تحولات جذرية وخطوات متسارعة يتخذها البنك المركزي المصري خلال السنوات الأخيرة لتعزيز التحول الرقمي في مصر بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص، بدأها بإطلاق مبادرات للشمول المالي منذ أبريل 2017، وتوجيه البنوك للتوسع في المنتجات الرقمية كمحافظ الهاتف المحمول وخدمات الموبايل والإنترنت البنكي، مرورًا بإصدار ضوابط وقواعد رقمية تمثل طفرة في الصناعة المصرفية في مصر وعلى رأسها إصدار قواعد رخص البنوك الرقمية، وخدمات الإقراض والإدخار الرقمي، وصولاً إلى خدمة ترميز بطاقات الدفع على تطبيقات الهاتف المحمول، والتى كان أخرها تفعيل البنوك المصرية لخدمة «Apple Pay» فى مصر.
هذا التوجه من قبل البنك المركزي –والذي لم يكن وليد اللحظة بل نتيجة عمل ومجهود ضخم على مدار سنوات- يؤكد على أن وقت الاعتماد الكلي والتحول إلى التعامل الرقمي بشكل كامل قد اقترب، وهو ما تؤكده معدلات الشمول المالي التي وصلت إلى مستويات تتخطى 71.5%، أي أن عدد المواطنين الذين يمتلكون حساب معاملات مالية وصل إلى 48.1 مليون مواطن من إجمالي 67.3 مليون مواطن في الفئة العمرية (16 سنة فأكثر)، فضلاً عن حجم المعاملات الرقمية في مصر والذي من المتوقع أن يصل إلى أكثر من 22 تريليون جنيه بنهاية الشهر الجاري، بزيادة تتجاوز 200% مقارنة بعام 2021 الذي سجل 7 تريليون جنيه.
ولا يمكننا أن نغفل الطفرة التى حققها تطبيق «إنستاباي» في السوق المصرية، ووصول عدد العملاء المسجلين على التطبيق أكثر من 11 مليون عميل خلال فترة وجيزة، مع معاملات متوقع ان تتجاوز 2.7 تريليون جنيه خلال عام 2024، بزيادة قدرها ٢١٥% مقارنة بـ 855 مليار جنيه في عام 2023، ونموًا بنسبة 4700% مقارنة بعام 2022.
ووصلت حسابات المحافظ الإلكترونية في مصر إلى أكثر من 47 مليون حساب خلال 2024، مقارنة بـ 25 مليون حساب في نهاية 2021، بمعدل نمو بلغ 88%، ومن المتوقع أن تصل قيمة المعاملات عبر المحافظ الإلكترونية إلى أكثر 1.7 تريليون جنيه بنهاية 2024، بزيادة قدرها 535% مقارنة بـ 268 مليار جنيه في 2021، ومن المتوقع أن تصل عدد المعاملات عبر محافظ الهاتف المحمول إلى أكثر من 2.5 مليار معاملة خلال عام 2024، بزيادة 868% مقارنة بـ 258 مليون معاملة في 2021.
كل هذه المعطيات تؤكد على أن التحول الكبير الذي تشهده السوق المصرية في التحول الرقمي لم يأت صدفة، وإنما من خلال خطة محكمة واستراتيجية واضحة تسعى لتحقيق هدف أسمى وهو التحول الرقمي الكامل خلال سنوات معدودة، خاصة في ظل خطط البنك المركزي لإطلاق العديد من المشروعات الرقمية خلال الفترة المقبلة وعلى رأسها خدمة التوقيع الإلكتروني E-kyc خلال النصف الثاني من 2025.
وفي خطوة متزامنة مع هذا التحول، وتحفيزًا للتوسع في استخدام أدوات الدفع الإلكترونية، أعلن البنك المركزي، الأسبوع الماضي، عن الانتهاء من إطلاق خدمة ترميز بطاقات الدفع على تطبيقات الهواتف المحمولة وتفعيل خدمة أبل باي (Apple Pay) كمرحلة أولى، كخطوة هامة نحو تشجيع المواطنين على الاعتماد على الهاتف المحمول في إتمام المعاملات المالية الرقمية.
