تصدرت بوابة «مصر الرقمية» تريند محرك البحث جوجل خلال الأيام الماضية، بعد الإعلان عن بدء التشغيل التجريبي لها، وهذا ليس خبرا عابرا لا يشير إلى لا شيء، بل يعني أن هناك طلب ووعي وأشياء أخرى، يمكن التحرك من خلالها لاستيعاب حاجة السوق لتنفيذ عملية التحول الرقمي الشاملة التي ترغب الدولة في تنفيذها، حيث سيصبح العنوان حقيقة لتغيير واجهة مصر للأفضل.
فالخدمات الحكومية، سجلت لسنوات ثقافة مجتمعية متجذرة في المجتمع المصري عبّرت عنها الأفلام والمسلسلات بسخرية وكانت مادة خصبة للكوميديا حيث الطوابير الطويلة، والمكاتب المتهالكة، والموظف العابس الذي يكمن دوره في رفع ضغط الدم وتوجيه المواطن إلى المصير المجهول، ناهيك عن خلق شبكة مصالح وفساد متمددة وصلت لاستقبالك على مفردات “الشاي بتاعنا فين”، وأسلوب حياة يشير إلى أن الدُرج دائما في استقبالك!
حيث يحكى أن أحد المواطنين ذهب لأحد المؤسسات الحكومية البارزة، ودفع من خلال فوري رسوم الخدمة ومعه الإيصال الخاص بالدفع، فما كان من الموظف إلا أنه لم يعترف بذلك رغم اللوحة البارزة التي توجد في مكتبه بأنه يمكنك الدفع من خلال فوري، ومع إلحاح المواطن واستشهاده باللوحة المعلقة، قام الموظف بنزعها من الحائط!
«قد تحقق أحلامك الضخمة ولكن ليس بوسعك تحقيقها إذا كانت بالغة الضخامة»، هذا ما يمكن أن يشرح تجاربنا السابقة في عملية ميكنة الخدمات الحكومية، حيث تبنيّنا لسنوات سياسات طموحة جدا لا تلائم أوضاعنا، حيث قمنا بما يسمى «نمذجة المؤسسات الحكومية» بالأجهزة والمعدات دون أن نعمل على نمذجة الموظف المختص، وبدون تشكيل وعي بما يحدث لن تجد القوة الدافعة التي تمكنك من تحقيق أهدافك.
وحتى لا نشاهد هذه الأوضاع “كلاكيت ألف مرة”، يبدو أن المديرين الجدد لهذا الملف في الدولة المصرية أصبحوا يستوعبون هذه المشاهد لعدم تكرارها، فالدولة الآن تعمل من خلال تنظيم أدواتها وآلياتها والبدء في تحييد العنصر البشري تماما والبدء بشكل تجريبي، خاصة في ظل نمو ثقافة المجتمع المصري نحو الخدمات الإلكترونية بعد جائحة كورونا وعملية التباعد الاجتماعي الذي نفذته الدولة.
الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أشار إلى أن الوزارة تتبنى سياسة جديدة في عملية التحول الرقمي ،عبر بناء منصة رقمية موحدة لتقديم الخدمات الحكومية بما يساهم في التخلص من ثقافة عناء المواطن للحصول على الخدمة الحكومية، والحصول عليها بشكل حضاري ومنمق ، مشيرا إلى أنه سيتم إطلاق خدمات منصة مصر الرقمية رسميا بعد استقرار الخدمات في الفترة التجريبية، حيث تم إطلاق حزم تتضمن خدمات التوثيق والتموين ومركبات ورخص والمحاكم، وسيتم إطلاق باقي الخدمات تباعا لتصل إلى أكثر من 150 خدمة رقمية.
ولفت إلى أن بوابة مصر الرقمية جزء رئيسي من استراتجية التحول الرقمي التي تعمل عليها الدولة المصرية في ملف التطوير الحكومي والاستعداد للمستقبل.
مصر الرقمية ليس فيها “موظفين” لذلك لن يكون هنا أي معوقات كما كان يحدث من بعض الموظفين في كثير من الجهات الحكومية، وفقا للمهندس خالد العطار نائب وزير الاتصالات للتنمية الإدارية والتحول الرقمي، والذي يرى أن منظومة مصر الرقمية الجديدة تتعامل مباشرة مع رؤساء الجهات المقدمة للخدمة في الأصل لإزالة أي معوقات يمكن أن تواجه المواطن مستقبلاً.
