تولي الدولة المصرية اهتماما عظيما بالتحول الرقمي والتوسّع في الخدمات المالية الإلكترونية، تحقيقا لرؤية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في التحول إلى الجمهورية الجديدة، حيث أن التوجه الاستراتيجي للتحول الرقمي في الدولة المصرية يهدف إلى ما يلي:
• تحسين جودة حياة المواطن من خلال تحسين ظروفه المعيشية وتقديم خدمات إلكترونية متعددة من خلال كافة المنافذ الرقمية وغير الرقمية.
• تحويل الحكومة إلى حكومة مترابطة رقميًا من خلال ربط الأنظمة الرقمية الحكومية وتحسين العمل داخل الجهاز الإداري للدولة ليعمل بكفاءة وفاعلية.
• تمكين الدولة من الحكومة الإلكترونية وتعزيز قيم الشفافية والمحاسبة والمراقبة لكافة الأعمال من خلال التفاعل والتشارك بين عناصر المجتمع المختلفة، بما في ذلك الجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، وغيره.
وفي ضوء التداعيات الناتجة عن أزمة جائحة كورونا، والتي كَشَفَت عن الفجوة الرقمية المتزايدة داخل الدول المتقدّمة والنامية وفيما بينها، تبيّن أهمية التحول الرقمي ورؤية الدولة المصرية لتكثيف الجهود لدعم عملية رقمنه الاقتصاد، حيث يسهم بقدرٍ كبيرٍ في دعم قُدرة الدولة على البقاء على المسار الصحيح لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في ظل التوازن مع برامج وخطط الدولة لضمان العدالة الاجتماعية وإتاحة الخدمات للمواطنين كافة.
وحيث أن رقمنة الاقتصاد يعتمد أساسا على دخول الاقتصاد غير الرسمي في منظومة الاقتصاد الرسمي حيث بلغ متوسط إنتاجية الاقتصاد غير الرسمي حوالي 22% في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا ووصلت نسبة الوظائف التي يوفرها الاقتصاد غير الرسمي حوالي 70% في الأسواق الناشئة والدول النامية.
ولما كانت تلك هي أرقام الاقتصاد غير الرسمي، أولت الدولة المصرية اهتماما شديدا برقمنة الاقتصاد وعمل الإصلاحات الضريبة التي تساعد على دمج الاقتصاد غير الرسمي بالاقتصاد الرسمي فقامت الدولة بخفض الأعباء الضريبة على الشركات في مصر وتقديم الحوافز للشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة كما نص عليه القانون 151 لسنة 2020 وتطبيق قوانين تسوية الإعسار في مصر والتي ساعدت على زيادة فرض الحصول على التمويل.
ومما سبق يتبين أهمية تطبيق منظومة الفواتير الإلكترونية، حيث تعد أحد أهم الحلول الرئيسية لدعم إدراج منظومة الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي وتحسين الخبرات الرقمية لدى الممولين.
وتتكون المنظومة من الشركات التي تجري عمليات بيع وشراء للسلع والخدمات ويشار إليهم بالممولين، ومصلحة الضرائب المصرية باعتبارها الجهة المسئولة عن مراقبة عمليات البيع والشراء وضمان التجارة العادلة وزيادة الالتزام الطوعي.
ويتم تطبيق منظومه الفاتورة الإلكترونية على مرحلتين، أول مرحلة بتطبيق الفاتورة الإلكترونية لكافة الشركات العاملة بمنظومة B2B بينما تتم المرحلة الثانية عن طريق تطبيق منظومة الفاتورة الإلكترونية للشركات التي تتعامل مع المستهلك النهائي B2C.
وتتبنى منظومة الفواتير الإلكترونية معايير عالمية لتكويد السلع والخدمات وتصنيفاتها وذلك لضمان تبادل المستندات بطريقة معيارية موحدة ومنظمة تقلل من الخطآ وتقوم بتوحيد تعريف هذه السلع بين الأطراف التجارية (البائع والمشتري) وتتبع مصلحة الضرائب المصرية كل من المعايير الآتية:
• معيار GS1 (Global Standard 1) وهو معيار لتوحيد كود السلع والخدمات التابعة لكل شركة بحيث يكون هذا الكود فريد وغير متكرر على مستوى العالم ويضمن تابعية المنتج للشركة المصنعة.
• معيار GPC (Global Production Classification) وهو معيار لتصنيف السلع والخدمات بحيث يتم تصنيف المنتج أو الخدمة المقدمة من الشركة تحت كود محدد يوصف هذا التصنيف.
ويجب على الممولين اتباع أحد المعيارين لتبادل المستندات الرقمية للفواتير والإخطارات بين البائع والمشتري.
ومن جهتها قامت وزارة المالية المصرية ومصلحة الضرائب المصرية بنشر كافة المعايير الفنية لتكامل منظومة الفواتير الإلكترونية مع نظم المعلومات الداخلية للشركات وأتاحت وسائل متعددة لضمان استفادة كافة الشركات من تلك المنظومة وتحقيق الدخول إليها بسهولة ويسر مما يزيد من الالتزام الطوعي للدخول في تلك المنظومة والمساعدة في إدماج الاقتصاد غير الرسمي في منظومة الاقتصاد الرسمي للدولة.
وختاما أدعو كافة الشركات وأصحاب الأعمال للمسارعة بالتسجيل بمنظومة الفواتير الإلكترونية للاستفادة من كافة المزايا والحوافز التي أتاحتها تلك المنظومة مما يعود بالفائدة على الشركات والاقتصاد الوطني للدولة المصرية بصفة عامة.
تحليل كتبه: د/ فادي إسماعيل
استشاري الأعمال وحوكمة الشركات