أجمع الكثير من المسئولين عن إدارات الموارد البشرية في الشركات العالمية والمحلية العاملة في السوق المصري على وجود فجوة كبيرة بين ما يتطلبه سوق العمل في الوقت الحالي ووظائف المستقبل وبين الخريجين الجدد من الجامعات، وهو الأمر الذي يتطلب من الشركات انتظار فترات طويلة للحصول على كوادر شابة مؤهلة أو القبول بكفاءات ضعيفة من واقع المتاح في السوق، لكن مع وجود معهد تكنولوجيا المعلومات ITI التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تسعى الدولة لتقليل هذه الفجوة من خلال استراتيجية واضحة وبرامج مختلفة تستهدف تأهيل الطلبة والخريجين على تكنولوجيا المستقبل، فإلى أي مدى نجح المعهد في تنفيذ هذه الخطة.. هذا ما نحاول معرفته من الدكتورة هبة صالح رئيس معهد تكنولوجيا المعلومات ITI في السطور التالية:
ما هي المهام الأساسية للمعهد في الوقت الحالي؟
تأهيل الشباب لفرص المستقبل باعتبارنا الجسر المتواصل مع العالم، ونسعى لإثقال الشباب والخريجين بمهارات العمل المتغيرة، وطبيعة العمل عن بعد التي أصبحت واقع في ظل جائحة كورونا وهو الأمر الذي كنا نبشر كبيئة عمل جديدة به منذ سنوات، والمعهد يقدم أكثر من 32 تخصصا في صناعة وتطوير تكنولوجيا المعلومات.
ما هو الهدف من إنشاء مركز إبداع مصر الرقمية؟
نسعى إلى خلق بيئة محفزة للابداع التكنولوجي وريادة الأعمال يتم من خلالها توفير التدريب التقني المتخصص، وتبادل الخبرات بين الشباب في المحافظات بما يساهم في إعداد كفاءات رقمية متخصصة وتمكين الشباب من إطلاق مشروعاتهم الريادية وخلق فرص عمل جديدة متميزة، وهو الأمر الذي ينعكس إيجابا على تنمية المحافظات.
وهل تلك المراكز قادرة على سد الفجوة بين متطلبات سوق العمل والخريجين؟
قيادات الشركات العالمية تهتم دائما بإيجاد العمالة المدربة باعتبارها من أهم الشروط المسبقة لنجاح العمليات التي تقوم بها هذه الشركات، والشركات في العالم كله تبحث عن المواهب الشابة، وليس في مصر فقط، ومطالب الشركات بوجود كوادر شابة مؤهلة بمجرد تخرجها من الجامعات أمر طبيعي في ظل انتعاش سوق التكنولوجيا والتوسع في مفهوم العمل عن بعد، لذلك وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تركز بشكل كبير في المرحلة الحالية على إعداد الكوادر باعتبارهم القاعدة الأساسية للتحول الرقمي، وأعتقد أننا نعيش العصر الذهبي للتدريب وتأهيل الشباب حاليًا.
ما هي الجهات التي يتعاون معها المعهد لإتمام رسالته؟
دور المعهد لا يكتمل بدون وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومعهد NTI وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، وذلك بجانب الدور الكبير للشركات العالمية والمحلية العاملة في السوق المصري مثل مايكروسوفت وIBM و VM ware ومشغلي المحمول وغيرهم من الشركات.
هل هناك عدالة في اتاحة الفرص للشباب في المحافظات في الدلتا والصعيد؟
نحن لا نمن على الشباب بل نقوم بواجبنا، فالقطاع رحب وغني ويخدم قطاعات كثيرة ومراكز إبداع مصر الرقمية جزء أصيل من أهدافها تحقيق العدالة في توزيع الفرص على الشباب في المحافظات وهي بمثابة لبنة تواصل قبل التخرج ونافذة على العالم المتغير، ونقدم من خلالها للشباب استشارات مهنية وتدريب تقني وشهادات معتمدة للشباب، وتقدم المراكز باقة غنية من التخصصات، ولا تقتصر على الشباب خريجي كليات الهندسة أو حاسبات ومعلومات، بل تستقبل طلبة من كليات الآداب والفنون والتربية والتجارة والألسن وأصول الدين والطب والصيدلة.
كم يبلغ عدد مراكز إبداع مصر الرقمية؟
لدينا حتى الآن 5 مراكز في المنوفية وأسوان وسوهاج وقنا والمنيا والمنصورة، والسادس سيكون في أسوان، وهي المرحلة الأولى من المبادرة، أما المرحلة الثانية فتم إنشاء مركز في (جامعة القاهرة)، والمرحلة الثالثة ستكون مرتكزة على التجمعات والكثافات الطلابية وبدأت بجامعة بنها.
