أكد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا بالتصنيع والإنتاج والتصدير لدورها البالغ في إحداث التنمية الاقتصادية ودفع عجلة الاقتصاد وزيادة التشغيل وتوفير فرص العمل.
وأضاف خلال افتتاح 6 فروع لشركة “جسور” وبدء العمل بالمنصة الإلكترونية للشركة للترويج للمنتجات المصرية، “إن اليوم نواجه مع سائر دول العالم مجموعة من التحديات الهيكلية يتمثل أولها في استمرار تداعيات جائحة كورونا، بينما يرتبط الثاني بالاختناقات والاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية”.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي ، أن التحدي الثالث يتمثل في ارتفاع مُعدلات التضخم العالمي بوتيرة لم نعتدها منذ عقود من الزمان، في ظل ماليات عامة مُنْهَكة من تمويل حزم التحفيز الاقتصادي لمواجهة كورونا، بينما يتمثل التحدي الرابع والأكبر الآن في الأزمة الروسية الأوكرانية التي ألحقت أضرارًا بالغة بالاقتصاد العالمي.
وتابع “رغم تلك التحديات فإن جهود الدولة المصرية للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية العالمية تحظى بتقدير المؤسسات والوكالات الدولية ويتوقع العديد منها أن يحقق الاقتصاد المصري معدلات نمو قوية، حيث يتوقع البنك الدولي في تقريره الصادر في يونيو 2022 أن يسجل الاقتصاد المصري خلال العام المالي 2021-2022 مُعدل نمو بنسبة 6.1%، مقابل 5.5% في تقريري أبريل ويناير من نفس العام”.
وفي السياق نفسه، نوه رئيس الوزراء، أنه في إطار مواجهة التحديات الراهنة، فإن الدولة المصرية تستهدف تبني سياسات قائمة على تمكين القطاع الخاص وتعزيز دوره في الاقتصاد المصري، ومضاعفة نسبة مساهمته في الاستثمارات المنفذة لتصل إلى 65% خلال السنوات الثلاث القادمة، وذلك من خلال إصدار القوانين المنظمة الكفيلة بتحسين المناخ الاستثماري، وتعزيز الحياد التنافسي في الاقتصاد المصري.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي،أنه من هذا المنطلق كان اهتمام الدولة المصرية بتوفير البنية الأساسية اللازمة لتمكين القطاع الخاص من القيام بدوره في الاستثمار والتوسع في الإنتاج والتصدير، في إطار هدف طموح للوصول إلى 100 مليار دولار سنوياً.
وتطرق رئيس الوزراء إلى الحديث عن الصادرات، مشيرا في ضوء ذلك إلى أن إجمالي قيمة الصادرات المصرية قد ارتفع لأكثر من 40 مليار دولار عام 2021 مقارنة بنحو 26.8 مليار دولار عام 2020، بنسبة ارتفاع سجلت 49%، كما أوضح أنه خلال الربع الأول من العام الجاري، استمرت الصادرات المصرية غير البترولية في تحقيق المؤشرات الإيجابية الملموسة، لتبلغ 9.2 مليار دولار مقابل 7.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2021، محققة معدل نمو بلغ نحو 20%، في ظل استقرار الطلب العالمي على المنتجات المصرية في مختلف القطاعات الإنتاجية، وارتفاع تنافسية المنتج المصري بالأسواق الخارجية.
وفي الوقت نفسه، أشار رئيس الوزراء إلى أن قيمة صادرات مصر من السلع غير البترولية للدول الإفريقية سجلت ارتفاعًا لتصل إلى 5.4 مليار دولار خلال عام 2021 مقابل 3.9 مليار دولار خلال عام 2020، بنسبة ارتفاع بلغت 38.5%.
وقال مدبولي ” اتساقًا مع حرص الحكومة على تنويع هيكل الصادرات، فقد شهد العام الماضي 2021 ارتفاع معدلات التصدير بـ 12 قطاعا، منها السلع الهندسية والإلكترونية، والملابس الجاهزة، والطباعة والتغليف والورق، وقد حققت هذه القطاعات معدلات نمو تراوحت ما بين (5% – 62%).
كما استحوذت 3 مجموعات سلعية على نحو 44.7% من إجمالي صادرات مصر في 2021، وهي: الوقود والزيوت المعدنية، واللدائن ومصنوعاتها، والآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها”.
وأضاف أن هذا النمو يعتبر تأكيدا للقدرات التصديرية للدولة المصرية، كما يعد نتاجا للتوجيهات الرئاسية المستمرة في هذا الشأن، وللجهود الحكومية المبذولة من مختلف مؤسسات الدولة على مدار السنوات الماضية، لاسيما نجاح الحكومة في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والذي كان أحد الأسباب الرئيسية الداعمة لحدوث طفرة في حجم الصادرات المصرية، محققة ارتفاعًا بلغ 90% منذ تطبيق البرنامج وحتى عام 2021.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي ، أنه منذ الإعلان عن اهتمام الدولة بمختلف أوجه الدعم لتعزيز الصادرات المصرية، فقد حرصنا على إطلاق عدد من المبادرات التي استهدفت في المقام الأول توفير المساندة للمصـدرين ولعل أبرزها مبادرة “السداد النقدي الفوري” بمرحلتها الرابعة ومنح المصدرين فرصة جديدة للانضمام إليها من خلال فتح الباب للمرة الثانية.
