حوار| محمد السكراوي: سباق «الذكاء» سيشتعل بين العاصمة الإدارية ورأس الحكمة.. وهذا هو مصير القاهرة القديمة
يتردد مصطلح التكنولوجيا العقارية مصحوبا بالحديث عن ملايين الدولارات التي تحصدها شركاته الناشئة ومنصاته وتطبيقاته الذكية، بينما لا يدرك كثيرون الدور المحوري لهذه المنصات في الترويج للمشاريع العقارية، والتحديات التي تواجهها، والرؤية المستقبلية لتطورها.
في هذا الحوار، التقينا المهندس محمد السكراوي، المدير التنفيذي لشركة Dotshub المتخصصة في قطاع التكنولوجيا العقارية في مصر والمنطقة، ليجيب عن تساؤلاتنا حول التكنولوجيا العقارية ومستقبل المدن الذكية في مصر، ومصير المدن التقليدية أمام التطور العقاري السريع الذي يشهده السوق المصري والعالمي.
بداية، كيف يمكننا تعريف التكنولوجيا العقارية للقارئ غير المتخصص؟
التكنولوجيا العقارية هي عملية استخدام التكنولوجيا في رحلة المشروع العقاري، بداية من التعامل مع العميل، وإدارة المشروع، مرورا بعمليات البيع والتسليم، وحتى إدارة المرافق بعد تسليم المشروع العقاري، وهدفها الأساسي هو توفير أفضل خدمة للعميل بأسرع وقت وأقل مجهود وأقل تكلفة.
كما تعتبر التكنولوجيا العقارية بمثابة تحويل أنظمة الإدارة القديمة اليدوية إلى أنظمة حديثة أوتوماتيكية تديرها التكنولوجيا العقارية، لتسهيل تقديم الخدمات للعملاء أو ساكني المدينة الذكية التي تعتمد على نظام التكنولوجيا العقارية، حيث تعتبر المدن الذكية جزءا من التكنولوجيا العقارية.
وكيف تُساهم التكنولوجيا العقارية في تحسين جودة الحياة في المدن من خلال حلولٍ مبتكرة؟
هنا لا بد أن نوضح أدوات التكنولوجيا العقارية، وهي أدوات أساسية وثانوية ورفاهية، وتشمل الأدوات الأساسية توافر مقومات الأمن والأمان، وإدارة المرافق أو الـ Facility، والتي تشمل مرافق المياه والكهرباء والاتصال بالإنترنت.
أما الخدمات الثانوية فتتضمن استخدام السوفت وير أو البرمجيات في تقديم خدمات التكنولوجيا العقارية، مثل تحميل تطبيقات خاصة بالمشروع السكني، تعمل للكشف عن المشكلات المحملة وتحويلها إلى إشعار يصل العميل وإدارة المشروع، ليتم حلها والتعامل معها قبل حدوثها.
على مستوى خدمات الرفاهية، فتتضمن استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي داخل الوحدات السكنية، والمعروفة حاليا بتقنيات المنزل الذكي (Smart Home)، والتي تتيح للعميل التحكم في كافة الأجهزة داخل منزله عن بعد.
وكيف يستفيد العملاء من التكنولوجيا العقارية، خاصة من الجانب المادي الأكثر أهمية لدى المستهلكين؟
تشكل التكنولوجيا العقارية عاملا فارقا بالنسبة للعملاء، من حيث توفير الوقت، وتوفير الأمان، وتقليل التكلفة، وتحقيق الرفاهية، وتحقيق التواصل مع الإدارة بصورة أسرع.
ولا ننكر أنه في البداية استغل المطورون والمسوقون التكنولوجيا العقارية لزيادة تكلفة وحدات المشروع العقاري الذي يعمل بالتكنولوجيا العقارية، باعتباره يوفر مميزات لا غنى عنها في الوقت الحالي، ولكن في الواقع توفر التكنولوجيا العقارية تكلفة كان يتحملها العميل على مدار إقامته في الوحدة سواء سكنية أو إدارية.
على سبيل المثال، في الماضي كان يتم حل المشكلة بعد وقوعها، كمشكلات المرافق، ولكن مع وجود التكنولوجيا العقارية، أصبح السوفت وير يعطي إشعار بتقرير ينذر العميل وإدارة المرافق باحتمالية وقوع عطل أو كارثة، ويحدد العطل، بالإضافة للطريقة الصحيحة لمعالجته، سواء كانت المشكلة في الأمن أو الكهرباء أو المصاعد، وحتى الإضاءة الداخلية للمنازل، وبالتالي توفر التكنولوجيا العقارية الوقت والمال لتفادي وقوع المشاكل والكوارث قبل حدوثها.
اقرأ أيضًا:محمد السكراوي: فرص وتحديات التكنولوجيا العقارية ودورها في دعم المطورين العقاريين
وكيف يستفيد المطور العقاري من التكنولوجيا العقارية؟
إذا كانت التكنولوجيا العقارية تخدم العميل كهدف أساسي، لكنها على جانب آخر حققت فائدة كبيرة للمطورين العقاريين، فاستخدام التكنولوجيا العقارية في عملية البناء، وفر تكاليف زائدة كان يتحملها المطور في أدوات البناء والطاقة المستخدمة، وكفلت له استخدام تقنيات متطورة ومستدامة مثل الخلايا الشمسية، وكذلك اختيار أفضل مواد البناء المناسبة للمشروع.
