حوار| رئيس «التصديري للصناعات الهندسية»: كورونا اختصرت 8 سنوات في مسيرة التحول الرقمي لقطاع الصناعة.. ونقص التمويل أكبر عقبة تواجه الشركات
سرّع تفشي فيروس كورونا وتيرة التحول الرقمي بقطاع الصناعات الهندسية واختصر مسافة زمنية قرابة 8 سنوات في عام واحد، واستفاد القطاع من التكنولوجيا في عمليات التسويق للصادرات خلال عام الوباء.
وقامت FollowICT بإجراء هذا الحوار مع المهندس شريف الصياد، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، للتعرف منه على تطورات القطاع الصناعي من الناحية التكنولوجية، ودور التحول الرقمي في دعم القطاع خلال الجائحة.
في البداية.. كيف استفاد قطاع الصناعات الهندسية من التكنولوجيا الفترة الأخيرة وبالأخص خلال عام كورونا؟
فرض تفشي فيروس كورونا على القطاع التحول نحو التجارة الإلكترونية بشكل أكبر، حيث حققت مبيعات الشركات التابعة للقطاع وفي مقدمتها الأجهزة المنزلية والكهربائية، قفزات كبيرة في الطلب في ظل التخوف من الخروج من المنزل والتسوق من المولات والمحال التجارية.
وهذا الخوف تسبب في مضاعفة حجم التسويق الإلكتروني، ودفع أغلب الشركات التي لم يكن لديها منصات وصفحات لتسويق منتجاتها إلكترونيا إلى إنشاء صفحات لها على منصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إقامة اتفاقيات مع البنوك لتوفير التقسيط، وتعاونت مع شركات الشحن والتوصيل دون الحاجة إلى التعامل مباشرة مع العملاء.
واستفاد القطاع أيضا من وتيرة التحول الرقمي السريعة خلال عام الوباء في خفض تكلفة اللقاءات التي كانت تعقدها الشركات المصدرة في الخارج والتي كانت تكلفها مبالغ ووقت كبير ووفرت عليها زمن رحلات الطيران وما يتبعه من حجز تذاكر وفنادق واستبدال كل ذلك بعقد اجتماع عبر التطبيقات التكنولوجية وأشهرها ZOOM.
كيف سرّع تفشي فيروس كورونا من وتيرة تحول الصناعات الهندسية نحو الرقمية؟
لا شك أن القطاع الصناعي كان يتحول بالفعل نحو الرقمية واستخدام التكنولوجيا الحديثة في التصنيع والتسويق، لكن تفشي الوباء سرع بالفعل هذا التوجه واختصر مسافة زمنية تتراوح بين 6 و8 سنوات سنوات في عام واحد فقط.
هل كل هذا التحول نحو الرقمية يمكن الاستغناء عنه بعد انتهاء كورونا؟
العالم لن يعود إلى النقطة التي بدأ منها مع تفشي الوباء فيما يخص التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا في الترويج للمنتجات وآليات العمل خاصة بعدما أثبتت قدرتها على خفض التكلفة واختصار الوقت.
وأصبح بإمكان الشركات الحصول على نتائج أفضل بدون تكلفة أو بتكلفة رمزية مقارنة لتكلفته قبل تفشي فيروس كورونا.
هل سيستمر العمل عن بعد انتهاء الوباء؟
كما اتفقنا أن العالم بعد كورونا لن يعود لما كان عليه قبل الوباء، وهذا هو الحال في العمل من المكتب، وبعدما تمكنت الشركات من انجاز أعمالها بجزء من العمالة من المكتب وجزء عن بعد فستتجه الشركات إلى عدم إلزام الموظفين بالذهاب إلى العمل يوميا؛ لتوفيره لفترة الانتقال ومصروفات السيارات وغيرها من تكاليف ووقت.
وبالنسبة لعملية تسويق الصادرات كيف استفادت الصناعات الهندسية من التكنولوجيا في الترويج للمنتج؟
المجلس طور منصة التسويق الإلكتروني الخاصة به لتضم كل الشركات أعضاء المجلس والتي تسجل نحو 280 شركة، وهذه المنصة كانت موجودة بالفعل منذ قرابة 6 أعوام لكن تم تحديثها وتوفير كافة المعلومات عن الشركات الصدرة.
ولم يقتصر دور المجلس على توفير معلومات عن الشركات بل وفر إمكانية عرض منتجات الشركات على منصة المجلس، وساعد الشركات الصغيرة في تصوير وعرض منتجاتها بصورة احترافية لجذب مشترين من الخارج لهذه المنتجات.
وسعت الشركات لتوفير بياناتها على المنصة وعرض منتجاتها عليها في ظل توقف السفر خلال تفشي الوباء وتوقف إقامة المعارض الدولية خلال العام الماضي.
ويتم الاعتماد على دعاية مدفوعة للمنصة على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة للتعريف بالمنتج المصري والوصول لأكبر عدد ممكن من العملاء؛ لزيادة صادرات القطاع ودخول أسواق تصديرية جديدة.
كيف تعامل المجلس في المعارض الافتراضية التي تم اقامتها خلال فترة تفشي كورونا؟
المجلس أقام بالفعل النسخة الثانية من معرض “هاتس” افتراضيا، ولم يحقق النتائج المتوقعة منه مقارنة بالنسخة الأولى من المعرض والتي تم تنظيمها بشكل واقعي.
ومن الواضح أن فكرة المعارض الافتراضية لم تلقى النجاح المنشود منها، حيث يفضل المستورد الخارجي التعرف على المنتج عن قرب، ومن الواضح أن صناعة المعارض لن تتأثر خلال الفترة القادمة بهذا التحول.
