Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«توطين الصناعات المتقدمة».. هل نحن مستعدون لنجاح استثنائي وبناء هوية جديدة لمصر؟

تحول استراتيجي وأولوية قصوى للدولة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، لتعميق الصناعات المتقدمة ذات القيمة المضافة المرتفعة، ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي الشاملة لتحقيق مستهدفات الدولة للتنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، وذلك عبر مرتكزات رئيسية تشمل تعزيز البحث والتطوير، وجذب الاستثمارات النوعية، وتوطين التكنولوجيا، وتدريب الكوادر المتخصصة، وتوفير التمويل اللازم، وتحسين البنية التحتية، ووضع سياسات داعمة.

وتتوجه الدولة بقوة لتعزيز الاستثمار المباشر عبر القطاعات ذات الأولوية في هذا الاتجاه، مثل الصناعات التكنولوجية المتقدمة والأجهزة الإلكترونية والمنزلية والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية وغيرها، عبر تقديم حوافز استثنائية لهذا النوع من الصناعات لاسيما التي تنتج كميات كبيرة بنسبة مكون محلي عالية ونسب تصدير مرتفعة.

وشهد السوق المصري تدشين العديد من الشركات في مختلف المناطق الصناعية للعديد من الشركات العالمية المتخصصة في هذه النوعيات من الصناعات، وذلك في اختبار تستهدف اجتيازه الدولة لتنمية الصناعة بشكل منهجي ومنظم من أجل زيادة الصادرات المتقدمة والمنافسة عالمياً ودعم عمليات التحول الرقمي وجذب موارد مستدامة من العملة الصعبة، في ظل بيانات رسمية تشير إلى أن الحكومة المصرية تستهدف أن يصل إجمالي الإنتاج الصناعي إلى نحو 3.23 تريليون جنيه خلال العام المالي 2025/2026، عبر أليات واستثمارات نوعية تعزز من تنافسية مصر على المستوى الإقليمي والدولي.

و تستهدف الدولة تعميق التصنيع المحلى المتقدم من خلال التوسع فى إقامة المجمعات الصناعية، وتوفير مستلزمات الإنتاج، وتقديم تيسيرات لتشجيع المستثمرين على الاستثمار فى هذا القطاع الذى يرتبط بعلاقات تشابكية مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، ورفع القدرة التنافسية للمنتج المصري سواء فى الأسواق المحلية أو العالمية، حيث تمتلك مصر مزايا تنافسية تشمل الموقع الجغرافي المتميز  واتفاقيات التجارة الحرة  التي وقعتها مصر مع عدد من الدول والتكتلات يبلغ عدد سكانها 1.25 مليار نسمة وأيضا الكوادر البشرية الشابة المؤهلة والقادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية.

ووفقا لقياس قامت به FollowICT ،نجد أنه منذ مطلع العام الجاري استحوذت افتتاحات وتوقيع اتفاقيات التعاون المتعلقة بالصناعات المتقدمة على أكثر من 60 % من اجمالي تحركات القطاع الصناعي، شمل مصانع للاجهزة المنزلية والهواتف الذكية والشاشات والضفائر الكهربائية والطاقة المتجددة وأخرها افتتاح رئيس الوزراء أول مصنع في مصر وأفريقيا لشركة BSH المملوكة لمجموعة بوش الألمانية المتخصصة في تصنيع الأجهزة المنزلية، وجولته الموسعة داخل مصنع صافي جروب المتخصص في الصناعات المتقدمة وتكنولوجيا الاتصالات بمدينة السادس من أكتوبر من بينها خطوط إنتاج هواتف ذكية وشاشات التلفزيون وأجهزة الراوتر وكاميرات المراقبة والأجهزة الطبية .

المحللون، أشارو إلى أن قطاعات الصناعات المتقدمة تعد الرهان الذهبي لمصر على كافة المستويات، سواءا في إطار جذب استثمارات مباشرة عبر استقطاب العلامات التجارية الكبرى العاملة في مجال التصنيع الإلكتروني والتكنولوجي، إلى جانب دمج التكنولوجيا في الأنشطة التجارية والصناعية مايعزز التحول الرقمي الشامل وتأهيل وتنمية رأس المال البشري وتحسين كفاءة العمليات الإدارية والخدمية والمالية.

ولفتو إلى أن التنوع في جذب الاستثمارات الذكية والصناعات المرتبطة بالتكنولوجيات المتقدمة، سيعزز من معدلات نمو القطاع الصناعي وتوطين العديد من المجالات التكنولوجية، منوهين إلى ضرورة العمل على فهم متطلبات القطاع بشكل مستدام مع التطورات المتلاحقة التي يشهدها على المستوى التقني عالميا وإقليما ومواكبة السرعة التي تحتاجها الشركات وتسريع عملية الإفراج عن المواد التي تحتاجها والحوافز التي تعزز من عملياتها التشغيلية والتجارية.

وأكدوا على أن التحديات التي تواجه الحكومة في هذا الصدد، تتمثل في البيروقراطية وبطء الإجراءات مشيرين إلى أن هناك بعض الدول يتم فيها استخراج الرخصة وترفيق  الأراضي في وقت أقصر ، ومشيرين في نفس التوقيت إلى أهمية العمل أكثر نحو تعميق التصنيع المحلي، حيث تعتمد هذه الصناعات على أجزاء كثير من مكوناتها من الخارج.