جاء إطلاق الخدمة بالتعاون مع الشركات صاحبة علامة القبول الدولية «فيزا وماستركارد» ومنظومة الدفع الوطنية «ميزة» وكذا مع شركة أبل مصنعة الهواتف الذكية، وبالتنسيق مع عدد من البنوك والعديد من مقدمي تطبيقات الدفع عبر الهاتف المحمول وكذا شركات التكنولوجيا المالية، مما يساهم في تحقيق التكامل بين المنظومات الدولية والمحلية لضمان توسيع نطاق خدمات الدفع الرقمية في مصر، ويعزز ثقة العملاء في استخدام المدفوعات الإلكترونية.
مواكبة للتطور العالمي في المدفوعات
يأتي هذا في ظل الطفرة التي شهدتها صناعة المدفوعات على مدى العقدين الماضيين، حيث أصبحت التقنيات الرقمية، مثل المحافظ، والمدفوعات من نظير إلى نظير، والمدفوعات اللا تلامسية، أكثر شيوعًا، كما لعبت اللوائح التنظيمية أيضًا دورًا حيويًا في دفع الابتكار وضمان حماية المستهلكين، ونتيجة لذلك، أصبحت منظومة المدفوعات الآن أكثر ترابطًا وتنسيقًا وكفاءة وأمانًا من أي وقت مضى.
وعلى مستوى مصر، قدرت شركة «Statista» البحثية، أن قيمة المدفوعات الرقمية فى مصر بلغت 18 مليار دولار عام 2023 مقابل 15.76 مليار دولار عام 2022 بنمو قدره 14.21%، ومن المتوقع أن تصل إلى 20.65 مليار دولار عام 2024، وأن تقفز إلى 30.85 مليار دولار بحلول عام 2028.
وأوضحت أن المدفوعات خلال العام الحالي ستشمل 16.14 مليار مدفوعات تجارة إلكترونية و4 مليارات دولار دفع عبر نقاط البيع، و190 مليون دولار تحويلات خارجية رقمية، كما رجحت أن ينمو سوق التحويلات الرقمية من الخارج إلى 630 مليون دولار فى 2028، وأن يصل حجم المدفوعات عبر التطبيقات الرقمية بالكامل إلى 8.83 مليار دولار خلال 2024 مقابل 6.33 مليار دولار فى 2023، على أن تصل إلى 16.35 مليار دولار فى 2028.
وأضافت أن متوسط التحويلات للشخص الواحد عبر التطبيقات الرقمية بالكامل، بلغت 12.31 ألف دولار عام 2023 مقابل 11.19 ألف دولار للشخص عام 2022 بنمو قدره 10%، ومن المتوقع أن تحقق 13.42 ألف دولار للشخص عام 2024، وأن تقفز إلى 17.9 ألف دولار عام 2028.
ويرى محللو «ستاتيستا» أن سوق التكنولوجيا المالية فى مصر يتطور بسرعة، مع ظهور المدفوعات الرقمية، والاستثمار الرقمي، وزيادة رأس المال الرقمي، والأصول الرقمية، والخدمات المصرفية الجديدة باعتبارها من أهم الاتجاهات، وأن المدفوعات الرقمية شهدت طفرة غير مسبوقة فى شعبيتها، مع اعتماد المستهلكين بشكل متزايد على حلول الدفع عبر الهاتف المحمول في معاملاتهم اليومية.
وأضافوا أن منصات الاستثمار الرقمى بدأت تكتسب المزيد من الاهتمام، حيث يبحث الأفراد عن خيارات استثمار منخفضة التكلفة وسهلة الاستخدام، وأصبح جمع رأس المال الرقمي خيارًا جذابًا للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة، لأنه يوفر وسيلة فعالة للحصول على التمويل.
وتوقعت المؤسسة أن ينمو سوق الاستثمار عبر القنوات الرقمية فى مصر 39.4% ليصل حجم الأصول المُدارة عبر التطبيقات إلى 7.34 مليار دولار فى 2024 مقارنة مع 5.3 مليار دولار فى 2023، وقدرت أن متوسط حجم الأصول المُدارة للمستخدم الواحد سيسجل 26.55 ألف دولار فى 2024 مقارنة مع 20.78 ألف دولار فى 2023، ومن المرجح أن تصل إلى 30.81 ألف دولار فى 2025.
