«سرعات الإنترنت تلك هي المسألة» في زمن جائحة فيروس كورونا المستجد، حيث لا حديث حاليا داخل مجتمع المعلومات إلا عنها، فهي دلالة رئيسية على حجم الأعمال للقطاع الرقمي بشكل كامل وكذلك الخدمات الحكومية الرقمية خلال الأزمات، وأيضا تعبير دقيق عن حجم الإنجاز خلال العمل عن بعد للقطاعين الخاص والعام، والتركيز على التقنية لقيادة المستقبل.
فالمسألة لم تعد مؤشر حول شيء بل أصبحت في عام الجائحة كل شيء، حيث طوفان من البيانات يجري في شبكات الإنترنت، ومستهلكون يجلسون على أجهزة إلكترونية لا تفارقها أعينهم إلا في لحظات النوم، ومؤسسات اقتصادية وصحية وتعليمية يحدد مستقبلها وفقا لمدى نفاذها الرقمي، فالإنترنت أصبح بامتياز عصب الحياة للمستقبل المنظور وللوظائف والأسواق وأيضا الترفيه في حياة الكثيرين من أفراد المجتمع.
الدولة المصرية تبنت استراتيجية توسعية خلال الثلاث سنوات الماضية لدعم البنية التحتية للاتصالات بمشاركة اللاعبين الرئيسيين في القطاع الخاص، في سياسة استباقية لخلق سيناريوهات لإطلاق ما يسمى بالطاقة الكامنة للبيانات وأيضاً مساعدة أصحاب القرار على اتخاذ خطط بناءً على بينة تحتية قوية ومحمية، حيث تم تخصيص حزمة مليارية من الاستثمارات لدعم البنية الأرضية وأيضا شبكات المحمول، لجعل البنية التحتية الرقمية قوية لمواجهة جميع التحديات واقتناص الفرص في 2021 وما بعد 2020 .
لكن أزمة كورونا وتداعياتها الرقمية، فرضت على مصر إعادة النظر فيما هو قادم، حيث الاحتياج إلى سياسات محفزة جديدة لتسريع عملية التحول الرقمي اعتمادا على شبكات إنترنت فائقة الجودة والسرعة، تتطلب مزيدا من الشراكات لتطوير البنية التحتية وقرارات جديدة لتحرير الطيف الترددي، والتجهيز لتكنولوجيات جديدة كالجيل الخامس، في عالم لا يعترف حاليا إلا بالتنافسية الرقمية.
الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قال أن الوزارة بدأت منذ مطلع العام قبل الماضي خطط لدعم البنية التحتية للاتصالات حيث استثمرت الحكومة قرابة 30 مليار جنيه للنهوض بشبكة الاتصالات في مصر ، مشيرا إلى أن البنية المعلوماتية بعد التطوير استطاعت تحمل الأعباء المتزايدة علي خدمات الاتصالات من قبل المستخدمين الأفراد والمؤسسات خلال ذروة الجائحة.
وأشار إلى أنه تم البدء فى تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع تطوير البنية التحتية في النصف الثاني من 2020 بتكلفة تزيد على 400 مليون دولار في العام المالي الحالي، وهو ما ساهم في استيعاب تزايد استخدام الإنترنت وساهم في تقدم مصر في عدد من المؤشرات العالمية المتعلقة بقياس سرعات الإنترنت، وجاهزية استخدام الحكومة للذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى ارتفاع متوسط سرعات الانترنت الثابت في مصر ليصل في نوفمبر الماضى نحو 33.2 ميجابت/ثانية، وهو ما يوضح تضاعف سرعة الإنترنت ست مرات عن يناير 2019 ، لتشغل مصر المركز الرابع على مستوى إفريقيا في سرعة الانترنت الثابت.
ومن المتوقع أن تصل سرعات الإنترنت في مصر إلى 40 ميجابايت خلال الفترة المقبلة، بعد أن خصصت الحكومة استثمارات إجمالية تتخطى لـ 37 مليار ، كاستثمارات في تطوير البنية التحتية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال الثلاث أعوام الماضية.
وتشكل المصرية للاتصالات عنصرا استراتيجيا في دعم البنية التحتية الأرضية للاتصالات، حيث تعد الشركة الرئيسية التي تضخ استثمارات التحول من النحاس إلى الفايبر على مستوى الجمهورية وتنفيذ خطط التطوير، بما يضمن للعملاء سرعات فائقة حيثت ترتكز استراتيجية الشركة طويلة المدى على 3 عناصر رئيسية يتم من خلالها تقسيم المناطق لواحدة لا يوجد بها كابلات، وأخرى بها برودباند، وثالثة بها شبكات وكيفية نقل العملاء لسرعات أكبر.
