Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«اقتصاد السيادة الرقمية».. حوكمة البيانات بوابة مصر التشريعية لترسيخ ريادتها التقنية بالمنطقة

تنتقل الدولة المصرية حاليا إلى مرحلة السيادة الرقمية التي تضع البيانات كأصل استراتيجي يوازي في قيمته الموارد الطبيعية التقليدية، وتأتي هذه التحركات مدفوعة بإدراك مؤسسي بأن تدفق البيانات عبر الحدود لم يعد مجرد عملية تقنية، بل هو محرك أساسي للاقتصاد العالمي ونبض حقيقي لقطاعات التجارة الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، والخدمات المصرفية، لذلك تتبنى الدولة رؤية توازن بين تحفيز النمو عبر إتاحة البيانات، وبين السيادة الوطنية من خلال وضع أطر قانونية صارمة تحمي هذا المورد من الاستغلال غير المشروع.

وتعد اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات الشخصية، وقانون تصنيف وتبادل البيانات المرتقب، هما حجر الزاوية في هذا العقد التقني الجديد الذي يهدف إلى تحويل الثروة المعلوماتية إلى أصول اقتصادية ملموسة تخدم التوجهات التنموية للدولة.

ويمثل هذا الإطار التشريعي صمام أمان لتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث لم تعد الشركات الكبرى تكتفي بجودة البنية التحتية المادية، بل تبحث عن الاستقرار التشريعي الرقمي الذي يضمن حماية ملكية البيانات وقواعد تداولها ، ومن هنا تتحرك الدولة المصرية نحو سد الفجوة التنظيمية لتتحول من مجرد ممر تقني للبيانات عبر كابلاتها البحرية، إلى مستودع آمن وموثوق لمعالجة وتخزين المعلومات العالمية، مما يعزز من قيمتها التنافسية في مواجهة المسارات الإقليمية الناشئة.

وفي هذا الصدد، قال خبراء إن صدور اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات الشخصية يمثل نقطة تحول محورية ستنقل مصر من مرحلة النوايا التشريعية إلى واقع التطبيق الملزم، مما يضع المؤسسات أمام مسؤوليات واضحة تجاه أمن المعلومات مؤكدين على أن هذا القانون سيعيد رسم خريطة الاقتصاد الرقمي المصري، ليضعها في منافسة مباشرة مع الأسواق الإقليمية التي سبقت في هذا المضمار، مشيرين إلى أن الثقة في إدارة البيانات هي المحرك الأساسي لتدفق رؤوس الأموال الأجنبية في قطاع التكنولوجيا.

كما أشار خبراء إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات المصرية، لاسيما غير التكنولوجية، ليس في الجانب التقني أو توفر الخوادم، بل في الثقافة التنظيمية وغياب الوعي بقيمة البيانات كأصل، منوهين إلي أن العديد من الشركات لا تزال تتعامل مع بيانات العملاء بعشوائية، مما يجعلها عرضة لمخاطر قانونية وسمعية جسيمة بمجرد تفعيل اللائحة، ما يتطلب تغييراً جذرياً في الهياكل الإدارية وطرق اتخاذ القرار.

وبالنظر إلى الأرقام والمؤشرات التي تعكس حجم الطموح المصري، نجد أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قد حقق معدلات نمو تجاوزت 16%، ليصبح القطاع الأعلى نمواً في الدولة لعدة سنوات متتالية، وتستهدف الدولة المصرية زيادة صادراتها الرقمية لتصل إلى 9 مليارات دولار بحلول عام 2026.

ووفقا للخبراء، يصبح التصدير الرقمي مرهوناً بمدى توافق الشركات المحلية مع معايير حماية البيانات العالمية، إذ تشير التقارير الدولية إلى أن 70% من الشركات العالمية ترفض التعامل مع موردين في دول تفتقر إلى قوانين صارمة لحماية الخصوصية، كما أن الاستثمارات في مراكز البيانات داخل مصر شهدت طفرة كبيرة مؤخراً، حيث تسعى الدولة لتوطين هذه الصناعة باستثمارات تقدر بمليارات الدولارات، وهو ما لن يكتمل دون إطار قانوني واضح يصنف هذه البيانات ويحدد قواعد تبادلها.

