«الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية».. نقلة نوعية تعيد رسم خريطة مصر الرقمية وترقب للخطوة التالية
تعمل الدولة المصرية على تطبيق منهج تكاملي لتعزيز وانتشار المدن الذكية في مصر، وفقا لأسس ترتكز على التحول الرقمي والتكنولوجيا المتقدمة وتحسين كفاءة استخدام الموارد، في إطار استراتيجية شاملة تعظم استخدامات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، وتدشين مراكز البيانات لإحداث تطوير هيكلي في أداء البنى الأساسية والخدمية، وتحقيق نمو متواصل يتسم بالاستدامة البيئية والاقتصادية، وأيضا توفير تسهيلات وخدمات تسهم في تعزيز الخدمات المقدمة للمواطنين.
الشهر الماضي عبّر بقوة عن هذا التحول حيث شهد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية في مصر، والتي شارك في إطلاقها عدة جهات وزارية وهيئات، بالإضافة إلى شركاء تنمويين دوليين مثل البنك الدولي، وتقوم على سبعة قطاعات رئيسية مترابطة: الإسكان والمجتمع والخدمات الحضرية، المرافق، التنقل الذكي، الاقتصاد الذكي، البيئة، الحوكمة والرقمنة والبيانات والتقنيات الحديثة، بما يشير إلى تعاظم رهانات الدولة على هذه المسار كجزء رئيسي من رؤية مصر 2030 وبناء منظومة مدن ذكية متكاملة في مصر وزيادة القدرة التنافسية لجذب الاستثمارات والمواهب، بالإضافة إلى تحقيق التوازن البيئي والاستدامة.
وشهدت الفترة الأخيرة تحركات مكثفة من الحكومة وشركات التطوير العقاري، للاعتماد بقوة على التكنولوجيا في إطار التحول الكبير للمجتمعات الذكية المتكاملة، وذلك عبر تشييد البنية التحتية السليمة التي يمكن أن تقدم كل أنماط التكنولوجيا الحديثة في المشروعات العقارية كأجهزة الطاقة المتجددة والتطبيقات الذكية وغيرها من صور التكنولوجيا، بالإضافة إلى الإطار الإداري والتنظيمي والذي يشمل أنظمة المرور والمخلفات والتشغيل، وتجميع وإدارة وتحليل البيانات الضخمة لمساعدة إدارات المدن لتكون أكثر كفاءة.
الخبراء أشاروا إلى أن الدولة نفذت العديد من المدن الذكية خلال السنوات الماضية كمرتكز رئيسي للتنمية حيث نفذت نحو 21 مدينة ذكية من إجمالي 38 مدينة ذكية جديدة كجزء من استراتيجية تطوير البنية التحتية طويلة المدى، وبناء مجتمعات عمرانية متكاملة على مساحة إجمالية تبلغ 530 ألف فدان، تعمل على توفير 7 ملايين فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ومن المتوقع عند اكتمالها أن تجتذب 30 مليون نسمة، وتعد من أكبر هذه المشروعات في الوقت الحالي العاصمة الإدارية الجديدة، العلمين الجديدة، الجلالة، المنصورة الجديدة مشيرين إلى أن الاستراتيجة الوطنية للمدن الذكية، تعد خطوة نحو مستقبل للمدن المصرية وهي تمثل رؤية وطنية متكاملة، تهدف لتحويل المدن القائمة الي مدن اكثر استدامة.
