تعد الحديقة المسورة التي تجسدها شركة “أبل” وتقنيتها مرادفة لمنتجها الأشهر “أيفون” نفسه، وهي الطريقة التي تجذب بها “أبل” المستهلكين لشراء سماعات الأذن، والساعات، ومكبرات الصوت الباهظة الثمن تعمل بسلاسة مع ذلك الهاتف المستطيل في جيوبهم، وهي في النهاية ما يربط الناس بمنتجات “أبل”.
لقد كان ذلك رائعاً لأعمال “أبل”، ولكنه لم يكن دائماً رائعاً للمستهلكين. أما الآن، يجبر قانون أوروبي الشركة على تخفيف قبضتها الحديدية على منتجاتها.
وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى تجربة أكثر ديناميكية على “أيفون” حيث ينشئ المطورون المزيد من التطبيقات الغنية بالميزات للمنصة التي تستفيد من المزيد من تقنيات “أبل”.
كما قد يكون التغيير الذي قاومته شركة “أبل” لفترة طويلة بمثابة نعمة للشركة أيضاً.
يقدر العديد من مستخدمي “أيفون” الذين يتجاوز عددهم 1.2 مليار مستخدم كيف حافظت شركة التكنولوجيا العملاقة على بساطة الأمور على مر السنين. ولكن بفعل ذلك، ابتعدت الشركة عن الابتكارات الأكبر.
وفي سوق تزداد إشباعاً للأجهزة المحمولة، بدأ جهاز “أيفون” الذي كان مذهلاً في السابق يظهر رتيباً، وتعثرت المبيعات.
كما أن الوضع لا يتحسن بالنظر إلى الطريقة التي قيدت بها “أبل” وصول المطورين إلى العديد من واجهات برمجة تطبيقات “أيفون”، وهي أدوات برمجية من شأنها مساعدتهم على توسيع إمكانيات التطبيق لجعلها أكثر إقناعاً.
ولكن وفقاً لبلومبرج نيوز، تعمل “أبل” الآن على وضع الأساس للسماح لصانعي التطبيقات الخارجيين باستخدام بعض تقنيات “أيفون” الأكثر إحكاماً لدى الشركة، بما في ذلك الكاميرا وشريحة الاتصالات التي تتيح الدفع بدون تلامس. وهذا يعني أنه يمكن لمستخدمي “أيفون” النقر قريباً للدفع مقابل الأشياء باستخدام تطبيقاتهم المصرفية والمالية، بدلاً من محفظة “أبل” فقط.
كما تتضمن خطط “أبل” أيضاً أن تصبح الشركات قادرة على الوصول إلى نظام Find My Network الخاص بهاتف “أيفون” لإنشاء نسختهم المنافسة لميزة AirTags. ولن يضطر صانعو تطبيقات الويب ومتصفحات الويب مثل فايرفوكس وجوجل كروم إلى استخدام محرك متصفح “أبل”، وهو أمر لطالما اشتكوا منه، وقد يجعل ذلك خدماتهم أقل ثقلاً على أجهزة “أيفون”.
علاوةً على ذلك، فإن قرار “أبل” بالسماح لمتاجر التطبيقات البديلة على أجهزة “أيفون” و”أيباد” الخاصة بها، على غرار الطريقة التي سمحت بها “جوجل” التابعة لشركة “ألفابت” لأسواق التطبيقات غير التابعة لـ”جوجل” على أجهزة “أندرويد”، من شأنه أيضاً أن يمنح المستهلكين مجموعة واسعة من خيارات التطبيقات.
يُذكر أنه لن تكون هذه هي المرة الأولى التي تستفيد فيها شركة “أبل” بشكل كبير من متطلبات انفتاحها. حيث عارض ستيف جوبز بشكل مشهور وجود تطبيقات على “أيفون” لم يتم إنشاؤها بواسطة “أبل” نفسها، خوفاً من أن تصيب الجهاز بالفيروسات، أو “تلوث سلامته”، وفقاً لكاتب سيرة جوبز والتر إيزاكسون.
وعندما غير الشريك المؤسس لشركة “أبل” رأيه، مهد ذلك الطريق لسوق مزدهر لخدمات الجهات الخارجية، مبشراً بعبارة “هناك تطبيق لذلك”.
اليوم، يعد استخدام تطبيقات غير تابعة لشركة “أبل” للقيام بكل شيء بدءاً من وضع خطط السفر وصولاً إلى التحقق من الأخبار وحتى التسوق ومشاهدة مقاطع فيديو “تيك توك” أمراً يعتبره مستخدمو “أيفون” أمراً مفروغاً منه؛ وهذا جزء كبير مما جعل “أيفون” أحد أكثر المنتجات الاستهلاكية نجاحاً في التاريخ.
علاوةً على ذلك، فإن القانون الأوروبي الذي يؤجج التغييرات في “أبل” هو قانون الأسواق الرقمية، والذي يهدف إلى معالجة الممارسات الاحتكارية من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى.
وفي حالة “أبل”، فإنه مستمد من العديد من التحقيقات المعلقة في الاتحاد الأوروبي حول الادعاءات المزعومة بقيام الشركة بإساءة استخدام الهيمنة، بما في ذلك تطبيقات بث الموسيقى واستخدام Apple Pay لعمليات الشراء التي تتم في متجر التطبيقات.
وهذه الحالات هي سبب تضمين قانون الأسواق الرقمية للقواعد التي تؤثر بشكل خاص على “أبل”، وفقاً لآن ويت، باحثة مكافحة الاحتكار في معهد القانون المعزز في كلية الدراسات العليا التجارية للأعمال، في ليل، فرنسا.
يُشار إلى أن “أبل” تستعد بحكمة للتعاون مع التشريع، بعد أن تعلمت من صراعات “مايكروسوفت” المؤلمة والشهيرة مع كل من مسؤولي مكافحة الاحتكار الأميركيين والأوروبيين في أوائل القرن الحادي والعشرين حول الطريقة التي وضعت فيها إنترنت إكسبلورر في نظام “ويندوز”، حيث اضطرت “مايكروسوفت” إلى السماح لمتصفحات أخرى مثل Firefox وOpera على “ويندوز”، مما ساعد على فتح النظام الأساسي أمام برامج الجهات الخارجية.
ومن المحتمل أن يكون جعل منتجاتها الأساسية أكثر قابلية للتشغيل البيني قد ساعد “مايكروسوفت” على تنمية أعمالها السحابية الناشئة في ذلك الوقت، والتي يكون التكامل مع الأنظمة الحالية الأخرى وبناء علاقات أقوى مع شركاء التكنولوجيا الآخرين أمراً بالغ الأهمية لنجاحها.
علاوةً على ذلك، استفاد المستهلكون أيضاً؛ حيث تقول ويت، لولا هذا التقاضي، “ربما كنا نعيش في عالم من البرامج المصممة من قبل “مايكروسوفت” فقط”، وربما لا توجد حتى أمثال “جوجل” أو “فيسبوك” التابعة لشركة “ميتا بلاتفورمز” والآن الشيء نفسه يحدث بالنسبة لأنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة.
على الرغم من الترويج لقيمة الحديقة المسورة وأمنها، إلا أن “أبل” كانت تؤجل أيضاً فرصة الحصول على تجارب أحدث وأكثر إثارة للاهتمام على نظامها الأساسي. وقد يكون الإجبار على الانفتاح قليلاً نعمة على المدى الطويل.
بارمي أولسون
كاتبة في بلومبيرج في مجالات التكنولوجيا