كما تنفذ الشركة المصرية للاتصالات والتي تمتلك الحكومة 80 % من أسهمها، خطة عمل متكاملة لتطوير وتوسيع كلا من الشبكة الدولية والشبكة الرئيسية وشبكات التراسل وكذلك الشبكة الفقرية، والتوسع بقوة في نشر وحدات التجميع الذكية MSAN اعتمادا على كابلات الألياف الضوئية وذلك بالتوازي مع رفع كفاءة الشبكة الأرضية لجميع المستخدمين، إلى جانب دورها الرئيسي في مجال الاستثمار في الكابلات البحرية وشركاتها العالمية مع العديد من الشركات الدولية حيث تعد من أحد أكبر مشغلي الكابلات البحرية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
المهندس عادل حامد الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات أكد على أن عملية التحول الرقمي التي تتبناها الدولة وتسريعها بخدمات انترنت فائقة الجودة، تعتمد بشكل كبير على الشركة المصرية للاتصالات بكافة قطاعاتها الفنية، مشيرًا إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الشركة خلال العام الحالي، يتمثل في القدرة على تسريع وتيرة التحول الرقمي في مصر.
وأشار إلى إن الشركة مستمرة حاليا في مشروع إحلال وتطوير البنية التحتية لزيادة قدرات الشبكة ورفع جودة خدمات الانترنت عبر كافة انحاء الجمهورية عن طريق استبدال كابلات النحاس بكابلات الألياف الضوئية مع وجود خطة عمل للانتهاء من ذلك المشروع خلال الفترة القليلة المقبلة.
ولفت المهندس عادل حامد إلى ان استثمارات الشركة في الكابلات البحرية، بوابة رئيسية للدولة لزيادة سرعات الانترنت وتلبية الاحتياجات الملحة لسعات الإنترنت في مصر، بالإضافة الى دعم النمو المتزايد لخدمات الجيل الرابع والخامس وخدمات النطاق العريض، لافتا إلي توقيع الشركة الأخيراتفاقية مع شركة جوجل العالمية يتم بموجبها تقديم خدمات عبور للحركة الدولية الخاصة بشركة جوجل على مستوى بروتوكولات الإنترنت (IP Layer) والتي تعد الأولى من نوعها في مجال خدمات العبور، من خلال الشبكة الدولية الأرضية للمصرية للاتصالات عبر الأراضي المصرية بما يساهم في تعزيز قدرة سعات الحركة العابرة وزيادة معدلات الاستخدام.
وقامت الشركة المصرية للاتصالات خلال العام الماضي ببناء محطات إنزال جديدة للكابلات البحرية تم ربطها من خلال مسارات أرضية مختلفة عبر الأراضي المصرية ليصل إجمالي عدد محطات الإنزال لدى الشركة إلى 10 محطات في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ويبلغ إجمالي عدد المسارات الأرضية 10 مسارات.
على الجانب الأخر وفر ترخيص إنشاء وتشغيل الخدمات داخل «الكمبوند» لشركات المحمول الخاصة كاتصالات مصر وأورنج، مساحة للاشتراك في خطط تطوير خدمات الانترنت الأرضية وإتاحة سرعات أعلى للإنترنت داخل المجتمعات العمرانية المغلقة، وهي مجتمعات تتواجد بالعشرات حاليا على مستوى الجمهورية ، في ظل الحركة العمرانية المتنامية ومنافسة الشركات على عنصر الجودة التكنولوجية المقدمة داخل مشروعاتها كأحد أهم العناصر الرئيسية لجذب الشركات لنقل مقراتها إليها أو جذب العملاء للانتقال للعيش بها .
ونفذت العديد من شركات الاتصالات شراكات كبري خلال الشهور الماضية مع مطورين عقارين في هذا الإطار ، تشمل تقديم خدمات الـ Triple Play داخل المجتمعات العمرانية المغلقة ، وهي الخدمات المتطورة المتكاملة التي تمكن العملاء من الاستمتاع بخدمات الإنترنت، والـ TV، والتليفون الأرضي في باقة موحدة وبجودة غير مسبوقة، وذلك من خلال الألياف الضوئية (الفايبر).