وأشاروا إلى أنه رغم ارتفاع التكلفة والتحديات التي تواجه هذا التحول، إلا أن مكاسب المدن الذكية أكبر بكثير من أن يتم تجاهلها أو تفويتها، عبر تحسين جودة الحياة للمواطن من خلال خدمات ذكية في الصحة، التعليم، النقل، الطاقة، وأيضا استدامة البيئة والتوازن البيئي وتقليل الانبعاثات الكربونية إلى جانب استخدام التقنيات الرقمية من أجل شفافية أكبر وإدارة المدن عن طريق البيانات، وتنسيق بين الجهات المختلفة وهو ما يعني في المجمل آفاقا إيجابية لهذا القطاع خلال السنوات المقبلة منوهين إلى أن القطاع العقاري الخاص في مصر أدرك أهمية تطوير المدن الذكية وبدأ في تطوير مناطق سكنية جديدة تقدم أحدث معايير المدن الذكية، وهو ما يشير إلى ضرورة التكامل بين هذه المشروعات وربطها في إطار تصنيفي موحد.
ولفتوا إلى أن التحديات المحتملة في هذا التحول تتمثل في التمويل والقدرة على توفير الاستثمارات المطلوبة في الوقت المناسب وأيضا الاحتياج لبنية تحتية متطورة باستمرار سواءا في استحداث مدن أو تطوير المدن القائمة وإجراء عملية الربط بين الشبكات والبني التحتية المتنوعة لهذه الأغراض، إلى جانب الحاجة إلى مضاعفة تأهيل الكوادر القادرة على إدارة المدن الذكية وتشغيل الانظمة الرقمية، وتعزيز حجم ونوع الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتوفير التمويل والمهارات اللازمة لتنفيذ المشاريع الذكية.
وبلغ حجم سوق المدن الذكية العالمي حوالي 634 مليار دولار في عام 2024، ويُتوقع أن ينمو ليبلغ 2.74 تريليون دولار بحلول عام 2034، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 15.8% وتتأثر هذه الزيادة بالتحضر السريع، والتقدم التكنولوجي، والمبادرات الحكومية لدفع تطوير المدن الذكية.
فمالمستهدف من إطلاق الإستراتيجية الوطنية للمدن الذكية؟ وماهي أهم محاورها؟ وكيف يمكن التكامل بين مختلف القطاعات المعنية بالمدن الذكية كشركات الاتصالات والتكنولوجيا وشركات التطوير العقاري لتحقيق التنمية الشاملة؟.

الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تحدث عن إن إنشاء المدن الذكية يعد وسيلة لتمكين المواطن من الحصول على خدماته بوسائل رقمية محوكمة وحديثة، اتساقا مع مستهدفات استراتيجية مصر الرقمية لبناء مجتمع رقمي متكامل منوها إلى أن الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية تمثل رؤية وطنية شاملة تسعى لبناء مجتمع عصري قائم على التكنولوجيا والمعرفة.
تابع :”ترتكز الاستراتيجية على توافر بنية تحتية رقمية متطورة تمثل الأساس والعمود الفقري للمدن الذكية؛ موضحًا أن مصر شرعت منذ عام 2019 في تنفيذ خطة طموحة لنشر كابلات الألياف الضوئية في كافة أنحاء الدولة من خلال إحلال شبكات النحاس بشبكات الألياف الضوئية في المدن، وكذلك مد شبكات الألياف الضوئية في القرى ضمن مشروع “حياة كريمة”، حيث تتيح هذه الكابلات نقل البيانات بسرعة فائقة عبر كل مرافق المدينة ونقاطها المختلفة ومن ثم يمكن إدارة هذه المرافق بشكل ذكي.
وأوضح طلعت أن تقنية انترنت الأشياء تعد أحد عناصر منظومة المدن الذكية؛ حيث تعتمد هذه التقنية على مجموعة بالغة الضخامة بمئات الألاف من الحساسات المرتبطة بشكل مركزي ويمكن التحكم في تلقي بيانات منها وإرسال بيانات لها ومن ثم التحكم في الأجهزة والمعدات والمرافق التي تديرها تلك الحساسات وتنظم عملها ومن ثم يمكن للقائمين على المدن من خلال شبكات الألياف الضوئية مع تقنية الإنترنت الأشياء التحكم في مرافق المدينة المختلفة وإدارتها بكفاءة.
