في مثل هذا اليوم، 6 سبتمبر من عام 2001، شهد عالم التكنولوجيا واحدة من أضخم الصفقات في تاريخ صناعة الحواسيب، حين أعلنت شركة هيوليت باكارد (HP) عن خططها لشراء منافستها العملاقة كومباك (Compaq)، في خطوة جريئة لإعادة تشكيل خارطة المنافسة العالمية في قطاع التكنولوجيا.
وفي بيان مشترك، كشفت الشركتان عن اتفاق يقضي باندماجهما في صفقة بلغت قيمتها 25 مليار دولار، دُفعت بالكامل على شكل أسهم، وكان الهدف واضحًا: مواجهة التحديات المتزايدة في سوق الحواسيب الشخصية، الذي كان يشهد آنذاك تراجعًا حادًا في المبيعات وحرب أسعار شرسة بين الشركات الكبرى.
أنتج الاندماج كيانًا جديدًا بعائدات سنوية تتجاوز 87 مليار دولار، ليصبح منافسًا مباشرًا لعملاق الصناعة آنذاك، شركة “آي بي إم” (IBM)، كما كان من المتوقع أن يُسهم في خفض النفقات التشغيلية بمقدار 2.5 مليار دولار بحلول منتصف عام 2004، مع توظيف أكثر من 140 ألف موظف في أكثر من 160 دولة حول العالم.
وتولت كارلي فيورينا، الرئيسة التنفيذية لشركة “هيوليت باكارد” (HP)، قيادة الكيان الجديد، بينما أصبح رئيس مجلس إدارة كومباك، مايكل كابيلاس، رئيسًا للشركة المندمجة، وقد وصف الطرفان الصفقة بأنها “خطوة استراتيجية” تهدف إلى رسم مستقبل صناعة التكنولوجيا، وتقديم حلول متكاملة تجمع بين الأجهزة والبرمجيات والخدمات الاستشارية.
رغم الجدل الذي صاحب الصفقة آنذاك، خاصة من بعض المستثمرين الذين شككوا في جدواها، إلا أن الاندماج بين “إتش بي” و”كومباك” شكّل نقطة تحول في تاريخ الشركتين، ومهّد الطريق لظهور نماذج أعمال أكثر تكاملًا في عالم الحوسبة.
وفي مثل هذا اليوم من عام 2012، اكتملت واحدة من أكثر الصفقات تأثيرًا في تاريخ وسائل التواصل الاجتماعي، حين أنهت شركة فيسبوك إجراءات استحواذها على تطبيق إنستجرام مقابل مليار دولار، في خطوة أثارت الكثير من الجدل والتكهنات حول مستقبل المنصتين.
قبل الصفقة، كان إنستجرام مجرد تطبيق صغير أطلقه كيفن سيستروم ومايك كريجر في أكتوبر 2010، يتيح للمستخدمين مشاركة الصور وتطبيق الفلاتر عليها، وخلال أقل من عامين، تجاوز عدد مستخدميه 30 مليون مستخدم، وأصبح من أكثر التطبيقات تحميلًا على أجهزة آيفون، مما جعله هدفًا مغريًا لفيسبوك.
وفي أبريل 2012، أعلنت فيسبوك رسميًا عن نيتها شراء إنستجرام مقابل مليار دولار، تم دفعها على شكل 300 مليون دولار نقدًا و700 مليون دولار على هيئة أسهم.
كانت الصفقة مفاجئة، خاصة أن إنستجرام لم يكن يحقق أرباحًا كبيرة، لكن قيمته كانت تكمن في شعبيته المتزايدة بين المستخدمين الشباب، وفي قدرته على تعزيز حضور فيسبوك في عالم الهواتف الذكية.
ورغم الاستحواذ، تعهد مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لفيسبوك، بالحفاظ على استقلالية إنستجرام، مؤكدًا أن التطبيق سيستمر في العمل بشكل منفصل، وسيظل بإمكان المستخدمين مشاركة الصور على شبكات أخرى غير فيسبوك، وساعد هذا القرار في تهدئة مخاوف المستخدمين والمستثمرين، الذين خشوا من أن تندمج المنصتان بشكل يضر بتجربة إنستغرام الفريدة.
وجاء إتمام الصفقة، في سبتمبر 2012، بعد موافقة الجهات التنظيمية، وعلى رأسها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية، التي أنهت تحقيقاتها بشأن الصفقة دون اعتراض، ومنذ ذلك الحين، شهد إنستجرام نموًا هائلًا، حيث أصبح منصة رئيسية للمؤثرين، العلامات التجارية، والمستخدمين حول العالم.
وفي مثل هذا اليوم من عام 2011، أعلنت شركة “ساب” الألمانية (SAP)، الرائدة عالميًا في حلول البرمجيات المؤسسية، عن استحواذها على شركة “رايت هيميسفير” (Right Hemisphere)، المتخصصة في تقنيات التصور ثلاثي الأبعاد، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تحويل طريقة تفاعل الشركات مع بياناتها ومشاريعها عبر ما يُعرف بـ”المؤسسة البصرية”.
وطورت شركة Right Hemisphere، التي تتخذ من سان رامون وكاليفورنيا وأوكلاند ونيوزيلندا مقرًا لها، حلولًا مبتكرة تسمح للشركات بتحويل بيانات التصميم الهندسي إلى نماذج ثلاثية الأبعاد قابلة للتفاعل، مما يُسهل فهم العمليات المعقدة مثل التصنيع والمبيعات والخدمات التشغيلية.
من خلال هذا الاستحواذ، سعت “ساب” (SAP) إلى دمج تقنيات التصور ثلاثي الأبعاد مع مجموعتها الواسعة من تطبيقات الأعمال، مثل أنظمة ERP وCRM، لتوفير بيئة موحدة يمكن من خلالها استعراض المنتجات والعمليات بشكل بصري، مما يُعزز من سرعة اتخاذ القرار، ويُحسن الإنتاجية والجودة عبر مختلف خطوط الأعمال.
وحينها، صرّح مايكل لينش، الرئيس التنفيذي لشركة Right Hemisphere، بأن هذه الشراكة ستُحدث تحولًا في كيفية إدارة الشركات لمنتجاتها وخدماتها، من خلال تمكين الفرق من التعاون باستخدام أقوى حاسة بشرية: البصر، كما أشار مسؤولو “ساب” (SAP) إلى أن هذه التقنية ستسمح للموظفين بإجراء تعديلات على العمليات بشكل فوري، وتقديم تصورات واقعية للعملاء قبل تسليم المنتجات.
جاءت الصفقة، التي لم يُعلن عن قيمتها رسميًا، ضمن استراتيجية “ساب” (SAP) لتوسيع قدراتها التقنية عبر الاستحواذ على شركات مبتكرة، دون التخلي عن نهجها في النمو العضوي، وقد بدأت الشركتان بالفعل في تقديم حلول مشتركة لعدد من العملاء، مما يُثبت جدوى الدمج بين البرمجيات المؤسسية والتصور البصري.