Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

عمر شكري: مركز «نواة» العلمي يستعد لإغلاق جولة استثمارية يابانية كبرى.. وسنتوسع في نيجيريا وجنوب أفريقيا

من المتوقع أن يصل حجم سوق التكنولوجيا الحيوية العالمي (biotechnology) إلى 3.88 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، وفقًا لتقرير صادر عن شركة Grand View Research.

وفي مصر لدينا قصة نجاح مصرية خالصة، بدأت بإدراك رائد الأعمال الدكتور عمر شكري لأهمية هذا القطاع، عندما كان يدرس الدكتوراه في سويسرا، فقرر أن ينتقل من الأوساط الأكاديمية إلى ريادة الأعمال، ويطلق في مصر شركة نواة  (Nawah Scientific)، وبعد تحديات وصعوبات عديدة استطاعت الشركة تحقيق نجاح كبير بالتواجد في مصر والأردن والسعودية وبولندا، وتستهدف التوسع في دول أخرى خلال الفترة القادمة من بينها نيجيريا وجنوب أفريقيا، وتحقق معدلات نمو ما بين 250 و300%.

الدكتور عمر شكري يتحدث مع حواره مع منصة الاقتصاد الرقمي FollowICT حول رحلة انتقاله من الجانب الأكاديمي إلى ريادة الأعمال، وخطوات نجاح نواة والتحديات التي واجهتها، وخطط الشركة المستقبلية.

كيف انتقلت من الأوساط الأكاديمية البحتة إلى ريادة الأعمال؟

أنا خريج صيدلة عين شمس في 2005، وكنت متفوقا فتعينت في الجامعة الألمانية في كلية الصيدلة مع بدء تأسيسها، ثم حصلت على الماجستير من الجامعة، وراسلت العديد من الجامعات للحصول على الدكتوراه من الخارج، وبالفعل حصلت على منحة لدراسة الدكتوراه في جامعة جينيف، خلال الدكتوراه حدثت النقلة، حيث كان المشروع الذي اعمل به كان مشتركا بين كلية الصيدلة في جينيف وشركة أدوية في ألمانيا، وكانت إقامتي في برلين للعمل بالشركة وأتواصل مع أستاذي في جينيف، وكانت تلك الشركة الألمانية شركة ناشئة، ولم أكن على علم بمفهوم الشركة الناشئة في مجال البايو تيك، وكنت أتعجب من وجود شركة أدوية بها 20 فردا فقط، وكانت مثل الشقة ومؤسسها عنده 35 سنة، لكني أدركت أنه ليس بالضرورة أن تكون شركة أدوية وتنتج الأدوية، ولكن من الممكن أن تطور الأدوية، والشركة لم تستمر، ولكنها كانت تجربة فريدة ربنا أكرمني بها، وعرفت معنى وجود شركة ناشئة في مجال تطوير الأدوية، وأن يكون بها الابتكار، وأدركت أن الشركة لا يشترط أن تكون عملاقة، وأدركت أن هذا القطاع يتم بناءه على ابتكار تلك الشركات الصغيرة، والابتكار الذي ينجح تشتريه شركات الأدوية الكبرى، فعلى سبيل المثال هناك دواء التهاب الكبد الوبائي اخترعه طبيب مصري مهاجر، والابتكار تم بيعه لثلاث شركات، وكل شركة طورته وتبيعه لشركة أكبر منها، حتى تم طرحه في السوق.

بعد إغلاق الشركة الألمانية التي كنت أعمل بها كملت في جينيف حتى حصلت على الدكتوراه، وخلال تلك الفترة عملت مع أكثر من شركة ناشئة، وخصوصا أن بيئة ريادية الأعمال في القطاع الصحي قوية جدا في سويسرا، وعندما انتهيت من الدكتوراه قررت أخوض هذا التحول، وذهبت إلى لندن لدراسة إدارة الأعمال، لأني كنت قلقا من تلك الخطوة, لأني طوال حياتي في المعمل، وليس لديّ أحد في الأسرة له علاقة بإدارة الأعمال، فوالدي طبيب ووالدتي صيدلانية، درست سنتين إدارة أعمال، ثم أطلقت نواة.

