وقع الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” عدة أوامر تنفيذية لتفعيل خطة جديدة من البيت الأبيض؛ تهدف إلى تعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، من خلال تخفيف القيود التنظيمية وتوسيع إمدادات الطاقة اللازمة لمراكز البيانات.
وقال ترامب، أمس الأربعاء خلال حدث مخصص للذكاء الاصطناعي نظمه كل من بودكاست “All-In” ومنتدى “Hill and Valley” الذي يضم قادة في قطاع التكنولوجيا ومشرّعين: “من اليوم فصاعداً، ستكون سياسة الولايات المتحدة هي فعل كل ما يلزم لتقود العالم في الذكاء الاصطناعي”.
وشملت الأوامر التي وقّعها “ترامب” بنداً يتعلق بمسائل الطاقة والتراخيص الخاصة بالبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وتوجيهاً لتعزيز صادرات الذكاء الاصطناعي، وآخر يدعو إلى التزام نماذج اللغة الكبيرة التي تشتريها الحكومة بالحياد وخلوها من التحيّز.
وأضاف ترامب: “أمريكا هي الدولة التي بدأت سباق الذكاء الاصطناعي، وبصفتي رئيساً للولايات المتحدة، أُعلن اليوم أن أمريكا ستفوز بهذا السباق”.
خطة شاملة للذكاء الاصطناعي
تم الكشف عن ما يسمى بـ”خطة التحرك في الذكاء الاصطناعي” أمس الأربعاء، وهي توصي بإصلاح إجراءات التراخيص وتبسيط المعايير البيئية لتسريع مشاريع البنية التحتية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مع الدعوة إلى وقف تمويل الولايات التي تفرض قيوداً مرهقة على هذه التكنولوجيا الناشئة.
وتستهدف الخطة أن تجعل من التكنولوجيا الأمريكية أساساً للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، مع فرض تدابير أمنية تحول دون حصول خصوم مثل الصين على تفوّق في هذا المجال.
وقال ترامب: “الفوز في هذه المنافسة سيكون اختباراً لقدراتنا، لم نشهد مثله منذ بداية عصر الفضاء”، مضيفاً: “سيتطلب منا حشد كل قوتنا، واستعراض عضلات العبقرية الأمريكية وعزيمتنا كما لم نفعل من قبل”.
كما تُعد الخطة تتويجاً لوعد ترامب الانتخابي بجعل أمريكا القائدة العالمية في الذكاء الاصطناعي.
وألغى ترامب أمراً تنفيذياً من الرئيس الأمريكي السابق “جو بايدن” صدر عام 2023 كان يفرض متطلبات صارمة لاختبار الأمان، ويُلزم شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى بنشر تقارير شفافية. وبدلاً من ذلك، أمر ترامب بوضع مسار جديد للسياسة الوطنية للذكاء الاصطناعي، وحدد مهلة 6 أشهر لمستشار الذكاء الاصطناعي في البيت الأبيض ديفيد ساكس لإنجاز ذلك.
إلغاء القواعد التنظيمية الحالية
وبموجب التوصيات، ستطلب الحكومة الفيدرالية من الشركات والجمهور تحديد القواعد التنظيمية الحالية التي تعيق اعتماد الذكاء الاصطناعي، بهدف إلغائها.
كما سيعمل مكتب الميزانية في البيت الأبيض مع الوكالات الفيدرالية المعنية بتمويل الذكاء الاصطناعي للنظر في فرض قيود على تلك المنح، “إذا تبين أن الأنظمة التنظيمية في الولاية تعيق فعالية هذا التمويل”.
وقال ترامب: “علينا أيضاً أن نضع معياراً فيدرالياً موحداً، لا يمكن السماح لـ50 ولاية بأن تنظم صناعة المستقبل كل على طريقتها. نحن بحاجة إلى معيار فيدرالي واحد قائم على المنطق يتفوق على الجميع”.
كما تدعو التوجيهات إلى اقتصار التعاقد الحكومي على المطورين الذين تُعتبر نماذجهم خالية من “التحيز الأيديولوجي المفروض من الأعلى”، وإزالة الإشارات إلى التضليل والمناخ والتنوع والعدالة من أطر إدارة المخاطر.
سوق العمل والذكاء الاصطناعي
وأشارت الخطة إلى مخاوف من أن الذكاء الاصطناعي قد يعيد تشكيل سوق العمل، ولهذا تطلب من وزارتي التعليم والعمل إعطاء الأولوية لتطوير المهارات والتدريب لمساعدة العمال الأميركيين. كما تقترح إعطاء الأولوية للاستثمار في البحوث النظرية والحسابية والتجريبية، رغم أن الإدارة خفضت المنح المخصصة للجامعات البحثية الرائدة.
وقال ترامب: “عندما يقرأ شخص كتاباً أو مقالاً، فهو يكتسب معرفة عظيمة. هذا لا يعني أنه ينتهك حقوق النشر أو أنه بحاجة لعقد اتفاق مع كل مزوّد محتوى”
الحد من قدرات الصين
تقترح الخطة مواجهة تطوير الذكاء الاصطناعي في الصين من خلال تعزيز ضوابط التصدير، بما في ذلك فرض ميزات تحقق من الموقع الجغرافي في الرقائق المتقدمة. كما تريد الإدارة إنشاء وحدة جديدة ضمن وزارة التجارة للتعاون مع أجهزة الاستخبارات، من أجل مراقبة تطورات الذكاء الاصطناعي وإنفاذ ضوابط التصدير على الرقائق.
وتنص الخطة على أن تجمع وزارة التجارة مقترحات من القطاع الصناعي لإنشاء حزم تصدير شاملة للذكاء الاصطناعي تتضمن الأجهزة والبرمجيات والنماذج والتطبيقات، وتُتاح للحلفاء المعتمدين. وستُسهم جهات مثل وكالة التجارة والتنمية الأميركية، وبنك التصدير والاستيراد، ومؤسسة تمويل التنمية الأميركية في تسهيل هذه الصفقات.
توفير الطاقة
كما أكد ترامب ومسؤولوه أهمية ضمان أن يكون لدى أمريكا ما يكفي من الطاقة لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التي تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء. واعتبروا أن إمدادات الكهرباء الكافية مرتبطة بالأمن القومي، وأنها أساسية لتفوق أميركا على منافسيها في سباق الذكاء الاصطناعي.
وتوصي الخطة بالعمل على استقرار شبكة الطاقة الحالية، وتنفيذ استراتيجيات لتحسين أنظمة النقل. كما تقترح إعطاء الأولوية لربط مصادر طاقة موثوقة وقابلة للفصل مثل الطاقة النووية والطاقة الحرارية الجوفية المتقدمة، من أجل إدارة الزيادة في الطلب.
وقال ترامب: “سنطلق العنان لجميع أشكال الطاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي، والنفط، والفحم النظيف والجميل”.