وقدر المحللون، أن سوق التكنولوجيا المالية سيحقق إيرادات قدرها 160 مليون دولار فى 2024 مقابل 110.2 مليون دولار فى 2023، بواقع 116.5 مليون دولار إيرادات من الأصول الرقمية ومعظمها إيرادات شركات المدفوعات، و43.57 مليون دولار إيرادات الاستثمار عبر التطبيقات الرقمية، إذ تشمل الأصول الرقمية، قطاع الخدمات المصرفية الجديدة على البنوك الرقمية، والعملات المُشفرة.
من جانبها تشرح منصة «Followict» وتوضح مزايا إطلاق خدمة ترميز البطاقات على الهاتف المحمول وتفعيل «أبل باي» وتأثيرها على سوق المدفوعات الإلكترونية والشمول المالي في مصر، إذ تتيح منصة ترميز بطاقات الدفع الوطنية إضافة نسخة رقمية من بطاقة الدفع الإلكترونية على تطبيقات الهاتف المحمول واستخدامها في عمليات الشراء سواء عن طريق نقاط البيع الإلكترونية (POS) أو من خلال المواقع والتطبيقات الإلكترونية عبر الإنترنت (E-commerce) حيث يمكن التصديق على معاملات الدفع باستخدام الخصائص البيومترية، مثل بصمة الوجه أو الإصبع، دون الحاجة لإدخال الرقم السري للبطاقة، كما ستتيح الخدمة تحسين تجربة العملاء في إتمام المعاملات الإلكترونية بصورة لا تلامسية وبسرعة وأمان دون الحاجة إلى وجود بيانات بطاقات الدفع الإلكترونية.
وسيساهم إطلاق خدمة ترميز البطاقات أيضًا في زيادة معاملات السداد من خلال نقاط البيع الإلكترونية والتجارة الإلكترونية عبر الإنترنت التي شهدت تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية، حيث من المتوقع وصول قيم معاملات نقاط البيع الإلكترونية بنهاية عام 2024 لنحو 640 مليار جنيه بنسبة نمو 280% مقارنة بعام 2021 الذي تم خلاله تنفيذ معاملات بقيمة 169 مليار جنيه، وكذلك من المتوقع وصول قيم معاملات التجارة الإلكترونية إلى أكثر من 180 مليار جنيه بنهاية عام 2024 مقارنة بقيم معاملات تقدر بـ 29 مليار بنهاية عام 2021 بنسبة نمو أكثر من 500%.
وفور الإعلان عن الخدمة أعلنت 3 بنوك كبرى وهي «الأهلي المصري ومصر والتجاري الدولي CIB» عن إطلاق الخدمة في مصر، مؤكدين على أن الخدمة تمكن العملاء من عمليات الدفع بكل سهولة في المحلات التجارية من خلال الضغط مرتين على الزر الجانبي وتمرير جهاز iPhone أو ساعة Apple Watch بالقرب من جهاز الدفع لإتمام عملية الدفع اللاتلامسية.
وأشاروا إلى أن خدمة Apple Pay تتيح للعملاء طريقة دفع آمنة، حيث تتم المصادقة على كل عمليات الدفع باستخدام تقنية التعرف على الوجه Face ID أو تقنية التعرف على البصمة Touch ID أو رمز المرور الخاص بالجهاز، إضافة إلى رمز الأمان المتغير والمستخدم لمرة واحدة، ويمكن استخدام خدمة Apple Pay في أي مكان يٌقبل فيه الدفع اللاتلامسي ومنها؛ محلات البقالة والصيدليات وسيارات الأجرة والمطاعم والمقاهي والمحلات التجارية والعديد من الأماكن الأخرى.
وأضافوا أنه يُمكن للعملاء استخدام خدمة Apple Pay على أجهزة iPhone و iPad و Mac، وذلك لإتمام معاملاتهم الشرائية بشكل سهل وسريع من خلال التطبيقات أو المواقع الإلكترونية التي توفر الخدمة دون الحاجة إلى إنشاء حساب خاص أو إعادة إدخال بيانات البطاقة أو تفاصيل الشحن والفواتير.