واحتلت مصر المركز الـ90 عالميًا في أكتوبر الماضى، بسرعة 34 ميجابت في خدمات الإنترنت الأرضى، تلتها غينيا في المركز 91، بسرعة إنترنت 33 ميجابت، وسبقتها جامايكا بسرعة 36 ميجا بايت، وجنوب إفريقيا، فيما جاءت سنغافورة فى المركز الأول بسرعة 229 ميجابت، بينما احتلت الإمارات و السعودية المركز 29 بسرعة 117 ميجابت.
ووفقا لإحصائيات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بلغت نسبة مستخدمى الانترنت 57.3% فى عام 2019/2020 بالمقارنة بنحو 47.6 % بنهاية عام 2018/2019 بزيادة حوالى 10% مقارنة بالعام الماضي، وبلغ عدد مشتركى الانترنت فائق السرعة (ADSL) نحو 8.6 مليون مشترك بنهاية أكتوبر 2020؛ مقارنة بنحو 7.17 مليون مشترك بنهاية أكتوبر 2019 بزيادة 1.43 مليون مشترك جديد.
ويمثل توفير سرعات انترنت المحمول أهمية قصوي في عملية التحول الرقمي للدولة المصرية، حيث تتذايد معدلات الطلب على البيانات عبر المحمول مع تسارع الخدمات الرقمية المقدمة وزيادة المحتوي العربي بكافة أشكالة والذي يشهد اقبالا كبيرا من المستخدمين على كافة المنصات وأبزرها وسائل التواصل الاجتماعي ، وهو مادفع الشركات إلى تخصيص استثمارات بمليارات الجنيهات خلال العام 2020 تخطت الـ 15 مليار جنيه ، لمواجهة الطلب على الانترنت المحمول عبر دعم بينتها التحتية الخاصة بتكنولوجيا الجيل الرابع ودمج خدمات جديدة تعزز من عملية التحول الرقمي ، وتتلائم مع متغيرات السوق المصري الذى أصبح أكثر وعيا وطلبا للخدمات الرقمية في ظل جائحة كورونا.
وبلغ عدد مشتركي(Mobile Broadband) حوالى 45.5 مليون مستخدم بنهاية أكتوبر 2020 مقارنة بنحو 42.25 مليون مستخدم بنهاية أكتوبر 2019.
الشركات استكملت هذا التوجه مع بداية العام الجاري، حيث وقعت شركات فودافون مصر والمصرية للاتصالات واتصالات مصر اتفاقيات مع الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات منذ أيام؛ لتخصيص النطاقات الترددية الجديدة في الحيز الترددى 2600 ميجاهرتز، وذلك بعد الانتهاء من كافة الإجراءات التنظيمية للوصول للشكل الأمثل للتخصيص بغرض تعظيم الاستفادة من هذه الترددات مما ينعكس على جودة الخدمة المقدمة للمستخدم.
وفي إطار الخطة الشاملة لتحسين جودة خدمات الاتصالات المقدمة ، تم وضع معايير جديدة بالاتفاقيات الموقعة لرفع مستوي خدمات الاتصالات المقدمة في السوق المصري (خدمات صوتية – نقل بيانات) بما يتماشى مع أعلى المحددات والمعايير الدولية المتعارف عليها.
وأكد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أن هذه الاتفاقيات تمثل خطوة هامة لرفع قدرات البنية التحتية المعلوماتية في مصر ، وزيادة قدرتها على مواجهة التحديات التى فرضتها جائحة كورونا، والتى أدت الى تضاعف الأحمال وزيادة ساعات الذروة لتصل الى 15 ساعة في اليوم خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات ستساهم في تحفيز شركات المحمول لضخ استثمارات جديدة في تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية لشبكات التليفون المحمول مما سيؤدي إلى تحسين جودة خدمات الاتصالات المقدمة، ورفع درجة جاهزية تلك الشبكات لتقديم خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المستقبلية مع مراعاة معايير الجودة العالمية وذلك تماشياً مع إستراتيجية الدولة في دعم عمليات التحول الرقمي.
وقال المهندس حازم متولي الرئيس التنفيذي لشركة اتصالات مصر ، أن الترددات الجديدة ستسمح للشركة بتقديم سرعات جديدة في خدمات نقل البيانات، مشيراً إلى أن اتصالات مصر تتمتع بشبكة قوية حتى قبل التعاقد على الترددات الجديدة، فضلاً عن التميز في تقديم خدمات العملاء وخدمات ما بعد البيع، موضحًا أن هذه الترددات ستكون موجهة بشكل أكبر نحو رفع سرعة خدمة نقل البيانات.
