«التجارة الإلكترونية في مصر».. تحول إستراتيجي يفتح الباب لعملاق اقتصادي قادم
تشهد التجارة الإلكترونية في مصر معدلات نمو غير مسبوقة خلال السنوات القليلة الماضية، مدفوعة بتطور البنية التحتية الرقمية على كافة المستويات، وانتشار الإنترنت والهواتف الذكية وتغيّر أنماط سلوك المستهلك، وقد قُدر حجم السوق في 2024 بنحو 9.05 مليار دولار، مما يعكس الدور المتنامي لهذا القطاع في دعم الاقتصاد وزيادة الاستثمارات والصادرات، كما أتاحت التجارة الإلكترونية للشركات المصرية الوصول إلى الأسواق العالمية بسرعة وسهولة، ما يفتح آفاقاً كبيرة للنمو على المستويين المحلى والدولي.
وفقاً لأحدث الإحصائيات ، من المتوقع أن يصل حجم السوق إلى 9.7 مليار دولار بنهاية 2025، مقارنة ب 4.9 مليار فقط في 2021، مع توقعات بأن يتضاعف حجم السوق إلى 18.04 مليار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.80 %، مدفوعاً بالتقدم التكنولوجي وزيادة مراكز التخزين اللوجيستية مع استمرار زيادة المتاجر الإلكترونية والاعتماد المتزايد على التسوق عبر الإنترنت وارتفاع معدلات التمويل الاستهلاكي، وتطور تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز.
وتتبني الحكومة المصرية سياسات واستراتجيات لتعزيز كفاءة البيئة الاستثمارية والتشغيلية للتجارة الإلكترونية، في ظل مستهدفات طموحة للتحول لمركزًا إقليميًا للتجارة الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عبر سياسات ضريبية وجمركية ميسرة وتعزيز الحوكمة وضمان التنافسية العادلة، إلى جانب التوسع في بناء المستودعات اللوجيستية للعديد من الشركات العالمية العاملة في مجال التجارة الإلكترونية ، والارتكاز على قاعدة صناعية صلبة وبيئة تشغيلأكثر استخداما للحلول الذكية والتقنيات.

الخبراء أشاروا إلى أن قطاع التجارة الإلكترونية في مصر وصل لمستويات مرتفعة من النمو بدعم أيضا الطلب القوي من جانب المستهلكين على أنواع مختلفة من السلع والخدمات بدعم التقنيات المالية المستخدمة في الدفع والعرض، ومايعزز هذه المؤشرات تراجع مستويات التضخم وأيضا انخفاض بعض الأسعار خلال الفترة الماضية والعروض التي تقدمها منصات التجارة الإلكترونية سواء على مستوى التخفيضات أو طرق الدفع، مشيرين إلى أن حجم الطلب يشير إلى ضرورة مضاعفة الاستثمارات في هذا المجال واستكمال تطوير البنية التحتية اللوجستية، مثل مراكز التوزيع الحديثة وشبكات النقل الذكية.
ولفتوا إلى أن النقطة الرئيسية التي تتحدث عنها الأوساط المتصلة بالتجارة الإلكترونية ، خاصة بتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتبني تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والتي يمكن أن تعمل على تحسين إدارة سلسلة التوريد وتقليل الفاقد.
وأيضا دعم الشركات الناشئة في مجال التجارة الإلكترونية من خلال توفير التمويل والتدريب اللازمين، مما يساعدها على التوسع والمنافسة في السوق المحلي والعالمي، منوهين إلى أن القطاع أيضا يحتاج لتبني سياسات ضريبية مرنة وتشريعات داعمة يمكن أن يشجع المزيد من الشركات على الدخول إلى هذا القطاع الواعد.
وأكدوا على ضرورة الاستثمار في تطوير البنية التحتية الرقمية، خاصة في المناطق النائية لضمان وصول خدمات الإنترنت عالي السرعة والدفع الإلكتروني، و تعزيز الشمول المالي من خلال زيادة الوعي بالخدمات المالية الرقمية، وتوسيع نطاق الوصول إليها خاصة في المناطق المحرومة، مشيرين إلى ضرورة أن تعمل الحكومة على دمج التجارة الإلكترونية بشكل أكبر في بنية الاقتصاد المصري لتعزيز تنوعه وزيادة مرونته في مواجهة التحديات العالمية.
ومن المتوقع أن يشهد سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط قفزة هائلة من 1.89 تريليون دولار أميركي في عام 2024 إلى نحو 10.95 تريليون دولار بحلول عام 2033، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 21.56%، حسب أحدث تقارير الصناعة، بينما يقدر حجم التجارة الإلكترونية العالمي لعام 2024 بنحو 29.46 تريليون دولار .