وأضاف أن إطلاق الجيل الخامس في مصر يمثل خطوة وثابة في مضمار منظومة المدن الذكية وفاعلية إقامتها والتوسع فيها؛ حيث تتيح هذه التقنيات قدرة على التحكم في الألاف من تلك الحساسات وتبادل البيانات معها من خلال إرسال تعليمات وتلقي بيانات ونتائج منها بشكل بالغ السرعة.
وأوضح أن دور تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل هذا الكم الهائل من البيانات ومن ثم إدارة هذه المرافق على نحو فعال؛ مشيرًا إلى أهمية مراكز البيانات باعتبارها العقل الجامع لكل تلك العناصر بالمدن الذكية؛ موضحًا أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات شرعت في وضع العديد من السياسات المحفزة لإقامة مراكز بيانات وطنية.
وأكد طلعت أنه تم تضمين كل ما يتعلق بالاتصالات والشبكات في كود البناء المصري وذلك بالتعاون بين وزارتي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية؛ مشيرًا إلى أهمية التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص في مجال تطوير الحلول التكنولوجية المبتكرة في مجال المدن الذكية.

فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين رئيس لجنة التشييد والبناء بالجمعية، قال أن المدن الذكية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمشروعات العقارية، حيث تهدف إلى تطوير بنية تحتية رقمية تربط العقارات بالمنصات المعلوماتية لإدارة بيانات العقارات بشكل إلكتروني ، كما أن لها دور إستراتيجي كوسيلة لتمكين المواطنين من الحصول على الخدمات الحكومية بوسائل رقمية محكمة وحديثة، مما يحقق مستهدفات مصر الرقمية وأيضا التأثير بشكل مباشر على عملية التنمية الاقتصادية المستدامة.
وأشار إلى أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية، وغيرها من المبادرات والقوانين المتصلة بهذا التوجه، ستعظم من حجم الثورة العقارية على المستوى الاستثماري والمالي وأيضا في الجانب التنموي المتعلق بتعزيز جودة حياة المواطنين على كافة المستويات إلى جانب إحداث هيكلة تنظيمية متعلقة بتبني أنماط البناء الحديث على مستوى الشركات وأيضا الأفراد مايعزز من هوية مصر العقارية داخليا وخارجيا مايعظم من أهداف مصر المتعلقة بتوطين المدن الذكية وأيضا في تعزيز صادرات العقار المصري
ولفت فتح الله فوزي إلى أن الدولة تنفذ 38 مدينة جديدة من المدن الذكية مايعكس الأهمية الاستراتيجية لهذا التوجه في خدمة رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة وأيضا العمل على زيادة العمران من 17 إلى 40% ، مشيرا إلي أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية يمثل قيمة حقيقية لخدمة هذه الأهداف ، حيث ستساهم في بناء هيكل تتكامل فيه الحكومة مع القطاع الخاص لزيادة معدل استخدام التكنولوجيا في العقار بهدف تحسين مجالات الحياة اليومية وبالتالي تقليل التكلفة وتسريع الإنتاجية وزيادة كفاءة الأعمال والمهام وتطوير الخدمات الحياتية وتحقيق نقلة نوعية.
ونوه إلى أن استراتيجية طموحة بهذا الحجم ستحتاج ميزانيات ضخمة، وموارد بشرية مؤهلة،إلى جانب التزام طويل الأجل سواءا بين الحكومة والقطاع الخاص وأيضا الشركات الاستراتيجية بين الجهات المعنية خاصة وأن دمج التكنولوجيا في القطاع العقاري أصبح ممثلا على كافة المستويات سواءا من حيث عمليات البناء والتأسيس لمجتمعات ذكية ونهاية بعملية التسويق الرقمي التي أصبحت مرتكزا رئيسيا للشركات لزيادة حركة البيع والوصول للعملاء المستهدفين داخل مصر وخارجها ، مشيرا إلى ضرورة وضع تصنيف موحد لمؤشرات تقييم المدن الذكية.
