«كايرو آي سي تي».. نداء مصر الرقمي يخترق الإقليم بالكثير من الثقة والتأهب لتحولات كبرى
وسط مشاركة واسعة وأجندة حافلة بالكثير من الملفات والموضوعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات وتقنيات المستقبل والأمن السيبراني والبنوك الرقمية، انطلقت فعاليات النسخة التاسعة والعشرين للمعرض والمؤتمر الدولي للتكنولوجيا للشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT 25 في يومه الأول أمس، والذي افتتحه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء في دورة استثنائية تواكب التحول العالمي نحو الذكاء الاصطناعي وتكامل الحوسبة والبيانات والسيادة الرقمية، ووسط مشاركة واسعة من صُنّاع القرار والمعنيين بقطاع التكنولوجيا محلياً وإقليمياً ودولياً من جهات حكومية ومؤسسات تنظيمية وشركات كبرى وناشئة.
جمعت الجلسات وورش العمل التفاعلية في اليوم الأول للمعرض والمؤتمر، العديد من المسؤوليين والقيادات التنفيذية لكبريات المؤسسات والهئيات بهدف تحفيز الابتكار والاستثمار الرقمي في السوق المصري، وبحث توحيد الجهود لتسريع تنفيذ استراتيجات الدولة للتحول الرقمي وتعزيز التنافسية بما يوفر أحدث الحلول والتقنيات للقطاعات الاقتصادية والخدمية الرئيسية، وبما يدعم أليات التنمية الشاملة والأطر الاستراتيجية الوطنية والمحلية المتعلقة بعملية التحول الرقمي وتطوير البنى التحتية الذكية والموارد البشرية والابتكار الرقمي.
وأبرزت الفعاليات مدي اندماج وتناسق التقنيات المتطورة مع الاستراتيجيات الاقتصادية الطموحة للدولة على المستوى الدولي والإقليمي، بقوة الدعم السياسي المقدم لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على كافة المستويات، والتركيز العميق لدى الحكومة بكافة حقائبها الوزارية على عملية الرقمنة الشاملة والتواصل والتنسيق المباشر مع قادة الصناعة على مستوى الأفراد والمؤسسات، للاطلاع على أحدث توجهات الاستثمار العالمي في قطاع التكنولوجيا والشركات الناشئة، وعقد شراكات جديدة تساهم في استكمال الهوية الرقمية للدولة التي تتانسب مع ملامح ومعطيات الاقتصاد الرقمي العالمي.
التفاعل الحكومي
حظت فعاليات المعرض والمؤتمر، بالكثير من التفاعل الحكومي الذي يعبر عن جوهر القطاع ومكانته المتميزة على أجندة الدولة، حيث شارك في اليوم الأول للمعرض الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج،والدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلميّ، والدكتور محمد فريد صالح، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، وأسامة كمال، رئيس مجلس إدارة شركة تريد فيرز إنترناشيونال المنظمة للحدث، وعدد من سفراء الدول، ومسئولي الوزارات والجهات المعنية بما يشير لمدى إتساع دائرة الرقمنة في كافة مقومات الدولة المصرية، ورؤيتها العميقة لدور القطاع في التحوط وتعزيز مناعة الاقتصاد المصري في مواجهة التداعيات العالمية الأخيرة.

معرض «كايرو آي سي تي» الذي تنظمه شركة تريد فيرز إنترناشيونال والشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، تنطلق دورته الجديدة تحت شعار «الذكاء الاصطناعي في كل مكان» حيث اكتشاف الموجة التالية من التقدم التكنولوجي وأحدث التقنيات والاتجاهات المستقبلية التي ستعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعا، والفرص المتوفرة على مستوى جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
زخم كبير للفعاليات
ويشهد المعرض زخما كبيرا على مستوى الفعاليات والمعارض المتخصصة، حيث انطلقت النسخة الثانية من فعاليات معرض ومؤتمر AIDC الأول من نوعه في أفريقيا والشرق الأوسط، للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والحوسبة السحابية، ومعرض ومؤتمر بافكس الحادي عشر لتكنولوجيا المدفوعات والشمول الرقمي برعاية البنك المركزي ، ومعرض كونكتا الدولي التكنولوجيا الشباب للعام الخامس إلى جانب Innovation Arena للإبداع، وفعاليات Cyber Zone للأمن السيبراني ، بما يؤكد قوة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وثقة الشركات العالمية بمستقبله عبر عقد العديد من الشراكات وطرح رؤى مبتكرة ومتجددة للاقتصاد المصري تتلائم مع معطيات المستقبل العالمي.
