على الرغم من أننا نستخدم موقع البحث “جوجل” منذ سنوات طويلة، ونفس الحال مع منصة فيسبوك التي أصبحت جزء من حياتنا اليومية، إلا أن جائحة كورونا زادت من قوة هذين العملاقين في حياتنا بشكل أكبر، فضلا عن تغول قوتهما في عالم التكنولوجيا.
احتكار لا يمكن كسره
و”جوجل” ليس محركاً للبحث يقودك ببساطة إلى وجهتك الصحيحة التي تسعى للوصول إليها في عالم الويب ثم تنتهي مهمته عند ذلك الحد، كما أن “فيسبوك” ليس مجرد شبكة للتواصل أو الاتصال بأصدقائك مثل شبكات الهاتف القديمة.
ويراقب الموقعين كل حركة وهفوة تقوم بها أثناء استخدامك لهما أو حتى استخدامك لمواقع أخرى على الشبكة العنكبوتية، والمشكلة هي أن “جوجل” و”فيسبوك” ليسا مجرد مزودي خدمة باستطاعتنا رفضهما أو تجنبهما والتعامل مع غيرهما، بل هما أصل وأساس البنية التحتية للإنترنت، ولا يوجد من باستطاعته منافسة أيهما.
وواجه عمالقة التكنولوجيا في أمريكا وفي مقدمتهم “جوجل” و”فيسبوك” سيلًا من التحقيقات سواء من قبل أعضاء الكونجرس أو السلطات الفيدرالية، في ظل تنامي الخوف من سيطرتهما شبه المطلقة على كل شيء.
وفي 2019 فرضت لجنة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة أكبر غرامة في تاريخها على “فيسبوك” لانتهاكه خصوصية مستخدميه، وذلك على خلفية فضيحة “كامبريدج أناليتكا” التي تم خلالها تسريب بيانات عشرات الملايين من الناخبين الأمريكيين، ليتم استخدامها في التأثير على الانتخابات الأمريكية.
وجاءت أزمة فيروس كورونا التي ضربت العالم في مطلع 2020 لتتوقف جهود إيقافهما حاليًا وتتباطأ وتيرة التحقيقات، خصوصًا أنه ينظر إلى الخدمات التي يقدمها كل من فيسبوك وجوجل حاليًا باعتبارها خدمات أساسية يحتاج إليها الجمهور خلال فترة الإغلاق.
الاستفادة من تداعيات وباء كورونا
على الرغم من معاناة الاقتصاد العالمي من البطالة والكساد المحتمل لم يشهد مثله منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات، يبرز عمالقة التكنولوجيا الأمريكية باعتبارهم أبرز المستفيدين من الأزمة حتى الآن.
وارتفعت أسهم كل من “جوجل” و”فيسبوك” على مدار العام السابق، وبينما تتسابق الكثير من الشركات في الاستغناء عن موظفيها تتحرك فيسبوك حاليًا لاقتناص أفضل المواهب حيث أعلنت عزمها توظيف 10 آلاف موظف جديد في 2020.
والحيازات الهائلة من الكاش التي تمتلكها كل من جوجل وفيسبوك ستمكنهما من تحمل الركود الاقتصادي المقبل، على عكس الكثير من الشركات العاملة في قطاعات أخرى وحتى الشركات الناشئة العاملة في القطاع التكنولوجي.
ومع انهيار الكثير من الشركات الناشئة منذ بداية العام الماضي؛ بسبب الضغوط المالية التي خلقتها أزمة كورونا من المرجح أن تتوسع الشركات الضخمة في أنشطة الاستحواذ.
في الفترة الحالية تلعب جوجل وفيسبوك ومعهما أمازون وآبل بقواعد السوق القديمة، والتي تشمل اقتناص المواهب وشراء المنافسين أو تقليدهم، وفي ظل أجواء كهذه ستختفي كثير من الشركات الصغيرة أو الضعيفة، وبالتأكيد لن تستوعب الشركات الكبيرة كل من سيتسبب في انهيار تلك الشركات في خسارتهم لوظائفهم.
واشتكى موقع “يلب” المتخصص في مراجعات وآراء المستهلكين لسنوات من أن “جوجل” نسخت خدماته واستخدمت قوتها كموقع بحث لإبعاد الشركة عن الظهور في مقدمة نتائج البحث فيما يخص المراجعات.
وهو ما اضطر الشركة هذا العام إلى الاستغناء عن أكثر من ألفين من موظفيها إما من خلال التسريح و الإجازة المفتوحة، وهو العدد الذي يشكل نحو ثلث قوتها العاملة.
ويتوقع المحللون تأثر إيرادات “جوجل” و”فيسبوك” من الإعلانات تحديدًا، فإن الشركات المنافسة لهما في نفس المجال ستكون أسوأ حالاً، وستضطر قريبًا لتسريح جزء كبير من موظفيها وربما إغلاق أبوابها تمامًا.