وأكدوا على أن الأمان والخصوصية هما محور خدمة Apple Pay؛ فعند استخدام العملاء للبطاقات الائتمانية أو بطاقات الخصم المباشر في الدفع بواسطة Apple Pay، فإنه لا يتم تخزين أرقام البطاقات على الجهاز أو على خوادم Apple، ولكن يتم تعيين رقم فريد للجهاز وتشفيره وتخزينه بشكل آمن في العنصر الآمن (Secure Element)، وهي عبارة عن شريحة مُعتمدة متوافقة مع معايير الصناعة ومصممة لتخزين معلومات الدفع بأمان على الجهاز.
كما يمكن للعملاء ضبط إعدادات خدمة Apple Pay بسهولة ويسر، حيث يجب عليهم فتح تطبيق Wallet على جهاز iPhone، والضغط على علامة +، ثم اتباع الخطوات لإضافة بطاقات البنوك الائتمانية أو الخصم المباشر، وبمجرد إضافة العميل للبطاقة على أجهزة iPhone أو Apple Watch أو iPad أو Mac الخاصة به، يمكنه البدء في استخدام خدمة Apple Pay فورا، مع الاستفادة بكافة المزايا والمكافآت التي تقدمها بطاقات هذه البنوك.
خبراء ومصرفيون استطلعت «Followict» آراءهم، أكدوا على أن إطلاق منظومة ترميز البطاقات وبدء تفعيل خدمة Apple Pay فى مصر، يمثل خطوة بالغة الأهمية فى مسيرة التحول الرقمي التي يشهدها القطاع المصرفي المحلي، بفضل مزاياها العديدة، والتي ستسهم بشكل كبير في زيادة معدلات الشمول المالي عبر تشجيع المزيد من الأفراد للانضمام إلى النظام المصرفي والاستفادة من خدماته ودفع عجلة التجارة الإلكترونية من خلال زيادة الثقة فى المعاملات الرقمية، وتحسين تجربة العملاء بفضل سهولة وسرعة إجراء المعاملات.
وأضافوا أن هذه الخطوة إلى جانب تطبيق «إنستاباي» الذي شكل ثورة في سوق المدفوعات الإلكترونية منذ إطلاقه، يمثلان نقلة نوعية في طريق الاعتماد الكامل على الهاتف المحمول في إتمام المعاملات المالية الرقمية خلال السنوات القليلة المقبلة.
بدوره، قال حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي المصري، إن إطلاق خدمة ترميز بطاقات الدفع على تطبيقات الهواتف المحمولة يستهدف مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، واستثمار الطفرة الكبيرة التي يشهدها مجال الخدمات المصرفية الرقمية في مصر، والتي استفاد منها بشكل أساسي المواطن في مختلف أنحاء الجمهورية، بحيث أصبح يستطيع إجراء معاملاته المالية بسهولة وبتكلفة مناسبة في أي وقت ومن أي مكان.
وأشار رامي أبو النجا، نائب محافظ البنك المركزي، أن الخدمة الجديدة تؤكد التزام «المركزي» بتدعيم البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية، وتوفير خدمات دفع إلكترونية متطورة وآمنة للعملاء، إذ تقدم هذه الخدمة فرصًا هائلة لتقديم حلول مالية مبتكرة تتوافق مع متطلبات العملاء وتواكب أفضل المعايير العالمية.
ومن جانبه أكد محمد عبد العال الخبير المصرفي، أن إطلاق هذه الخدمة فى مصر يمثل نقلة نوعية في عالم المدفوعات الرقمية، إذ ستسهم في توسيع قاعدة عملاء البنوك بشكل ملحوظ، وذلك بفضل جاذبية هذه الخدمة الحديثة التي تتسم بالسرعة والأمان والسهولة.
وتوقع أن يشهد الطلب على الخدمات المصرفية زيادة ملحوظة مع تزايد اعتماد العملاء على الحلول الرقمية في تعاملاتهم اليومية، سواء داخل أو خارج مصر، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة إستراتيجية وستعزز من الشمول المالى، وستشجع الكثيرين على الانضمام إلى النظام المصرفي والاستفادة من الخدمات المصرفية المتنوعة، كما ستعود بالفائدة على البنوك من خلال زيادة أرباحها وإيراداتها وجذب عملاء جدد وزيادة ولاء العملاء الحاليين.