ولكن ألم يكن مقلقا تأسيس شركة ناشئة بمجال البحث العلمي في مصر؟

كانت خطوة مقلقة بنسبة كبيرة، ولم يكن هناك أي شيء مضمون، وواجهت العديد من الصعوبات من أجل إقناع المسئولين بنشاط الشركة، فتسجيل الشركة كان في 2014، وكان المطلوب العديد من الموافقات، وعندما ذكرت أنها شركة في الأبحاث العلمية قالوا ليس هناك شيء بهذا الاسم، لأن هناك قائمة أنشطة يجب الإدراج فيها، وأخذنا وقتا كبيرا لتوصيف نشاط الشركة، وتوصلنا إلى توصيف من 6 أسطر يوضح ما نقدمه، فكتبنا استيراد الأجهزة العلمية والكيماويات وإجراء التحاليل البيئية الكيميائية والفيزيائية، إلى أن استجابت الدولة وحصلنا على التراخيص، وعلى جانب آخر فشلنا لمدة عامين في الحصول على جولات استثمارية، لأن المستثمرين لم يكن لديهم فهم بما نقوم به.

وكيف توصلت إلى نموذج عمل الشركة؟

تجربة نواة هي تجربة مصرية إفريقية خالصة، فنحن لا نقلد نموذج عمل موجود بالخارج، لأن المشكلة نفسها ليست موجودة بالخارج، فالمشكلة هي أن هناك مئات الآلاف من العلماء، وآخر إحصائية أن هناك 160 ألف باحث يعملون في كليات الطب والصيدلة والعلوم والزراعة، وتم الصرف على تعليمهم كثيرا ويعشقون العلم، وهناك منهم تعلموا بالخارج وعادوا مرة أخرى، ولكنهم عندما عادوا وجدوا أن حجم الإمكانيات لعمل الأبحاث الخاصة بهم قليل جدا، فهي مشكلة مصرية إفريقية خالصة، ولكن بالخارج كل الجامعات مجهزة، فكنا نريد أن نخترع الحل نفسه، فنحن اخترعنا نموذج العمل نفسه، وبفضل الله أنشأنا المعمل السحابي، فنحن نتواجد في المقطم منذ 2015، ولكننا نقلنا من معمل صغير إلى معمل كبير، ويستطيع الباحث الدخول على الموقع ويجد قائمة ضخمة من التحاليل والاختبارات التي نقوم بها، ووصلت إلى 200 اختبار، ويختار الباحث التحليل الذي يريده، ويدفع Online، وموقع نواة يتواصل مع شركات التوصيل والمندوب يصل للباحث ليحصل منه على العينة ثم يتم إرسال النتائج، فنحن من اخترعنا هذا النموذج، والحمد لله الأمور سارت بشكل جيد حتى الآن.

هل مر هذا النموذج بمراحل تحول؟

عندما بدأنا في البداية لم يكن في تفكيرنا أن يكون المعمل سحابيا، فكانت الفكرة بما يوازي في الحكومة أو الكليات المعامل المركزية، فهي معامل خدمية لكنها ضمن منظومة حكومية، مقيدة بدولاب عمل حكومي له وقت ولا يملك الباحث فيه حرية الصرف أو عمل تسويق وخدمة ما بعد البيع، ففكرنا في عمل معمل خاص، وبعد عدة أشهر اكتشفنا أن معمل خاص موجود على الأرض في القاهرة سيخدم سكان القاهرة فقط، ونحن نريد أن ننمو سريعا، فأول تحول نوعي قمنا به كان من خلال إدراج المنظومة الإلكترونية وأن نتحول من معمل موجود على الأرض إلى معمل سحابي، وهذا جعلنا نخدم مصر كلها في غضون 7 أشهر، وبعد ذلك بدأنا نلاحظ أن الباحثين نتيجة الضغوط الاقتصادية انخفضت قدراتهم الشرائية بشكل ملحوظ، ثم جاءت الكورونا وكل هذه الأزمات أدت إلى أن نسبة زيادة الباحثين تتآكل، فتحولنا من خدمة الباحثين فقط، إلى خدمة شركات الأدوية بجانب جزء الباحثين، ففتحنا إدارة جديدة تخدم شركات الأدوية، وهذا يحقق الغرض في تطوير الأبحاث العلمية بشكل أسرع، واليوم أصبحت نواة تقود السوق في الـ Generic Formulation، فأي مريض يذهب لشراء الدواء من الصيدلية يجد أن هناك الأصلي والبديل، ونواة هي التي تقوم بإعداد البديل وتقدمها لشركات الأدوية تنتجها، فأصبحنا نساهم في الأمن الصحي للمواطن، فإذا نقص أي دواء في السوق يجد المواطن البديل.