قال عمر الصاحي، مدير عام أمازون مصر، أن قطاع التجارة الإلكترونية في مصر يشهد نمواً متسارعاً خلال السنوات الماضية مع ارتفاع وعي المستهلكين والتطور التكنولوجي الذي لحق بكافة عمليات التشغيل وعلى رأسها خدمات التكنولوجيا المالية وسهولة وصول العملاء إلى المنتجات والخدمات بكفاءة عالية منوها إلى أن أن هناك ثلاثة مبادئ أساسية لنجاح التجارة الإلكترونية، وهي: السعر التنافسي، وتوافر المنتجات على المتاجر الإلكترونية، إلى جانب الجودة وسرعة التوصيل.
وأضاف في تصريحات سابقة لمنصة Followict، إلى أن الشركة حريصة على التوسع في السوق المصري وزيادة استثماراتها بهدف بناء نموذج تشغيلي متميز لتلبية احتياجات العملاء في مصر، مشيرا إلى أن تمتلك اقتصاد واعد لتميزه بقاعدة عملاء متنوعة، وقطاع صناعي قوي، مدعوماً بالعديد من تجار التجزئة والعلامات التجارية وهو مادفعنا لافتتاح مؤخراً مركزا لوجيستيا ضخما مما يسهم في زيادة قدرتنا على تلبية طلبات عملائنا وتغطيتهم بمجموعة أكبر وأكثر تنوعاً من المنتجات عالية الجودة.
وأشار الصاحي إلى أن مصر تعد أحد أكبر القوى الشرائية أفريقياً مايعكس مدى أهمية الاقتصاد المصري وجاذبيته للنمو واستقطاب الاستثمارات، خصوصا مع تحقيق التجارة الإلكترونية لمعدلات نمو غير مسبوقة خلال الأعوام الماضية، رغم التحديات الاقتصادية التي واجهتها مصر منوها إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم التجارة الإلكترونية في مصر لـ 18.5 مليار في 2029 بمعدل نمو سنوي مركب 15% .
ولفت إلى أن الشركة تمتلك أكبر مركز خدمة عملاء في إفريقيا حيث تقدم الخدمات لدول عديدة في المنطقة وخارجها ، مايمنح مصر دورا أكبر لدي استراتيجية الشركة الأم منوها إلى أن الشركة تسعى لتحقيق التزامها الراسخ للمساهمة في تطوير الاقتصاد المصري عبر تمكين شركاء البيع ورواد الأعمال، وخلق فرص العمل للكفاءات المحلية، وتعزيز قدراتها في تقديم خدمات أفضل لعملائها في جميع أنحاء مصر.
ونوه إلى الذكاء الاصطناعي يمثل المحرك الرئيسي لمستقبل التجارة الإلكترونية في مصر، حيث من المتوقع أن يقود الموجة التالية من الابتكار في القطاع، منوها إلى أنه رغم هذا التطور التقني المتسارع، تظل أولويات العملاء الأساسية ثابتة: تنوع الخيارات، الأسعار التنافسية، وسرعة التوصيل. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في الارتقاء بتجربة التسوق من خلال تقديم تجربة أكثر تخصيصاً وسهولة في التصفح والاختيار. كما يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تحسين تجربة البائعين أيضاً، من خلال تقنيات متطورة تساعدهم على النمو وتحسين أدائهم.

من جانبه قال مهندس مصطفى المصري، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة Fincart، المصممة لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في مجال التجارة الإلكترونية: مستويات النمو في قطاع التجارة الإلكترونية في مصر تسير بسرعة رهيبة، خصوصا مع إقبال الناس بشكل عام والجيل زد بشكل خاص على المنتجات والعلامات التجارية المحلية، ولذلك هناك علامات نمت بسرعة رهيبة، ومستويات النمو وصلت إلى 15%، وأتوقع أن يصل حجم النشاط من 8 لـ 10 مليار دولار خلال العامين القادمين.
وأضاف أن هناك بعض الحوافز المطلوبة من الحكومة لتعزيز معدلات نمو القطاع، ومنها تسهيلات على استيراد بعض المواد والخامات التي تدخل في بعض الصناعات، وتسهيل إنشاء مشاريع إلكترونية، والشركات التي تقوم بالتجميع أو التصنيع المحلي وتحتاج إلى تصاريح عديدة يجب أن تحصل أيضا على تيسيرات في ذلك، بجانب حوافز للتصنيع المحلي منها إعفاءات ضريبية وتسهيلات واعتمادات من البنوك، بالإضافة إلى توعية الناس بوجود مبادرات خاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكن الاستفادة منها ولكن هناك من لا يعلم عنها شيئا.
وأشار المصري إلى أن نمو التكنولوجيا المالية ساعد في تعزيز استدامة قطاع التجارة الإلكترونية، بسبب تسهيل عمليات الدفع والتحصيل والتقسيط، كما أنه يمكن توسيع القاعدة الاستثمارية وجذب المستثمرين لهذا القطاع من خلال تسهيل الاستثمارات وتأمين أموال المستثمر، من خلال تشريعات أكثر، خصوصا للمستثمر الأجنبي الذي يريد أن يضمن حقوقه، بالإضافة إلى تسهيل التخارج.
وأكد على أن الدولة قامت بدور كبير في الجانب اللوجستي وسلاسل التوريد، من خلال مشاريع البنية التحتية التي أثرت تأثيرا كبيرا على النقل والأمور اللوجستية وسلاسل الإمداد، وهذا مطلوب على مستوى الجمهورية، لأن ما حدث من تطورات في البنية التحتية أثر على منظومة النقل وبالتبعية قائم عليها التجارة الإلكترونية
ولفت مصطفى المصري، إلى إن التوجه نحو التسوق عبر الإنترنت أصبح توجّهًا عالميًا وفي تزايد مستمر، مشيرًا إلى أن نسبة التجارة الإلكترونية في مصر تمثل نحو 6% من إجمالي حركة التجارة، مقارنة بنسبة 10% على المستوى العالمي، وهو مايمثل فرصة لزيادة نشاط القطاع خاصة مع المحفزات المتوقعة من جانب الدولة في ملف الضرائب والجمارك.
حول استخدامات الذكاء الاصطناعي، أشار إلى أنه أصبح جزءًا أساسيًا من جميع مراحل العملية التجارية، سواء في تحليل سلوك المستهلك والتنبؤ بتفضيلاته، أو في إدارة المخازن وترتيب البضائع، مؤكدا أن هذه التكنولوجيا تساهم بشكل مباشر في تحسين جودة المنتجات، وتسريع العمليات، وخفض التكاليف النهائية.

