في مثل هذا اليوم، 17 أغسطس من عام 1966، شهد العالم لحظة مفصلية في تاريخ التكنولوجيا والملكية الفكرية، حين مُنحت أول براءة اختراع برمجية رسمية في المملكة المتحدة تحت الرقم (GB1039141).
لم يكن هذا الحدث مجرد إجراء قانوني، بل كان إعلانًا عن دخول البرمجيات إلى ساحة الاختراعات المحمية، بعد أن ظلت لسنوات تُعتبر أدوات غير ملموسة لا تستحق الحماية القانونية.
مُنحت البراءة إلى شركة British Petroleum بعد أربع سنوات من التقديم، إذ بدأت الإجراءات عام 1962، في وقت كانت فيه القوانين الأوروبية تُقيّد الاعتراف بالبرمجيات كاختراعات مستقلة.
ما ميّز هذا الابتكار أنه لم يكن مجرد كود برمجي، بل نظام مدمج ضمن منظومة مادية لتحقيق وظيفة صناعية ملموسة، وهو ما سمح بتجاوزه للقيود القانونية التي كانت تشترط وجود تطبيق عملي محسوس.
شكّل هذا الحدث سابقة قانونية فتحت الباب أمام آلاف براءات الاختراع البرمجية التي تلت ذلك، من أنظمة التشغيل إلى التطبيقات والخوارزميات، كما أثار جدلًا عالميًا حول ما إذا كانت حماية البرمجيات بالبراءات تُحفز الابتكار أم تُقيده، خاصة مع احتكار بعض الشركات لتقنيات أساسية أصبحت ضرورية في الحياة الرقمية اليومية.
بعد 59 عامًا، لا تزال هذه اللحظة تُذكر بوصفها الشرارة التي أطلقت ثورة البرمجيات، ففي عصر الذكاء الاصطناعي والتطبيقات السحابية، أصبحت البرمجيات في قلب الابتكار العالمي، وتحولت براءات الاختراع من مجرد حماية قانونية إلى أدوات استراتيجية تعزز الاستثمار وتضمن التفوق التقني.
لقد غيّر ذلك الحدث في 17 أغسطس 1966 مسار التاريخ الرقمي، وأعاد تعريف مفهوم الاختراع في العصر الحديث.
وفي مثل هذا اليوم من عام 1982، خرج من مصنع شركة “فيليبس” في مدينة لانجينهاجن قرب هانوفر الألمانية أول قرص مضغوط (CD) في العالم، ليُعلن بداية ثورة رقمية غيّرت وجه صناعة الموسيقى والترفيه إلى الأبد.
جاء هذا الابتكار ثمرة تعاون بين شركتي “فيليبس” الهولندية و”سوني” اليابانية، اللتين بدأتا العمل المشترك عام 1979 لتطوير قرص صوتي رقمي يجمع بين الجودة العالية وسهولة الاستخدام.
بعد سلسلة من التجارب الهندسية، تم الاتفاق على مواصفات تقنية موحدة عُرفت باسم “ريد بوك” (Red Book)، حددت شكل القرص، وسعته، وطريقة تشغيله، وقد تقرر أن يستوعب القرص 74 دقيقة من الصوت الرقمي، تكريمًا للسيمفونية التاسعة لبيتهوفن التي كانت معيارًا للجودة آنذاك.
القرص الأول الذي خرج من المصنع كان بعنوان The Visitors لفرقة ABBA، وأُنتج لصالح شركة “بوليجرام” (Polygram)، التي كانت مملوكة لـ “فيليبس”.
بحلول نوفمبر من نفس العام، بدأت الأقراص المضغوطة تُطرح في الأسواق اليابانية، ثم انتشرت في الولايات المتحدة وأوروبا في مارس 1983، لتصبح معيارًا عالميًا في تخزين الموسيقى.
هذا التحول من التقنية التناظرية إلى الرقمية لم يكن مجرد تحسين صوتي، بل فتح الباب أمام تطورات هائلة في عالم الترفيه، مثل ظهور أقراص “دي في دي” (DVD) ثم “بلو-راي” (Blu-ray)، وتوسع استخدام الأقراص البصرية في تخزين البرامج والأفلام والمعلومات، وقدّرت فيليبس أنه خلال 25 عامًا من إطلاق أول قرص مضغوط، تم بيع أكثر من 200 مليار قرص حول العالم.
اليوم، وبعد مرور 43 عامًا على تلك اللحظة التاريخية، لا يزال القرص المضغوط يُذكر بوصفه نقطة الانطلاق لعصر الموسيقى الرقمية، ومثالًا على كيف يمكن للتعاون التقني أن يُعيد تشكيل أسلوب حياتنا بالكامل.
وفي مثل هذا اليوم من عام 2005، دخلت شركة “جوجل” مرحلة جديدة من تاريخها التقني، حين استحوذت رسميًا على شركة “أندرويد” الناشئة، في صفقة قُدّرت بنحو 50 مليون دولار. لم يكن هذا الحدث مجرد استحواذ مالي، بل كان خطوة استراتيجية غيّرت مستقبل الهواتف الذكية إلى الأبد.
في ذلك الوقت، كانت “أندرويد” شركة صغيرة تعاني من نقص التمويل، لكنها طورت نموذجًا أوليًا لنظام تشغيل مفتوح المصدر يعتمد على نواة لينُكس، ويهدف إلى توفير منصة مرنة وقابلة للتخصيص لمصنّعي الهواتف الذكية، وقد جذب هذا النموذج اهتمام جوجل، التي رأت فيه فرصة لتوسيع نفوذها خارج نطاق البحث والإعلانات، نحو عالم الأجهزة المحمولة.
انضم مؤسسو “أندرويد”، وعلى رأسهم آندي روبن، إلى جوجل بعد الاستحواذ، وبدأوا العمل على تطوير النظام ليصبح منصة عالمية.
بحلول عام 2008، أطلقت جوجل أول هاتف يعمل بنظام أندرويد، لتبدأ بذلك ثورة في سوق الهواتف الذكية، وتنافس مباشرة أنظمة مثل iOS من آبل وSymbian من نوكيا.
اليوم، وبعد مرور 20 عامًا على تلك الصفقة، يُعد نظام أندرويد الأكثر انتشارًا في العالم، ويشغّل مليارات الأجهزة حول الكرة الأرضية، وقد وصف نائب رئيس التطوير في جوجل، ديفيد لاوي، هذه الصفقة بأنها “أفضل عملية استحواذ قامت بها الشركة على الإطلاق”.