Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

مهرة سعيد تكتب: إعلام المستقبل والذكاء الاصطناعي

تكمن أهمية الذكاء الاصطناعي وأثره الكبير، في سرعته، وسهولة استخدامه، وقدرته الفائقة على توفير المعلومات، في زمن قياسي، حتى أصبح يؤدي العديد من الأدوار في العمليات الإعلامية من حولنا، وقريباً سيكون جزءاً أساسياً لا يتجزأ من مجتمعنا الإعلامي، خاصة بعد أن أصبحت وسائل الإعلام وغرف الأخبار ووكالات الإعلام المختلفة تعتمد عليه بشكل أكبر، الأمر الذي جعل الإعلام التقليدي يواجه تحدياً جديداً، من نوع آخر، من حيث الوصول اللامحدود للمعلومات، الذي يوفره الذكاء الاصطناعي، فقد أصبح المحتوى متاحاً في أي وقت، ومن أي مكان.

وبعد ما شهده العالم من تحول هائل مع تطور التكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من حياة الجمهور، لمعرفة الخبر والمعلومة، فقد أصبح يتيح فرصاً جديدة لنقل الأخبار والمعلومات بسرعة وفاعلية.

من ناحية أخرى، خلق هذا التطور تحديات في انتشار الأخبار المضللة والتزييف العميق ونقص المصداقية.. إذاً، هذا التطور السريع الذي يعيشه الإعلام الجديد يواجه تحديات حقيقية، تتطلب من وسائل الإعلام الابتكار والتكيف معها، لضمان استمرارية النجاح، وتقديم المحتوى العالي الجودة، الموثوق به.

وفي ظل هذه الحالة الجديدة، التي نحن مقبلون عليها، يجب أن لا نُغفل أهمية الاستثمار في تطوير المحتوى الرقمي، وصناعة رسائل مؤثرة، والاهتمام بتأهيل كفاءات إعلامية قادرة على مواكبة هذا التحول الرقمي، فالإعلام لم يعد مجرد وسيلة لنقل الخبر، بل أصبح أداة لقيادة الرأي والتأثير فيه، وأحياناً توجيهه، كما أنه يؤدي دوراً في تحفيز المجتمع نحو التفاعل الإيجابي وصناعة الوعي.

كما أننا يجب أن لا نغفل أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي، والتعرف إلى آليات دمجه مع الإعلام، اليوم وفي المستقبل، فعندما يستخدم الذكاء الاصطناعي ضمن بيئة الإعلام تكون النتيجة فوق المتوقع والتأثير أكبر، لكن السؤال المهم هنا هو: هل وجود الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام يعني الاستغناء عن العنصر البشري؟ من وجهة نظري، لا يمكن الاستغناء عن الإعلاميين، حتى في ظل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتقنيات الإعلام الرقمي، فهذان التطوران لا يلغيان دور الإنسان في الإعلام، بل يعززان وجوده، ويحتاجان إلى قدرته على الإبداع، فالإنسان يزيد من جودة المحتوى وكفاءة الوصول إليه.

إن التحدي الأكبر في المستقبل، يكمن في استخدام هذه التقنيات بمسؤولية، مع الحفاظ على أخلاقيات المهنة والدقة والموضوعية، فوجود الذكاء الاصطناعي في الإعلام لا يغني عن الإعلامي البشري، فالإبداع الإنساني في تقديم الأفكار وابتكار المحتوى الفريد لا يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاته بشكل كامل. فلا يمكن الاعتماد عليه في التفكير النقدي، أو تقديم رؤية جديدة ومتنوعة، تواكب تطورات المجتمع وتفضيلات الجمهور.

والواقع الذي لا يمكن تجاهله هو أنه بينما يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة كميات ضخمة من البيانات بسرعة فائقة، فإن الإعلامي البشري هو من يستطيع تحديد الاتجاهات الجديدة والتطورات غير المتوقعة، وكيفية التعامل معها، فالجانب الإنساني في الإعلام هو ما يجعل الجمهور يشعر بالاتصال والتفاعل الحقيقي مع المحتوى، الذكاء الاصطناعي يمكنه تقديم محتوى مخصص، لكن التفاعل البشري يُسهم في بناء الثقة مع الجمهور، والرد على تساؤلاتهم بمرونة، فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد على أتمتة العديد من المهام الروتينية مثل: تحليل البيانات، إنشاء تقارير قصيرة، تنظيم المحتوى، أو تصنيف الأخبار، كما يمكن استخدامه في تقديم المحتوى بناء على اهتمامات المستخدمين.

الذكاء الاصطناعي في الإعلام يُعد أداة قوية لتحسين الأداء وتوفير الوقت، لكنه لا يمكن أن يحل محل الإعلامي البشري، فالتكامل بين الذكاء الاصطناعي والإنسان هو الطريق الأمثل لتحسين جودة الإعلام وتقديم محتوى أكثر دقة وشخصية.

‏ الإعلاميون يحتاجون إلى تقديم الإبداع، والتفسير والتفاعل الإنساني الذي يضيف قيمة لا يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي، الإعلاميون والصحفيون والمحررون هم الذين يحددون السياق، ويحافظون على الدقة والمصداقية.

لا يمكن إنكار أن الإعلام يمثل قوة فعالة في تحقيق التغيير والتطور في المجتمعات، ولذلك يجب على الجميع الاعتراف بأهميته والعمل على دعمه وتطويره، بما يخدم مصلحة الجميع، وأن يكون الإعلام منفتحاً ومستعداً لكافة التحديثات والبرامج التقنية الجديدة، التي بدورها ستسهم في جودة الإنتاج وسهولة وسرعة وصول الرسالة، كون التكنولوجيا أصبحت في يد الجميع، وفي الإمارات العربية المتحدة، لم يعد خافياً أنها من الدول السباقة في استخدام ودعم الذكاء الاصطناعي بشكل عام، وفي كافة التخصصات، فقد خصص العديد من البرامج والميزانيات والمبادرات، التي بدورها ستسهم في مواكبة العصر والاستفادة من التقنيات وفق معايير وحوكمة تضمن استغلال التقنيات بأفضل صورة.

مهرة سعيد المهيري

كاتبة رأي

The short URL of the present article is: https://followict.news/6scp