وفي نفس السياق طالبت العديد من الدراسات المحلية في السوق المصرية ضرورة تصنيف رسمي موحد لمؤشرات قياس المدن الذكية، وهو ما يتناسب مع المعايير العالمية في هذا الإطار وتضمن تحقق جدوى اجتماعية واقتصادية مناسبة للمدن والمجتمعات الذكية في مصر خلال السنوات المقبلة.
وتشمل هذه المؤشرات، مؤشر قدرة البنية التقنية للمدن الذكية الذي يقيس مدى جاهزية البنية التقنية للمدينة الذكية التي تعتبر من أبرز عناصر النجاح في التحول نحو المدن الذكية، ومؤشر انتشار التطبيقات في المدن الذكية: يعتمد التحول إلى المدن الذكية على انتشار التطبيقات الذكية التي تقدم حلولاً عملية للتحديات التي يعاني منها سكان المدينة بما يوفر الوقت والكلفة ويزيد من كفاءة العمليات وفي مستويات سهولة ويسر حصول المواطن على الخدمات في إطار المدينة الذكية، بالإضافة إلى مؤشر الوعي واستخدام التطبيقات ومدى الرضا يعتبر رضاء المواطن ومدى تفاعله مع التطبيقات الإلكترونية المتبناة في إطار المدن الذكية أحد أهم عناصر نجاح عملية التحول إلى المدن الذكية.

أكد محمد السكراوي، استشاري تطوير الأعمال والتحول الرقمي، أن إطلاق الدولة المصرية للاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية يمثل خطوة جوهرية ومحورية في مسار التطوير العقاري والتحول الرقمي في مصر، مشيرًا إلى أن المدن الذكية أصبحت اليوم أحد أهم ركائز التكنولوجيا العقارية أو ما يُعرف بـ«PropTech»، كما باتت مطلبًا أساسيًا للمواطن الذي يبحث عن وحدة عقارية سكنية أو تجارية أو خدمية تواكب معايير العصر الحديث.
وأوضح أن إطلاق هذه الاستراتيجية يعكس وجود رؤية وطنية شاملة تدعمها الدولة، لتطبيق مفهوم المدن الذكية بشكل منظم وممنهج، معتبرًا أن هذا التوجه يُعد خطوة قومية ضرورية لضبط مسار السوق العقاري وتحقيق التكامل بين أطرافه، منوها إلى أن غياب الاستراتيجية أو عدم وجود محددات واضحة لتنفيذ المشروعات كان سيؤدي إلى حالة من العشوائية، مما يقلل من كفاءة المشروعات ويحد من مردودها الاقتصادي والاجتماعي.
وشدد السكراوي على أن الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية تُعد عنصرًا رئيسيًا في تحقيق الرواج العقاري وتنشيط حركة السوق، إلى جانب دورها الحيوي في تعزيز تصدير العقار المصري وجذب الاستثمارات الخارجية موضحا أن هذه الخطوة تسهم في دعم كل أطراف المنظومة العقارية، بدءًا من المطورين والمقاولين والمسوقين، وصولًا إلى الأطراف الحديثة في قطاع التكنولوجيا العقارية، الذين يتولون مسؤولية تجهيز البنية التحتية الرقمية للمدن الذكية، بما في ذلك برمجيات التكنولوجيا الحديثة وأدوات أنظمة التحكم داخل الوحدات السكنية.
وأشار إلى أن العميل في الوقت الحالي، وكذلك عميل المستقبل، يبحث عن وحدة سكنية أو عقارية تحتوي على مقومات المدن الذكية وتحقق مفاهيم الاستدامة، مضيفًا أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية أشعل المنافسة بين شركات التكنولوجيا المختلفة، ولا سيما شركات الاتصالات، لتقديم أعلى جودة وأفضل تكامل بين الوحدات السكنية والأجهزة الذكية داخلها.
