Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«صندوق تطوير الجهاز المصرفي».. البنوك المصرية تتأهب لسباق رقمي جديد ضمن إستراتيجية «المكاسب للجميع»

في خطوة تعكس إصرار الدولة المصرية على مواكبة التحولات العالمية في عالم المال والأعمال، أطلق البنك المركزي المصري صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي، ليكون بمثابة قاطرة جديدة لتحديث القطاع المصرفي، وتعزيز قدراته في مواجهة تحديات العصر الرقمي.

يأتي الصندوق ليضع البنوك المصرية أمام فرصة استثنائية للانطلاق نحو التحول الرقمي الكامل، ليس فقط من خلال تمويل تطوير البنية التحتية التكنولوجية، بل بتبني استراتيجيات عصرية تشمل الأمن السيبراني، الابتكار المالي، دعم الشركات الناشئة في التكنولوجيا المالية، وتوسيع نطاق الشمول المالي.

ورغم أن البنوك المصرية حققت خطوات ملموسة خلال السنوات الماضية في مجالات مثل الدفع الإلكتروني والمحافظ الرقمية، فإن التحديات لا تزال حاضرة؛ من ضعف البنية التحتية في بعض المناطق، إلى فجوة الثقافة المالية والرقمية بين فئات المجتمع، وهنا، يظهر دور الصندوق باعتباره الذراع الداعمة لسد هذه الفجوات، وتمكين البنوك من لعب دور ريادي في الاقتصاد الرقمي.

ما يميز هذا الصندوق ليس فقط الموارد التي يضخها، بل رؤيته الشمولية وتبعيته المباشرة للبنك المركزي، ما يضمن توجيه الدعم نحو تحقيق أهداف استراتيجية واضحة، على رأسها تعزيز الاستقرار المالي، وتحقيق الريادة المصرفية الإقليمية.

وأنشئ صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي بموجب قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، وله شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة ويتبع البنك المركزي، ويضم في عضويته جميع البنوك، ووفقًا لنظامه الأساسي، يتخذ الصندوق كافة الوسائل التي تضمن تحقيق أهدافه، لا سيما فيما يتعلق بتعزيز البنية التحتية المشتركة الداعمة لنظم الدفع القومية، وتطوير البنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا المالية في الجهاز المصرفي والاستجابة لحوادث تكنولوجيا المعلومات والهجمات السيبرانية والتعافي منها، إضافة إلى دعم بيئة الإبداع والابتكار، وتطوير المنتجات والخدمات المصرفية، وسائر عمليات التطوير التي تسهم في رفع كفاءة البنوك، والعمل على نشر الثقافة المالية وتعزيز الشمول المالي.

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

ويجوز للصندوق تأسيس شركات مساهمة أو المساهمة في شركات قائمة، بما يلزم لتحقيق أهدافه والنهوض باختصاصاته، كما يجوز له إبرام بروتوكولات تعاون أو مذكرات تفاهم أو اتفاقيات، بهدف التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات والخبرات مع الجهات ذات الصلة محليًا ودوليًا.

وكشف البنك المركزي عن تشكيل مجلس إدارة الصندوق لمدة أربع سنوات، وذلك برئاسة حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي المصري، وعضوية نخبة من الخبرات المصرفية وغير المصرفية في القطاع المالي وقطاع تكنولوجيا المعلومات، حيث يتكون مجلس إدارة الصندوق من أحد عشر عضوًا، بعضوية رامي أبو النجا نائب المحافظ للاستقرار النقدي وطارق الخولي نائب المحافظ للاستقرار المصرفي.

ويضم التشكيل خمسة أعضاء من رؤساء مجالس إدارات البنوك، تم انتخابهم بواسطة اتحاد بنوك مصر، وهم: محمد الأتربي الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، محمد عباس فايد الرئيس التنفيذي لبنك أبوظبي الأول مصر، عاكف المغربي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لبنك قناة السويس، تامر وحيد نائب رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب للبنك العربي الإفريقي الدولي، ومحمد عبد القادر المدير التنفيذي لسيتي بنك – مصر.