ويقول محمود الفرماوي مطور أعمال ومتخصص بقطاع التجارة الإلكترونية إن القطاع يشهد نموا كبيرا وملحوظا في مصر، فقد اعتدنا على شراء الأكل أو الملابس Online، ولكن بدأت التجارة الإلكترونية تنتشر أيضا في قطاعات كانت قليلة الموثوقية، مثل الأجهزة الإلكترونية أو الهواتف، ولكن الآن دخلت شركات كبيرة في قطاعات مختلفة لتحويلها إلى رقمية مثل الصيدلة، وهذا تطور كبير في السوق، وهناك توقعات كبيرة للنمو، لعدة عوامل، منها التوسع الرقمي الذي تقوده الحكومة، وتفضيل الشباب للشراء إلكترونيا، كما أن هناك عوامل تؤثر على نمو هذا القطاع، ومنها حجم السكان الكبير، والوعي الرقمي لدى الناس ومنهم من يلجأ للتقسيط وبدون رسوم، بجانب توجه الكثير من الشباب.
ويضيف أن الفترة الأخيرة شهدت تطورا في الأمور القانونية المتعلقة بالتجارة الإلكترونية، سهلت العمل بهذا القطاع، ولكننا مازلنا في حاجة إلى كم أكبر من التشريعات لتسهيل الأعمال وتبادل السلع وتسهيل عملية الاستيراد من الخارج، والدعم اللوجستي لتقليل التكاليف، وضمانات لحماية المستهلكين من التلاعب الذي يؤثر على سمعة التجارة الإلكترونية، بالإضافة إلى أن هناك دورا مهما لشركات التجارة الإلكترونية، فيجب أن تتعاون وتطرح أوراق بحثية تحتوي على توصيات بما يحتاجه السوق وتقدمها للحكومة، حتى تكون جزءا من التغيير التشريعي، فعلى أصحاب رأس المال والتجار يكون لهم رأيا في هذا الأمر لتقديم تشريعات مناسبة للسوق، كما نحتاج إلى تحفيز للتصدير ونماذج ضريبية مختلفة تدعم قدرتنا على التصدير إلى الأسواق المختلفة، وقوانين تنظم عمل العاملين المستقلين، فهذا يحتاج إلى كم كبير من التشريعات، بالرغم من أننا قطعنا شوطا كبيرا في هذا الاتجاه.
ويشير إلى أن نمو التكنولوجيا المالية ساهم تعزيز استدامة قطاع التجارة الالكترونية، سواء الشركات المعتمدة على التقسيط والوسائل المختلفة سهل ودعم قطاعات كبيرة على الدخول بمجال التجارة الإلكترونية، وخصوصا الأعمال الحرة، فهناك من يشتري أشياء إلكترونيا ويبيعها في المنطقة التي يعيش فيها، هذا بالإضافة إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي ساعدت في نمو التجارة الإلكترونية بشكل كبير، حيث أصبح يستخدم الذكاء الاصطناعي في قياس مدى رضا المستخدم ودورة حياته وكيف يتعامل مع المنتج، ويتم استخدامه في الكول سنتر والتسويق لتقليل التكاليف وتحسين الاختيارات على العميل.
ويضيف أن قطاع اللوجستيات والشحن والنقل فهو قطاع غير محكم بشكل كامل، فالحوكمة في شركات التجارة الإلكترونية تحتاج إلى عمل كبير، فليس لدينا وعي كاف في مصر بالحوكمة التي تساعد على النمو والاستثمار والاستدامة، ويرى أننا نخطو خطواتنا الأولى في قطاع الشحن واللوجستيات، ولكنه مهم لتحسين العائد على الاستثمار، ونحتاج إلى شركات بنية تحتية تساعد في مجال التخزين، وإعادة هيكلة التخزين لمساعدة شركات التجارة الإلكترونية.
						




						