الدكتور عمرو طلعت
الدكتور عمرو طلعت

في إطار هذا التوجه الاستراتيجي، كشف الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عن ملامح التحرك الحكومي لضبط هذا الملف الحساس. وأكد الوزير أن الوزارة تتبنى نهج التشارك مع القطاع الخاص، حيث ترحب بالمشاركة في جلسات إعداد مسودات القوانين، معتبراً ذلك حواراً مجتمعياً ضرورياً للخروج بأفضل نسخة تشريعية ممكنة تلبي احتياجات السوق وتضمن حقوق الدولة.

وأوضح الوزير أن العمل جارٍ حالياً على إعداد مسودة قانون تصنيف وتبادل البيانات ، وهو تشريع مكمل يهدف إلى تنظيم كيفية تداول البيانات بين الجهات المختلفة.

وأعلن الوزير عن خطة لإجراء حوار معمق لاستطلاع الآراء قبل رفع القانون لمجلس الوزراء ثم البرلمان، مشددا على أن الحكومة المصرية تضع حماية البيانات وتأمين السيادة الرقمية على رأس أولوياتها، معلناً عن توجه الوزارة نحو استخدام البرامج مفتوحة المصدر بجانب برامج الشركات العالمية، والتوسع في إقامة مراكز البيانات الضخمة لتكون مصر مركزاً إقليمياً لتداول المعلومات.

قال مصطفى ناصف، الخبير الدولي في المراجعة والحوكمة، إن حماية البيانات لم تعد قضية تنظيمية أو تقنية هامشية، بل أصبحت أحد الأعمدة الاستراتيجية التي تُشكّل ملامح الاقتصاد العالمي الحديث، في ظل التحول الرقمي المتسارع وتزايد الاعتماد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية.

وأوضح أن البيانات تحولت من مجرد معلومات مخزنة داخل الأنظمة إلى أصل اقتصادي وسيادي يوازي في قيمته الموارد الطبيعية ورأس المال البشري، مشيرًا إلى أن الدول والشركات الكبرى باتت تتنافس على امتلاك البيانات وإدارتها بكفاءة باعتبارها وقود النمو في الاقتصاد الرقمي.

وأضاف ناصف، أن العالم يشهد سباقًا متسارعًا نحو بناء أطر تنظيمية صارمة لحماية البيانات، ليس فقط لحماية خصوصية الأفراد، بل لضمان استقرار بيئة الأعمال، والحد من المخاطر السيبرانية، وتعزيز ثقة المستثمرين، لافتًا إلى أن التجارب الدولية أثبتت أن الدول التي تمتلك منظومة قوية لحوكمة البيانات هي الأكثر قدرة على جذب الاستثمارات والاندماج في الاقتصاد الرقمي العابر للحدود.

مصطفى ناصف

وأشار إلى أن صدور اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات الشخصية في مصر يمثل نقطة تحول محورية في مسار الاقتصاد الرقمي، وينقل الدولة إلى مرحلة أكثر نضجًا ووضوحًا في إدارة أحد أهم أصول العصر الحديث، مؤكدًا أن هذه الخطوة تضع السوق المصري على مسار أكثر تنظيمًا وجاذبية للاستثمار.

وأكد أن حماية البيانات لم تعد رفاهية تشريعية أو شأنًا يخص شركات التكنولوجيا فقط، بل أصبحت عنصرًا جوهريًا في بناء الثقة داخل الأسواق وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات، موضحًا أن صدور اللائحة يعكس إدراك الدولة لقيمة البيانات كأصل اقتصادي لا يقل أهمية عن رأس المال.

ولفت ناصف إلى أن القانون كان قائمًا منذ فترة، إلا أن غياب اللائحة التنفيذية خلق حالة من الغموض وأجّل التطبيق الفعلي، بينما أسهم صدورها في تحديد القواعد والمسؤوليات بشكل واضح، ونقل السوق من مرحلة “النية التشريعية” إلى مرحلة التطبيق العملي الملزم، بما يضع المؤسسات أمام التزامات واضحة لا تحتمل التأجيل.

