر قدرة على الصمود في عالم ما بعد كوفيد 19.
لهذه الأسباب نرى أن بوضوح ضرورة توجه قطاع البنوك المصري إلى المحاذاة مع التوجهات العالمية في الحد من مخاطر الكوارث وتضمين المرونة علي مستوي الأعمال والعمليات التشغيلية على حد سواء، وإذا استغل هذ المساحة لمخاطبة البنك المركزي المصري وقيادته الرشيدة والبنوك الحكومية والخاصة وقيادتها الكبيرة وأصحاب المصلحة الرئيسين للعمل معًا جميعا علي تطوير استراتيجية للمرونة التشغيلية لقطاع البنوك المصري لتصبح أكثر مرونة ورشاقة وقادر على الصمود.
تحليل كتبه:م/ أحمد رياض علي
الخبير الدولي في استمرارية الأعمال والحد من مخاطر الكوارث
عضو مجلس ادارة التحالف العالمي التابع لمكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث