Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

مصطفى محرم يكتب: الطريق إلى «أمازون مصر».. النجاح لا يأتي مصادفة

شهدت البلاد، خلال الأسبوع الماضي، إطلاق أمازون العالمية لموقعها في مصر، وافتتاح أكبر مركز لوجيستي لها في أفريقيا باستثمارات تصل إلى 90 مليون دولار أمريكي.

وتأتي تلك الخطوة تتويجاً لجهود كبيرة قامت بها الدولة المصرية لجذب استثمارات مباشرة من عملاق التجارة الإلكترونية، ولأن النجاح لا يأتي مصادفة، أود في هذا المقال تسليط الضوء على بعض تلك الجهود للاستفادة منها في التأسيس لاستراتيجيات جديدة داعمة للاستثمار والتنمية.

بدأ الفريق المكلف بالإعداد لإطلاق أمازون مصر عمله منذ عامين بتحديد أهم المخاطر والتحديات الواجب معالجتها لتحقيق المعايير التي تضعها المجموعة العالمية للعمل في الأسواق المختلفة.

وعلى الفور بدأ الفريق بوضع خطة اتصال بالوزارات والهيئات والجهات الرقابية القائمة على ملف الاستثمار في قطاع التجارة الإلكترونية.

وتم إجراء عدد من الاجتماعات المباشرة مع دولة رئيس مجلس الوزراء، ومعالي وزراء التخطيط والتنمية الاقتصادية والتجارة والصناعة وقيادات وزارات المالية والنقل والتموين والتجارة الداخلية، إلى جانب البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

وتبنى المسؤولون الحكوميون، خلال تلك المشاورات، منهجاً إيجابياً ومنفتحاً في التعامل مع متطلبات ومقترحات المجموعة العالمية. وقد قامت عدد من الوزارات والهيئات المعنية بتخصيص مسؤول اتصال لمتابعة الموقف التنفيذي لما تم الاتفاق عليه من خطط عمل مشتركة.

كما قام فريق العمل بعدد من المشاورات الإيجابية والبناءة حول الأطر التشريعية والسياساتية المتعلقة بالقطاع، أذكر منها تلك التي عقدتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حول قانون حماية البيانات الشخصية، والأطر التنظيمية المتعلقة بالتجارة الإلكترونية، والمشاورات مع وزارة النقل والمواصلات حول تراخيص نقل البضائع باستخدام تكنولوجيا المعلومات، والمشاورات مع وزارة المالية حول القوانين والأطر المتعلقة بالضرائب والجمارك.

ولعل من أهم العوامل المؤثرة على القرارات الاستثمارية لشركات التكنولوجيا العالمية، مثل أمازون، تلك المتعلقة بالبيئة التشريعية والسياسات، حيث تمتلك تلك الشركات أدوات تحليلية دقيقة لدراسة المخاطر الناجمة عنها.

وأخيراً وليس آخرًا..

كان ولا يزال الدعم السياسي هو العامل الحاسم في تذليل العقبات أمام الاستثمار الأجنبي للعمل والتوسع في السوق المصري.

وكانت للاجتماعات الدورية للرئاسة المصرية مع قيادات الشركات الأجنبية (ومن ضمنها أمازون) دورًا رئيسيًا في بعث رسائل ايجابية عن حرص الدولة على تهيئة بيئة مواتية لنماذج الأعمال الجديدة والمبتكرة (والتي تصطدم في بعض الأحيان مع القوالب التنظيمية الجامدة) ومناخ الاستثمار بشكل عام.

وجاء تشريف دولة رئيس الوزراء لافتتاح مركز أمازون اللوجيستي بالعاشر من رمضان بمحافظة الشرقية تأكيدًا على حرص الدولة على دور ريادة الاعمال والتكنولوجيا في التنمية وأهميته.

موقع أمازون، على عكس ما يعتقده الكثيرون، ليس مجرد منصة للتسوق.. بل منظومة متكاملة من شأنها دعم وتطوير التجارة الإلكترونية وتنشيط حركة التجارة الداخلية وضخ استثمارات كبيرة لإنشاء المراكز اللوجستية ومراكز التوزيع والمخازن وتشجيع تصنيع وتصدير المنتج المحلي وترويج السياحة وتعزيز الشمول المالي والتحول الرقمي، وذلك بجانب خلق المزيد من فرص العمل بما يدعم معدلات الاستثمار والنمو. ولذلك تتنافس الولايات الأمريكية المختلفة لاستضافة مقرات تلك الشركة العملاقة لتعظيم الاستفادة من فوائد تلك المنظومة.

لمصر أن تفخر بنجاحها في جذب أمازون للاستثمار المباشر، والذي جاء نتيجة لممارسات علمية ومنهجية تبنتها الدولة في التعامل مع الملف بتعقيداته وتشابكاته.. ولكن يبقى أهمية تعميم تلك التجربة لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية من أمازون ومثيلاتها (مثل جوجل ومايكروسوفت وأبل وفيسبوك) وتعظيم الاستفادة منها لتحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية.. الهند، على سبيل المثال، نجحت في جذب 20 مليار دولار خلال السنوات القليلة الماضية من شركات التكنولوجيا فقط. ومصر في ظل الرؤية والطفرة الاقتصادية التي تشهدها، في حاجة إلى المزيد من تلك الاستثمارات.. والتي من المؤكد أنها لا تأتي مصادفة.

مقال كتبه: مصطفى محرم

خبير السياسات العامة والاتصال الاستراتيجي