وخلال جولة رئيس مجلس الوزراء بفعاليات المعرض، استمع الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، لعرض تقديمي حول مشروعات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجال التحول الرقمي، حيث أشار الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات إلى أن منصة مصر الرقمية شهدت نموًا ملحوظًا خلال عام 2025، حيث بلغ عدد الخدمات الحكومية الرقمية على المنصة أكثر من 200 خدمة، كما ارتفع عدد المستخدمين بنسبة 28% صعودا من 8.1 مليون مستخدم في عام 2024 إلى 10.4 مليون مستخدم في عام 2025. كما ارتفع عدد المعاملات المنفذة عبر المنصة بنسبة 300% خلال عام 2025، ليصل إلى 23.8 مليون معاملة، مقارنة بـ7.8 مليون معاملة في عام 2024 كما زادت حزم الخدمات المقدمة عبر المنصة بنسبة 64% لتصل إلى 23 حزمة، كما تم إطلاق 16 تطبيقا للموبايل على نظامى التشغيل iOS وAndroid بنسبة زيادة 400% .
كما تناول العرض نظام التقاضي الإلكتروني الذي تم تنفيذه بالتعاون الوثيق مع وزارتي العدل والداخلية، وتم تعميمه في المحاكم الجنائية بعد أن أثبت نجاحه منذ سنوات في المحاكم الاقتصادية، كما تم دمج نظام تحويل الصوت إلى نص، مع تطبيق تمديد الحبس الاحتياطي وتطبيق التقاضي عن بُعد في المحاكم الجنائية، ليمنح المستخدمين أعلى درجات السهولة واليسر في أداء المهام المكلفين بها، حيث أنشأ وطور مركز الابتكار التطبيقي ــ التابع لوزارة الاتصالات ــ نظام تحويل الصوت إلى نص المبني على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي يعمل بالكامل داخل بيئة وزارة العدل دون أي اتصال بالإنترنت، بما يضمن لمصر أقصى درجات الأمان والخصوصية في إدارة بياناتها القضائية.
كما تم تسليط الضوء على منصة الخطاب الديني، التي تم إطلاقها بالتعاون مع وزارة الأوقاف في ضوء الجهود المبذولة؛ للمساهمة في تجديد أسس وركائز الخطاب الديني، بأسلوب تفاعلي حديث يواكب التقنيات الرقمية المعاصرة، وكذلك منصة “التصدير العقاري” الجاري إطلاقها بالتعاون مع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وهيئة الرقابة الإدارية، والتي تهدف إلى تسهيل عملية تصدير العقارات المصرية؛ سواء للمصريين في الخارج أو للأجانب، من خلال إتاحة منصة رقمية متكاملة لعرض العقارات وتقديم جميع المعلومات والخدمات المرتبطة بها.

المعاملات الحكومية
وأضاف وزير الاتصالات: في إطار جهود الدولة لتمكين المواطنين من إجراء المعاملات الحكومية في أي وقت ومن أي مكان دون الحاجة للذهاب لمكاتب الخدمة، يتم العمل على خلق آليات جديدة باستخدام التكنولوجيات الحديثة للتحقق من الشخصية عن بعد، وكذلك التحقق من الإرادة والإدراك والموافقات مع تفعيل التوقيع الإلكتروني من خلال الهاتف المحمول أو الحاسب الشخصي كبديل للطرق التقليدية في الحصول على الخدمات الحكومية.
