تعد السياحة أحد أهم مصادر الدخل القومي لمصر لما توفره من عائدات دولارية سنوية، تمكنها من المشاركة بشكل كبير وفعال بالناتج الإجمالي المحلي، الأمر الذي يتطلب العمل علي تطوير وإعادة هيكلة القطاع داخلياً اعتماداً علي الحلول والبرمجيات التكنولوجية المتطورة ودعم آليات الابتكار والابداع خاصة للشركات المحلية، بما يساهم في تنشيط حركة السياحة المصرية بشكل كبير وإعادة ترتيب الخريطة السياحية العالمية ووضع مصر في مكانتها التي تستحقها ومواكبة التغيرات المتلاحقة في صناعة السياحة عالمياً خاصة في مجالات التكنولوجيا والتحول الرقمي وتطبيقه في قطاع السياحة.
وتماشياً مع خطة الدولة نحو التحول الرقمي وتأثيره علي قطاع السياحة بوجه خاص، كشف المهندس أحمد صبري مستشار التسويق الإليكتروني والتحول الرقمي بغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة المصرية، أن حجم سوق التحول الرقمي لشركات السياحة المصرية يفوق 500 مليون جنيه سنوياً، مما يمثل فرصة لشركات تكنولوجيا المعلومات المصرية الراغبة في دعم القطاع السياحي، مشيراً إلى أن تكنولوجيا المعلومات تعد أحد أطواق النجاة لاستمرار مصر كأهم مقاصد السياحة عالمياً.
أضاف أن غرفة السياحة المصرية نجحت نجاح منقطع النظير في قطاع السياحة الدينية بمشروع بوابة العمرة المصرية وميكنة اجراءات العمرة وتسويقها حيث تم إدارة حملة تسويقية عبر شبكات التواصل الاجتماعي وصلت الى أكثر من 40 مليون مصري على موقع فيس بوك، يذكر ان الغرفة تتضمن 2300 شركة سياحية مسجلة بها وحاصلة علي التراخيص اللازمة، وتم عمل حصر أولي للوقوف على موقف هذه الشركات لاستخدام الحلول التكنولوجية والتحول الرقمي لديها، حيث تبين ان هناك عدد محدود من شركات الغرفة لديها أنظمة وحلول متطورة، وأغلب تلك الشركات تعد شركات كبري تعمل علي السياحة الخارجية”.
وأوضح مستشار التسويق الإليكتروني والتحول الرقمي بغرفة شركات السفر والسياحة المصرية، أن هناك 4 قطاعات رئيسية لشركات السياحة تتمثل في (السياحة الخارجية والسياحة الدينية والسياحة الداخلية والاجازات وقطاع النقل السياحي) وتبين من الحصر أن أكبر قطاع مستخدم للحلول التكنولوجية هو قطاع السياحة الخارجية، وفي المقابل وجدنا ان باقي تلك القطاعات مدي اعتمادها علي التكنولوجيا ضعيف للغاية، كما ان انظمة الميكنة التي يعتمدون عليها تتمثل في وجود برامج محاسبية فقط، فضلا عن أن أغلب الحلول الموجودة لدي الشركات هي حلول وأنظمة عالمية وليست مصرية.
ولفت صبري إلى أن الانظمة التكنولوجية التي يجب توافرها لدي الشركات السياحية تتمثل في حلول متخصصة جدا تشمل الاركان الرئيسية في المنظومة السياحية وأولها أنظمة حجز رحلات الطيران وأنظمة التواصل المباشر مع المنشئات الفندقية وإتاحة أنظمة الحجز المتطورة لدي تلك الفنادق إلكترونياً وتكون قادرة علي استيعاب الطاقات السياحية المستهدفة، مشيراً بذلك الي ان متوسط تكلفة الحلول المتطورة يبلغ من 30-50 الف دولار علاوة علي ان متوسط تكلفة الحلول الصغيرة يبلغ حوالي 10 الاف دولار.
