في مثل هذا اليوم، 9 يونيو من عام 1993، تم العرض الأول لفيلم “حديقة الديناصورات” (Jurassic Park) في واشنطن العاصمة، ليصبح نقطة تحول في تاريخ السينما.
أصبح الفيلم أعلى فيلم تحقيقا للإيرادات في التاريخ آنذاك (حتى تجاوزه “تايتانك” عام 1997)، حيث جمع أكثر من مليار دولار عالميًا، كما كان الفيلم محورا لقرار تقني جريء، حيث قرر مخرجه ستيفن سبيلبرج خلال الإنتاج الاعتماد على مزيج غير مسبوق من الصور المُولدة بالحاسوب (CGI)، والدمى الآلية (الأنيماترونيكس) بدقة عالية، كما طوّرت “إندستريال لايت آند ماجيك” (ILM) برامج خاصة لمحاكاة حركات الجلد والعضلات تحت تأثير الجاذبية، وهو ما أصبح معيارًا في صناعة المؤثرات، وكان التحدي الأكبر هو جعل الديناصورات تبدو حيةً واقعيةً، وهو ما تحقق ببراعة.
بذلك، تميز فيلم “حديقة الديناصورات” بإنجازات تقنية غيرت معايير الصناعة، وخلف تأثيرا جذريا على أعمال لاحقة له، ففي العام نفسه، استخدم مسلسل “بابليون 5” الـCGI كأساس لتأثيراته بدل النماذج التقليدية، متأثرًا بنجاح “جوراسيك بارك”، كما فتح الباب لأفلام مثل “قائمة شندلر” (المعروض عام 1993 أيضًا) لدمج التقنيات الرقمية في السينما الجادة.
لم يقتصر تأثير الفيلم على التقنية فحسب، بل أشعل موجةً من الاهتمام بعلوم الحفريات والهندسة الوراثية في الإعلام والتعليم، ورفع ميزانيات أفلام الخيال العلمي لتبني تقنيات الـCGI، ودفع الاستوديوهات لإنشاء أقسام رقمية متخصصة.
حتى الآن، وبعد 32 عامًا، لا يزال إرث فيلم “حديقة الديناصورات” حيًا، فتقنيات الـCGI التي طورها الفيلم تُدرس في كليات السينما وتُستخدم في أفلام مثل “أفاتار” ومسلسلات مثل “لعبة العروش”، وفي عام 2018، أدرجته مكتبة الكونجرس ضمن “السجل الوطني للأفلام” لحفاظه على “أهمية ثقافية أو تاريخية أو جمالية”.
أنتج امتياز “جوراسيك بارك” 6 أفلام لاحقة (أحدثها “جوراسيك وورلد: دومينيون” 2022)، بتقنيات تطوّرت لكنها تعتمد على نفس المبادئ التي وضعها الفيلم الأصلي.
لم يكن يوم 9 يونيو 1993 مجرد عرض فيلم؛ بل كان نقطة تحول في صناعة السينما العالمية، حيث حوّل السينما من فن سرد القصص إلى فضاء للتجارب التكنولوجية الجريئة، وأثبت أن الابتكار التقني يمكن أن يكون جسرًا بين الترفيه والعلم.