كما استعرض مركز الابتكار التطبيقي AIC)) جهوده في تطوير تكنولوجيات معالجة اللغات الطبيعية التي يعد تطورها أساسا لبناء العديد من التطبيقات؛ حيث تستهدف تكنولوجيات AIC NLP معالجة الكلام والنصوص باللغة العربية باللهجة المصرية العامية، وفي غضون ذلك تم التنويه إلى أن تكنولوجيات AIC NLP تستطيع التعامل بسلاسة مع المحادثات متعددة اللغات التي قد تحتوي أيضًا على مزيج من اللغة العربية الفصحى واللغة العربية المصرية العامية.
وفي هذا السياق، تم التأكيد على أنه بعد نجاح المركز في تحقيق دقة قياسية عالمية في هذا المجال فقد تم إدخال تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالتعرف على الكلام وتحويل النص إلى كلام والترجمة الآلية من مركز الابتكار التطبيقي في مجالات تطبيقية مختلفة، مثل: القضاء، ومراكز الاتصال ومعالجة الوثائق الحكومية والإعلانات العامة في الأحداث العالمية.
منظومة ريادة الأعمال
كما استمع الدكتور مصطفى مدبولي لشرح من المهندس أحمد الظاهر، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) حول جهود الهيئة لترسيخ دورها المحوري في بناء منظومة ريادة أعمال قائمة على الابتكار التكنولوجي، من خلال برامج متكاملة تستهدف تمكين الشركات الناشئة في مختلف مراحل نموها؛ حيث تعمل الهيئة على توفير الدعم المالي والفني، وتسهيل نفاذ الشركات إلى شبكات المستثمرين والأسواق، إلى جانب تعزيز قدراتها على تطوير منتجات وخدمات رقمية قادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا.
وأوضح المهندس أحمد الظاهر أن جهود الهيئة لا تقتصر على القاهرة فقط، بل تمتد إلى مختلف المحافظات عبر مراكز إبداع مصر الرقمية، التي أصبحت منصات رئيسية لتأهيل رواد الأعمال، وبناء مهاراتهم الرقمية، وتوفير مساحات عمل مشتركة، بالإضافة إلى الحاضنات والمسرّعات، وتلعب هذه المراكز دورًا مهمًا في اكتشاف المواهب المحلية، وتمكينها من تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة تلبى احتياجات مجتمعاتها وتفتح أمامها فرصًا جديدة داخل الاقتصاد الرقمي.
وفي الوقت نفسه، أوضح الدور المهم الذي تضطلع به الهيئة في تمكين المهنيين المستقلين من شباب الخريجين وخريجي المبادرات التدريبية، من خلال فتح آفاق واسعة لهم في مجالات العمل الحر وإكسابهم مهارات تقنية وشخصية وفنية تعزز قدرتهم على المنافسة في منصات العمل الرقمية العالمية، مشيرا في هذا الصدد إلى برنامج ITIDA Gigs، الذي يعد إحدى المبادرات البارزة التي أطلقتها الهيئة في يناير الماضي؛ بهدف تأهيل الشباب لدخول سوق العمل الحر العالمية، عبر تدريب عملي ومهارى متخصص.
وأشار إلى أن البرنامج نجح في جذب نحو 19 ألف شاب وشابة من 27 محافظة، وأتم أكثر من 10800 مشارك البرنامج بنجاح، كما استطاع المستفيدون الحصول على أكثر من 4300 مهمة عمل على المنصات العالمية بقيمة إجمالية تقارب 1.5 مليون دولار، محققين عائدًا استثماريًا يصل إلى 400%، ويمتد أثر البرنامج ليشمل مشاركة قوية من الفتيات، عبر توفير فرص تدريب وعمل متساوية، بما يدعم تمكين المرأة في سوق العمل الرقمية، ويضمن وصول الفرص الرقمية للشباب في جميع محافظات الجمهورية دون استثناء.