المهندس حسن الخطيب

أكد المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار، إن الحكومة المصرية تواصل سعيها الدؤوب لدعم وتعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والمتقدمة باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في البلاد منوها إلى أن الحكومة تعمل على جذب الاستثمارات التي تركز على نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات المتقدمة؛ ما يعكس التزامها الكامل بتوفير بيئة استثمارية مواتية لقطاع الصناعة.

وأضاف في تصريحات إعلامية أن الحكومة المصرية تقدم مجموعة من الحوافز الموسعة للشركات التي تسعى للاستثمار في هذا الاتجاه، تشمل تسهيلات ضريبية ومالية إلى جانب تقديم الدعم الفني والإداري لتسهيل عملية نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة داخل السوق المصرية، لافتا إلى أن هذه الحوافز تعتبر جزءاً من استراتيجية الدولة لتنويع الاقتصاد المصري، وتقليص الاعتماد على الصناعات التقليدية التي قد تكون أقل قدرة على الاستجابة للتحديات العالمية.

وأضاف أن الحكومة تعمل على تحسين البنية التحتية للقطاع الصناعي في مصر، بما يشمل تحديث وتطوير المناطق الصناعية وزيادة الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية، بما يتماشى مع التحولات العالمية في مجالات الصناعة المتقدمة مثل الذكاء الصناعي، والطاقة المتجددة، والصناعات الرقمية، مؤكدا على أن هذه الجهود تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية التي تسعى إلى إقامة مشروعات تكنولوجية عالية القيمة في مصر؛ الأمر الذي سيسهم في توفير فرص عمل جديدة ورفع مستوى المهارات الفنية والعمالة المتخصصة.

ونوه وزير الاستثمار بأن الحكومة تعمل بشكل وثيق مع القطاع الخاص لتقديم حلول مبتكرة لدعم توطين التكنولوجيا المتقدمة في الصناعات المحلية، مشيراً إلى أهمية الشراكات بين الشركات العالمية والمحلية من أجل تعزيز القدرة الإنتاجية وتوسيع نطاق الصناعات المصرية في الأسواق العالمية.

تابع الوزير: «دعم الصناعات المتقدمة لا يقتصر على جذب الاستثمارات، بل يمتد أيضاً إلى تعزيز قدرة مصر على الابتكار والتحول إلى مركز إقليمي وعالمي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الحديثة؛ ما يسهم في تحقيق رؤية مصر 2030 نحو اقتصاد متنوع ومتكامل يعتمد على الصناعات المعرفية والابتكار.

شريف الصياد
شريف الصياد

من جانبه قال شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، إن الصناعات التي دخلت مصر الفترة الماضية تتميز بكونها صناعات كثيفة العمالة سواء “بوش، هاير، ميديا” أي أن الشغل اليدوي بها كثير وإمكانية ادخال التكنولوجيا المتقدمة فيها سيكون محدود فمهما تقدمت التكنولوجيا فهي صناعات تعتمد بشكل كبير على الأيدي العاملة وهو عنصر جذب رئيسي للشركات العالمية، فمصر تمتلك أيدي عاملة ماهرة بتكلفة مناسبة.

ورأى الصياد، أنه عند التفكير في جذب استثمارات أخرى لابد من التركيز على القيمة المضافة التي تمتلكها الدولة وعناصر الجذب، منوها إلى أن مصر تتمتع بامتيازات أخرى كثيرة وعناصر جذب أبرزها أن الدولة لديها اتفاقيات تجارية مع معظم الدول الأمر الذي يسهل من دخول المنتجات المصرية بدون جمارك وهو يوفر تكلفة على الشركات المنتجة في مصر.

كما لفت إلى أن موقع مصر الاستراتيجي من العوامل الرئيسية الجاذبة للاستثمارات فهو يساعد على أن المنتجات تدخل مصر بأقل تكلفة.

وعن الصناعات التي يجب التركيز عليها الفترة المقبلة، نوه إلى أنه يجب التركيز على الصناعات التي تعتمد على أيدي كثيفة حتى تتحول مصر إلى مركز إقليمي لبعض الصناعات ومنها الأجهزة المنزلية وبعض الصناعات الأخرى التي تعتمد على العمالة.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الحكومة في هذا الصدد، قال إن البيروقراطية وبطء الإجراءات من أكبر التحديات التي تواجه توطين الصناعات محلياً فعلى سبيل المثال هناك بعض الدول يتم فيها استخراج الرخصة وترفيق  الأراضي في وقت أقصر مقارنة بمصر، وهنا المطلوب أن نسرع من الإجراءات.

كما شدد على أهمية العمل أكثر نحو عميق التصنيع المحلي، فهذه الصناعات تعتمد على أجزاء كثير من مكوناتها من الخارج، فيجب أن نعمل على أن يكون جزء كبير من اعتمادها على المكونات مصنع محلي وليس مستورد.