وقال صبري أنه خلال شهر أبريل الماضي توافقت غرفة شركات السفر والسياحة المصرية وغرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على التعاون لتعميق استفادة الشركات المصرية والوصول الي حلول تتفق وتتماشي مع احتياجات قطاع السياحة بما يتناسب مع مستوي الطموحات المرجوة، وتمت مخاطبة حوالي 1200 شركة لحصر الحلول التي ممكن ان يقدموها، وبالفعل تقدمت 30 شركة محلية بحلول وانظمة تكنولوجية وتم مؤخراً تشكيل لجنة مشتركة بين الغرفتين للوقوف علي جاهزية تلك الحلول علي أن يتم عرضها علي 2300 شركة سياحية لمناقشتها، فضلاً عن انه تم الاتفاق علي تنظيم معرض إليكتروني ودعوه كل من هو مهتم بهذا الشأن لاستعراض الاحتياج المستقبلي لعملية تطوير قطاع السياحة، مشدداً على أن عدد الشركات والحلول المقدمة لا تتناسب مع حجم قطاع السياحة المصرية.
وأشار الي ان قطاع الاعمال المصري لديه من الإمكانيات والكوادر المؤهلة التي تساعده علي المضي قدماً وبمستويات جيده نحو تطبيق أنظمة التحول الرقمي في القطاع السياحي، خاصة وان التحديات تكمن في عدم وجود حلقة وصل بين قطاع السياحة وقطاع تكنولوجيا المعلومات بالشكل الذي يضمن الوقوف علي معرفة كل قطاع بحجم وامكانيات القطاع الاخر، بالإضافة الي ضعف الطلب علي الحلول والانظمة المتطورة التي تنفذها الشركات المصرية حيث أصبحت تجارب الاعتماد علي الحلول الوطنية مؤقتة ولا يوجد استمراريه في تطويرها، علاوة علي عدم وجود معايير محدده لمطابقة المواصفات القياسية لدي الشركات المصرية للمواصفات الدولية المعترف بها.
أكد مستشار التسويق الإليكتروني والتحول الرقمي بغرفة شركات السفر والسياحة المصرية، ان تطبيق التحول الرقمي بقطاع السياحة يعد فرصة عظيمة للشركات المحلية لتسويق وبيع حلولها للسوق العالمي وليس المصري فقط، مع الأخذ في الاعتبار التوجهات العالمية المبتكرة والتي تمثل تهديدا واضحاً للشركات المصرية خاصة وان السياحة الدولية وخاصة الشباب توجههم المبتكر هو سياحة المنازل وليست الفنادق وهو ما نخشاه في مصر ويعد تهديداً صريحاً لقطاع الفنادق المصري إذا لم تلجأ شركات السياحة المصرية الي الاعتماد علي التكنولوجيا المتطورة.
وشدد صبري ان التسويق الرقمي يعد واحده من اهم التكنولوجيات التي تحتاج الشركات المصرية الي استخدامها، فضلاً عن ان التسويق الاليكتروني يسمح لشركات السياحة المصرية الوصول الي الاسواق العالمية واستهداف المواطن ذات نفسه دون التقيد بالوصول من خلال شركات السياحة، كما انه يساعد الشركات في تسويق مصر كواجهة سياحية بما فيها من قطاعات للسياحة المختلفة خاصة وان شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك تضم 3 مليار مواطن حول العالم وتعد المانيا من أكثر الدول استخداما لها.
أضاف “علي الجانب الاخر أصبح التوجه حاليا تجاه سياحة المواطن أكثر من سياحة المجموعات وهذا يعتمد اعتماد كبير علي شبكات التواصل الاجتماعي وهذا سر الجمع بين التسويق الاليكتروني والتحول الرقمي خاصة وان جزء كبير من شركات السياحة هو استقدام السائح الاجنبي أو العربي من كل الدول المحيطة بمصر بالإضافة الي اننا نقوم حاليا بتسويق ما يطلق عليه (Guest Experience) أي توثيق كل تجارب السائح الجيدة داخل زيارته للمناطق السياحية والأثرية بمصر مما يحوّل هذا السائح الي مسوق للواجهة المصرية وهذا يدل علي ان التسويق الاليكتروني أصبح ليس اختيار وانما حق أصيل في التحول الرقمي ونمو السياحة المصرية”.
أكد أنه خلال الازمات هناك فرصة كبيره جداً لتنظيم البيت داخلياً وتنمية قدرات الشركات لأن في أوقات الضغط تقل هذه الفرصة وهو ما يقع على عاتقنا خلال الأزمة الحالية والتدابير الاحترازية المتبعة وهو بناء قدرات الشركات السياحية تكنولوجياً ونعدها للانطلاق في المرحلة القادمة حتى تتمكن الشركات خلال النصف الثاني من العام الجاري من حصد نصيب أكبر لتغطية القصور التي حدثت خلال النصف الاول من العام.