خبراء التكنولوجيا المالية: المنتجات المصرفية الرقمية يجب أن تسبق احتياجات العملاء و«ندرة البيانات» أبرز التحديات
شكلت المنظومة المالية الرقمية في مصر، أحد أهم المحاور التي ركز عليها معرض كايرو اي سي تي 2022، كمرتكز رئيسي لعملية التنمية الشاملة، التي تتبناها الدولة المصرية، في ظل حالة من النمو الكبير في كافة أطرافها من القطاع المصرفي وشركات المدفوعات الرقمية، مرورا بشركات الاتصالات والنمو الكبير في حجم محافظها المالية ، وأيضا ارتفاع الوعي لدي قطاعات عريضة من المجتمع بأهميتها وماتوفره من فرص ونمو على كافة المستويات
وتشكل هذه المنظومة، أبرز أوليات قيادات المؤسسات المالية لتعزيز نمو أعمالها من جهة وخدمة أهداف أليات الشمول المالي، والتي تمثلها أتمتة الخدمات وتكنولوجيا المدفوعات الرقمية والبيج داتا والمحافظ المالية .
وأكدت جلسة «من البطاقات إلى الرموز: المدفوعات لجيل التكنولوجيا الذكية»- المقامة على هامش اليوم الثالث من المعرض والمؤتمر الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT 2022 أهمية التوجهات المستقبلية لمجال التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية والسعي المستمر لتوطين اﻷدوات الرقمية، واﻵليات المطلوبة لتشجيع استخدام المحافظ الإلكترونية من خلال حملات توعية لتغيير ثقافة التعامل النقدي ، في ظل توسع سوق الخدمات البنكية، كما وضع المشاركون في الجلسة مجموعة من الحلول للتغلب على التحديات الأمنية التي تهدد المنظومة المالية الرقمية.
قال محمود فوزي – رئيس قسم المعاملات المصرفية العالمية البنك التجاري الدولي – إن القطاع البنكي في مصر بدأ منذ أكثر من 100 عام، موضحا أن سوق القطاع البنكي في مصر يشمل 37 مليون عميل، بالإضافة إلى وجود 800 ألف ماكينة POS بجانب 21 ألف ماكينة صراف آلي ، لافتاً إلى أن هناك 54 مليون عميل لديهم بطاقة بنكية ذكية منهم 5 ملايين بطاقة حساب بنكي، و20 مليون بطاقة دفع مسبق علاوة على 30 مليون محفظة مالية إلكترونية.
ووصف فوزي الحالة بين الشركات الناشئة والتكنولوجيا المالية باﻷرنب والسلحفاة ، خاصة مع كثرة المعوقات التي تحيط بالقطاع المالي مما يؤدي لبطء اتخاذ إجراءات فعالة وقرارات مهمة تسهم في تسريع التحول التكنولوجي للقطاع المصرفي.
وأوضح حسن خالد القيعي – مسؤول الابتكار بالبنك العربي اﻷفريقي الدولي – أن المنتجات البنكية يجب أن تسبق احتياجات العملاء، خاصة أن الدراسات تشير إلى أنه بحلول عام 2028 سوف تزداد احتياجات العملاء وأعدادهم مقارنة بالخدمات البنكية ، وهو ما يمثل تحديا كبيرا أمام مختلف أنواع البنوك.
وشدد على ضرورة وضع التحديات في الاعتبار ، خاصة في ظل غياب الأدوات اللازمة لجذب العملاء لاستخدامات التكنولوجيا المالية.
ونوه القيعي إلى أن عدد اﻷفراد البالغين أصحاب الحسابات البنكية يتخطى عددهم نحو 40 مليون فرد ، بما يتخطى حوالي 60٪ من عملاء البنوك وهو ما يستوجب إعداد إستراتيجيات معينة لمخاطبة اهتمامات تلك الفئة، ومحاولة جذبهم للاستخدام الفعلي للخدمة.
ولفت القيعي إلى مستهدفات البنوك لذلك العدد من العملاء، مؤكدا ضرورة توجه البنوك لجذب شريحة عملاء جديدة من فئة الشباب وطلاب الجامعات بهدف زرع ثقافة التعامل البنكي الرقمي.
وطالب القيعي البنوك بأهمية البحث عن زيادة الأدوات اللازمة لتنمية عدد عملائها ، مؤكدا أن التحدي الأبرز لتنمية جمهور التكنولوجيا المالية وعملاء الـ online banking هو الوصول إلى أكبر قدر من البيانات حول كل ما يخص العملاء من معلومات ، ومحاولة تطويع تلك البيانات لكسب المال.