وناقش الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عددا من خريجي المبادرات المختلفة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبعض أصحاب الشركات الناشئة، حول مدى استفادتهم من تلك المبادرات، كما استمع لقصص نجاحهم في مشروعاتهم الخاصة، وذلك خلال جولته بالمعرض .

معرض ومؤتمر الذكاء الاصطناعي
وافتتح الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، النسخة الثانية من معرض ومؤتمر الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والحوسبة السحابية AIDC 2025 تحت شعار «AI Everywhere» وخلال كلمته الافتتاحية، صرّح وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي بأن معرض ومؤتمر AIDC يعكس التزامًا وطنيًا راسخًا نحو ترسيخ مكانة مصر كمحور إقليمي متقدم في مجالات مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن هذا التوجه يستند إلى رؤية استراتيجية شاملة وفق توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، للاستفادة من الموقع الجغرافي الفريد لمصر في دعم تطوير هذه الصناعات.
أكد الوزير حرص الدولة على دعم الشباب المصري لمواكبة الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمي سيبلغ 1.8 تريليون دولار بحلول 2030، ما يجعل من مصر بيئة واعدة للاستثمار التكنولوجي في المنطقة. وقال إن الذكاء الاصطناعي «ليس المستقبل بل الحاضر، ومن لا يلحق به سيصبح من الماضي.
وكشف عبد العاطي عن أن مصر اتخذت خطوات مبكرة بقيادة الرئيس، شملت تأسيس المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، وتبني استراتيجية وطنية متعددة المراحل تركز على دمج الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية ودعم البحث العلمي وحماية التراث الثقافي واللغوي وتطوير القدرات البشرية.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي التوليدي فاجأ العالم بقدرات تفوق المتوقع، وأحدث صدمة معرفية كشفت الفجوة بين سرعة الابتكار وبطء الاستجابة التنظيمية. وأشار إلى أن مصر أدركت مبكرًا أهمية المشاركة الفاعلة في المحافل الدولية المعنية بهذه التكنولوجيا، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لخدمة الإنسان.
وتحدث الوزير عن جلسات مجلس الأمن حول مخاطر الذكاء الاصطناعي، ومشاركة مصر الفاعلة في صياغة الميثاق العالمي للذكاء الاصطناعي، وإطلاق حوار دولي لحوكمة هذه التقنية. كما أشار إلى إعداد مصر «الاستراتيجية الموحدة للذكاء الاصطناعي» على المستوى العربي، وقيادتها إعداد «الاستراتيجية الأفريقية للذكاء الاصطناعي»، بالإضافة إلى دراسة تأثيرات الذكاء الاصطناعي على القارة.
ولفت إلى الحاجة لجسر الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، وخاصة الدول العربية والأفريقية، لضمان قدرة شعوب المنطقة على المنافسة في سوق الذكاء الاصطناعي العالمي.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي يوفر فرصًا هائلة لدعم التنمية المستدامة في مجالات المياه والزراعة والتعليم وتحليل النزاعات وتتبع الشبكات الإجرامية وتعزيز قدرات إنفاذ القانون.
وأشار الوزير إلى التحديات الخطيرة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، ومنها قدرته على التضليل والتزييف، مستشهدًا بما حدث في غزة من قتل للمدنيين وتدمير للبنية التحتية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي العسكري. وأكد ضرورة وضع إطار حاكم لتنظيم الاستخدامات العسكرية للذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن وزارة الخارجية تتابع عن كثب التقنيات المستقبلية التي قد تحدث تحولات جذرية في النظام الدولي، مثل «الذكاء الاصطناعي الوكيل» و«الذكاء الاصطناعي الكمي»، اللذين قد يغيران قواعد اللعبة في الاقتصاد والبحث العلمي والسياسة.