وأوضح أن البيانات أصبحت المحرك الرئيسي للعديد من القطاعات، سواء المصرفية أو التجارة الإلكترونية أو التطبيقات الذكية أو حتى القطاعات التقليدية، مشددًا على أن أي خلل في إدارة البيانات أو تسريبها قد يؤدي إلى خسائر مالية مباشرة وأضرار طويلة الأمد في السمعة والثقة، ما يجعل الالتزام باللائحة ضرورة استراتيجية قبل أن يكون التزامًا قانونيًا.

وأضاف أن اللائحة التنفيذية ترجمت نصوص القانون إلى آليات عملية قابلة للتطبيق، من خلال تنظيم عمليات جمع البيانات ومعالجتها وتخزينها ومشاركتها، وتحديد حقوق أصحاب البيانات، والتزامات الشركات، وأطر الرقابة والمساءلة، مؤكدًا أن وجود معايير موحدة يقلل من الاجتهادات الفردية ويخلق بيئة تنظيمية مستقرة تشجع على النمو والاستثمار.

وفيما يتعلق بجذب الاستثمارات، أشار ناصف إلى أن حماية البيانات أصبحت معيارًا أساسيًا في تقييم الأسواق عالميًا، موضحًا أن المستثمرين لا يبحثون فقط عن العائد، بل عن بيئة تنظيمية مستقرة تحمي الحقوق وتدعم الحوكمة، وأن وجود إطار قانوني مُفعل لحماية البيانات يعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، ويدعم الشراكات العابرة للحدود، ويُسهّل اندماج الشركات المصرية في سلاسل القيمة العالمية.

وحذر ناصف من أن تجاهل متطلبات اللائحة التنفيذية يحمل مخاطر جسيمة، لا تقتصر على الغرامات أو المسؤولية القانونية، بل تمتد إلى فقدان ثقة العملاء والإضرار بالسمعة وتعطيل الأعمال، لافتًا إلى أن كثيرًا من المخالفات قد تحدث دون قصد نتيجة غياب السياسات الواضحة أو ضعف التنظيم الإداري، وليس بسبب قصور تقني بالضرورة.

وأكد أن الامتثال لقانون حماية البيانات يجب أن يُنظر إليه كفرصة لتحسين إدارة المعلومات وتعزيز الحوكمة المؤسسية ورفع كفاءة العمليات الداخلية، وليس كعبء إضافي، مشددًا على أن الشركات التي تبدأ مبكرًا في ترتيب أوضاعها ستكون في موقع تنافسي أفضل في ظل تسارع التحول الرقمي.

وحول دور الشركات الاستشارية، أوضح ناصف أن المرحلة الحالية تتطلب دورًا محوريًا للكيانات المتخصصة في الحوكمة وإدارة المخاطر، من خلال بناء الوعي المؤسسي وربط متطلبات حماية البيانات بالحوكمة الشاملة، محذرًا من الاكتفاء بالامتثال الشكلي أو الاعتماد على مستندات غير مفعّلة.

واختتم ناصف تصريحاته بالتأكيد على أن صدور اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات يمثل علامة فارقة في مسار الاقتصاد المصري، ورسالة واضحة بأن مرحلة التنظيم الجاد قد بدأت، مشددًا على أن الشركات التي تتعامل مع هذه المرحلة بجدية واستباقية ستكسب ثقة السوق والعملاء والمستثمرين، بينما سيواجه المتأخرون مخاطر متزايدة في بيئة لم تعد تتسامح مع العشوائية.

عمرو فاروق
عمرو فاروق

من جانبه قال عمرو فاروق المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة جاتديف الشرق الأوسط، إن صدور اللائحة التنفيذية لقانون حماية البيانات الشخصية يمثل خطوة إيجابية ومهمة، تضع مصر في مصاف الدول التي تمتلك أطرًا تشريعية متكاملة في مجال نظم المعلومات وحوكمة البيانات، لا سيما في ظل وجود تشريعات ولوائح تنفيذية مماثلة في عدد من الدول العربية والإقليمية.