وأوضح أن الخدمة ستسهم أيضًا في تنشيط الحركة المصرفية وزيادة حجم المعاملات، ما يعزز من مكانة البنوك فى السوقين المحلية والعالمية، مضيفًا أن إطلاق خدمة Apple Pay فى مصر يعكس التوجه العالمي نحو التحول الرقمي فى قطاع الخدمات المالية، إذ تسعى البنوك إلى تبنى أحدث التقنيات لتقديم تجربة مصرفية أكثر سلاسة وراحة للعملاء، كما أنها تؤكد على أن الاعتماد الكامل على الهاتف المحمول في إجراء جميع المعاملات المالية أصبح واقعًا ملموسًا.
وتوقع الخبير المصرفي، أن تشهد السوق المصرية المزيد من الابتكارات فى مجال المدفوعات الرقمية خلال الفترة المقبلة، ما يسهم فى تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمى للخدمات المالية.
فيما قال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن إطلاق خدمة Apple Pay فى مصر، بالتعاون مع بنوك كبرى فى القطاع مثل الأهلى ومصر والتجاري الدولي، يُعد خطوة كبيرة نحو التحول الرقمي الشامل للمشهد المالي المصري، مؤكدًا على أن بقية البنوك ستُفعل هذه الخدمة تباعًا خلال الأسابيع المقبلة.
وأضاف أن هذه الخطوة التى تتسق مع الاتجاهات العالمية، تهدف إلى تعزيز الشمول المالى، وتسريع وتيرة المعاملات، ودفع عجلة التجارة الإلكترونية، ما يرسخ مكانة مصر كوجهة جاذبة للاستثمار الرقمي.
وتوقع أن يشهد حجم المدفوعات الإلكترونية نموًا هائلاً بفضل سهولة وسرعة استخدام Apple Pay، ما يقلل الاعتماد على النقد ويسهم في تعزيز الثقة في المعاملات المالية الرقمية، مع فتح آفاقًا جديدة أمام الفئات الشابة وتشجيع انتشار المدفوعات الإلكترونية عبر الهواتف الذكية ونمو التجارة الإلكترونية بشكل كبير.
ولفت إلى أنه فى ظل التنافسية الشديدة فى عالم المدفوعات الرقمية، من المتوقع أن تشهد مصر تعاونًا وثيقًا مع منصات عالمية أخرى وشركات تقنية ناشئة، ما يوفر للمستهلكين المزيد من الخيارات ويدفع بقطاع المدفوعات نحو مزيد من الابتكار.
وأشار إلى أن البنوك المصرية شهدت تطورًا كبيرًا فى البنية التحتية التقنية خلال السنوات الأخيرة ما مكنها من مواكبة التطورات العالمية في مجال المدفوعات الإلكترونية، ولكن قد يواجه بعض البنوك تحدياً، أبرزها تطوير البنية التحتية التقنية، وتعزيز الأمن السيبراني لحماية البيانات الشخصية ومع ذلك، فإن الفرص التى يوفرها هذا التحول تفوق التحديات بكثير.
من جانبه، يرى الدكتور عز الدين حسنين، الخبير المصرفي، أن دخول هذه الخدمة السوق المصرية، يمثل قفزة فى عالم المدفوعات الرقمية، كونها وسيلة دفع عالمية سهلة وآمنة، ما يسهم بشكل كبير فى تعزيز الشمول المالي، متوقعًا أن تشهد هذه الخدمة إقبالاً واسعاً من المصريين سواء داخل البلاد أو خارجها، ما يسهل عمليات الدفع ويقلل من الاعتماد على النقد، وذلك ما يتوافق مع إستراتيجية المجلس القومى للمدفوعات.
وأضاف أن هذه الخطوة تعد مرحلة أولى لتفعيل خدمات أخرى مثل Samsung Pay وGoogle Pay ، وهو ما يسهم في إقبال ضخم على هذه الخدمات من قبل شرائح كبيرة من المواطنين، ما يخلق منافسة صحية تدفع بقطاع المدفوعات الرقمية إلى الأمام، وتجعل الاعتماد على الهاتف المحمول بشكل كامل أمرًا حتميًا.