كما يضم المجلس ثلاثة أعضاء مستقلين من ذوي الخبرة، وهم؛ محمد عبدالله الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة ڤودافون مصر والرئيس الإقليمي للأسواق الدولية بمجموعة ڤوداكوم، هدى منصور العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة مناجم السكري، وطارق عبد الرحمن الرئيس التنفيذي لشركة بنيان للتنمية والتجارة ونائب رئيس مجلس الإدارة لشركة كومباس كابيتال.

وفي أول اجتماع للصندوق برئاسة المحافظ، جرت مناقشة استراتيجيته المستقبلية وأولويات العمل وحوكمة إدارته، وذلك لتحقيق أهدافه الرئيسية، حيث أكد المحافظ بأن صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي يأتي في إطار مواصلة جهود تعزيز كفاءة القطاع المصرفي وتعزيز بنيته التحتية ورفع قدرته التنافسية بهدف مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة وترسيخ قواعد العمل المهني السليم.

حسن عبدالله
حسن عبدالله

وأشار حسن عبدالله، إلى أن البنك المركزي المصري يحرص على الاستفادة من الخبرات المتنوعة في القطاعين المصرفي وغير المصرفي، بما يضمن صياغة وتنفيذ رؤية استراتيجية شاملة لتطوير الجهاز المصرفي، وتقديم الدعم الفني والمالي اللازم لتنفيذ المبادرات والمشروعات التي تستهدف رفع كفاءة البنية التحتية التكنولوجية، وضمان تأمينها وسلامتها، إلى جانب تطوير الكوادر البشرية في القطاع المصرفي، وفقًا لأفضل الممارسات العالمية المتبعة.

وتستعرض منصة «Followict» في هذا التقرير، رؤية الخبراء حول دور صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي في تعزيز وتسريع التوجه الرقمي للبنوك المصرية، وأبرز الأسس التي يرتكز عليها هذا الصندوق لإحداث التكامل بين شركات التكنولوجيا والبنوك.

تعزيز الأمن السيبراني للبنوك

وتوقع الخبراء، أن يُحدث الصندوق فارقًا مهمًا في تعزيز وتسريع التوجه الرقمي للبنوك المصرية، إذ أنه يُعد ركيزة أساسية ضمن جهود البنك المركزي المصري لتحقيق الشمول المالي والتحول الرقمي.

وأشاروا إلى أن الصندوق يستمد دوره من أهدافه ومهامه الرئيسية التي تشمل؛ تعزيز البنية التحتية المشتركة الداعمة لنظم الدفع القومية وتطوير البنية التحتية الرقمية، مما يسهم مباشرة في خلق بيئة تكنولوجية متطورة وموحدة تسهل تقديم الخدمات المصرفية الرقمية بكفاءة وأمان أعلى.

وقالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية، إن الصندوق يشجع البنوك على تبني حلول التكنولوجيا المالية المبتكرة، مما يحفزها على تطوير منتجات وخدمات رقمية جديدة تلبي احتياجات العملاء المتغيرة.

وأضافت أن صندوق تطوير القطاع المصرفي يسهم في تعزيز الشمول المالي، حيث أن الرقمنة هي المحرك الرئيسي لزيادة الشمول المالي عبر توفير الخدمات المصرفية بسهولة وبتكلفة معقولة لشرائح أوسع من المجتمع، وخاصة في المناطق النائية.

سهر الدماطي
سهر الدماطي

ولفتت إلى أنه من خلال دعم استقرار واستدامة المنظومة المصرفية، يساهم الصندوق في تعزيز الأمن السيبراني للبنوك، وهو أمر بالغ الأهمية لنجاح التحول الرقمي وكسب ثقة العملاء في التعاملات الرقمية.

وتطرقت الدماطي، إلى أن التنوع في أعضاء مجلس إدارة صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي يُحول مجلس إدارة الصندوق من مجرد هيئة لإدارة الأموال إلى فريق استراتيجي متعدد التخصصات قادر على صياغة رؤية مستقبلية متكاملة للقطاع المالي ككل.