الوفود الأجنبية والعربية
بدروه رحّب الإعلامي أسامة كمال، رئيس شركة تريدفيرز إنترناشيونال — المنظمة لمعرضي AIDC 2025 و Cairo ICT 2025 — بكافة الحضور من الدول الأجنبية والعربية والأفريقية الأكثر اهتمامًا بمراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.
وأكد ارتباط وزارة الخارجية ورعايتها لمعرض ومؤتمر AIDC، لكونه أحد أهم الموضوعات العالمية الحيوية، ورغم أنه قد يبدو موضوعًا غير سياسي، إلا أنه أصبح متعلقًا مباشرة بمستقبل الدول وأوضح أن هذه المشاركة تُعد الأولى من نوعها محليًا، وستكون بداية لمشاركات أخرى في محافل متعددة مستقبلاً.
وأضاف أن التوجه نحو الذكاء الاصطناعي أصبح سباقًا عالميًا تتسابق نحوه كل دول العالم، وأن المنطقة تشهد خطوات جادة لمواكبة هذا السباق.
وأشار كمال إلى أن مصر كانت الفاعل الأول لاحتضان فعالية AIDC، بما يتيح للمنطقة العربية والأفريقية تحقيق أهداف مباشرة وغير مباشرة يصعب توقعها في مجال الذكاء الاصطناعي، باعتباره القطاع الأسرع تطورًا على مستوى العالم.
وأكد أن شعار «الذكاء الاصطناعي في كل مكان» ليس مجرد عبارة، بل حقيقة ملموسة تعبّر عن تغلغل الذكاء الاصطناعي في كل تفاصيل الحياة، مشيرًا إلى دوره الكبير في إدارة الموارد الحيوية، وتعزيز الأمن المائي والغذائي باستخدام أحدث أدوات التحليل الذكي، بالإضافة إلى تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم وسائر القطاعات.
رؤى حول السوق العالمي
من جانبه، قال أحمد عبد اللطيف، نائب رئيس معرض ومؤتمر AIDC، إنه يستهدف تحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات خلال الأيام الأربعة لانعقاد المعرض. وذكر أنه قبل تسعة أيام صدر تقرير عالمي يؤكد أن 1.2 مليار مستخدم من أصل 1.8 مليار إنسان على كوكب الأرض يستخدمون تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأضاف أن الإمارات وسنغافورة هما أكثر الدول استخدامًا للذكاء الاصطناعي عالميًا، بينما تسعى مصر لاستكمال ما ينقصها في مجالات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يقوم على مجموعة مترابطة من الطبقات تشمل: البيانات، والبنية التحتية لمراكز البيانات والمعالجات، وثالثًا نماذج الذكاء الاصطناعي وآليات التفاعل معها، وأخيرًا التطبيقات العملية.
وأشار إلى مسألة “الاستقلالية الرقمية”، مؤكدًا أن الدول التي لا تمتلك قدراتها في الذكاء الاصطناعي ولا تستفيد من بياناتها ستجد دولًا أخرى تقوم بتخزين تلك البيانات واستغلالها. ولفت إلى الصراع الأمريكي–الصيني حول الذكاء الاصطناعي، موضحًا أن أغلب البنية التحتية للنماذج الذكية تملكها شركات أمريكية، بينما تتسابق السعودية والإمارات إقليميًا لتطوير نماذج تتجاوز حدودها.
وكشف أن الإمارات طوّرت نموذجًا لغويًا يتحدث باللهجة المصرية العامية، بعد نماذج بلهجات خليجية ومغربية ولهجة عربية فصحى، بينما تتجه السعودية لضخ استثمارات أوسع في المجال. وأكد أن مصر بحاجة إلى بنية تحتية أقوى لاستيعاب التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن خمس شركات عالمية تنفق 100 مليار دولار كل 90 يومًا على مراكز البيانات، وهو ما يعكس النمو الهائل لهذا القطاع عالميًا، مشيرًا إلى ضرورة أن تستفيد مصر من تجارب أبوظبي ودبي والرياض والدمام، باعتبارها من الدول الرائدة في هذا المجال.

