على الرغم من كونه قسم متخصص نسبيًا في صناعة الاتصالات الأوسع، إلا أن سوق الكابلات البحرية تعد أحد أهم الصناعات العالمية مع ما يقدر بنحو 95٪ من حركة الإنترنت العالمية التي تنتقل عبر الكابلات البحرية، حيث تلعب صناعتها دورًا مهمًا في إبقاء العالم متصلاً عبر ربط جميع مراكز البيانات في العالم، حيث تتكون بالكامل تقريبًا من كابلات تعمل تحت الماء تصل لحوالي 1.3 مليون كيلومتر (أو أكثر من 800000 ميل) من الخيوط الزجاجية المجمعة التي تشكل شبكة الإنترنت الدولية الفعلية.
وحتى وقت قريب، كانت الغالبية العظمى من كابلات الألياف الضوئية التي يتم تركيبها تخضع لسيطرة واستخدام شركات الاتصالات والحكومات في العالم، لكن اليوم لم يعد هذا هو الحال، ففي أقل من 10 سنوات أصبح أربعة عمالقة في مجال التكنولوجيا وهم (مايكروسوفت، ألفابت، وميتا، وأمازون) إلى حد بعيد المستخدمين المهيمنين لسعة الكابلات البحرية، حيث أنهم قبل عام 2012، كانت حصة العالم من قدرة الألياف الضوئية المغمورة التي تستخدمها تلك الشركات أقل من 10٪ لكن اليوم تبلغ هذه النسبة حوالي 66٪.
وهؤلاء الأربعة بدأوا، كما يقول المحللون ومهندسو الكابلات البحرية والشركات نفسها في السنوات الثلاث المقبلة، إنهم في طريقهم لأن يصبحوا ممولين أساسيين ومالكين لشبكة كابلات الإنترنت تحت سطح البحر التي تربط أغنى الدول وأكثرها فقرا للنطاق الترددي على شواطئ كل من المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والبحر المتوسط، وفقًا لشركة TeleGeography لتحليل الكابلات تحت سطح البحر.
ومن المتوقع أن تصل صناعة أنظمة الكابلات البحرية في جميع أنحاء العالم وفقا لهذه التحركات إلى 22.7 مليار دولار بحلول عام 2026 من 13.8 مليار حاليا بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.5٪ من 2021 إلى 2026.
تحوّل قادم
ويبدو أن عام 2022 سيكون شاهدا على تحوّل قادم في الصناعة، مع اختلاط الحروب التجارية وأيضا الصراعات الجيوسياسية مع التكنولوجيا باعتبارها فرصة للنمو وأيضا مقصلة عقاب في حالة الحرمان منها أو التضييق على نموها، خاصة مع تنامي الطلب على الإنترنت والبيانات في عصر جائحة كورونا.
وتراقب مصر عن كثب هذه التحركات باعتبارها عنصرا بارزا في هذه الصناعة من أصل موقعها الجغرافي كممر رئيسي للعديد من الكابلات، وأيضا خططها المتنامية للتحول لمركز إقليمي لصناعة البيانات والاستفادة بقوة من الكابلات البحرية المارة بسواحلها في ظل رؤية القيادة السياسية الطامحة لأن تكون مجالات الاتصالات والتكنولوجيا أحد المحاور البارزة في خطة ورؤية مصر 2030.
وتعد مصر مركزًا لمرور الكابلات البحرية، حيث يمر من خلالها 17 كابل، مما يجعلها في المركز الثاني بعد الولايات المتحدة من حيث عدد الكابلات البحرية التي تمر خلالها، بما يمثل 17% من جميع الكابلات البحرية حول العالم، وتشارك مصر في تحالف الكابل البحري Africa2، وهو أكبر أنظمة الكابلات البحرية في العالم، ويبلغ إجمالي عدد مواقع الإنزال الخاصة بالكابل عدد 35 موقعًا في 26 دولة، بما يساهم في تحسين خدمات الاتصالات داخل وخارج القارة الإفريقية.
الصورة العالمية
يتشكّل العالم في الوقت الحالي وفقا لأبجديات فرضتها جائحة كورونا على صناعة التكنولوجيا والاتصالات بشكل عام، حيث تعد السلاح الذي تسيطر به القوى العظمى على مقدراتها للنمو الاقتصادي وأيضا الهيمنة، وتشكّل الكابلات البحرية جزءا رئيسيا في هذه الرؤية ولنتأكد وليس لنفترض أن شركات التكنولوجيا الكبيرة تتحكم في الإنترنت بالمعنى الحرفي لهذه الكلمات.