وأشار إلى أن الدولة أطلقت منصة مصر الرقمية بشكل تجريبي خلال الأيام الماضية، لتقييم عيوب المنظومة وعلاجها قبل البدء بشكل رسمي ومن ثم تظهر عيوب، لافتا إلى أن المنصة ستسمح لكافة أجهزة الحكومة بتقديم خدماتها بشكل إلكتروني بدون تدخل العنصر بشري وبدون الحاجة إلى مستندات ورقية فقط بالرقم القومي، حيث أن المستهدف من خلال المنصة تقديم نحو 100 خدمة بنهاية العام الجاري 2020.
وقال المهندس عادل حامد الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات، والتي تنفذ البنية التحتية الرئيسية للاتصالات في مصر، أن التحول الرقمي الذي يحدث في مصر في السنوات الأخيرة لم يحدث من قبل حيث تبنت الدولة خطوات استثنائية في سبيل تحقيق هذا التحول، مشيرا إلى أن منصة مصر الرقمية ستشكل أهمية كبيرة خلال الفترة المقبلة وستدفع بالخدمات الحكومية إلى مزيد من التطورمن الناحيتين الفنية والمالية.
ويمثل التعاون مع شركاء الدولة من القطاع الخاص عنصر رئيسي في عمليات الابتكار في الخدمات وعلى رأسهم شركات الاتصالات.
المهندس خالد العطار، أشار إلى أهمية الاستعانة بشركات المحمول كأحد أهم الوسائل للدفع مستقبلاً ،والوصول إلى ملايين المستخدمين ومنحهم فرصة السداد عبر محافظ الكاش (فودافون، اتصالات، أورنج، وي باي” سيسهل من إجراءات المنظومة، هذا بجانب إتاحة الدفع بالطرق الأخرى مثل الكريدت كارد البنكي.
ولفت المهندس خالد حجازي الرئيس التنفيذي للقطاع المؤسسي بشركة اتصالات مصر، إلى أن أكثر الشركات المؤهلة للمساعدة في هذا التحول الرقمي عمومًا ومنصة مصر الرقمية تحديدًا هي شركات المحمول وذلك لقدرتهم على الوصول إلى 100 مليون مواطن عبر الموبايل، لافتا إلى أنها تفخر بالنمو الذي حققته في الفترة الأخيرة من خلال خدمة “اتصالات كاش”، وهي الخدمة التي يمكنها المساعدة في نشر الثقافة الرقمية للمواطنين، والإسهام في إنجاز المعاملات اليومية على منصة مصر الرقمية.
وأكد على أن التحول الرقمي قادر على إعادة مصر لمكانتها التي تستحقها في ترتيب الدول المتقدمة، موضحًا أن من أهم العوامل المساعدة على التحول الرقمي، هي تمكين المستخدمين من عمليات البيع والشراء والدفع من خلال الوسائل الإلكترونية.
وقال أيمن عصام، رئيس قطاع الشؤون الخارجية والقانونية بشركة فودافون مصر، إن استراتيجية فودافون تعتمد على ثلاثة محاور وهي: تحقيق الشمول المالي، تطوير البنية التحتية، التحول الرقمي، ويأتي هذا لمساندة الدولة في تحويل المجتمع المصري إلى مجتمع غير نقدي، وذلك من خلال تقديم حلول تكنولوجية متنوعة مشيرا إلى أن فودافون كانت دائما على وعي ودراية بأهمية التحول الرقمي، واستخدام الدفع عبر المحمول، ولذلك كانت أول شركة تقدم مثل تلك الخدمات وهي “خدمة فودافون كاش”.
ولفت إلى أن شركته تعمل على تنفيذ استراتيجية توسعية تهدف إلى دعم خدمات الدفع الإلكتروني والتي تشهد طفرة في الأداء والتطوير، حيث تقوم بتقديم خدماتها للسحب والإيداع عبر منظومة تحويل الأموال، وذلك بالتعاون مع كلاً من “بنك الإسكندرية” و”ماستركارد” و”فوري” و”أمان”.
دعم البنية التحتية للاتصالات شرط رئيسي لتقديم الخدمات الالكترونية ، فوفقا للدكتور عمرو طلعت تسعى الدولة لربط كافة المباني الحكومية في كل أنحاء الجمهورية البالغ عددها 32 ألف مبنى حكومي بشبكة الألياف الضوئية بتكلفة 6 مليارات جنيه، حيث تم ربط 800 مبنى حكومي في محافظة بورسعيد خلال العام الماضي؛ كما تم ربط 5300 مبنى حكومي خلال العام الحالي، وذلك في إطار المرحلة الأولى لتنفيذ مشروع مصر الرقمية.