كما يعزز هذا التنوع من فعالية الصندوق في رسم استراتيجية متوازنة ، حيث توفر الخبرات المصرفية التقليدية فهمًا عميقًا لحاجات البنوك الفعلية، ومعايير المخاطر والامتثال المطلوبة، مما يضمن أن مشاريع الصندوق قابلة للتطبيق على أرض الواقع المصرفي، بينما تهتم الخبرات غير المصرفية والتكنولوجية بجلب المعرفة بأحدث التطورات التكنولوجية العالمية، ونماذج العمل الرقمية السريعة، مما يدفع الصندوق لتمويل مشاريع رائدة وغير تقليدية، بحسب سهر.

ومن جانبه أشار صبري البنداري الخبير المصرفي، إلى أن صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي يرتكز -ضمن الإطار الأوسع لاستراتيجية البنك المركزي المصري للتكنولوجيا المالية «الفينتك»- على عدة أسس لإحداث التكامل والشراكة الفعالة بين شركات التكنولوجيا والبنوك، والمصممة لتذليل الحواجز المالية والتنظيمية وتشجيع الابتكار المشترك.

وأشار إلى أن الصندوق وأدواته التابعة مثل صندوق “إنكلود” للتكنولوجيا المالية، الذراع التمويلي الذي يضخ رؤوس الأموال في الشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها، يضمن استدامة الشركات المبتكرة ويوفر للبنوك شريكًا جاهزًا بالتكنولوجيا بدلاً من التطوير من الصفر.

صبري البنداري
صبري البنداري

ونوه بأن الصندوق يمتلك صلاحية تأسيس شركات مساهمة أو المساهمة في شركات قائمة، إضافة إلى إبرام بروتوكولات تعاون واتفاقيات، مما يتيح له إنشاء كيانات مشتركة رسمية تجمع بين الخبرة المصرفية التقليدية والقدرة التكنولوجية لشركات الـ FinTech، ما يضمن دمج الحلول الجديدة بشكل منظم في البيئة المصرفية.

وأوصى الخبير المصرفي، بأهمية تأسيس صناديق فرعية متخصصة على غرار صندوق “إنكلود”، تركز على مراحل نمو مُحددة لشركات التكنولوجيا المالية مثل الاستثمار الأولي والاستثمار في مراحل التوسع، مع توجيه جزء كبير من استثمارات الصندوق نحو بناء وتطوير منصات وطنية مشتركة مثل منصات الهوية الرقمية الموحدة، وخدمات الحوسبة السحابية الآمنة المخصصة للقطاع المصرفي، مما يقلل التكاليف على البنوك الفردية ويسهل التكامل مع شركات التكنولوجيا.

كما طالب بتوفير حوافز مالية أو دعم استشاري للبنوك الراغبة في الاستحواذ أو المساهمة الكبيرة في شركات التكنولوجيا المالية الناجحة، لضمان دمج الحلول المبتكرة بالكامل في الخدمات المصرفية القائمة.

ولفت البنداري، إلى أهمية تخصيص ميزانية لتمويل برامج تدريب وتأهيل مكثفة للعاملين في البنوك حول الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وتحليل البيانات الضخمة، لضمان وجود كوادر مصرفية قادرة على إدارة وتشغيل التقنيات التي يتم تمويلها، إضافة إلى إطلاق مبادرات لربط البنوك بالكفاءات التكنولوجية من الشركات الناشئة والخريجين الجدد، وإعداد مسارات مهنية جاذبة داخل القطاع المصرفي لهذه الكفاءات.

الاستثمار المباشر في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة

وحول تكامل الصندوق مع شركات التكنولوجيا المالية، أشار البنداري، إلى ضرورة تخصيص جزءاً من تمويل الصندوق للاستثمار المباشر في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة، خاصة تلك التي تقدم حلولاً تستهدف الفئات غير المشمولة ماليا، وأن يمول الصندوق مشاريع تجريبية مشتركة بين البنوك وشركات الفينتك لدمج الحلول المبتكرة في أنظمة البنوك.