فبالعودة للأربع شركات الكبرى التي ذكرناها في مقدمة التحليل، تشير الدراسات المعتمدة أنه بحلول عام 2024 من المتوقع أن يكون للأربعة حصة ملكية جماعية في أكثر من 30 كابلًا طويل المدى تحت البحر، يصل طول كل منها إلى آلاف الأميال، وتربط كل قارة في العالم باستثناء القارة القطبية الجنوبية.
واستجابت شركات الاتصالات التقليدية “بريبة” بل وعدائية لطلب شركات التكنولوجيا الكبرى الجشع على نحو متزايد على النطاق الترددي “سعة الكابلات”، و أثار محللو الصناعة مخاوف بشأن ما إذا كان أقوى مزودي خدمات الإنترنت في العالم يريدون أن يمتلكوا البنية التحتية للاتصالات التي يستفيد منها العالم، وهذا القلق مفهوم جدا “فتخيل لو كانت أمازون تمتلك الطرق التي تقدم عليها الطرود”!
مزايا الاحتكار!
إلا أنه رغم هذه المخاوف إلا أن مشاركة هذه الشركات في صناعة مد الكابلات أدت أيضًا إلى خفض تكلفة نقل البيانات عبر المحيطات للجميع، حتى منافسيهم، وساعد العالم على زيادة القدرة على نقل البيانات دوليًا بنسبة 41٪ في عام 2020 وحده، وفقًا لـ TeleGeography في تقريرها السنوي عن البنية التحتية للكابلات البحرية، وهو ما تمثل في العديد من الكابلات حول العالم.
وتساعد مشاركة النطاق الترددي بين المنافسين في ضمان أن تمتلك كل شركة سعة على المزيد من الكابلات ، وهو التكرار الضروري للحفاظ على تشغيل الإنترنت في العالم عند قطع كابل أو إتلافه، ويحدث ذلك حوالي 200 مرة سنويا وفقًا للجنة الدولية لحماية الكابلات.
جوجل تعمل منفردة
على النقيض تتبع شركة جوجل سياسة مغايرة حيث لا تتعاون مع المنافسين في الكابلات بشكل مباشر، حيث تعد المالك الوحيد بالفعل لثلاثة كابلات كبرى مختلفة تحت البحر، ومن المتوقع أن يصل هذا الإجمالي إلى 6 بحلول عام 2023، ورفضت جوجل الكشف عما إذا كانت لديها أو ستشارك القدرة على أي من هذه الكابلات مع أي شركة أخرى.
وقامت جوجل ببناء هذه الكابلات التي تمتلكها وتشغلها فقط لسببين، كما يقول فيجاي فوسيريكالا أحد كبار المديرين في جوجل والمسؤول عن البنية التحتية للألياف البحرية والأرضية للشركة، الأول هو أن الشركة تحتاجها من أجل تقديم خدماتها الخاصة- مثل بحث جوجل وأعمال منصة اليوتيوب- بسرعة، والثاني هو الحصول على ميزة في المعركة من أجل العملاء لخدماتها السحابية.
وكل هذه التغييرات في الملكية على البنية التحتية للإنترنت هي انعكاس لما نعرفه بالفعل عن هيمنة التكنولوجيا الكبيرة على منصات الإنترنت، حيث إن قدرة هذه الشركات على التكامل رأسياً وصولاً إلى مستوى البنية التحتية المادية للإنترنت نفسها تقلل من تكلفتها لتقديم كل شيء من بحث جوجل وخدمات الشبكات الاجتماعية على فيسبوك إلى خدمات أمازون ومايكروسوفت السحابية، كما أنه يوسع “الخندق المائي” بينهم وبين أي منافسين محتملين.
وعليك أن تتخيل فقط أن هذا الاستثمار سيجعلهم في النهاية أكثر هيمنة في صناعاتهم، لأنهم يستطيعون تقديم الخدمات بتكاليف منخفضة باستمرار.
موقع مصر الجغرافي
التحدث عن الموقع الجغرافي لمصر ومميزاته المتعددة في صناعة الكابلات البحرية، ليس دربا من الخيال أو التحدث بالهوي كما يقولون، فمصر بموقعها مركزا لحركة البيانات بين آسيا وإفريقيا وأوروبا حيث يتم نقل أكثر من 100 تيرا بايت من البيانات إلى أوروبا، ويتم التخطيط لإطلاق كابل HARP الذي يمتد حول قارة أفريقيا بحلول عام 2023 ،حيث يسمح الموقع الجغرافي لمصر بعبور فعال من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط لأنظمة الكابلات البحرية.