وأوضح أنه بلغ إجمالي المساندة الممنوحة نحو 35 مليار جنيه منذ الإعلان عن المبادرة في عام 2019، بالإضافة إلى إقرار الحكومة البرنامج الجديد لرد أعباء الصادرات الذي تم إعداده بالتنسيق والتعاون مع القطاع الخاص الصناعي، والمجالس التصديرية؛ بما يضمن الوصول إلى توافق كامل من مختلف الأطراف، وتحقيق مستهدفاته.
وفي الإطار نفسه، نوّه رئيس الوزراء بأن الحكومة عكفت أيضًا على تيسير جميع الإجراءات الداعمة لتسهيل حركة التجارة الخارجية على النحو الذي يُسهم في تقليص زمن الإفراج الجمركي، وخفض تكلفة عمليات الاستيراد والتصدير.
وقد تضمن ذلك تشغيل منظومة النافذة الواحدة للتجارة الخارجية بعدد 13 مركزًا لوجستيًا منها 11 مركزًا بالموانئ التي ترد من خلالها أكثر من 97% من واردات مصر.
ولفت إلى أن الحكومة تستهدف أيضًا خلال المرحلة القادمة زيادة أسطول النقل البحري من أجل تسهيل النقل والشحن وتقليل نفقاتهما ومن ثم زيادة حجم الصادرات.
واستكمل رئيس الوزراء حديثه عن دعم المنتجات المصرية، بالإشارة إلى سعي الحكومي الحثيث لفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية والعمل على تعزيز العلاقات التجارية مع الدول كافة، لاسيما الدول الإفريقية.
ونوه إلى إعداد استراتيجية لتنمية الصادرات المصرية إلى إفريقيا، وذلك في إطار تنفيذ التكليف الرئاسي بزيادة الصادرات السلعية المصرية للقارة الإفريقية إلى 10 مليارات دولار بحلول 2025.
وعبر رئيس الوزراء عن رؤية الدولة المصرية حيال تقليل الفجوة في الميزان التجاري، قائلا “إنه في ظل الظروف الاستثنائية الصعبة التي يمر بها العالم، فإن تقليل الفجوة في الميزان التجاري، وزيادة قيمة الصادرات المصرية أصبحا أولوية قصوى للدولة، وهو ما يحتم العمل على توحيد وحفز الجهود المبذولة لتعزيز الصادرات المصرية ورفع تنافسيتها بين الأسواق العالمية، الأمر الذي تمثل في إعادة تشكيل المجلس الأعلى للتصدير للانطلاق منها؛ وذلك لصياغة خطة استراتيجية لمضاعفة الصادرات المصرية، بالتشاور مع مختلف المؤسسات التي تمثل وجهات نظر المستثمرين من القطاع الخاص”.
وأوضح أن ذلك يستتبعه خطوات أخرى، هي التوافق على ضرورة وجود كيان اقتصادي قوي يكون بمثابة أداة الدولة المصرية لتوفير مقومات نجاح تلك الاستراتيجية، وتيسير نفاذ المنتجات المصرية إلى السوق العالمية.
واستطرد “ولا سيما أن مصر تتميز بتنوع كبير في منتجاتها سواء كانت صناعية أو زراعية، الأمر الذي يستوجب الترويج لها على نطاق واسع في الأسواق ومراكز التجارة العالمية، وهو ما تقوم به الحكومة من خلال شركة “جسور”، التي كانت تُسمى في السابق شركة “النصر للاستيراد والتصدير”، حيث تمت إعادة هيكلتها؛ جغرافيا، وتشغيليًا، وبشرياً، إلى جانب الاستعانة بأدوات العصر الحديث في الإدارة والوساطة والترويج والخدمات اللوجستية، وغيرها مما يحتاجه المُصدرون والمنتجون”.
وأكد مدبولي – خلال كلمته – حرص الحكومة من خلال نموذج العمل الجديد لشركة “جسور”، على تقديم الخدمات المساندة للمصنعين من القطاع الخاص، ولا سيما الشركات المتوسطة والصغيرة للنفاذ إلى الأسواق الخارجية، بالإضافة إلى العديد من الخدمات اللوجستية للمصدرين بأفضل أداء، وأسرع وقت وأقل تكلفة، فضلا عن الخدمات المصرفية لتيسير الإجراءات للمصدرين.
وألمح كذلك إلى مبادرة “الكتالوج الإلكتروني”، التي تم إطلاقها من خلال شركة “جسور”، والتي تأتي في ظل نمو التجارة الرقمية بشكل ملحوظ نتيجة جائحة كورونا، مؤكدا أن التجارة الإلكترونية تتيح للشركات والمُصنعين فرصة الوصول إلى أسواق يصعب الوصول إليها بالطرق التقليدية.
ودعا رئيس مجلس الوزراء المنتجين والمُصنعين المصريين إلى الاستفادة ممّا تقدمه هذه المبادرة الجديدة، وتسجيل بيانات شركاتهم ومنتجاتها ومدخلات إنتاجها على “الكتالوج الإلكتروني”، مشيرا إلى أن التسجيل يتم بالمجان، وأن الشركات الصغيرة والمتوسطة ستستفيد من هذه المبادرة، بصفة خاصة، للترويج لمنتجاتها.