وكيف كان تأثير أزمة كورونا على أعداد الملتحقين للتعلم بالمعهد؟
قفز عدد الملتحقين بمنصة المعهد للتعلم الإلكتروني من 6000 قبل الجائحة إلى 180 ألف مستفيد خلال عام ونصف، كورونا دفعت الشباب للاعتماد على التعلم أونلاين باعتباره الحل الوحيد.
وكيف أثرت فترة الجائحة على خطط المعهد؟
خطط العمل بالمعهد شهدت تطورا كبيرا خلال العام الحالي لمواكبة خطط الدولة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتطوير الكوادر البشرية، وشملت تطويرا أفقيا لتخصصات ذات بعد استراتيجي مرتبط بجهود الدولة في التحول الرقمي، خاصة في مجالات مثل أمن المعلومات، وتحليل البيانات، وإنترنت الأشياء والتي تجاوز عدد خريجيها أكثر من 500 متدرب بالتعاون مع شركات مصرية من القطاع الخاص.
ما هي تقنيات المستقبل التي يستهدف المركز امداد الشباب بها؟
لدينا نحو 32 تخصصا في برامج التدريب والتأهيل، يأتي في مقدمتها تقنيات إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي، الـQuantum Computing، والبلوك تشين، الحوسبة السحابية، تصميم وتطوير البرمجيات، وتصميم الجرافيكس.
ماذا عن برامج الذكاء الاصطناعي؟
لدينا منحة لبرنامج تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي، وتقدم لها حتى الآن ما يزيد عن 50 ألف، ولدينا مبادرة مع جوجل لتدريب 25 ألف طالب كمرحلة أولى على أساسيات الذكاء الاصطناعي، وأعلنا عن تتويج برنامج المدربين على الذكاء الاصطناعي وتم تدريب 160 مدرب سيقوموا بتدريب ألف طالب لأول مرة، بالإضافة للمنح المكثفة التي تخدم 3 آلاف طالب، والمعسكرات الصيفية التي تخدم 3 آلاف طالب.
هل من تفاصيل أكثر حول برنامج التعاون مع جوجل؟
وقعنا مؤخرًا اتفاقية تعاون بين معهد تكنولوجيا المعلومات ITI وشركة جوجل العالمية لإطلاق “برنامج الذكاء الاصطناعي وبناء قدرات تعلم الآلة” بهدف تدريب نحو 30 ألف متخصص فى البرمجيات من خريجى وطلاب تخصصات هندسة البرمجيات وعلوم الحاسب على أدوات وعمليات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة من معالجة اللغة الطبيعية ورؤية الحاسوب والتحليلات التنبؤية، ويهدف البرنامج إلى تدعيم الجيل القادم من مهندسي الحاسبات ومطورى البرمجيات في مصر بالمهارات المطلوبة لمواجهة التحديات الحالية باستخدام تقنية تعلم الآلة وذلك على كافة المستويات (المبتدئين والمتوسطين والمتقدمين)، كما سيتمكن المتدربون على مدار 18 شهرًا من اجتياز برنامج متكامل من الدورات والاختبارات العملية التي تقدمها منصة Qwiklabs للتدريب عبر الإنترنت وذلك تحت قيادة خبراء متميزين من شركة جوجل ومن شركاء رئيسيين آخرين.
ماذا يحدث بعد تأهيل هؤلاء الشباب هل يضمن المعهد لهم وظائف؟
80% من خريجي البرامج التي يقدمها المعهد يحصلون على وظائف قبل تخرجهم وإقبال الشركات عليهم كبير جدًا.
ما هي أهدافك الخاصة لمستقبل المعهد؟
نسعى لأن تكون سرعتنا بقدر سرعة أحلامنا، نحن نسابق أنفسنا وهو التحدي الحقيقي للإسراع في تقديم برامج جيدة وتعميمها وإتاحتها لأكبر عدد ممكن من الشباب، طموحنا الوصول لكل طلبة الجامعات خاصة وأننا نتيح المحتوى باللغة العربية على المنصة الرقمية للمعهد والتي أطلقناها رمضان الماضي لمساعدة الشباب تقنيا في المهارات الناعمة الخاصة بهذا السوق واكسابهم الثقة من خلال فرص عمل حقيقية وقاعدة خريجين وقصص نجاح مشرفة في جميع المحافظات.
من خلاصة خبراتك.. ما هي النصيحة التي يمكنك تقديمها للشباب؟
استمر في التعلم واطرق جميع الأبواب، وعصر الوظيفة الواحدة لم يعد متاح في المستقبل نحن في عصر التنوع واكتساب الخبرات لأن كثير من الوظائف ستختفي خلال سنوات، وليس هناك سن محدد للتعلم لذلك نقدم برامجنا التعليمية لمن هم بداية من 9 إلى 99 عام.