Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

مصطفى ناصف يكتب: «أوبر» في مفترق طرق.. هل يمكن للحوكمة منع حوادث الاختطاف المتكررة في مصر؟!

تلقي حوادث الاختطاف المتكررة في مصر، عبر سائقي خدمات النقل التشاركي الذكي في أوبر مصر، بظلالها القاتمة على مستقبل الشركة، وتُثير تساؤلات جدية حول مدى فاعلية أنظمة الحوكمة والرقابة الداخلية المُتبعة لديها.

فبينما تُمثل سلامة العملاء قيمة أساسية لا غنى عنها لاستمرار أي شركة، تُظهر تلك الحوادث خللًا واضحًا في آليات التحقق من هوية السائقين وضمان التزامهم بمعايير السلامة والأخلاقيات المهنية.

فالبنوك عند منح القروض والتسهيلات الائتمانية تتبع نظاما مشددا لتتحقق من العميل والتعرف على جدارته، بما يضمن حماية البنوك والحفاظ على أصولها النقدية، ومن الغريب أن شركة مثل “أوبر مصر”، يعد العملاء هم أهم أصولها، لا تعطي كثيرا من الاهتمام للحفاظ على سلامة هذه الأصول!

إنّ تكرار حوادث الاختطاف في أوبر مصر، دون اتخاذ إجراءات رادعة ومعلنة للجمهور، يُمثل فشلاً ذريعًا لكل من الشركة وإطار الحوكمة المتبع لديها،  فلا يمكن تجاهل خطورة تلك الجرائم، وعواقبها الوخيمة على العملاء، ناهيك عن الأضرار الجسيمة التي تلحق بسمعة الشركة وربحيتها على المدى الطويل.

إنّ مسؤولية حماية العملاء لا تقتصر على الشعارات الرنانة، بل تتطلب التزامًا حقيقيًا من قبل أوبر بتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، وتعزيز أنظمة الرقابة الداخلية، وتوفير ضمانات ملموسة لمنع تكرار تلك الحوادث.

وفي هذا الصدد، لا بدّ من التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة تشمل إعادة النظر بشكل شامل في آليات التحقق من هوية السائقين، وتشديد إجراءات الفحص الأمني لضمان قبول أشخاص ذوي سجلات نظيفة وسلوكيات أخلاقية.

كذلك، يجب الاستثمار في تقنيات حديثة مثل أنظمة التعرف على الوجه لضمان هوية السائق قبل كل رحلة، وتطوير نظام تتبع متطور لجميع الرحلات، مع إتاحة خاصية الإبلاغ الفوري عن حالات الطوارئ داخل التطبيق، مع تمكين الشركة من تتبع الرحلات المبلغ عنها والتحكم في السيارة عن بعد عند الضرورة.

ويجب على أوبر مصر تعزيز مبدأ الشفافية والإفصاح من خلال إطلاع العملاء بشكل دوري على الإجراءات المتخذة لتعزيز السلامة، ونشر تقارير دورية حول حوادث الاختطاف وكيفية التعامل معها، كما يعد إنشاء مجلس استشاري يضم ممثلين عن العملاء والسلطات الأمنية ومختصين في مجال السلامة أمرا مطروحا ومعتادا، من أجل تقديم المشورة للشركة حول أفضل السبل لتعزيز إجراءات السلامة.

إنّ تطبيق تلك الخطوات، بشكل جاد وفعال، يُمثل فرصة حقيقية لأوبر لاستعادة ثقة العملاء وإعادة بناء سمعتها المتضررة.

أمّا تجاهل تلك المسؤولية، والاستمرار في سياسة التكتم وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة، فسوف يُفضي حتمًا إلى المزيد من الحوادث المؤسفة، وفقدان الثقة بشكل نهائي، ممّا قد يُهدد استمرارية الشركة ووجودها في السوق المصرية.

إنّ أوبر تقف اليوم عند مفترق طرق: إما التغيير الجذري والالتزام بمعايير الحوكمة الرشيدة وحماية العملاء، أو مواجهة خطر الاندثار وفقدان مكانتها في السوق، والخروج غير مأسوفا عليها من تحت مظلة ثقة المصريين.

تحليل كتبه: مصطفى ناصف

الخبير الدولي في مجال المراجعة والحوكمة