راقب حركة التجارة الإلكترونية ببعض الدقة، لتكتشف ارتفاعا مهولا في احتياجاتنا كبشر، وإقبالا متزايدا للشراء أونلاين، واقتصادا للمنتجات الرقمية (Digital Products) يصعد ويتسع بقوة.
في الواقع، يزداد إقبالنا واستهلاكنا للخدمات والبرمجيات وغيرها من المنتجات الرقمية يوما وراء يوم، كما تطورت كثير من الخدمات مع اعتمادنا على الواقع الافتراضي، الذي يوشك أن يصبح عالما وحياة موازية بالكامل تسمى “ميتافيرس” Metaverse، وكجزء من هذا التطور عرفنا تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال NFT!
تخيل أن تمتلك صورا رقمية أو ملابس في الواقع الافتراضي VR أو نسخة رمزية منك “أفاتار” Avatar أو بيانات تخصك، مع صك ملكية لا يمكن تقليده، ويضمن حقوقك، بل يمكن بيعه ضمن تجارة تقدر بمليارات الدولارات!
أهلا بك في عالم “الرموز غير القابلة للاستبدال” (Non-fungible token)، وهي التقنية الجديدة التي تمنحك صك الملكية للمنتجات الرقمية والتقنيات، والقائمة على تقنية سلسلة الكتل “بلوكشين” Blockchain، وقد تم إطلاق أول مشروع NFT في عام 2015 على “إيثيريوم بلوكشين” Ethereum Blockchain.
إذا احتجت بعض التبسيط، أقول لك أننا نعرف الملكية الخاصة للمنتجات الرقمية قبل معرفتنا بالـ NFT.. هل تذكر مثلا أسماء نطاقات المواقع الإلكترونية “دومين” Domain؟ عرفناها منذ بداية عصر الإنترنت، واقتصر ملكيتها على صاحبها، الذي يمكنه بيعها، ووصل حجم تجارتها بالمليارات.
مع تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال NFT، يتسع نطاق الملكية الخاصة لجميع منتجات العالم الافتراضي، من صور ومقاطع فيديو وصوتيات ومعلومات وألعاب وملفات رقمية وغيرها.
لقد شهدت تجارة منتجات الـ NFT زيادة ملحوظة في عام 2021، وتجاوزت مبيعات NFTs حاجز الـ 2 مليار دولار خلال 2021، بزيادة 20 ضعف تقريبا عن مبيعات الربع الأخير من 2020.
في رأيي، ستغير تقنية الرموز غير القابلة للاستبدال NFT عالمنا، وستمنح كل مستخدم أو مبدع حقه في حفظ ملكيته الفكرية والشخصية لمحتواه الإبداعي، خاصة في العالم الافتراضي.
تخيل أن كل فكرة أو Meme أو تدوينة أو منشور مبتكر على مواقع التواصل الاجتماعي أصبح لها حقوق ملكية NFTs، وأن إعادة مشاركتها أو محاولة نسخها تتطلب دفع مقابل لك أولا!
تخيل، مثلا، تجارة تقوم على شراء منتجات في الواقع الافتراضي، تخص أصحابها، ويتم الدفع لهم من أجل استغلالها، هذه المنتجات قد تكون أفاتار للمشاهير، محمد صلاح أو كريستيانو رونالدو أو ويل سميث، أو قطعة ملابس نادرة لا تتكرر، أو منزل في الميتافيرس لا يوجد مثيل له.
أعتقد، ورغم تجاوز حجم تجارة الـ NFTs حاليا لنحو ملياري دولار، إلا أنها لا زالت في بداياتها، وأنها ستصنع ممن يهتم بدراستها وتطويرها واستغلالها مليارديرا.
وأتمنى أن نجد لدينا رواد أعمال مصريين، من المهتمين بمجال التجارة الإلكترونية القائمة على تقنية NFTs، وأن تصبح مصر واحدة من المؤثرين في تجارة الواقع الافتراضي في المستقبل، التي تنمو بأضعاف نمو التجارة الإلكترونية الحالية في السلع التقليدية.
تحليل كتبه: عمر المنير
الشريك المؤسس لشركة «Sigma Fit»