مشاركات قوية للقيادات
خلال فعاليات الافتتاح أعرب محمد الزمر مدير عام شركة دل تكنولوجيز مصر، عن سعادته بالمشاركة في معرض ومؤتمر Cario ICT لسنوات طويلة متتالية، حيث دائماً كان الجميع ينتظر المعرض من عام تلو الأخر نظراً لتأثيره الكبير في مصر وفي الشرق الأوسط بأكمله.
وأضاف أن 30% من الناتج الإجمالي العالمي سوف يكون من التكنولوجيا، وفي مصر يساهم قطاع الاتصالات والتكنولوجيا بنسبة 5% من الناتج المحلي، وتبلغ قيمة ناتج التكنولوجيا حول العالم نحو 23 تريليون دولار هي مساهمة التكنولوجيا في الناتج العالمي منها 15 تريليون دولار من الذكاء الاصطناعي، كما أن الوظائف الجديدة سوف تصل إلى 92 مليون وظيفة جديدة بسبب الذكاء الاصطناعي.
وشدد محمد الزمر على ضرورة تضمين الذكاء الاصطناعي في كافة مراحل التعليم بكافة أشكاله، لأن موجة الذكاء الاصطناعي هي أكبر تحدي للتحول الاقتصادي والرقمي وهي أكبر من أي تحدٍ سابق شهدته تطورات التكنولوجيا على مدار مسيرتها منذ نشأتها.
ومن جانبه توجه هشام مهران الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة اورنج مصر، بالشكر لمعالي وزير الاتصالات الدكتور عمرو طلعت على جهود تطوير القطاع، كما تقدم بالشكر للأستاذ أسامة كمال وفريق العمل لتنظيم معرض ومؤتمر Cairo ICT2025.
وأضاف أنه على مدار السنوات الماضية تم تطوير البنية التحتية للاتصالات بأعلى جودة مع مواكبة التطورات في انترنت الأشياء والأمن السيبراني، وقد عززت اورنج الرقمنة بإطلاق أول مساعد افتراضي تحت اسم “اسأل مريم” لتحسين تجربة المسافرين، بالإضافة إلى طرح تطبيق ماي اورنج لسداد رسوم النيابة الإدارة وغيرها، بالإضافة إلى دعم الشباب وريادة الأعمال مع اقتراب افتتاح مركز اورنج بأسوان لدعم شباب الصعيد وبناء قاعدة قوية من الكفاءات الرقمية.
وأكد على تعزيز ذراع التعهيد الخاص بشركة اورنج في مصر، مؤكدا أن الشركة ستظل في الريادة وشريكاً رئيسيا في دعم التحول الرقمي للجمهورية الجديدة مع مساهمتها في صناعة مستقبل أكثر تطوراً واستدامة.
ومن ناحيته أعرب بنجامين هو الرئيس التنفيذي لشركة هواوي مصر، عن سعادته بالمشاركة في هذا المعرض الهام، مشيدا بالتنظيم الجيد الذي يشارك فيه لأول مرة بالإضافة إلى كونه العام العشرين لمشاركة هواوي في معرض Cairo ICT حيث كانت تشارك منذ عام 2005.
وأضاف أن الشركة قامت بتطوير البنية التحتية للاتصالات في مصر منذ عام 2004 بما فيها توسيع الشبكات والتغطيات مع بذل الجهود الكبيرة لتكامل التكنولوجيا الحديثة لتطوير مصر عبر كافة الصناعات بأكثر من 30 شريكاً محلياً وقد تم العام الماضي إطلاق شركة جديدة لضمان سيادة البيانات المصرية داخل الحدود المصرية.