وأوضح أن التأثير الفعلي للائحة على الاقتصاد الرقمي المصري لا يمكن قياسه بدقة في هذه المرحلة، لافتًا إلى أن الحكم الحقيقي سيبدأ بعد الإعلان عن التفاصيل الكاملة لتشكيل مركز حماية البيانات الشخصية، وسياساته، وآليات عمله، باعتباره الركيزة الأساسية التي يقوم عليها القانون ولائحته التنفيذية، والعنصر الحاسم في تحويل النصوص التشريعية إلى واقع تطبيقي.

وأشار عمرو فاروق، إلى أن وجود ضوابط حاكمة لتنظيم البيانات يسهم بشكل مباشر في تنظيم أحد أهم مدخلات الاقتصاد الرقمي، موضحًا أن اللائحة تضع البيانات داخل إطار حوكمي واضح، يساعد جميع الأطراف المعنية – سواء أصحاب البيانات أو المتحكمين أو المعالجين – على فهم حقوقهم والتزاماتهم، مؤكدًا أن الحديث عن تحديات تنفيذية يظل سابقًا لأوانه قبل اتضاح آليات عمل المركز المنوط بالتنفيذ.

وفيما يتعلق بتحويل البيانات من عبء تشغيلي إلى أصل اقتصادي منظم، أكد فاروق أن اللائحة التنفيذية تنظم العلاقة بين صاحب البيانات والجهات التي تقوم بجمعها أو معالجتها، وتكفل حقوق الأفراد في معرفة كيفية استخدام بياناتهم، وحقهم في تعديلها أو حذفها، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن البيانات لم تكن يومًا عبئًا تشغيليًا، واصفًا إياها بـ«بترول العصر» الذي يمثل قيمة مضافة جوهرية لأي مؤسسة.

وأضاف أن اللائحة فرضت أعباءً مالية جديدة على المتحكمين والمعالجين، من خلال رسوم تراخيص سنوية قد تصل إلى 660 ألف جنيه سنويًا، وهو رقم كبير، خاصة بالنسبة للشركات الرقمية والسحابية التي تتعامل مع ملايين السجلات، في سوق يتجاوز فيه عدد مستخدمي الإنترنت في مصر 80 مليون مستخدم، ما يجعل حجم البيانات الضخم هو القاعدة وليس الاستثناء.

وحول تأثير اللائحة على نماذج الأعمال الرقمية، أوضح فاروق أن آليات إصدار التراخيص وفق شرائح عدد السجلات، إلى جانب طريقة عمل مفتشي مركز حماية البيانات الحاصلين على الضبطية القضائية، سيكون لهما أثر مباشر في إعادة تشكيل نماذج الأعمال، مشيرًا إلى أن الرسوم، رغم تصنيفها كمعتدلة في بعض الشرائح، قد تمثل أعباء ضخمة عند الوصول إلى مستويات البيانات الكبيرة، خاصة مع تكاليف المعالجة، والأمن السيبراني، وإدارة التشغيل.

وأكد أن أي عمل اقتصادي يعمل داخل إطار منظم بمعايير واضحة يمثل بطبيعته عامل جذب استثماري، لافتًا إلى أن حماية البيانات باتت أولوية قصوى في الاقتصاد الرقمي العالمي، ولم تعد مسألة تنظيمية ثانوية أو مقتصرة على شركات التكنولوجيا فقط.

وفي تقييمه لنظرة المستثمرين الأجانب، أشار فاروق إلى أن مصر تتمتع بمكانة متقدمة على خريطة الاستثمار التكنولوجي، بدليل استضافة كبرى شركات التعهيد العالمية التي تعالج بياناتها داخل السوق المصري، مستندة إلى أطر تشريعية قوية في مجال حوكمة البيانات، موضحًا أن قطاعات حيوية مثل القطاع المصرفي تطبق بالفعل أعلى المعايير العالمية تحت رقابة صارمة من البنك المركزي.

