في مثل هذا اليوم، 22 يوليو من عام 1980، شهدت صناعة الحوسبة لحظة مفصلية غيّرت مسار التكنولوجيا الحديثة، وذلك بعد التحالف التاريخي بين مايكروسوفت و”آي بي إم” IBM الذي أعاد تشكيل عالم الحوسبة.
في هذا اليوم، اجتمع ممثلون عن منشأة تابعة لشركة IBM في مدينة بوكا راتون بولاية فلوريدا مع بيل جيتس وستيف بالمر من شركة مايكروسوفت، في لقاء سري لمناقشة ترخيص البرمجيات ونظام التشغيل لجهاز كمبيوتر جديد كانت IBM تطوره بعيدًا عن الأضواء. هذا الجهاز، الذي سيُعرف لاحقًا باسم “كمبيوتر آي بي إم الشخصي” IBM PC، كان نقطة انطلاق لعصر جديد من الحوسبة الشخصية.
كانت IBM رائدة في أجهزة الكمبيوتر العملاقة للشركات، لكنها تأخرت في دخول سوق الحواسيب الشخصية الذي سيطرت عليه شركات مثل أبل وكومودور. بحلول 1980، أدركت IBM الحاجة إلى منتج سريع ومنخفض التكلفة لمواكبة المنافسة.
شكلت IBM فريقًا صغيرًا بقيادة دون إسترِدج في بوكا راتون، بعيدًا عن بيروقراطية الشركة، لتصميم الحاسوب خلال عام واحد فقط، ولتحقيق السرعة، اتخذ الفريق قرارًا جريئًا باستخدام مكونات من جهات خارجية، مثل معالج إنتل 8088، بدلًا من تطوير كل شيء داخليًا. وكان نظام التشغيل أحد هذه المكونات الحرجة.
في ذلك الوقت، لم تكن مايكروسوفت تمتلك نظام تشغيل خاص بها، مما دفعها إلى شراء حقوق نظام QDOS/86-DOS من شركة “سياتل كمبيوتر برودكتس” Seattle Computer Products، بمبلغ 75,000 دولار، وبموجب اتفاقية الترخيص، حصلت “آي بي إم” على نسخة مخصصة من النظام تحت اسم PC-DOS، بينما احتفظت مايكروسوفت بحق ترخيصه لمصنّعي أجهزة الكمبيوتر الأخرى تحت اسم MS-DOS.
أسفر هذا اللقاء التاريخي عن إطلاق جهاز IBM PC، مدعوما بنظام PC-DOS، وانتشار نظام التشغيل MS-DOS على نطاق واسع بين الشركات المصنعة لأجهزة الكمبيوتر، ما أدى إلى صعود مايكروسوفت كقوة مهيمنة في سوق البرمجيات، وتراجع نفوذ IBM تدريجيا، رغم أنها كانت صاحبة المبادرة.
ومن المفارقات التاريخية لهذا التحالف، الذي بدأ كخطوة استراتيجية من IBM للسيطرة على سوق الحواسيب الشخصية، أنه انتهى إلى فقدانها السيطرة لصالح مايكروسوفت ومصنّعي الأجهزة المستنسخة، فقد تحوّل MS-DOS إلى منصة شبه موحدة، مما منح مايكروسوفت نفوذًا غير مسبوق في عالم البرمجيات، بينما تراجعت IBM عن موقعها الريادي.
بحلول 2005، باعت IBM قسم الحواسيب الشخصية لشركة لينوفو، منهيةً عصرها كرائدة في هذا المجال.
لم يكن هذا اللقاء مجرد صفقة تجارية، بل كان شرارة انطلقت منها ثورة الحوسبة الشخصية، وأرست الأسس التي بُني عليها نظام التشغيل Windows لاحقًا، وأعادت تشكيل العلاقة بين الأجهزة والبرمجيات لعقود قادمة.