وقال المهندس عادل حامد أن الشركة المصرية للاتصالات، ساهمت عبر الاستثمار الكبير في تطوير البنية التحتية في دعم تقديم الخدمات الإلكترونية للمواطنين، حيث قامت الشركة بتوصيل كوابل الألياف الضوئية لعدد كبير من الجهات الحكومية في إطار خطة الدولة للتحول الرقمي من أجل دعم وتمكين القطاعات الحكومية من تطوير وميكنة الخدمات المقدمة للمواطنين وتحسين الكفاءة التشغيلية لمختلف الجهات.
ولفت إلي أن الشركة تسعى لانتهاز كل فرصة ممكنة لدعم مشروعات التحول الرقمي وتعزيز ثقافة المجتمع غير النقدي ومنظومة الشمول المالي في البلاد، ومع إطلاق خدمات مصر الرقمية، سيكون للمحفظة الإلكترونية “WE Pay” دور كبير في تشجيع العملاء على الاتجاه بشكل أكبر نحو حلول الدفع الإلكتروني، خاصة مع ما توفره للملايين من عملاء الشركة من فرصة لدفع قيمة خدمات مصر الرقمية عبر الإنترنت بأمان وسهولة، ناهيك عن سهولة الحصول على التطبيق والتسجيل فيه، بعد أن أتاحت الشركة للعملاء إمكانية التسجيل في المحفظة الإلكترونية من المنزل بالرقم القومي.
ولكن هل يمكن تقييم خدمات الحكومة الالكترونية وهل يمكن أن ننافس بها على المستوى الاقليمي؟
يمثل مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الالكترونية الصادر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية “الاسكو” مرجع رئيسي لعملية التقييم حيث يهدف المؤشر سنويا إلى قياس مدى نضوج الخدمات الحكومية المقدمة عبر البوابات الإلكترونية والتطبيقات الذكية في الدول العربية.
ويعتبر “مؤشر نضوج الخدمات الحكومية” أداة تسمح بقياس التقدم الحاصل على المستوى الوطني في إنجاز التحول نحو الخدمات الرقمية، ويعتمد المؤشر في عملية التقييم على ثلاث ركائز أساسية، هي توفر الخدمة وتطورها، استخدام الخدمة والرضا حيالها، والوصول إلى الجمهور.
وحققت دولة الإمارات المركز الأول عربياً في مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية العام الماضي حيث بلغت نسبة توفر الخدمات في الدولة نحو 90 بالمائة،أما بالنسبة لوصول الخدمات للجمهور فقد أظهر التقرير وصولها إلى 80 بالمائة من سكان الدولة.
ويسمح مؤشر نضوج الخدمات الحكومية الإلكترونية بتتبع مدى التقدم في التحول إلى القنوات الإلكترونية لتقديم الخدمات الحكومية، وذلك من خلال مقارنة الأداء الوطني عاماً بعد عام كما يتيح المقارنة بين الدول المختلفة في مجال التحول إلى الخدمات الإلكترونية ومقارنة أداء المؤسسات المختلفة.
كما حلت دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الأول خليجيا وعربيا وفي غرب آسيا، والثامن عالميا في مؤشر الخدمات الذكية الصادر عن الأمم المتحدة ضمن المؤشر الكلي لتنمية الحكومات الإلكترونية لعام 2020
فهل تدخل مصر سباق المنافسة؟
قامت Follow ICT ياستطلاع لـ 10 مديرين تنفيذين ليسو أصحاب مصالح، حول مدى قدرة الدولة على النفاذ بخدمات الحكومة الالكترونية إلى المجتمع وتوافرها وتطورها في توقيت محدد، أكدت النسبة الأكبر على ضرورة أن تعمل الدولة على سد الفجوة التي تعاني منها معظم المؤشرات الدولية، والمتمثلة في معرفة مدى تطور الخدمة، ومدى استخدامها ورضا المستخدمين عنها ، مشيرين إلى قدرة الدولة على النفاذ بشكل كامل خلال 5 سنوات في تقديم الخدمات الالكترونية.
وأكدوا على ضرورة تبني فلسفة ناجحة قائمة على أن الحكومة الناجحة هي التي تذهب للناس ولا تنتظرهم ليأتوا إليها، وبذل المزيد من المجهود في عملية التحول عبر دعم وتشجيع الوزارات والهيئات الحكومية وتفعيل مشاركة المواطنين بمذيد من الحوافز والتخفيضات وأيضا تشجيع الابتكار في تقديم تطبيقات حكومية متطورة، إلى جانب تسهيل عمليات الدفع الالكتروني مقابل الخدمات ، وترسيخ ثقافة تقييم الخدمات من المواطنين لتلافي أى عيوب وتطوير الخدمات بشكل مستمر.