هل وجدتم مشاكل أخرى في هذا القطاع قمتم بحلها؟

وجدنا مشكلة أخرى تعاني منها شركات الأدوية، وهي عدم توافر المواد المرجعية، فعندما يكون هناك دواء 100 ملي جرام، فكيف عرفوا أنه 100 وليس أقل، فيجب مقارنته بشيء عالي النقاوة، وهي المواد المرجعية، وهي نقصت وأصبح سعرها مرتفعا بعد كورونا، ولكنها جزء رئيسي من صناعة الدواء، فاستمررنا لمدة 3 سنوات منذ 2019 وحتى 2022 حتى أصبحنا نتقن فن إنتاج المواد المرجعية عالية النقاوة، وهيئة الدواء كرمتنا أكثر من مرة بسبب أن نواة هي المنتج الوحيد في مصر للمواد المرجعية، وبعد 4 أو 5 سنوات سأستطيع أن أقول إن كل الأدوية المصرية جودتها مضمونة بضمان نواة، فكل منتج يتم إنتاجه للمواطن يقاس مقارنة بالمواد المرجعية التي تنتجها نواة.

علماء نواة

وكيف جذبت نواة الاستثمارات

في عامي 2016 و2017 كانت الأمور صعبة، وكل المستثمرين المحترفين رفضونا، وجمعنا استثمارات بسيطة من الأهل والأصدقاء وصلت إلى 300 ألف دولار، وأول جولة حقيقية كانت بعد قمة رايز اب 2017، لأننا كسبنا المركز الأول، وكانت مفاجأة للنظام البيئي كله، فقد كان التركيز كله مع شركات التجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا المالية، ولم يكن هناك اهتمام بالبايو تيك، وعندما درس الحكّام المشروع ووجدوا أن معدلات نمو نواة مثلها مثل أي شركة تكنولوجية، وحصلنا على المركز الأول، وبدأت الناس تتحدث معنا، ونجحنا في جذب أول جولة استثمارية بقيمة 700 ألف دولار في 2018، ثم في 2020 قمنا بجولة أخرى بقيمة مليون دولار، وفي 2022 جمعنا مليون دولار أخرى، فوصل إجمالي الاستثمارات التي جمعناها 3 ملايين دولار، ونحن على وشك الإعلان عن جولة استثمارية جديدة باستثمارات يابانية بحجم كبير.

كيف بدأت خطوات التوسع الإقليمي؟

في2021 بدأنا التوسع الإقليمي، وتوسعنا في الأردن، ومن الأردن تعلمنا أن هناك احتياج في سوق شركات الأغذية، ففتحنا قسم ثالث خاص بتحليل التربة والتحاليل الزراعية، فالتربة فيها معادن وأسمدة وهناك تربة تنفع وتربة لا، والمنتج يمكن أن يكون به عدوى أو فيروسات، وظهر علبة أي أغذية به جدول القيمة الغذائية، فهذا أصبح عملنا، فوجدنا أن هذا القطاع يحتاج إلى عمل كبير في التحاليل وضمان الجودة، وفي 2022 توسعنا في السعودية وبولندا، فبفضل الله أصبح هناك توسع إقليمي لنواة في بلاد مختلفة لديها احتياج لما نقدمه، فقد بدأنا 4 أفراد وأصبحنا حاليا 155 فردا، ولدينا 30 حاملا للدكتوراه من أنبغ من أنجبت مصر، ولدينا كثيرون حصلوا على جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية، كلهم يعملون في نواة، فالمكان مفخرة لمصر بعدد العلماء النابغين.

ولماذا جاءت خطوة التوسع ببولندا؟

أرى أنه يجب دراسة الفرص بشكل جيد، وأحيانا الفرص تطل بشكل مختلف، في الأردن كان هناك احتياج لخدماتنا في قطاع الأغذية، وهو ما قمنا به، وفي السعودية كان لديهم مشكلة في العامل البشري، وفي بولندا لدينا مكتب لتقديم خدماتنا في أوروبا الغربية، فالجامعات هناك لديها كل الإمكانيات ونفس الأمر بالنسبة لشركات الأدوية، ولكننا وجدنا شريحة في السوق تحتاج إلى خدماتنا، وهي الشركات الناشئة في البايو تيك، فنقدم لهم الخدمات التي يمكن أن يحصلوا عليها من دول أخرى بنفس الكفاءة والجودة ولكن بنصف الثمن، فالحمد لله أستطيع أن أقول إننا شركة متعددة الجنسيات، فلدينا عاملون من 6 جنسيات، والملاك المستثمرون لدينا من 12 جنسية، نأمل أن نكون قصة نجاح مصرية عربية.

