تسعى كافة المطاعم إلى تسريع عمليات توصيل طلبات الطعام الخاصة بها، مع المحافظة على عوامل جودة الطعام، وتوفير مستوى لائق من خدمة العملاء. وإن اتباع هذا النهج يسهم بشكل لافت في إسعاد العملاء بالدرجة الأولى، حيث أن معظمهم يقيّمون المطعم بشكل إيجابي ويقومون بطلب الطعام من المطعم مرة أخرى، مما يساهم في زيادة أرباح المطعم نتيجة لتلقي المزيد من الطلبات مع المحافظة على مستويات متقدمة من الخدمة، إلى جانب زيادة التقييمات الإيجابية للمطعم على منصات توصيل طلبات الطعام. كما أن تسريع عمليات توصيل طلبات الطعام لها تأثير إيجابي على السائقين نظراً لإمكانية توصيلهم مزيداً من الطلبات وبالتالي جنيهم المزيد من المال.
يترتب على تسريع عمليات التوصيل بذل المزيد من الجهود وتبني الابتكار منهجاً أساسياً في استراتيجية العمل، وفيما يلي سنطرح أهم أسباب تباطؤ عمليات التوصيل، وكيف يمكن للمطاعم زيادة سرعة التوصيل مع المحافظة على جودة الطعام والخدمة، ثم سنستعرض أهمية دور تنظيم بيانات العمليات وإحصائيات الأعمال في زيادة سرعة توصيل الطلبات على المدى البعيد.
ما هي الأسباب التي تؤدي إلى إبطاء عمليات التسليم؟
تسلك عملية توصيل الطعام آلية معقدة مكونة من العديد من المراحل، تبدأ من الطلبات الواردة من قنوات التوصيل المختلفة، وتليها مرحلة الطهاة الذين يعملون على تحضير طلبات متعددة من مصادر متنوعة، لتنتهي بالمدراء الذين يختارون شريك التوصيل المناسب أو ينظمون عملية التوصيل مع السائق في حال اتباع المطعم أسلوب توصيل خاص.
يمكن التأثير بشكل كبير على السرعة الإجمالية في توصيل الطلب إلى العميل عبر اختصار بضع ثوانٍ من كل خطوة، وتبسيط آلية التفاعل بين المراحل المختلفة، خاصةً عند وجود مئات الطلبات التي تتطلب السرعة في الإنجاز.
مقاييس سرعة التوصيل
يوجد العديد من الطرق العملية لزيادة سرعة التوصيل، وتحتاج المطاعم إلى اتباع مقياس لتحديد مدى نجاحها. فيما يلي نستعرض أبرز المقاييس التي توضح مدى جودة أداء الأعمال التجارية في مجال الأغذية والمشروبات:
إجمالي وقت التوصيل
هو متوسط الوقت بين لحظة طلب العميل للطلب حتى وقت التسليم، ما يمنح أصحاب المطاعم لمحة عن سرعة عملية التوصيل.
الفترة الزمنية لانتظار السائق
هو متوسط الوقت الذي ينتظره السائق للحصول على الطلب، وتعتبر هذه الفترة الزمنية أمراً ضروري جداً لمعرفة العناصر التي تساهم في تسريع العمليات اللوجيستية الداخلية. وفي حال كانت سرعة التوصيل متأخرة عن مقدار معين، عندها يجب العودة وتتبع الخط الزمني لرحلة الطلب ومعرفة موقع الفجوة، هل المطبخ بطيء في الإعداد أم أن منهجية التواصل مع السائق هي المسبب في ذاك التأخير.
الفترة الزمنية الفاصلة بين قبول الطلب وتوصيله
يساعد هذا المقياس، إلى جانب إجمالي وقت التوصيل، مالكي المطاعم لمعرفة ما يمكن تحسينه في تنظيم عمليات إدارة المطبخ. وفي حال تم ضبط هذا الإجراء بصورة مثالية، ولا يزال التسليم يعاني من التأخير، ففي هذه الحالة لابد من تتبع عمليات التوصيل لمعرفة المشكلة وإيجاد الحل الملائم.
الفترة الزمنية الفاصلة بين الطلب وتحضيره
يساهم هذا الإجراء البسيط في إحداث فرق كبير عندما يبطئ نظام الطلب عملية التوصيل منذ البداية. بمجرد أن يقدم العميل طلبه، يتم تحديد توقيت الطلب، وتدق الساعة منوهةً فريق الطبخ بضرورة إعداده وتسليمه في أقرب وقت ممكن.
دِقة الطلب
تؤدي الأخطاء إلى تعطيل الطلبات، وقد تتطلب إعادة تحضير الطعام من جديد، ما يؤثر بشكل كبير على سرعة التوصيل، لذا يعد تتبع دقة الطلب أمراً هاماً وأساسياً، وهو يؤثر أيضاً على السرعة الإجمالية للعمليات.
تقييمات العملاء عبر الإنترنت
توفير الطلبات بسرعة أمر ضروري، بشرط عدم المساومة على تقديم تجربة مميزة للعملاء. لذلك لابد من تتبع تقييمات العملاء عبر الإنترنت للتأكد من تلبية معايير الجودة.