عين على منصة مصر الرقمية وهل تشبه تجارب سابقة؟
تمتاز منصة مصر الرقمية بالبساطة والسهولة في التعامل مع طالب الخدمة، البداية هي الدخول للبوابة الإلكترونية عبر هذا الرابط: https://digital.gov.eg/ وبعد ذلك يتحتم عليك إنشاء حساب شخصي لكي تتمكن من الحصول على الخدمات المتاحة، وتلك الخطوة بسيطة أيضا ويجب أن تقوم بها بعد التأكد من وجود بطاقة الرقم القومي بجانبك.
البوابة تتيح مجموعة من الخدمات يصل عددها إلى حوالي 70 خدمة، أبرزها:
خدمات التموين، ومنها إصدار بطاقة تموين جديدة، وإصدار بدل فاقد لبطاقة التموين، وإصدار بدل تالف لبطاقة التموين، وتفعيل بطاقة التموين، والفصل الاجتماعي، وضم أفراد جدد، والنقل من محافظة لأخرى.
خدمات التوثيق، ومنها استعلام عن سريان محرر مُميكن، وتحرير توكيل عام قضايا، وتحرير توكيل عام رسمي، وتحرير توكيل رسمي شامل (بنوك – عام)، وتحرير توكيل في الأمور الزوجية، تحرير إقرار بالشطب، وتحرير إقرار بعدم وجود تعديلات على البيانات المساحية، وتحرير إقرار رسمي، وتحرير إقرار تصحيح محرر موثق، واكتب محررك.
خدمات السيارات، ومنها التظلم على مخالفات رخص مركبات، وسداد المخالفات واستخراج شهادة براءة الذمة، وتجديد رخصة مركبة، وعمل بدل فاقد رخصة مركبة، وعمل بدل تالف رخصة مركبة، وتحرير توثيق عقد بيع مركبة، وتحرير توكيل بيع مركبة، وتحرير توكيل إدارة مركبة، والاستعلام عن مخالفات رخصة مركبة، والتأكد من صحة بيانات مركبة.
خدمات تراخيص القيادة، ومنها الاستعلام عن مخالفات رخص القيادة، والتظلُّم على مخالفات رخص القيادة، وسداد مخالفات رخص القيادة، وإصدار بدل تالف رخصة قيادة، وإصدار بدل فاقد رخصة قيادة.
خدمات المحاكم، ومنها إقامة دعوى مدنية، وتسجيل محامي.
ونقدم لكم بعض المعلومات التي قد تجيب عن أبرز التساؤلات التي تدور بذهن المواطن:
-إنشاء حساب على بوابة مصر الرقمية مجاني، وكذلك بعض الخدمات الأخرى، ويمكنك معرفة رسوم أي خدمة غير مجانية عن طريق الضغط على “الشروط والأحكام” الموجودة في بداية كل خدمة، علماً بأن الرسوم قد تختلف من خدمة إلى أخرى.
-إذا كانت الخدمة المطلوبة تتطلب توقيعك أو وجودك الشخصي فيجب عليك التوجه للجهة الحكومية التابع لها الخدمة لإتمام طلبك، مثل خدمة إصدار توكيل، يجب على المواطن الحضور للتأكد من الأهلية والتحقق من الشخصيات. يمكنك معرفة إذا كانت الخدمة تتطلب وجودك أم لا، من خلال الضغط على “الشروط والأحكام” قبل البدء في طلب الخدمة.
–بعض الخدمات قد تحتاج إلى مستندات ورقية لاستكمالها، ويمكنك معرفة إذا كانت الخدمة تتطلب مستندات ورقية أم لا، من خلال الضغط على “الشروط والأحكام” قبل البدء في طلب الخدمة.
-بوابة مصر الرقمية قامت بإطلاقها وتطويرها وزارة الاتصالات بالتعاون مع جهات مختصة بالخدمات تقوم بتطوير وتشغيل البوابة، تحت إشراف الرقابة الإدارية.
-البوابة الإلكترونية ينطبق عليها معايير أمنية مشددة لحماية سرية وسلامة بياناتكم الشخصية عند نقلها أو تخزينها أو معالجتها، ومن إحدى هذه معايير الأمنية هي تقنية بروتوكول HTTPS.
-تصميم البوابة انسيابي ويتناسب مع أحجام الشاشات المختلفة مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المكتبية وأجهزة التلفاز وجميع أنواع المتصفحات.
-المنصة تعمل عبر متصفحات الإنترنت فقط حتى الآن، وقريبا سيتم طرح تطبيق للهواتف الذكية من أجل التسهيل على المستخدمين.
-كافة الخدمات مصحوبة بفيديو تعريفي لشرح طريقة الحصول على الخدمات.
– يتم تقديم خدمات البوابة الإلكترونية باللغتين العربية والإنجليزية، ولكن اللغة العربية هي المتاحة فقط الآن.