فريق نواة

ما هي الصعوبات التي واجهتها كونك المؤسس الوحيد للشركة؟

أمر متعب جدا، ولو عاد بي الزمن مرة أخرى لن افعل ذلك، فهي مسألة تستهلك الأعصاب والطاقة بشكل رهيب، فدائما مؤسس الشركة يحتاج إلى أحد يسند عليه، فتحمل مسئولية كل شيء مسألة صعبة جدا، وكان ستر ربنا أني انتبهت لهذا الخطأ بعد فترة، وبدأت أعين في الشركة ناس كبار تتولى المسئولية وأمنحهم أسهما في الشركة، فحاليا جزء كبير من المديرين ملّاك أسهم.

ما هي أبرز الأرقام التي حققتها الشركة؟

حاليا نحافظ على معدل نمو بين 250 إلى 300% سنويا، ونتواجد في أربع دول، وسنتوسع في نيجيريا وجنوب أفريقيا هذا العام.

وما الذي يحتاجه مجال البحث العلمي في مصر لإطلاق المزيد من الشركات الناشئة بالقطاع؟

نحن ليس لدينا مشكلة في الأفراد أو الأفكار، ولكن هناك مشكلة أولا في التمويل، وثانيا مشكلة في اللوائح، فعلى سبيل المثال يعامل استيراد المواد المعملية والأجهزة البحثية نفس معاملة أي منتجات أخرى داخل الجمارك، وتحتاج لوقت طويل في الإفراج الجمركي وهي مواد حساسة ويمكن أن تفسد، وهناك شركات بالخارج أوقفت التعامل مع مصر بسبب أن منتجاتها تصل للعميل فاسدة بسبب بقاءها فترة طويلة في الجمارك، ولذلك اقترحت إعفاء الأجهزة العلمية والكيماويات المعملية من الجمارك لأنها بند صغير وبسيط لن يؤثر في شيء، ولكن نتيجته ستكون كبيرة على البحث العلمي، وهذا سينعكس على ترتيب الجامعات، من ضمن المشاكل أيضا أجور قطاع البحث العلمي، فهو أحد القطاعات التي تعاني من عدم عدالة التوزيع في الدخول، ومن الأمور التي ستفرق كثيرا هي تشجيع الدكاترة على التحول لرواد أعمال، فالأستاذ الجامعي ممنوع من تأسيس شركة، وإذا فعل ذلك يخسر وظيفته الجامعية، ولا أعلم لمصلحة من ذلك، فبيئة العمل تغيرت، ويجب تشجيع الباحثين على تحويل أفكارهم إلى شركات، وهذا لن يكلف الدولة أي شيء.

ما الذي تريد الوصول إليه مع نواة؟

نستهدف تغطية سوق الشرق الأوسط وأفريقيا، ونستحوذ على السوق الأفريقي، ونستهدف التوسع في 6 دول أخرى منها كينيا ورواندا والمغرب وجنوب أفريقيا ونيجيريا، فمن خلال المعامل السحابية نستطيع خدمة السوق الأفريقي كله بإذن الله.

أخيرا ما هي النصائح التي تقدمها لرواد الأعمال من واقع تجربتك؟

أوجه أولا نصيحة للزملاء في القطاع العلمي، وأقول لهم إن مصر تخرج ملايين الخريجين من الكليات العلمية، وأنصحهم بالتفكير في مشكلة حقيقية وتحويل الحل لفكرة ناجحة في السوق، ولا يشترط التفكير في الطرق التقليدية والعمل في شركة أدوية وهكذا، لأننا لدينا عدد كبير من الخريجين، وهناك مشاكل كثيرة يمكن ابتكار حلول لها، لكن هناك رهبة من البعض من الدخول إلى مجال ريادة الأعمال.

أما عن نصائحي لرواد الأعمال، فأنصحهم ببناء شركات تحل مشاكل كبيرة، لأن وقت تأسيس شركات تقدم الرفاهية انتهى بلا عودة، فعالميا الناس تصرف على أشياء تحتاجها، فالأمور الترفيهية الناس بدأت تبعد عنها نتيجة الضغوط الاقتصادية، لكن يجب التركيز على حل لمشاكل كبيرة سيتحقق النجاح مهما كان الوضع الاقتصادي سيئ، فهناك احتياجات أساسية للناس مثل الطعام والصحة وغيرها لن تتوقف، ولدينا مشاكل كثيرة لو ركزنا على حلولها سنحقق نجاحا كبيرا.