كيف نستفد من الذكاء الاصطناعي في الصناعة وهل اخترق الروبوت عمليات التصنيع؟
من أفضل مزايا الصناعة في مصر هو توفر عمالة ماهرة ومدربة بتكلفة منخفضة لذلك لا أرى ضرورة السعي خلال الفترة الحالية نحو الاعتماد على الروبوت في عمليات التصنيع، لكن يجب الاستفادة منها في أمور أخرى في الصناعة.
ومن الممكن جذب الصناعات كثيفة العمالة إلى مصر والاستفادة من هذه الميزة، حيث إن فكرة التطور التكنولوجي جيدة لكن يجب الاستفادة منها بما يفيد الصناعة، خاصة أن الاعتماد على الروبوتات في عملية التصنيع مازالت تكلفة كبيرة تحتاج إلى استثمارات كبيرة.
ويمكن الاستفادة من برامج تشغيل المصانع مثل ERP، والذي يعتمد على ضم كافة الإدارات وخطوط الإنتاج في المصنع على برنامج واحد قادر على التحكم ومراقبة كافة عمليات التشغيل.
وتستخدم الشركات نظام ERP المحاسبي لإدارة عملياتها التشغيلية، حيث يعمل النظام على دمج البرامج إن كانت على قاعدة بيانات واحدة ومن هنا يكون من السهل اتخاذ القرارات.
وتسعى أغلب الشركات حاليا إلى الاعتماد على مثل هذه البرامج والتطبيقات في تشغيل مصانعها، وهذه البرامج تخفض التكلفة الإدارية، حيث يضم هذا البرنامج كل قطاعات المصنع والشركة على برنامج واحد.
هل تكلفة هذه التطبيقات كبيرة؟
التكلفة ليست كبيرة إذا ما نظرنا إلى المردود الإلجابي للاعتماد على مثل هذه التطبيقات في تشغيل المصانع، لكن الصعوبة الأكبر هي تدريب العاملين على هذه البرامج، ويتجاوز هذا البرنامج في بعض الحالات مليون جنيه أو أكثر.
متى يسترد البرنامج والتطبيقات الخاصة بالتشغيل تكلفتها؟
عندما تعتمد الشركات على هذه التطبيقات فهي تستهدف استرداد تكلفته خلال فترة من 3 إلى 5 سنوات.
كيف ينعكس استخدام هذه التطبيقات والأنظمة على الصناعة؟
تستفد الشركات من هذه البرامج من تقليل نسبة العمالة وخفض الفاقد في الخامات والوقت، حيث تساعد على خفض تكلفة المنتج بنحو 5%، وهذه النسبة ستكون عوائدها ضخمة مع الشركات الكبرى التي تنتج بمليارات الجنيهات سنويا.
هل الشركات الكبيرة والعالمية التابعة للقطاع الهندسي في مصر اعتمدت على هذه التكنولوجيا؟
أغلب الشركات تعتمد بالفعل على هذه البرامج في عمليات التشغيل خلال الـ 7 سنوات الأخيرة، حيث إن الشركات العملاقة أصبحت غير قادرة على الاستغناء عن هذه البرامج التي تنظم كافة أعمالها.
توجه الدولة نحو الرقمية والفاتورة الإلكترونية والتسجيل المسبق للشحنات وغيرها.. كيف تتعامل الشركات مع هذه الأنظمة الجديدة؟
لو لم تكن الشركات لديها قاعدة قوية للتحول الرقمي لن تقدر التعامل مع توجه الدولة حاليا نحو الرقمية، سواء في الفاتورة الإلكترونية والتي تتطلب توفير كافة البيانات عن الشركة، أو عمليات التسجيل المسبق للشحنات قبل الاستيراد، وغيرها من أنظمة مثل النافذة الواحدة.
ماذا تحتاج الشركات المصنعة لدعم خطتها للتحول الرقمي؟
إن الشركات الكبيرة لديها قدرة مالية للتحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا والأنظمة والتطبيقات الحديثة في عملية التشغيل والإدارة، لكن الشركات الصغيرة والمتوسطة مازالت بحاجة إلى تمويل.
وكان مركز تحديث الصناعة التابع لوزارة التجارة والصناعة يمول الشركات في جزء من هذه البرامج للتحديث والتطوير للمنتج سواء في تمويل جزء أو توفير التمويل اللازم وتقسيط القيمة على عدة سنوات بدون فوائد أو فوائد مخفضة لكن هذا الدور غاب حاليا.
ويجب على الحكومة مساعدة الشركات في توفير التمويل اللازم لها، خاصة أن عوائد هذه البرامج تحتاج لفترة من 3 إلى 5 سنوات لاسترداد قيمتها، وفي بعض الأحيان لا يكون المردود واضح للشركات لكن يتم استرداده على المدى الطويل في خفض التكلفة وتحسين عملية التشغيل والإدارة.
من المنوط به تعريف وتوعية الشركات بأهمية التحول الرقمي وبناء قاعدة تكنولوجية لديها؟
المجلس يقوم بدوره في هذا الشأن بعقد ندوات تعريفية للشركات بمشاركة القطاع الحكومي من الجمارك والضرائب والشركات التي توفر برامج وتطبيقات التشغيل وتدرب العمالة.
ومازلنا بحاجة إلى التعاون خلال الفترة المقبلة لعقد لقاءات مع الجهات المانحة والممولة لتوفير تمويل للشركات للاعتماد على الأنظمة الحديثة، ونسعى بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة في إيجاد طريقة لتوفير تمويل للشركات لدعم عملية التحول.