في إطار توجيهات السيد رئيس الجمهورية لتحويل مصر لممر رقمي عالمي يساهم في تعزيز التحول للاقتصاد الرقمي، وتعظيم أنشطة التجارة الإلكترونية، وزيادة النفاذ للخدمات الرقمية المختلفة بما يساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ونظراً لما تمثله السياسات والقوانين والقواعد التنظيمية الوطنية الحاكمة لهذا المجال الهام من أهمية كبيرة على نتائج ومعدلات التنمية المستدامة.
فقد بات من الضروري التوافق مع مجموعة القواعد والمعايير التنظيمية العالمية اللازمة لتمكين الاقتصاد الرقمي، حيث يفترض أن تكون تلك القواعد واللوائح التنظيمية محفزة وتخلق بيئة تمكينية لنمو السوق المحلي وتعزيز التجارة الدولية بالإضافة إلى زيادة كفاءة وفعالية تكلفة الخدمات المقدمة للمواطنين، ودعم صناعة القرار بدلا من صياغة قواعد تنظيمية معوقة للتحول للاقتصاد الرقمي.
وتأتي سياسة تصنيف البيانات والمعلومات كأحد أهم العوامل لتعزيز الوصول للاقتصاد الرقمي، فيجب وضع وصياغة القواعد التنظيمية لحماية البيانات والمعلومات للمستخدمين الذين يتعاملون عبر المنصات الإلكترونية، حيث تعد البيانات وقود الاقتصاد الرقمي، وهو ما يستلزم التوافق مع المعايير الدولية في هذا الشأن وصياغة سياسة واضحة لتصنيف البيانات بما يشجع على توسيع الخدمات الرقمية في مجال التجارة وعلى الأخص في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما يضمن استخدام التكنولوجيات الناشئة مثل الحوسبة السحابية وسلاسل الكتلة والذكاء الاصطناعي والتي تدعم وتعزز القدرة التنافسية للشركات المصرية، وتساهم في زيادة ربحيتها وتقليل تكلفتها. فلا يمكن الوصول إلى الاستخدام والاستفادة القصوى من التكنولوجيات الناشئة بدون وجود رؤية وسياسة واضحة تعمل على تصنيف البيانات وتحديد مستويات تداولها والتعامل معها مع مراعاة ابعاد الامن القومي.
كما يجب أيضا النظر إلى الاعتبارات القانونية المتعلقة بالبيانات الشخصية، حيث تعد أكثر تعقيداً نظراً لارتباطها لتشريعات متعددة وعابرة للحدود، لذا يعد التناغم بين التشريع المصري والتشريعات الدولية المتعلقة بحماية وخصوصية البيانات الشخصية أحد أهم عوامل تهيئة المناخ للاقتصاد الرقمي، حيث أن عدم التناغم مع اللائحة الأوروبية لحماية البيانات الشخصية GDPR سيجعل الشركات ومراكز البيانات معرضة لغرامات مالية كبيرة نتيجة عدم امتثالها واتفاقها مع القوانين الدولية. وذلك يجب إعادة النظر في قانون حماية البيانات الشخصية المصري، وتعديله بما يتواكب مع التشريعات الدولية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بنقل البيانات عبر الحدود وإزالة العوائق التنظيمية في هذا الصدد.
هذا ويجب مراعاة اعتبارات عدة عند تطبيق التشريعات المصرية المختلفة على المنصات التجارية المختلفة، في ضوء الاعتبارات الدولية وعلى الأخص فيما يتعلق بسرية بيانات المستخدمين، وعدم إمكانية إتاحتها لأغراض إنفاذ القانون إلا بموجب أوامر قضائية مسببة، من أجل ضمان حقوق المستخدمين ومراعاة خصوصية الاستثمار والآليات المتعارف عليها دولياً في هذا الصدد. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية!.
تحليل يكتبه: الدكتور محمد حجازي
استشاري تشريعات التحول الرقمي، ورئيس لجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات السابق