أصبح الذكاء الاصطناعي أحد أبرز القضايا على أجندة الحكومات والسياسات العالمية، فيما تتنوع وجهات النظر حول أليات التعامل مع هذا التطور السريع، ما بين دعوات إلى تقنينه وتنظيمه بشكل صارم من جهة، وتحذيرات من تداعيات فرض قيود شديدة قد تعيق الابتكار من جهة أخرى.
مع فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، تثار التساؤلات حول موقفه من اتجاهات “التقنين”، علاوة على مدى تأثير إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا (الذي قدم للرئيس المنتخب دعماً واسعاً في الانتخابات) في تشكيل سياسات ترامب بشأن الذكاء الاصطناعي.
إيلون ماسك، الذي يعد أحد أبرز الشخصيات المؤثرة في مجال التكنولوجيا والمعين في منصب وزير كفاءة الحكومة في إدارة ترامب الجديدة، سبق وأن حذر من أن التطوير غير المقيد للذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نتائج كارثية على البشرية.
في المقابل، يظهر الرئيس ترامب، الذي قد يلعب دوراً مهماً في تحديد مسار السياسات الأميركية بشأن هذه التكنولوجيا، ميلاً لتبني سياسات أكثر تحرراً، حيث يعتقد بأن فرض القيود على الذكاء الاصطناعي قد يعرقل التقدم التكنولوجي ويضعف قدرة الولايات المتحدة على المنافسة العالمية.
تقريراً لصحيفة الجارديان البريطانية، نقل عن عالم بارز عمل بشكل وثيق مع أغنى شخص في العالم على معالجة مخاطر الذكاء الاصطناعي، قوله إن تأثير إيلون ماسك على إدارة دونالد ترامب قد يؤدي إلى تشديد معايير السلامة للذكاء الاصطناعي.
وقال ماكس تيجمارك الأستاذ المتخصص في الذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن دعم ماسك لمشروع قانون الذكاء الاصطناعي في كاليفورنيا يؤكد على قلق الملياردير المستمر بشأن قضية لم تظهر بشكل بارز في حملة ترامب.
دونالد ماسك كان قد حذر بانتظام من أن التطوير غير المقيد للذكاء الاصطناعي ــ أو بالأحرى أنظمة الكمبيوتر التي تؤدي مهام تتطلب عادة ذكاء بشريا ــ قد يكون كارثيا على البشرية.
وفي العام الماضي، كان ماسك واحدا من أكثر من ثلاثين ألف شخص وقعوا على رسالة تدعو إلى وقف العمل على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي القوية.
وأفاد ماكس تيجمارك بأن دونالد ماسك، الذي من المتوقع أن يكون له تأثير كبير في إدارة الرئيس المنتخب ، قد يقنع ترامب بإدخال معايير تمنع تطوير الذكاء العام الاصطناعي، وهو المصطلح لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تتطابق مع مستويات الذكاء البشري أو تتجاوزها.
تابع “أعتقد بأنه إذا تمكن إيلون ماسك من إقناع ترامب بشأن قضايا الذكاء الاصطناعي، فمن المرجح أن نحصل على شكل من أشكال معايير السلامة، وهو ما يمنع الذكاء الاصطناعي العام”.
وأشار ترامب إلى أن إيلون ماسك قد يساعد على فهم أن سباق الذكاء الاصطناعي العام هو سباق انتحاري”.
ونوّه بأن دعم ماسك لمشروع قانون SB 1047 في كاليفورنيا، في مواجهة معارضة العديد من نظرائه في مجال التكنولوجيا، كان علامة إيجابية لمناصري سلامة الذكاء الاصطناعي.
وقد رفض حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم مشروع القانون، الذي يتطلب من الشركات إجراء اختبار إجهاد لنماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة قبل إصدارها، بعد أن قال إنه قد يدفع شركات الذكاء الاصطناعي إلى الخروج من الولاية ويعيق الابتكار .
وأضاف تيجمارك: “لقد خرج إيلون ماسك وقال: أنا مع هذا، أريد التنظيم. أعتقد بأنه ليس من غير المعقول تماماً أن يتمكن من إقناع ترامب بأن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى السيطرة”.
ونقل التقرير عن ساتيا ثالام، نائب الرئيس الأول للشؤون الحكومية في شركة ARI ، قوله: لا يوجد أحد في وضع أفضل لمساعدة إدارة ترامب في التعامل مع هذه التكنولوجيا الجديدة.. فيما يعرف إيلون ماسك ما هو مطلوب لجعل أميركا رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي الآمن”، مضيفاً: “إنه شخص كان رائدًا في تطوير الذكاء الاصطناعي وكان دائمًا يدق ناقوس الخطر بشأن المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي”.
شارك ماسك في تأسيس شركة أوبن إيه.آي، التي ساعدت أداة ChatGPT الخاصة بها في دفع الذكاء الاصطناعي إلى التيار الرئيسي وبدء سجال عالمي حول الفرص والمخاطر المحتملة.
وكان ماسك قد انتقد شركات الذكاء الاصطناعي الخاصة، بما في ذلك شركة أوبن إيه.آي، التي دخل معها في نزاع قانوني في وقت سابق من هذا العام بعد أن زعم أن رئيسها التنفيذي سام ألتمان “انتهك اتفاقية التأسيس” للشركة من خلال السعي لتحقيق النجاح التجاري الخاص على حساب مساعدة البشرية.
وأسقط إيلون ماسك الدعوى القضائية ضد شركة OpenAI لفترة وجيزة، لكنه أعاد إطلاقها لاحقًا بمزاعم مماثلة.
ووسع إيلون ماسك دعواه القضائية ضد شركة أوبن إيه.آي، مضيفا مايكروسوف، أكبر داعم مالي للشركة الناشئة، كمدعى عليه.
كما أضاف للدعوى اتهامات بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار الاتحادية وغيرها من الاتهامات.
وجاء في دعوى ماسك المعدلة، التي رفعت مساء الخميس الماضي في محكمة اتحادية في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، أن مايكروسوفت وأوبن إيه.آي سعيا دون سند من القانون إلى احتكار سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي وتهميش المنافسين.
ومثلما جاء في دعوى ماسك الأصلية في أغسطس، اتهمت الدعوى المعدلة أوبن إيه.آي ورئيسها التنفيذي سام ألتمان، بانتهاك أحكام العقد الذي تأسست بموجبه الشركة من خلال تقديم الأرباح على الصالح العام في مسعاها لتطوير الذكاء الاصطناعي رغم إقرارها بأنها شركة غير هادفة للربح.