إذا أردنا العودة للبدايات قليلا، متى بدأ مصطلح التكنولوجيا العقارية في الظهور في السوق المصري، ومتى بدأ تطبيقه؟
مصطلح التكنولوجيا العقارية موجود خارج مصر قبل أكثر من 15 عاما بأدوات مختلفة، أما بالنسبة لمصر بدأنا في استيراد التكنولوجيا العقارية قبل 4 سنوات وتطبيقها على أرض الواقع، وحتى الآن تعتبر مصر في المراحل الأولى في تطبيق التكنولوجيا العقارية بالمدن الجديدة الذكية مقارنة بالمدن الذكية العالمية.
ولكن مع وجود منافسة قوية بين المطورين العقاريين، بدأت المدن الذكية تخطو خطى سريعة لمواكبة التكنولوجيا العقارية العالمية، وقد نحتاج بالفعل لبعض الوقت لمسايرة التطور العالمي، ولكن المنافسة عامل قوي لتقليل العامل الزمني.
وكيف يمكن تقييم الوضع الحالي لاستخدام التكنولوجيا العقارية في السوق المصري؟
كما اتفقنا فإن التكنولوجيا العقارية تتضمن أنواعا عديدة، وتدخل في كافة مراحل المشاريع العقارية، ونحن في مصر حاليا استطعنا أن نصل إلى قرابة 40% من التكنولوجيا العقارية العالمية، ويسعى المطورون إلى استكمال تطبيق كافة أدوات التكنولوجيا العقارية العالمية، وخلال السنوات الثلاث القادمة، أتوقع أن نصل إلى قرابة 70% من التكنولوجيا العقارية العالمية في جميع مراحل المشاريع العقارية، بداية من مرحلة البناء، وصولا إلى التسويق وخدمات العملاء بعد التسليم.
ما الجيل التالي من التكنولوجيا العقارية إذا صح التعبير؟
خلال السنوات القليلة الماضية انتشر مصطلح التكنولوجيا العقارية على نطاق واسع، بعدما بدأ تطبيقه والتعرف على مزاياه وإمكانياته، وتعود عليه العملاء كواقع ملموس، ولكن مع الوقت ستفقد التكونولوجيا العقارية رونقها وحداثتها لتصبح شيئًا تقليديا.
والقادم هو الذكاء الاصطناعي والروبوتات، وأتوقع سيطرتهم على السوق العقاري الفترة القادمة، وهناك مؤشرات عالمية تؤكد ذلك، حيث تم بالفعل الاستعانة بالذكاء الاصطناعي والروبوتات كعناصر أساسية في القطاع العقاري خارج مصر، ومع تطوير البنية التحتية في المدن الجديدة نستطيع استيراد تلك الأفكار الحديثة.
وكيف سيكون مصير المدن التقليدية، كالقاهرة القديمة، في ظل انتشار المدن الذكية؟
مدن القاهرة القديمة، مثل المعادي وجاردن سيتي، والتي كانت الخيار الأول للإقامة، تراجعت لتأخذ محلها المدن الجديدة الذكية، ولكن لن نجد القاهرة القديمة خالية من السكان يوما، حيث ستتم إعادة هيكلة تلك المدن القديمة لتواكب الحياة الرقمية، سواء من خلال بناء مشاريع عقارية ذكية في تلك المناطق، أو إعادة بناء بنيتها التحتية، أو هدم المناطق العشوائية وبناء مدن ذكية محلها تواكب مجريات العصر، وذلك بدأ تطبيقه بالفعل، لإدخال التكنولوجيا العقارية بها بشكل جزئي.
إذا شئنا النظر بتوسع لمشاريع مثل العاصمة الإدارية الجديدة ورأس الحكمة.. كيف سيؤثر الفارق الزمني بينهما على تطور تقنيات المدن الذكية بهما؟
حتى الآن العاصمة الإدارية الجديدة متفوقة بالنسبة للعامل الزمني، ولكن من جانب التكنولوجيا ونوعية المطورين والخبرات المستوردة من خارج مصر، من المتوقع أن رأس الحكمة ستسبق العاصمة الإدارية من حيث الخبرات التكنولوجية والرقمية، خصوصا مع ضخ الاستثمارات الدولارية وتوفير أحدث أدوات التكنولوجيا العقارية والذكاء الاصطناعي المتاحة عالميا.
في الختام، كيف يمكن ترسيخ تبني السوق المصري للتكنولوجيا العقارية، وتذليل العقبات أمامها؟
من أجل ذلك أوجه رسالة إلى جميع القطاعات المسؤولة، سواء من الدولة أو من المطورين، بضرورة الإسراع في تحقيق تواجد قوي للتكنولوجيا العقارية وتقنيات المدن الذكية في مصر، وتقديم كل التسهيلات اللازمة لتحقيق ذلك، لأنه سيساعد بشكل مباشر في النمو الاقتصادي وتحقيق مكاسب دولارية، والتواجد وسط التكنولوجيا العقارية هو محور اهتمام كل مستثمر أجنبي، لذلك يجب التركيز على البنية التحتية لتجهيزها بما بتناسب مع التكنولوجيا العقارية، لزيادة نسبة المنافسة العقارية في السوق المصرية، التي تنعكس على توفير أفضل خدمة للعميل بأفضل أسعار متاحة.