والدولة المصرية تضع هذه الاعتبارات وغيرها ضمن أجندتها الرسمية للتعامل مع هذا الملف، وصاحب ذلك تحركات عديدة خلال الفترة الماضية، من الشركة المصرية للاتصالات التي تعد الفاعل الرئيسي في هذه الصناعة من الجانب المصري.
الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يؤكد أن موقع مصر الجغرافي في العالم يجعلها مركزا محوريا لمرور الكابلات البحرية الدولية حيث يمر بها 13 كابل بحري، ويجرى حاليا إنشاء 5 أخرين خلال الثلاث سنوات القادمة؛ حيث تنقل هذه الكابلات أكثر من 90% من حركة البيانات في أسيا وأوروبا.
وأشار في تقرير مرصد الاقتصاد المصري لعام 2021، والذي يسلط الضوء على التأثير واسع النطاق للتحول الرقمي للحكومة، إلى أن الشركة المصرية للاتصالات ستقوم بإطلاق كابل الاتصالات البحري العملاق “هارب”Harp حول قارة أفريقيا بهدف توصيل خدمات انترنت بجودة وسرعة عالية وأقل تكلفة للدول الأفريقية سواء الساحلية أو الداخلية منوها إلى أنه يتم توفير مسارات من كابلات الألياف الضوئية العابرة داخل مصر لخدمة مرور البيانات الدولية عبر أراضيها بشكل مؤمن من خلال شبكة يبلغ طولها 4 آلاف كيلو متر مربع، كما تم زيادة عدد محطات إنزال الكابلات البحرية الدولية من 6 محطات إلى 10 محطات خلال الفترة الأخيرة.
ونوه إلى أن مصر تأتي ضمن أسرع 10 دول نموًا فى الشمول الرقمي، وتطور ترتيب مصر العالمي في مؤشر جاهزية الشبكة 8 مراكز خلال عام، كما ارتفع متوسط سرعة الإنترنت لنحو 7 أضعاف، لتصبح مصر في المركز الرابع إفريقيًا في متوسط سرعة الإنترنت الثابت، وتقدم ترتيب مصر 55 مركزًا فى مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي خلال عام واحد.
المصرية للاتصالات
“المصرية للاتصالات تقف على قاعدة ثابتة في هذه الصناعة”، وفقا لعمرو الألفي مدير قطاع البحوث في شركة برايم للأوراق المالية حيث أشار إلى أنها تحقق إيرادات مناسبة من استثماراتها في الكابلات البحرية حيث تعد أحد أكبر مشغلي الكابلات البحرية فى المنطقة باستثماراتها في العديد من الكابلات التي تمر عبر مصر، كما تمتلك الكابل البحري TE North، وكابل مينا البحري الذي تملكته بعد الاستحواذ الكامل على شركة “مينا للكوابل” من أوراسكوم بقيمة 90 مليون دولار، ووقعت اتفاقيات خلال السنوات الماضية لخدمة دول جنوب أفريقيا، قبل أن توقع العديد من مذكرات التفاهم للتوسع في مجال تقديم خدمات الكابلات البحرية في المنطقة، مما يمهد لها الطريق لتخصيص استثمارات في هذا المجال حيث تمتلك الملائة المالية الكافية ، وتعد الشركة الوحيدة في مصر التي تتمتع بفرصة المنافسة في هذا المجال.
وتمتد شبكة المصرية للاتصالات الدولية إلى أكثر من 140 نقطة إنزال فى أكثر من 60 دولة حول العالم، حيث تستثمر الشركة في توسيع نطاق البنية التحتية للكابلات البحرية، والتي تعد أقصر الطرق وأكثرها اعتمادية بين إفريقيا وآسيا وأوروبا.
وأصبحت المصرية للاتصالات شريكا في مشروع الكابلات البحرية Africa 2، إذ عقدت شراكة في مايو الماضي من 2021 مع تحالف يضم 7 من مقدمي خدمات الاتصالات العالميين، لإنشاء الكابل البحري 2Africa بطول 37 ألف كيلومتر، والذي يربط أوروبا والشرق الأوسط و16 دولة أفريقية.