وأكد أنور المقرحي – مدير حلول التكنولوجيا المالية Cyshield – أن هناك فرصة حقيقية للاستفادة من المشروعات الرقمية، خاصة المقدمة إلى المواطن مثل التوقيع اﻹلكتروني ومحاولة ربطها بالدفع اﻹلكتروني وتنشيط الاعتماد على المعاملات الإلكترونية ، مبيناً أن تحديث القواعد والقرارات في مجال تكنولوجيا البنوك بشكل مستمر يجب استغلاله بشكل مؤثر ، واستهداف الفئات غير النشطة في ذلك الصدد.
وأضاف المقرحي أن الاعتماد على المحافظ المالية اﻹلكترونية يمثل اتجاها واعدا ومؤثرا يجب الاستفادة منه وتطويعه لزيادة معدل رقمنة المعاملات المالية ، متوقعا أن تندثر استخدام بطاقات الدفع الذكية خاصة مع التحول العالمي إلى ترسيخ منظومة المدفوعات الإلكترونية دون العامل البشري ، وهو ما يظهر حاجة ثقافة التعامل المالي في مصر إلى التغيير.
وأظهر المقرحي أن التهديدات الأمنية تواجه مجال المدفوعات الرقمية في اتجاه واحد فقط يتوقف على طريقة الاستخدام من العملاء ، خاصة في ظل ظهور تقنيات تتيح سحب الرصيد من البطاقات عن بعد واختراق كلمات السر أيضاً ، كذلك الاعتماد على الماسح الضوئي،مما يتطلب ضرورة توعية المستخدمين بمخاطر التهديدات التي تواجههم.
وكشف يسري البدري – مدير مبيعات حلول FSI بشركة هواوي شمال إفريقيا – أن الطريقة الوحيدة لجذب أية فئة جديدة إلى استخدامات التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية هي عمل دراسة حالة بما يتضمن السلوكيات الحياتية، ومتابعة مستهدفاتهم المعيشية والتفضيلات الشرائية وغير ذلك.
وأضاف أن الموبايل يمثل اﻹستراتيجية اﻷولى لجذب العملاء، خاصة مع توافر أهم خاصيتين به وهما حماية الأمن والخصوصية، متوقعا أن تقتصر المعاملات المالية الرقمية على الهواتف الذكية فقط خلال 6 سنوات .
وأشار البدري إلى أهمية تشجيع إطلاق التطبيقات فائقة الذكاء “سوبر اب” والتي تشمل خدمات دفع كثيرة في تطبيق واحد ، مع التوجه لربطها بالمحافظ الإلكترونية المالية وتحفيز العملاء من خلال حملات التوعية المستمرة على استخدامها في مختلف سداد الاحتياجات اليومية ، من فواتير وأقساط ومصروفات شخصية وعمليات شحن وخدمات حكومية وغيرها من المعاملات المالية.
واستعرض البدري تجربة شخصية خلال حديثه عند ذهابه إلى التمرين دون محفظة النقود، وحاجته لشراء مستلزمات شخصيه وعلاج فذهب إلى ماكينة POS للسحب من محفظته البنكية لسداد مستحقات العملية الشرائية، وهو الأمر الذي يراه واقعا نعيش فيه، ويجب مواكبته من خلال الهواتف الذكية.
وألمح نيكولاي ديميتروف – مدير عمليات المبيعات العالمية بشركة «سوفت وير جروب» – إلى أن التهديدات الأمنية للمدفوعات الرقمية تستهدف استغلال نقاط التواصل ضعيفة التأمين في نظم المتاجر والمحلات ، من خلال الفيروسات وبرامج اصطياد المعلومات عبر دفع فدية “رانسوم” وير والهجمات التي تستهدف جمع المعلومات.
وأكد ديميتروف الحاجة الملحة إلى ضوابط أمنية صارمة خاصة على مواقع التجارة الإلكترونية وعدم تفعيل الكود الخارجي في حالة وجود بيئة غير آمنة لحامل البطاقة.
وكشف أحمد تركي – مدير العمليات بشركة «اي كاردز» التابعة لمجموعة اي فينانس- أن عمليات التحويل تحتاج إلى التركيز عليها من خلال مناقشة القواعد المنظمة وتقديم تسهيلات عدة إلى العملاء ، مطالبا بربط جميع فئات العملاء المستهدفة بمنظومة الدفع الإلكتروني ، عن طريق التطبيقات المناسبة لهم مثل الشراء والتعليم والترفيه والصحة وتقديم حوافز جاذبة.
ويرى تركي أن مستقبل المعاملات المالية في مصر سيتجه نحو انطلاق منظومة البنوك الرقمية ، خاصة مع التقدم القوي والسريع للقطاع الخاص بمعاونة الحكومة المصرية، مشيرا إلى الحاجة لعمل مباحثات بين البنوك والشركات و البنك المركزي ، لتحديث القواعد المنظمة والتشريعات الحاكمة لمجال التكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية.