على مدار السنوات الماضية كان لدى الجهات الحكومية بعض القرارات المتعلقة بدعم قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة، ولكن اعتبرها البعض مجرد نوايا لا ترتقي إلى تقديم دعم حقيقي لهذا القطاع، ولكن هذا الرأي تغير مع افتتاح الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لمقر وحدة ريادة الأعمال والشركات، وإطلاق المنصة الإلكترونية الخاصة بالوحدة، في خطوة طالب بها الكثيرون على مدار سنوات ليكون هناك كيان حكومي مختص بهذا القطاع، حيث سيضم المقر مكتب مختص بإجراءات التأسيس الإلكتروني للشركات الناشئة، ومكتب للرد على الاستفسارات الخاصة برواد الأعمال، ومكتب لتلقي المقترحات والشكاوى والتحديات من ممثلي الشركات الناشئة.
فما هي فائدة هذه الوحدة، وهل بذلك أصبح الدعم الحكومي للشركات الناشئة في مساره الصحيح؟ وما هي الخطوات التالية التي تحتاجها تلك الشركات؟
تحديات رواد الأعمال
إطلاق الوحدة جاء تنفيذًا لواحد من أهم قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وقرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بتشكيل الوحدة الدائمة لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة على أن تشمل ممثلي كافة الجهات المعنية بريادة الأعمال، وفقا لحسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والذي أشار إلى أن الوحدة ستختص بالتواصل مع رواد الأعمال للتعرف على التحديات التي تواجههم ومقترحاتهم وأفكارهم لوضع حلول مناسبة لتطوير بيئة ريادة الأعمال في مصر، بينما ستعرض المنصة الإلكترونية الخاصة بالوحدة كافة الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية الداعمة لريادة الأعمال، كما تتضمن جميع المعلومات عن بيئة الشركات الناشئة في مصر، وجاري إضافة جميع المعلومات عن الجهات التمويلية المهتمة بالقطاع من حاضنات ومسرعات أعمال وصناديق استثمارية.
وأعلن حسام هيبة عن تشكيل مجلس استشاري تطوعي، مُمثل بالكامل من القطاع الخاص ورواد الأعمال، يعمل على معاونة الوحدة في اقتراح السياسات والقوانين واللوائح الداعمة لنمو وازدهار الشركات الناشئة في مصر ، وهو الهدف الرئيسي من إنشاء الوحدة، مشيرًا إلى أن الوحدة ستقوم بإنشاء مقرات أخرى لها بمحافظات مصر لضمان التواصل مع رواد الأعمال في كافة أنحاء الجمهورية.
تعريف الشركات الناشئة
واستعرض حسام هيبة عدد من الملفات التي تضطلع بها وحدة ريادة الأعمال والشركات الناشئة، ومن أهمها وضع تعريف واضح ومحدد للشركات الناشئة ومشروعات ريادة الأعمال، لتسهيل حصولها على الحوافز المُخصصة بالشركات الناشئة الواردة بقانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر لعام 2020، كما تقوم الوحدة بحصر وتحليل الإجراءات والحوافز المقدمة للشركات الناشئة ورواد الأعمال، وذلك لاقتراح مجموعة جديدة من الحوافز خلال المرحلة القادمة، وتفعيل آليات تقليل زمن التخارج للشركات الناشئة بحيث لا تتجاوز المدة الإجمالية لعمليه التصفية 90 يومًا من تاريخ تقديم الطلب، بالإضافة إلى إعداد مُقترح لإنشاء مأمورية ضرائب خاصة بالشركات الناشئة.
حل المشاكل
ردود الفعل على إنشاء الوحدة كان إيجابيا داخل بيئة ريادة الأعمال، حيث علق رائد الأعمال أمير شريف، الشريك في خوازرمي فنتشرز، حيث كتب: كثيرون تابعوني وأنا أتحدث في مشاكل الشركات الناشئة والشركات الصغيرة منذ سنوات، وأني أركز على التحديات والفرص التي يمكن أن تفرق مع مصر بشكل كبير، ودائما عندما أتحدث أجد من يرسل لي رسائل من نوعية أنه ليس هناك أمل وأني أضيع مجهودي وصوتي، ولكني سعيد بكرم ربنا وحمده أنه أنعم عليّ وعلى غيري من رواد الأعمال أن كلامنا يتسمع ونرى بعض النتائج والخطوات الأولى التي كنا نتمنى أن تهتم بها الدولة في هذا الملف، حيث حضرت حفل إطلاق منصة وحدة ريادة الأعمال والشركات الناشئة التابعة لرئاسة الوزراء وهيئة الاستثمار، وهذه الوحدة تم إنشائها منذ شهور، وتضم 12 جهة ووزارة لتنسيق الاستراتيجيات والبرامج لكل ما يخص ريادة الأعمال. وتم افتتاح أول فرع للوحدة وإطلاق المنصة. وأحد مهام الوحدة تلقي الشكاوى والتنسيق مع 67 جهة ومقدم خدمة للشركات، كما أن الوحدة ستعمل على حل المشاكل بطريقة أكثر فاعلية، وبدأنا نرى بشائر ونتائج. تحية لهيئة الاستثمار والأستاذ حسام هيبة الذي حقق إنجازا بالفعل مع باقي الوزارات ورؤساء الهيئات المعنية في الحكومة لتشكيل هذه الوحدة، ونتمنى المزيد من النتائج لكي نحسّن مناخ الأعمال والاستثمار.
الاهتمام بالقطاع
وعلق رائد الأعمال والمستثمر محمد أبو النجا قائلا: حضرنا افتتاح المركز الدائم ووحدة ريادة الأعمال والشركات الناشئة في هيئة الاستثمار والمناطق الحرة، وبصراحة مجرد الاهتمام بهذا القطاع وإنشاء مركز مخصص له خطوة كنا نحلم بها منذ سنوات، شكرا لكل من ساهم وشارك في ذلك، وأتمنى أن يسهل هذا المركز على كل رائد أعمال أو أي شخص له علاقة بالشركات الناشئة كل الإجراءات ويلغي العقبات الورقية العديدة، لكي يكون هناك تركيز وتمويل للتشغيل.
توحيد الجهود
من جانبها تقول الدكتورة هبة مدحت، مدير مركز مصر لريادة الأعمار والابتكار: الوحدة الدائمة لريادة الأعمال هي وحدة تابعة لرئيس مجلس الوزراء، وتوحد جهود كل الجهات الحكومية في وحدة واحدة الهدف منها دعم صنّاع القرار لإصدار سياسات أو تشريعات جديدة لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، كخطوة هامة واستراتيجية بحيث تكون جهود الدولة موحدة.
وتشير إلى أن الشركات الناشئة تحتاج إلى أشياء كثيرة ومتنوعة من الحكومة ومن داخل الشركات نفسها، حيث تحتاج من الحكومة حوافز عديدة من أجل تسهيل عملها، وهو ما تعمل عليه الوحدة، حيث ستعمل على حل أي مشاكل تواجه الشركات الناشئة بشكل سريع، أو تسهيل الإجراءات التي لها علاقة بالجهات الحكومية.
وتضيف الدكتورة هبة أن الجزء الهام للشركات الناشئة هو التمويل لدعم تلك الشركات، حيث سيتم تشجيع المستثمرين لضخ أموالهم في تلك الشركات من خلال طمأنتهم بأن بيئة ريادة الأعمال في مصر جيدة ومهيئة للاستثمار فيها، والإجراءات التي تقوم بها الحكومة ومنها إنشاء وحدة ريادة الأعمال تساعد على ذلك وتعطي صورة إيجابية للمستثمرين، ليكون لديهم القابلية للاستثمار في هذه الشركات.
المسار الصحيح
كما تقول منة زغلول، الشريك المؤسس لشركة انطلاق لدعم ريادة الأعمال: تأسيس وحدة ريادة الأعمال جعل الدعم الحكومي للشركات الناشئة على المسار الصحيح، فلأول مرة نجد أن كل الجهات مجتمعة على ترابيزة واحدة، وأصبح هناك تعريف واضح للشركات الناشئة، ويكون هناك تنسيق بين جنيع الجهات، حيث سيكون هناك حلقة تواصل بين جميع الجهات المعنية، فكل جهة كانت تعمل بعيدا عن الأخرى، فلم يكن هناك دمج للجهود، كما أن تلك الوحدة استمعت لآراء شركات وصناديق استثمار وحاضنات، واستمعوا لنا في انطلاق، حتى يكون هناك حلقة وصل مع الجميع، والعمل على تقديم حوافز مبنية على فهم تحديات رواد الأعمال، وبذلك تستطيع الوحدة العمل على تهيئة البيئة التشريعية ومواكبة متطلبات الشركات بشكل صحيح.
وتضيف أن الشركات تحتاج إلى وضوح السياسات، وهذا من المفترض أن تعمل عليه الوحدة، حتى يعلم الجميع السياسات المتعلقة بالشركات الناشئة، بجانب أن هناك تحديات متعلقة بالوصول للجهات التي يمكن أن تساعد تلك الشركات، وهو ما ستقوم به الوحدة، كما أن الشركات في حاجة إلى أدوات تمويل مختلفة تواكب طبيعتها، وإتاحة البيانات التي تساعدها على إجراء دراسات السوق، وقد بدأت وزارة التخطيط تهتم بذلك، فإتاحة البيانات أمر يهم مؤسس الشركة والمستثمر، وتؤكد أن التقرير الذي أصدرته انطلاق ساهم في استثمار بعض المستثمرين في السوق المصري، حيث أصبح لديهم رؤية واضحة عن السوق.