ويهدف الكابل إلى توفير مسار جديد يربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، إلى جانب مسارات برية موازية لقناة السويس، وذلك باستخدام تكنولوجيات جديدة تسمح بنشر ما يصل إلى 16 زوجا من الألياف بدلا من ثمانية، وبمجرد بدء عمل الكابل الجديد في غضون عامين، سيكون قادرا على نقل ما يصل إلى 180 تيرابت في الثانية، مما سيسمح لمصر بتحسين خدمة الإنترنت لديها.
وتعد مصر عضوا بالفعل في الكابل البحري SEA-ME-WE 5 والذي يوفر سعة 38 تيرابت في الثانية، وهي أيضا عضو في الكابل البحري Asia-Africa Europe 1، والذي يمتد بطول 25 كم من جنوب شرق آسيا وحتى أوروبا، كما يوفر سعة 100 جيجابت في الثانية والتي من المتوقع أيضا أن تتضاعف في الفترة المقبلة، ورفعت الشركة المصرية للاتصالات من حصة مصر من عرض النطاق الترددي من هذه الكابلات في العام الماضي لتصل إلى 2.6 تيرابت في الثانية.
ووقعت المصرية للاتصالات العام الماضي، اتفاقية مع شركة جوجل العالمية يتم بموجبها تقديم خدمات عبور للحركة الدولية الخاصة بشركة جوجل على مستوى بروتوكولات الإنترنت IP Layer، والتي تعد الأولى من نوعها في مجال خدمات العبور، من خلال الشبكة الدولية الأرضية للمصرية للاتصالات عبر الأراضي المصرية كما يتم بموجبها حصول شركة جوجل على سعات دولية لأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط على نظام الكابل البحري TE North المملوك للشركة المصرية للاتصالات.
كما وقعت الشركة المصرية للاتصالات عقدا مع هيئة قناة السويس العام الماضي، بالتنسيق مع إدارة الإشارة بالقوات المسلحة، لإنشاء مسار جديد لكابلات الألياف الضوئية لخدمات الإنترنت بين البحر الأحمر والبحر المتوسط عبر طريق المرشدين الموازي لقناة السويس لتوصيل شبكات البنية التحتية للشركة المصرية للاتصالات وإمرار الكابلات الدولية وإتاحة خدماتها.
اتفاق اليونان
مذكرة تفاهم استراتيجية وقعتها الشركة المصرية للاتصالات الأسبوع الماضي، مع شركة جريد تليكوم التابعة للمشغل اليونانى المستقل لنقل الكهرباء (IPTO)، وذلك للربط بين مصر واليونان باستخدام أنظمة الكابلات البحرية، وتمهد مذكرة التفاهم الطريق نحو استكشاف خيارات الربط المختلفة بين البلدين وفرص التوسع إلى وجهات أخرى اعتمادا على البنية التحتية المتميزة وقدرات الربط الدولي للشركتين.
وقالت مصادر إن هذه المذكرة ستعظم بشكل كبير معبر البيانات المتوسطي بين الدولتين والذي سيؤدي إلى بحث تسريع إنشاء الكابلات البحرية بين الدولتين التي ستخدم التدفق الهائل للبيانات على مستوى العالم والتي تزداد بشكل تصاعدي، وسيساهم هذا التعاون أيضا فى تمكين المصرية للاتصالات من العمل على توسيع نطاق خدماتها المقدمة داخل قارة أوروبا عبر شبكة جريد تليكوم الممتدة داخل اليونان وخارجها حيث توفر شركة جريد تليكوم خدمات الربط المتنوعة باستخدام الألياف الضوئية لجزيرة كريت والأراضي اليونانية بالإضافة إلى ما تمتلك من بنية تحتية من شبكات في كل من إيطاليا والبلقان وأوروبا الوسطى.
تصدير الخدمات
ويشير المهندس أحمد الحراني مدير أتوس أن مصر لديها كفاءة وصول لتصدير خدمات التكنولوجيا كحدمات الحوسية السحابية أعلى من أي دولة أخرى مجاورة بسبب وجود الكابلات البحرية، وكفاءة العنصر البشري، وبعد التطوير الكبير الذي يحدث في البنية التحتية في إطار مستهدفاتها للتحول لمركز إقليمي لمراكز البيانات .
ولفت إلى ضرورة أن تستفيد مصر من كافة المقومات التي تمتلكها من الكابلات البحرية المارة بها وأن يتم استغلالها بالشكل الأنسب حيث أنها بدون مبالغة قادرة على أن تكون رائدة في تلك الحلول في الشرق الأوسط وأفريقيا وأن يتجاوز عائدات الكابلات البحرية ما تحققه قناة السويس من عائدات لمصر.