وأكد التزام هواوي بخلق الحلول المتقدمة لدعم الحلول الكربونية ودعم وزارة الاتصالات ووزارة التعليم حيث تم إنشاء 164 أكاديمية وأكثر من 60 ألف شاب تم تدريبهم من خلال هذه المعاهد بدعم شركة هواوي في مصر، وتركز الشركة على التواصل والشبكات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتوطين صناعة مراكز البيانات في مصر وتطوير ودعم الشركاء المحليين ودعم القدرات المحلية لمصر، مختتماً حديثه بتوجيه الشكر للحكومة المصرية والشركاء في مصر.
ومن جانبه قال طه خليفة المدير العام لشركة إنتل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن المعرض أصبح منصة رائدة لتبادل الخبرات واستعراض التكنولوجيات الحديثة وتأثيرها في المجتمع ومشاركة انتل تؤكد التزامها بالتواجد في السوق المصري والتعاون مع الحكومة والقطاع الخاص لتسريع التحول الرقمي في مصر.
وأضاف أن مصر أصبحت مركزاً اقليمياً لمجالات التطور التكنولوجيا وتؤمن إنتل أن الشراكة بين القطاع العام والخاص والشركات العالمية والمواهب المحلية مهمة جداً لتطوير مجال التكنولوجيا والنهوض به، مع اهتمام الشركة بتكوين استراتيجيات التعاون وكذلك بناء البنية التحتية الرقمية عن طريق التدريبات وبرامج الدعم بالتعاون مع الوزارة.
وأكد ثقته أن السنوات المقبلة سوف تحمل المزيد من التعاون والتطور في مصر وإنتل سوف تكون جزءا من هذا التطور، وشعار المعرض هو الذكاء الاصطناعي في كل مكان وهذه هي استراتيجية شركة إنتل، متوقعاً في عام 2028 أن 80% من أجهزة الكمبيوتر سوف تتضمن بداخل معالجاتها عمليات الذكاء الاصطناعي، كما أن 2026 نصف تطبيقات الحوسبة الطرفية سوف تتضمن الذكاء الاصطناعي بداخلها.

الأمن القومي الرقمي
وأجمع خبراء ومتخصصون في قطاع التكنولوجيا خلال جلسة نقاشية بعنوان “نداء القاهرة: خريطة مصر للريادة الرقمية الإقليمية”، والمنعقدة على هامش معرض ومؤتمر AIDC ، على أن مصر تمتلك كافة المقومات لتصبح مركزًا إقليميًا رائدًا في مجال الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، مؤكدين أن تحقيق هذه الريادة يتطلب استراتيجية وطنية موحدة، وتحديثًا تشريعيًا، وتحديد جهة حكومية تقود وتنسّق الجهود بين القطاعين العام والخاص.
من جانبه، وضع أحمد مكي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بنية، القضية في إطار استراتيجي، مشددًا على أن التحول الرقمي قضية أمن قومي واقتصادي، منوها إلى أن التأخر في هذا الملف سيؤثر مباشرة على كافة قطاعات الدولة.
وأكد أن مصر تمتلك خبرات ضخمة تمكّنها من قيادة المنطقة، داعيًا إلى وضع رؤية واضحة وإزالة المعوقات أمام الاستثمار.
وتناول أحمد البحيري، الرئيس التنفيذي للعمليات والرئيس التنفيذي للمجموعة في كاسافا تكنولوجيز، أهمية تحديد أهداف واضحة للاستراتيجية، قائلًا: “يجب أن يكون هناك مطور يقود استراتيجية الذكاء الاصطناعي… لا يتعلق الأمر بالبنية التحتية فقط، بل بتحديد الهدف منها: التعليم؟ الصحة؟ التنمية؟”، محذرًا من أن غياب البنية التحتية القوية يجعل مصر “مستخدمًا” للتقنية وليس منتجًا لها. وأكد أن الدول لم تعد ترغب في حفظ بياناتها السيادية بالخارج.
