في مثل هذا اليوم، 16 مايو من عام 1960، نجح الفيزيائي الأمريكي ثيودور مايمان في تشغيل أول جهاز ليزر عملي في العالم، باستخدام بلورة ياقوت صناعي كمادة فعالة.
كان هذا الإنجاز علامة فارقة في تاريخ التكنولوجيا والعلوم، حيث فتح الباب أمام تطورات هائلة في مجالات متعددة مثل الطب، والاتصالات، والصناعة، والبحث العلمي.
استخدم مايمان بلورة ياقوتية مُطعَّمة بالكروم، ووضعها داخل جهاز مشابه لجهاز المازر (المضخم الميكروي)، مع مرآة عاكسة على أحد طرفيها، وعند تعريض البلورة لضوء فلاش قوي، أطلقت نبضة ضوئية متماسكة (ليزر) بطول موجي 694 نانومتر (ضوء أحمر).
على عكس أشعة الليزر المستمرة التي نعرفها اليوم، كان أول ليزر يعمل بنظام النبضات وليس بشعاع مستمر.
لم يكن مايمان أول من وضع نظرية الليزر (حيث سبقه علماء مثل تشارلز تاونز وجوردون جولد)، لكنه كان أول من يحول النظرية إلى جهاز عملي، وبعد أشهر فقط، طوّر باحثون آخرون أنواعًا أخرى من الليزر، مثل ليزر الغاز (هيليوم-نيون)، مما وسع استخدامات التكنولوجيا.
اليوم، تُستخدم أشعة الليزر في كل شيء: من جراحات العيون إلى أقراص DVD، ومن قطع المعادن إلى الاتصالات عبر الألياف البصرية.
في البداية، شكك بعض العلماء في نجاح مايمان، حتى أن مجلة Physical Review Letters رفضت نشر بحثه، معتبرة أن فكرة الليزر “غير مثيرة للاهتمام”، لكن التاريخ أثبت أن هذا الاختراع كان أحد أهم الابتكارات في القرن العشرين.
بهذا الإنجاز، دخل العالم عصر الضوء المكبر والمتماسك، الذي غيّر وجه التكنولوجيا إلى الأبد.
وفي مثل هذا اليوم من عام 1946، قدّم المهندس الأمريكي جاك مولين عرضًا تاريخيًا أمام جمع من مهندسي الراديو في سان فرانسيسكو، كشف فيه عن تقنية تسجيل صوتي ثورية باستخدام جهاز الماجنيتوفون (Magnetophon) الألماني، والتي أحدثت نقلة نوعية في جودة التسجيلات الصوتية.
أثناء خدمته في فيلق الإشارة بالجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، لاحظ مولين أن الإذاعة الألمانية تبث تسجيلات لأوركسترا سيمفونية بجودة مذهلة، تفوق أي شيء موجود في ذلك الوقت.
بعد الحرب، فحص المعدات الإذاعية الألمانية التي صودرت، واكتشف جهاز AEG Magnetophon، الذي كان يستخدم شريطًا مغناطيسيًا عالي الدقة منذ 1941، وأحضر مولين جهازين معه إلى الولايات المتحدة كـ “تذكارات حربية”، وقام بتحسينهما باستخدام إلكترونيات أمريكية.
في اجتماع معهد مهندسي الراديو، شغل مولين تسجيلًا لفرقة جاز، ثم قدم الفرقة نفسها وهي تعزف مباشرة، وطلب من الحضور التمييز بين التسجيل والعرض الحي، ولم يتمكن معظم الحضور من معرفة الفرق، مما أثار دهشتهم.
في عام 1947، اهتم نجم الغناء والإذاعة الشهير بينج كروسبي بالتكنولوجيا بعد معاناته من رداءة جودة التسجيلات في برنامجه الإذاعي، واستثمر 50 ألف دولار في شركة أمبيكس الناشئة (Ampex)، حيث طوّر مولين نموذجًا تجاريًا من الجهاز باسم Ampex 200A، الذي أُطلق في 1948.
أصبح هذا الجهاز أساسًا للتسجيل الإذاعي والاستوديوهي، وحصلت أمبيكس لاحقًا على جائزة جرامي الفخرية عام 2008 تقديرًا لدورها في ثورة الصوت.
تعود أهمية هذا الحدث إلى نقله التسجيلات من جودة “خشنة” (كما في أسطوانات الفونوغراف) إلى جودة شبه حية، كما مهد الطريق لظهور أشرطة الكاسيت، وأقراص الليزر، وحتى التسجيل الرقمي لاحقًا، إلى جانب تغييره طريقة إنتاج الموسيقى، والإذاعة، وحتى السينما (حيث استخدمت الأفلام الصوت المسجل لاحقًا).
وبفضل مولين وكروسبي، أصبح التسجيل المغناطيسي أساسًا لكل التقنيات الصوتية التي نعرفها اليوم.