وأشار إلى أن عام 2020 شهد العديد من التحديات والتغيرات نتيجة تفشي فيروس كورونا المستجد، مشيرا إلى أن قطاع الاتصالات لعب دوراً كبيراً خلال هذا العام، حيث وضعت الأزمة مسئولية أكبر على عاتق شركات الاتصالات، مؤكداً أن “اتصالات مصر” قدمت العديد من الخدمات الجديدة رغم الظروف القاسية التي فرضتها الأزمة.
وأكد على أن الشركة ستضخ استثمارات تصل إلى 4 مليارات جنيه العام الجاري ، لتطوير شبكتها ولرفع كفاءة الخدمات المقدمة إلى مستويات قياسية جديدة.
من جانبه قال المهندس محمد عبد الله الرئيس التنفيذي لشركة فودافون مصر، أن الترددات الجديدة من شأنها تقديم سرعات غير مسبوقة فى خدمات نقل البيانات للعملاء علاوة على تحسين جودة المكالمات الصوتية.
وكشف عن ضخ استثمارات فى تطوير الشبكة خلال العام الماضي بقيمة 5 مليارات جنيه، ويصل إجمالي الاستثمارات إلى 13 مليار جنيه خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد حصولها على ترخيص تشغيل تكنولوجيا خدمات الجيل الرابع للاتصالات والتى وصلت نسبة تغطيتها حاليا على الشبكة إلى 98%.
وقال المهندس عادل حامد الرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات ، أن الترددات الجديدة تمكن الشركة من تحقيق انتشار أوسع وتقديم خدمة أفضل لعملاء الشركة، مؤكدًا أن الشركة نجحت خلال 2020 في تقديم خدمة أفضل للعملاء وستواصل استثمار هذا النجاح والترددات الجديدة في تحقيق نجاح أكبر.
من جانبها عززت شركة أورنج استثماراتها في مجال تطوير وتحديث بنيتها التحتية تح بضخ نحو 4 مليارات جنيه خلال 2020 وفقا للمهندس ياسر شاكر الرئيس التنفيذي للشركة ، لترتفع استثماراتها بمصر إلى أكثر من 60 مليار جنيه خلال 20 عاماً.
وأشار إلى أن الشركة قامت بتوجيه ما يقرب من 80% من محفظة استثماراتها السنوية خلال عام 2020 لمجال نقل البيانات وتغطية معظم المناطق وبناء محطات عديدة في مختلف المحافظات، لضمان أعلى معايير التأمين والجودة وامتصاص الزيادات المفاجئة في الطلب المتنامي على خدمة البيانات بجانب قدرة الشركة على الاستغلال الأمثل لتلك الترددات وتوزيعها بشكل ذكي بما ساهم في توزيع الضغوط بشكل سريع وفعال.
وبحسب مؤشرات “SPEED TEST” لقياس سرعة الإنترنت، فإن مصر تقدمت ثلاثة مراكز في سرعات الإنترنت على الهاتف المحمول، واحتلت المركز 97 عالميا بسرعة إنترنت 19.99 ميجابت، تلتها السلفادور بسرعة إنترنت 19.91 ميجابت، وسبقتها أنجولا بسرعة 20.54 ميجابت، واحتلت الإمارات العربية المتحدة المركز الثاني بسرعة إنترنت 129 ميجابت.
“الرهان على انطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس في مصر” يبدو قريبا جدا لتعزيز سرعات الانترنت المحمول في مصر ووصولها لمستويات قياسية ، وسط توقعات من المحللين أن تكون بدايتها في بعض المدن الذكية كالعاصمة الإدارية الجديدة ودمجها، حيث من المتوقع أن تحققق السرعة التي توفرها طفرة كبيرة في نقل البيانات والتطبيقات، وأنظمة النقل، والإدارة والتحكم، وتقنيات إنترنت الأشياء، وهو المستهدف تطبيقه بالعاصمة الإدارية الجديد، باكورة المدن الذكية في مصر، والتي من المرتقب إطلاق شبكات الجيل الخامس بها قريبا، وفق ما أعلنه رئيس فودافون العالمية، خلال استقبال الرئيس السيسي له.
وبحسب تقارير عالمية ، فإن تكنولوجيا الجيل الخامس ستعمل على زيادة سرعات الانترنت بشكل أسرع، كما أن الهواتف ستصبح أرخص، وسيكون العام الجاري والمقبل الأعوام التي سيبدأ فيه المستهلكون في المطالبة بـ شبكات الجيل الخامس.