بدوره، أكد محمود أحمد، الرئيس التنفيذي لشركة تريفورس سيستمز، أن مصر قادرة على التفوق في هذا القطاع بشرط تسريع وتيرة العمل التشريعي، موضحًا: *”الإمارات والسعودية تقدمتا بسبب سرعة التنفيذ والتشريعات الواضحة”، وأضاف أن مرور 17% من كابلات الإنترنت العالمية عبر مصر، يمنحها ميزة استراتيجية فريدة، لافتًا إلى أن المهندسين المصريين يشكلون العمود الفقري لمراكز بيانات عالمية كبرى.
الخدمات المصرفية
من جانب أخر شهدت فعاليات معرض “Cairo ICT” جلسة “الخدمات المصرفية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مرمى النيران: تأمين التمويل المستقل ضد التهديدات السيبرانية من الجيل التالي، وأكد الدكتور شريف حازم وكيل محافظ البنك المركزي المصري لقطاع الأمن السيبراني، أن التوعية تُعد خط الدفاع الأول في مواجهة مخاطر الأمن السيبراني، مشددًا على ضرورة استخدام لغة يفهمها كل أفراد المجتمع لضمان فاعلية الرسائل التوعوية.
وكشف حازم أن البنك المركزي المصري يستعد لإطلاق تطبيق موبايل جديد تحت اسم “هاويتي”، وهو تطبيق يتيح لأي شخص فتح حسابات بنكية واستخدامها في جميع المعاملات المالية إلكترونيًا، مؤكدًا أن هذا التوجه يواكب التحول العالمي نحو التمويل المستقل والخدمات الرقمية.

وتطرّق إلى تطورات الحماية الرقمية، موضحًا أن موديل حوائط النيران fire Wall يُعد الآن التحديث الأحدث في جدران الحماية، ليتماشى مع الأساليب الجديدة للاختراق المعتمد على الذكاء الاصطناعي.
وحذر من الاعتماد المطلق على مخرجات الذكاء الاصطناعي، لافتًا إلى أن هذه التقنيات ليست “طبيبًا يصف العلاج”، وإنما أدوات تعتمد على بيانات منشورة عبر الإنترنت، ولا يجب التعامل مع نتائجها باعتبارها صحيحة بنسبة 100%.
التزييف العميق تهديد
وقالت عبير خضر رئيس مجموعة الأمن السيبراني بالبنك الأهلي المصري، إن التوعية يجب أن تتطور لتشمل المستويات المتقدمة من مخاطر الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن البنوك كثّفت تدريباتها لموظفيها.
واستعرضت نماذج من عمليات التزييف العميق التي تستخدم الصوت والصورة والفيديو لخداع العملاء وتنفيذ تحويلات مالية مزيفة.
وأوضحت أن البنوك لجأت إلى إنشاء “غرفة الهروب” لنمذجة سيناريوهات الاختراق وتدريب الموظفين على التعامل مع هذه المخاطر، بالإضافة إلى حملات توعية للمستخدمين.
أكدت أنه “لا يفلّ الـAI إلا الـAI”، عملا بالمثل القائل: لا يفل الحديد الا الحديد، مشددة على ضرورة استخدام الذكاء الاصطناعي ذاته في تأمين أنظمته.
من جانبها، أكدت رانيا الروبي رئيسة قسم أمن المعلومات ببنك مصر، أن الذكاء الاصطناعي — ككل التقنيات الحديثة — سلاح ذو حدين، مما يجعل التحديث التكنولوجي المستمر ضرورة لا خيارًا. وأشارت إلى أن مسؤولي الأمن باتوا جزءًا من عملية اتخاذ القرار داخل المؤسسات، من خلال ما يقدمونه من أفكار وحلول.
وكشفت عن دراسات تشير إلى أن حجم الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي بلغ 252 مليار دولار، مؤكدة أهمية توفير تقنيات قادرة على التعامل مع التزييف العميق والاحتيال الإلكتروني.
وطالبت بنشر التوعية من خلال زوار معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا “Cairo ICT” إلى المجتمع كله، معتبرة أن التعلم المستمر هو “السلاح الأساسي لوقف مخاطر الإنترنت”.