آليات لزيادة سرعة التوصيل
نستعرض في السطور التالية، كيفية الاستفادة من الإحصائيات التي توفرها هذه المقاييس لإجراء تحسينات عمليّة على العمليات الداخلية، إلى جانب أفضل الآليات لتحسين سرعة التوصيل دون المساومة على الجودة.
تبسيط نظام الطلب الخاص بالعملاء
تبدأ عملية التسليم بمجرد قيام العميل بتقديم الطلب، واستلامه تأكيداً بقبول طلبه، ما يوضح أهمية الفترة الزمنية التي يستغرقها طلب العميل لإدخاله إلى نظام المطعم وانتقاله إلى المطبخ.
كانت معظم المطاعم سابقاً تتلقى الطلبات عبر الهاتف والإنترنت ومن خلال تطبيقات التوصيل. ما يفرض على موظفي العمليات إدارة العديد من الأجهزة وخطوط الهاتف، إضافةً إلى العملاء داخل المطعم، ومعالجة الطلبات يدوياً في نظام نقاط البيع.
اليوم، ومع وجود أنظمة تقنية جديدة تبسط عملية الطلب، أصبحت العملية السابقة من الماضي. إذ تتلقى منصات إدارة طلبات الطعام الأوامر عبر مواقع الإنترنت أو التطبيقات المختلفة أو قنوات التوصيل، وتقوم بإرسالها مباشرة إلى نقاط البيع الخاصة بالمطعم مع الحفاظ على تنسيق ثابت لجميع تلك الطلبات. وبمجرد تأكيد الطلب من المطعم، يتم إرساله بشكل مباشرة إلى المطبخ مع إرفاق بطاقة توضح مصدر الطلب. ما يعني أن العميل بمجرد تلقيه تأكيداً على الطلب، يبدأ الطهاة بالعمل على إعداده.
نلاحظ أنه وبالاعتماد على منظومة ذكية ومبتكرة في إدارات الطلبات، يمكن تقليل الأخطاء الناتجة عن إعادة تنفيذ المراحل المختلفة، وزيادة السرعة الإجمالية لكل طلب منذ البداية.
تقنيات إدارة المطابخ بشكل مثالي
يستغرق إعداد الطعام حوالي نصف إلى ثلثي إجمالي وقت التوصيل، لذلك فإن تحسين سير الطلبات عبر المطبخ يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً في إجمالي الزمن اللازم لتوصيلها. كما أن مشاركة تذاكر تحمل معلومات واضحة وصحيحة حول الطلب، يمكن أن يوفر بعضاً من الوقت أيضاً، ويساعد الطهاة على تحديد الأولويات حسب نوع الطلب.
كما يمكن لطريقة تصميم خط الإنتاج داخل المطبخ واستخدام نظام عرض المطبخ (KDS) أن تسهم في إدخال تحسينات إضافية على عمليات التوصيل. قد تعتمد العديد من المطاعم التي تقدم وجبات الطعام والتوصيل في نفس الوقت على خط إنتاج مكون من قسمين (خط لتحضير الطعام، وخط لاستلام الطلبات وتوصيلها)، أو قد تجد المطاعم أنه من الأفضل استخدام نفس الخط، من خلال إنشاء منطقة استلام منفصلة مخصصة لتسليم الطلبات.
أيًا كان النموذج التشغيلي المناسب لإدارة المطعم، فإن نظام عرض المطبخ المزود بشاشات في كل خط إنتاج يحافظ على سير العمليات بسلاسة، إذ يمكن لكل طباخ رؤية الطلب ومدة تنفيذه ومعرفة دوره وما يجب أن يقوم به.
تكنولوجيا تتبع السائق وتحديد مكانه
يؤدي الاستعانة بمصادر خارجية للتوصيل إلى توفير عناء عمليات تشغيل خدمة التوصيل الخاصة، كما أنه يعني خسارة في الأرباح وعدم القدرة على التحكم في جزء مهم من تجربة العميل، والتي تنحصر في استلام الطعام.
كما يمكن أن يعتمد المطعم على طرف ثالث بهدف زيادة سرعة التوصيل، ولكن على الرغم من كفاءة وفعالية ذلك بشكل عام، ولكن في حال أراد أصحاب المطاعم التحكم في عمليات التوصيل الخاصة بالعملاء، فلابد لهم من إجراء تحسينات في مرحلة التسليم.
إدارة العمليات باستخدام الأتمتة والتكنولوجيا
ينطوي القاسم المشترك بين كافة الحلول في إطار تبسيط العمليات باستخدام الأتمتة والتكنولوجيا، إذ توفر البيانات التي يتم جمعها أثناء تنفيذ العمليات نظرة شاملة حول أهمية إدارة الأعمال بذكاء بهدف تحسين عمليات التوصيل في الوقت الراهن وفي المستقبل. ويتضمن ذلك تتبع أوقات التوصيل، وتقييم أداء السائق، وتحديد خطة التنقل الأكثر كفاءة من عناوين التسليم وإليها، والاستعداد التام لتلقي الطلب في أوقات الذروة وباقي الفترات.
بقلم: ناجي حداد
المدير العام لشركة دليفركت في الشرق الأوسط