البنوك الرقمية

وفي تعليقه على إطلاق الصندوق، قال الدكتور مدحت نافع عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: “كنت أفضل أن يتبع صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي الذي دشّنه البنك المركزي المصري أحد النماذج الغربية”.

وأوضح أن تلك التجارب تتجلى فيها معايير صارمة لاستقلالية القرار وشفافية الحوكمة، دون أن ينتقص ذلك من الدور التنظيمي للبنوك المركزية أو مسؤوليتها عن الاستقرار المالي.

وأضاف أن صناديق تطوير القطاع المصرفي في أوروبا وكندا والمملكة المتحدة، تُدار بهيئات مستقلة تضم ممثلين عن البنوك والجهات الرقابية وخبراء محايدين، وتُصدر تقارير أداء دورية تُتاح للرأي العام، بما يضمن كفاءة الإنفاق وقياس العائد على كل مشروع تطويري أو تقني.

ولفت إلى أن هذه النماذج لا تكتفي بدعم التحول الرقمي والأمن السيبراني والتدريب، بل تُرسخ ثقافة المساءلة المؤسسية التي تُبقي القرار بعيداً عن البيروقراطية والاعتبارات الظرفية.

وتابع: “لعل نجاح الصندوق المصري في تحقيق أهدافه يتوقف على مدى قدرته على تبنّي تلك المبادئ: فصل الإدارة التنفيذية عن الإشراف التنظيمي، وتفعيل الشفافية والمساءلة، وربط الإنفاق بالعائد الفعلي على كفاءة الجهاز المصرفي”.

دعم الابتكار والمنتجات المصرفية الجديدة

من جانبه يقول علاء أبو المجد خبير التحول الرقمي والتكنولوجيا المالية: إطلاق صندوق دعم وتطوير الجهاز المصرفي هو مبادرة قوية جدا ومؤثرة من البنك المركزي، وسيعمل على تعزيز وتسريع التوجه الرقمي للبنوك المصرية وإحداث التكامل بين الشركات التكنولوجية والبنوك، خصوصا أن أهداف الصندوق جيدة، وتتمثل في تطوير البنية الرقمية في القطاع المصرفي مثل نظم الدفع الرقمية، والبنية التحتية الموجودة وأنظمة الأمن السيبراني وطرق التصدي للهجمات التقنية والسيبرانية، والهدف الثاني يتمثل في يدعم الابتكار وكل المنتجات المصرفية الجديدة، بالإضافة إلى رفع قدرات الكوادر البشرية وتحسين مهاراتهم لتتماشى مع التقنيات الحديثة والمعايير العالمية، بجانب التعاون والتكامل بين القطاع المصرفي وغير المصرفي، فهو بمثابة منصة للتنسيق بين البنوك والمؤسسات التكنولوجية، ويدعم تأسيس شركات تحقق الأهداف التنموية، كما يهدف الصندوق إلى نشر الثقافة المالية، ويعزز فكر وتوجه البنك المركزي والدولة لتعزيز الشمول المالي واستخدام التكنولوجيا المالية.

علاء أبو المجد
علاء أبو المجد

ويشير أبو المجد إلى أن الصندوق يحتاج إلى عدة آليات أهمها الخاصة بالتمويل ومساهمة البنوك فيها، أما عن التحديات التي تواجهه فتتمثل في التنفيذ الفعلي مقابل الطموح الموجود، فهناك أهداف كبيرة وهذا يتطلب تنسيق بين البنوك والمؤسسات المالية والتكنولوجية، بجانبمساهمة البنوك وتحملها للأعباء المالية لتنفيذ مبادرات تخرج من الصندوق.

ويضيف أنه من المهم أن يكون هناك حوكمة للإدارة، حتى يكون الصندوق فعالا، ويتم استخدامه في مشروعات حقيقية، فيجب أن يكون هناك حوكمة كاملة ومراقبة، بجانب وضع آلية لتوزيع الدعم ما بين البنوك المختلفة واستفادة البنوك الصغيرة بنفس القدر، وهذا يحتاج إلى توازن بين البنوك الكبيرة والصغيرة، ويكون أن يكون هناك ضمان للشفافية.

 

The short URL of the present article is: https://followict.news/rxeb