وأوضح أن هذا التكامل لا يقتصر على حدود الوحدة فقط، بل يمتد ليشمل ربطها بالمجمع السكني ككل، بما يضمن تحسين الخدمات الحيوية مثل المياه والكهرباء والإنترنت، وتحديثها بما يتناسب مع المعايير العالمية.
وأكد السكراوي على ضرورة تفعيل الاستراتيجية عمليًا على أرض الواقع، وعدم الاكتفاء بطرحها كنموذج نظري أو فكرة متداولة في الأوساط الإعلامية، موضحا أن أهمية المدن الذكية تكمن في كونها الحل الأمثل لتفادي تحديات المدن التقليدية التي تعاني من استهلاك مفرط للطاقة وضعف في كفاءة الخدمات.
وأضاف أن المدن الذكية توفر حلولًا متكاملة لترشيد استهلاك الطاقة، وتحقيق الاستدامة البيئية، وخفض تكاليف البناء على كل من المطور والمشتري، إلى جانب ما توفره من نظم صيانة ذكية قادرة على التنبيه المبكر بالأعطال والتعامل السريع معها، بما يسهم في توفير حياة أكثر راحة للمواطن، مؤكدا على أن تطبيق الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية يفتح الباب أمام دعم وتعزيز الخبرات المصرية في مجال التكنولوجيا العقارية، ويزيد من فرص جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السوق المصري.
وأكد أن هذه الخطوة ستدعم أيضًا تصدير العقار المصري بمواصفات عالمية، بما يعزز من مكانة مصر التنافسية على الساحة الإقليمية والدولية، كما أن التنفيذ الناجح للاستراتيجية سيؤدي إلى فتح منظومة جديدة من الفرص أمام الشركات الناشئة، لتطوير تجاربها وتوسيع علاقاتها داخل السوق، بالإضافة إلى تمكينها من تبنّي أدوات تكنولوجية حديثة تساعدها على الاندماج مع الأسواق العالمية.

من جانبه قالت راندا الطوبجي خبيرة التنمية المستدامة، ان الاستراتيجية تستهدف إنشاء مناطق جغرافية حضرية حديثة تستخدم أنواعا مختلفة من الأدوات التقنية والأساليب الإلكترونية وأجهزة الاستشعار لجمع بيانات محددة، فضلا عن استخدام المعلومات المكتسبة من تلك البيانات لإدارة الأصول والموارد والخدمات بكفاءة ضمن هذه المدينة كما يتم استخدام هذه البيانات لتحسين العمليات في جميع أنحاء المدن الأخرى.
وأكدت على ان الدولة، نجحت خلال 4 سنوات فقط، في كسر مركزية القاهرة، عن طريق إقامة مدن جديدة تستوعب طاقات بشرية وهيئات ومؤسسات حكومية أو خاصة، وهو ما يمكن اعتباره إعادة لتشكيل الخارطة الاقتصادية، السياسية، والثقافية، بما يخدم الطموح المصري، وذلك من خلال التوسع في إنشاء مدن الجيل الرابع أو المدن الذكية التي تُعد الحل الأنسب للتوسع العمراني واستيعاب الكثافة السكانية المتزايدة وحل مشكلة الإسكان.
وأضافت الطوبجي أن الدولة بدأت خطوات جادة لتوحيد الرؤية حول مفهوم المدن الذكية، من خلال تنسيق الجهود بين عدة وزارات مثل الإسكان، والاتصالات، والكهرباء وغيرها، مؤكدة أن نجاح هذه المدن يتطلب تكاملًا حقيقيًا بين كافة الجهات، لأن أي وزارة لن تتمكن من العمل بمفردها في هذا الملف المعقد، مؤكدة على أن وضوح الرؤية الحكومية والاهتمام الكبير من الدولة بمشروعات المدن الذكية يعزز ثقة المستثمرين ويشجعهم على ضخ استثماراتهم، خاصة عندما يرون تكاملًا حقيقيًا بين التخطيط والتنفيذ والتقنيات الحديثة.