وأكد على ضرورة استمرار عملية تطوير البنية التحتية للاتصالات في مصر بعد النجاحات المتعددة التي حظى بها هذا الملف لتواكب امكانات عرض النطاقات الخاصة بالكابلات البحرية ، وذلك عبر تعزيز الحوافز للقطاع الخاص للمشاركة في الثورة التي يشهدها ملف البنية التحتية للاتصالات والدخول في أنشطة الكابلات البحرية منوها إلى أن مصر أمام فرصة كبيرة لتكون على الخريطة العالمية لمراكز البيانات عبر التواصل وفتح قنوات للاتصال مع شركات التكنولوجيا الكبري المسئولة عن هذه الصناعة سواء من الحكومة أو القطاع الخاص.
فرص واعدة
في الوقت الذي يؤكد فيه المهندس أحمد مكي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة “بنية”، أن شركته مهتمة بهذا المجال بشكل حيوي وعقدت اتفاقية مع شركة الأكاديمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لتأسيس شركة خدمات بحرية ومعلوماتية باسم “بنية للخدمات البحرية” في نهاية العام الماضي ونسعى الآن الى تقديم هذه الخدمات بقطاعات تكنولوجيا النقل والصناعات والكابلات البحرية خاصة في منطقتي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وافريقيا.
ولفت إلى أن الشركة تتخصص في مجالات صيانة ومد الكابلات البحرية عن طريق سفن متخصصة ومستودعات لتخزين الكابلات البحرية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، مؤكدا على أن مصر تمتلك فرصا واعدة في هذا المجال بسبب موقعها الجغرافي وأيضا مدى النضج الكبير الذي طال عدد كبير من الشركات المصرية العاملة في مجال الاتصالات والصناعات المكملة لها.
تعظيم الاستفادة محليا
هذه التحركات من الشركات تؤكد على ضرورة الاستفادة الكاملة محليا من الكابلات البحرية واستخدام جزءا كبيرا من سعة هذه الكابلات وضخ مزيدا من الاستثمارات في البنية التحتية للاتصالات ، وفقا للدكتور حمدي الليثي خبير تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والذي أشار إلى ضرورة مواصلة التوسع في تعميم كابلات الألياف الضوئية على مستوي الجمهورية ، خاصة في ظل الخطة الطموحة التي تبنتها المصرية للاتصالات في هذا الملف .
وتم إنفاق مليارات ضخمة خلال الفترة الماضية، لتطوير البنية التحتية الأساسية للقطاع بدايةً من ضخ استثمارات بنحو 60 مليار جنيه لرفع كفاءة شبكة الإنترنت مما أثمر عن ارتفاع متوسط سرعة الإنترنت الثابت من 6.5 ميجابت/ث فى يناير 2019 إلى 45.8 ميجابت/ث فى أكتوبر 2021 لتصبح مصر فى المركز الرابع على مستوى إفريقيا مقارنة بالمركز الأربعين فى يناير 2019.
ولفت الليثي إلى ضرورة التكامل بين الشركات لتعزيز قوة البنية التحتية للاتصالات، والتعرف على أحدث ماوصلت إليه الدول في هذا المجال وهو مايتمثل في مصر خلال الفترة الأخيرة خاصة مع العملية الشاملة لإحلال كابلات النحاس بالفايبر وأيضا التوسع في إنشاء المدن الذكية التي ستكون نواه لتحول كامل في هذا المجال بما تمتلكه من بنية تحتية فائقة الجودة والتطور بالإضافة إلى رخص تنظيم الاتصالات لشركات المحمول الخاصة بمد كابلات الألياف الضوئية في المجتمعات العمرانية المغلقة ، مشيرا إلى أن هذه التحركات إيجابية وتتطلب الاستمرار في تعزيزها عبر سياسات استثمارية شمولية وقوانين تعزز وتنظم مجال البيانات.
ووفقا للعديد من الدراسات الدولية، تشير التحركات الأخيرة لعدد من الدول كالمغرب وأيضا قطر وإسرائيل في ملف الكابلات البحرية إلى تصاعد المنافسة في المنطقة ، حيث تسعى كل دولة الاستفادة من موقعها الجغرافي لتعزيز قوتها في صناعة واستضافة البيانات ، وذلك في ظل بحث الشركات العالمية باستمرار عن تعزيز مسارات إضافية للكابلات لتخفف من تزاحمها في منطقة ما واستكشاف طرق بديلة أقل تكلفة.