وأشار إلى أن هذا التطور سيعزز من الخدمات المصرفية الرقمية بشكل عام، ويشجع البنوك على تطوير المزيد من الحلول الرقمية لتلبية احتياجات العملاء المتزايدة، فكلما زاد الاعتماد على منصات الدفع العالمية مثل Apple Pay، زادت الحاجة إلى تطوير هذه الخدمات وتقديم المزيد من المزايا للمستخدمين.
أكد «حسنين» أن الخدمة ستسهم فى تطوير القطاع المصرفي فى مصر، وستساعد فى رفع معدلات الشمول المالي، خاصة بين الشباب والشركات التى تمتلك وعيًا تكنولوجيًا عاليًا، مضيفًا أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتوعية فئات أخرى من المجتمع بأهمية المدفوعات الرقمية، وذلك من خلال الحملات الإعلانية والتسويقية.
وأوضح أن البنك المركزي يتابع عن كثب تطورات سوق المدفوعات الرقمية، ويسعى دائماً إلى دعم الحلول التي تسهم فى تعزيز الشمول المالي وتلبية احتياجات المواطنين، مشيرًا إلى أن نسبة كبيرة من البنوك المصرية تمتلك البنية التكنولوجية اللازمة للتكامل مع أنظمة الدفع العالمية.
أكد حسنين أن المدفوعات الرقمية تمثل مستقبل الصناعة المصرفية، وأن الوعى بأهميتها وبالخدمات المتاحة يعد أمراً بالغ الأهمية لجميع أفراد المجتمع.
من جانبه، قال الدكتور محمد السيد، الخبير الاقتصادي، إن هذه الخطوة التى ستمتد لتشمل جميع البنوك العاملة فى السوق المصرية قريبًا، تُرسى الدعائم لتحول رقمي شامل وتعزز مكانة الاقتصاد المصري إقليميًا ودوليًا.
وأضاف أن ترميز البطاقات، عبر «آبل باى» يمثل قفزة نوعية فى مجال أمن المعاملات المالية إذ يتم فيها استبدال رقم البطاقة البنكية برمز عشوائي، فبفضل هذا الترميز، تصبح بيانات البطاقة محمية بشكل أفضل من عمليات الاحتيال والاختراق، ما يمنح المستخدمين الثقة التامة فى إجراء معاملاتهم.
ولفت إلى أن هذه الميزة ستشجع المزيد من الأفراد على تبنى المدفوعات الرقمية، خاصة مع تزايد المخاوف بشأن أمن البيانات فى عصرنا الحالي، مشيرًا إلى أن هذه الخدمة بمثابة دفعة قوية نحو تحقيق الشمول المالي فى مصر من خلال تسهيل الوصول إلى الخدمات المالية، وتوفير بدائل آمنة وسهلة الاستخدام، ما يمكن البنوك من جذب شرائح جديدة من العملاء، لا سيما الشباب الذين يعتمدون بشكل كبير على التكنولوجيا فى حياتهم اليومية، وهذا بدوره سيسهم فى نمو الاقتصاد المصري.
وأضاف أن هذه الخدمة ستنعكس على تعزيز التجارة الإلكترونية، إذ أنه مع تزايد الثقة في أمان المعاملات الرقمية، سيشجع المزيد من المستهلكين على الشراء عبر الإنترنت، ما يدفع بالمحال التجارية الإلكترونية إلى التوسع وتقديم خدمات أفضل، وبالتالى ستشهد التجارة الإلكترونية في مصر نموًا متسارعًا، ما يتيح فرصًا استثمارية جديدة ويعزز الاقتصاد الوطنى.
وتوقع أن يفتح هذا التعاون سلسلة من الاتفاقيات الأخرى مع منصات دفع عالمية، لتوفير المزيد من الخيارات للمستخدمين، وتعزيز تنافسية السوق المصرية فى مجال الخدمات المالية كما أنه سيسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية، ويعزز مكانة مصر كوجهة جاذبة للأعمال.