قال وليد مرسي عضو جمعية الأعمال و رئيس مكتب DCI Plus للاستشارات الهندسية أن استثمار الدولة في البنية التحتية الرقمية وعلي يعكس حرصها علس استدامة النمو العقاري والاقتصادي مما يعزز الثقة بين المستثمرين ويجذب رؤوس الأموال الأجنبية، مضيفا: توفر البنية التحتية الحديثة والمدن الذكية يمكن المستثمرين من بناء مشاريع عقارية متنوعة مثل الفنادق والمكاتب التجارية والمراكز التجارية والوحدات السكنية.
وأضاف أن المدن الذكية تعد مرتكزا مهماً يتم أخذه في الاعتبار عند تقييم قيمة العقارات في مصر واتخاذ القرارات الاستثمارية مشيرا إلي أنها تعزز قيمة العقارات وتجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين والمشترين كما أنها تسهم في تحسين نمط الحياة.

وأشار وليد مرسي إلى أن تأمين التمويل مهمة صعبة تتطلب حلولا إبداعيةً لسدّ الفجوة بين رأس المال الأولي الذي تقدّمه الحكومة والأموال اللازمة لإتمام مشاريع المدن الذكية ، مبينا أن تمويل جميع المشاريع تمثل تحديًا أمام الحكومة في المقام الأول لأنها تعتمد على الاستثمار الخاص والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأكد على أهمية عنصر تقنيات إنترنت الأشياء في التحول إلى المدن الذكية، مثل قياس معدل التلوث البيئي يعتمد على مستشعر، وكذلك مراقبة حركة المرور يعتمد على مستشعر أيضًا، وجميع الخدمات المطلوب تحسين أداءها ورفع كفاءتها تحتاج إلى تزويدها بالتقنيات، والتي تعتمد على توافر التمويل اللازم وابتكار مزودي تكنولوجيا المعلومات والمطور العقاري.
ولفت وليد مرسي إلى أهمية التزام مزودي خدمات التكنولوجيا ومطوري الحلول بحماية البيانات خلال عملية التحول إلى المدن الذكية، لأن أي تقنية تتيح الاتصال بالإنترنت يجب أن يتم تأمينها بشكل جيد، لذلك عند استهداف تطبيق عملية الرقمنة بشكل عام هو تطبيق التحول في الفكر والبنية التحتية والتطوير وأمن المعلومات.
وطالب بالتركيز على عنصر البنية التحتية التكنولوجية بشكل قوي لتحقيق عنصر الاستدامة، بالإضافة إلى عمل الدراسات اللازمة للتعرف على كيفية تلبية احتياجات المواطن بشكل ذكي، لافتاً إلى أثر التكامل بين مقدمي الخدمات لإنشاء المدن الذكية. كما يجب التفرقة بين المدن الجديدة والمدن الموجودة بالفعل، فمثلا من الصعب تحويل القاهرة إلى مدينة ذكية بشكل مباشر دون مراعاة أية اعتبارات، لذلك يتم تبسيط عمليات التحول إلى المدن الذكية، مثل التقسيم الجغرافي ونشر خدمات إنترنت الأشياء بشكل تدريجي.
ولفت وليد مرسي إلى المحددات التي يقدمها مزودي خدمات التكنولوجيا من حيث العدد والجودة والتكامل، والتي تشكل عنصر جذب للمستهلك، بالإضافة إلى أهمية توظيف عنصر البيانات التي نحصل عليها من مختلف المصادر منوها إلى أن التحدي الرئيسي هو المستهلك النهائي الذي يلعب دورًا أساسيًا في توجيه بوصلة تقديم القيمة لأنه هو من يقوم باختيار الخدمة ومفرداتها.