ولفت إلى أن التوجه نحو دول آسيا وخاصة الصين لجذب تكنولوجيا التصنيع لهذه الصناعات هو اﻻفضل وبخاصة في صناعة السيارات الكهربائية والأجهزة المنزلية، فلدينا الآن 4 مصانع صينية في قطاع الأجهزة المنزلية، ومصنع تركي وأخرى من أوروبا، فالشركات الصينية أكثر جرأة وقراراتهم الاستثمارية سريعة.

المهندس محمد المهندس
المهندس محمد المهندس

من جانبه قال المهندس محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية، إن شركة BSH المملوكة لمجموعة بوش الألمانية ، هي أحدث العلامات التجارية القادمة إلى السوق المصرية، ومن قبلها شركتي بيكو وهاير، مايشير إلى الوزن النسبي الكبير لهذه النوعية من الشركات وأهمية رصد حركة السوق في هذه الفترة، منوها إلى أن هناك العديد من الامتيازات التي تمتلكها مصر تعزز التوجه نحو هذه الصناعات وفي مقدمتها التسهيلات التي تقدمها الحكومة لامتلاك الأراضي الصناعية والطاقة الكهربائية، والأيدي العاملة، وجميعها عوامل جاذبة للشركات العالمية.

وأوضح أن مصر تسعى في البداية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في السوق المحلية ومن ثم التصدير للخارج تحت شعار “صنع في مصر”، ومعنى التصنيع في مصر أن يتم تصديرها للسوق الإفريقي بجمرك “زيرو”.

كما نوه إلى أن مصر تمتلك عمالة جيدة ماهرة وهو عنصر جذب آخر للشركات للاستثمار في مصر، كما أن أسعار العمالة مقارنة بأي دولة هي الأرخص، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل بشكل جيد لجذب الاستثمارات في قطاعات الأجهزة المنزلية والأدوات الكهربائية والصناعات التي تمس المواطن والمستهلك بالدرجة الأولى.

وقالت الدكتورة عايدة الصبان، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للاقتصاد الرقمي بالاتحاد العام للغرف التجارية: أنه يجب استغلال المناطق الحرة لجذب هذه الشركات المتخصصة في الصناعات المتقدمة ، مع توحيد الرؤي على مستوى الدولة والقطاع الخاص في دعم هذه المناطق على مستوى السياسات المنفذة واستراتيجات الترويج .

وأشارت إلى انه بدلا من التفكير في تأسيس منطقة بعيدا عن قناة السويس من أجل تلك الصناعات يمكن استغلال هذه المنطقة، خصوصا أنها حتى الآن لم تستغل الاستغلال الأمثل، فيجب الاستفادة من جزء فيها من أجل الصناعات التكنولوجية والإلكترونية، ونرى إذا كان هناك احتياج لتطويع القوانين بما يلائم طبيعة عمل شركات تكنولوجيا المعلومات والصناعات الإلكترونية، خصوصا أن المنطقة بها عمل وهناك شركات فيها، فيمكن البناء على ذلك لجذب المزيد من الشركات.

الدكتورة عايدة الصبان
الدكتورة عايدة الصبان

وأضافت الصبان أن الأمر يحتاج إلى نظرة فاحصة وشاملة، ويجب معرفة متطلبات شركات تكنولوجيا المعلومات والصناعات الإلكترونية، فكل منها لها متطلبات مختلفة، ولها تجهيزات وبنية تحتية مختلفة، فيجب تهيئة القوانين التي تقدم حوافز لمثل تلك الشركات من أجل التواجد بالمنطقة الاقتصادية، فعلى سبيل المثال هناك شركات تحتاج إلى سرعة في الإفراج عن المواد الخام المطلوبة، خصوصا أن هناك شركات تخضع للمعهد القومي للاتصالات كجهة إفراج لبعض المواد والأدوات التي لها قوانين ملزمة، مثل نوعيات معينة من الكاميرات وأجهزة GPS، وغيرها من الأمور الضرورية للكثير من الشركات، فيجب مواكبة التطورات التكنولوجية ومواكبة السرعة التي تحتاجها الشركات وتسريع عملية الإفراج عن المواد التي تحتاجها، خصوصا أن هناك مواد لها فترة معينة من أجل الإفراج عنها، فيجب تطويع القوانين بما يتلاءم مع هذه الشركات.

ولفتت إلى أنه يجب الاستماع إلى متطلبات الشركات نفسها وعرضها على أصحاب القرار بصورة واضحة، من أجل الإسراع في اتخاذ القرارات المناسبة وتذليل أي صعوبات تواجه عمل هذه الشركات، وذلك من أجل تقديم قيمة حقيقية تجذبها للتواجد في المنطقة الاقتصادية، ومن ثم تشعر بأن هناك عائدا على الاستثمار يمكن أن تجنيه من تواجدها في المنطقة وفي مصر بشكل عام، فكلها حوافز تبحث عنها الشركات، وتحفز النمو في مجالات التكنولوجيا، بالإضافة إلى الحوافز الضريبية والجمركية والتسهيلات التي تساعد الشركات في عملها ونموها.

The short URL of the present article is: https://followict.news/q2tb