وحول الفجوات المحتملة في الامتثال، حذر فاروق من أن الشركات غير التكنولوجية قد تواجه تحديات أكبر، خاصة في ظل غياب الخبرة التنظيمية، مشيرًا إلى أن قطاعات مثل التسويق العقاري تُعد من أكثر القطاعات عرضة للمخاطر، بسبب استخدامها الواسع لبيانات المواطنين دون ضوابط واضحة أو موافقات صريحة.

وأوضح أن التحديات لن تكون تقنية فقط، بل تنظيمية وثقافية أيضًا، مؤكدًا أن ثقافة حماية البيانات والخصوصية لا تزال ضعيفة داخل العديد من المؤسسات، وتحتاج إلى جهود توعوية كبيرة لترسيخ مفهوم البيانات كأصل يجب حمايته وإدارته، وليس مجرد مورد متاح للاستخدام العشوائي.

وفيما يتعلق بالشراكات العابرة للحدود، أكد فاروق أن القانون ولائحته التنفيذية لا يمنعان نقل أو تخزين أو معالجة البيانات خارج الحدود، بما لا يعرقل تعاملات الشركات المصرية دوليًا، لكنه شدد على أن أي أثر إيجابي حقيقي سيظل مرهونًا بالسياسات التنفيذية التي سيعلنها مركز حماية البيانات.

وأشار إلى أن حماية البيانات أصبحت بالفعل شرطًا أساسيًا للتصدير الرقمي، حتى قبل صدور اللائحة، نظرًا لامتلاك معظم الدول المستوردة للمنتجات الرقمية قوانين صارمة في هذا المجال، ما يفرض على الشركات المصرية الامتثال لمعايير عالمية إذا أرادت المنافسة خارج الحدود.

واختتم فاروق تصريحاته بالتأكيد على أن وجود مركز حماية البيانات الشخصية، كهيئة اقتصادية عامة تتمتع بالضبطية القضائية، يمثل الضمانة الحقيقية لتجنب الامتثال الشكلي، معربًا عن أمله في أن تعتمد آليات عمل المركز على أدوات تكنولوجية حديثة تسهّل إجراءات الامتثال، وتدعم الشركات الجادة، بما يسهم في تنظيم السوق ودفع الاقتصاد الرقمي المصري نحو مرحلة أكثر نضجًا وتقدمًا.

محمد عابدين
محمد عابدين

وفي قراءة واقعية، يرى محمد عابدين، الشريك المؤسس لشركة “كوربوريت ستاك” والمدير الإقليمي، أن صدور اللائحة التنفيذية يعالج “أزمة متراكمة” ناتجة عن سنوات من غياب الحوكمة. وأشار إلى أن المواطن المصري يعاني يومياً من انتهاك خصوصيته عبر المكالمات التسويقية المزعجة التي تظهر أن بياناته الشخصية كانت تُباع وتُشترى بلا ضوابط.

وقال عابدين: “نحن أمام نقلة تنظيمية ضرورية، لكن العبرة تظل في آليات التنفيذ وقدرة الجهات المعنية على فرض القانون”. وأضاف أن التحدي الحقيقي يكمن في تحويل البيانات من “عبء تشغيلي” ومصدر للمخاطر إلى “أصل منظم”. وانتقد عابدين غياب الوعي لدى الكثير من الشركات، خاصة في قطاعات تقليدية مثل الاستثمار العقاري، حيث لا تزال ثقافة الخصوصية غائبة تماماً.

وشدد عابدين على أن حماية البيانات أصبحت اليوم “عامل جذب استثماري” يكافئ في أهميته الحوافز الضريبية. لكنه نبه إلى أن المستثمر الأجنبي لا ينظر للنصوص الورقية فقط، بل يراقب “سجل الإنفاذ”. وحذر من الوقوع في فخ “الامتثال الشكلي” – أي مجرد كتابة سياسات ورقية دون تغيير حقيقي في طريقة تداول البيانات داخل المؤسسة – مؤكداً أن الخصوصية ستصبح قريباً “شرطاً أساسياً للتصدير الرقمي”، ومن سيتخلف عن هذا الركب سيجد نفسه خارج السوق العالمي.

The short URL of the present article is: https://followict.news/qhdm