في اليوم الذي سجّلت “آبل” إيرادات قياسية، وبعد أسبوع من إعلان شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” عن زيادة ضخمة في الإنفاق، أعلنت الشركة الوحيدة التي تقع في قلب صناعات أشباه الموصلات والهواتف الذكية عن أرباح مخيبة للآمال وآفاق قاتمة.
وباعتبارها كياناً موحداً موجوداً عبر مجموعة واسعة من الأجهزة، تُعَدّ “سامسونج إلكترونيكس” بلا نظير، فهي رائدة عالمية في كل سوق تنافس فيها، ولكن إذا قسمت أعمالها وفق كل منتج على حدة، فستبدأ رؤية التصدعات.
وألقت “سامسونج” باللوم على عملة الوون الكوري القوي، وانخفاض أسعار رقاقات الذاكرة، وتزايد المنافسة على الهواتف الذكية، عندما نشرت نتائج أعمالها يوم الخميس، التي أظهرت تراجعها عن نظرائها وعن التوقعات على حد سواء. وحاولت إدارة الشركة إسعاد المستثمرين من خلال أنباء زيادة توزيعات الأرباح خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ورغم كونها لاعباً رئيسياً في رقاقات البوابات المنطقية، وهو النوع الذي تزيد الشركة التايوانية إنتاجه عاماً بعد عام، فإن أعمال أشباه الموصلات في “سامسونج” تتكون في الأساس من رقاقات الذاكرة، وهو قطاع حساس بشدة للاختلالات في العرض والطلب، وما ينطوي عليه ذلك من ضعف في الأسعار.
وشكلت أشباه الموصلات 54% من الأرباح التشغيلية لسامسونغ العام الماضي، وبالتالي عندما يعاني القسم، تشعر الشركة بأكملها بالألم، كما أن التكلفة العالية للإنفاق الرأسمالي تضر بهذه الوحدة أيضاً بعد أن وصلت إلى 30 مليار دولار العام الماضي نتيجة توسيع “سامسونج” قدرتها الإنتاجية ومطاردتها الشركة التايوانية على مضمار التفوق التكنولوجي.
ويعد المحرك الرئيسي الآخر للأرباح هو قسم تكنولوجيا المعلومات والهواتف، وهو القسم الذي يصنع الهواتف الذكية ومعدات الشبكات، وهبطت مبيعات الهواتف بنسبة 11% في الربع الرابع على أساس سنوي، وعلى النقيض، قفزت إيرادات “آيفون” بنسبة 17%.
ومقارنة بـ”آبل” وشركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات”، فإن منتجات المجالات التي تهيمن عليها “سامسونج” لها منافسان مباشران. أما المنافس الأكبر لأي هاتف “آيفون” جديد فهو الإصدار الذي يسبقه، لا بديل آخَر يعمل بنظام “أندرويد”، كما إن وضع صانعة أشباه الموصلات التايوانية كشركة لا بديل لها، يضعها في قلب الجغرافيا السياسية العالمية. ومن ناحية أخرى، فكل هاتف “سامسونج جالاكسي” جديد لديه منافس مباشر يتحداه من “هواوي تكنولوجيز كو”، و”شاومي كورب”، وحتى طرازات “جوجل بيكسل” لشركة “ألفابيت”.
وبالنسبة إلى رقاقات الذاكرة، التي تتربع الشركة الكورية الجنوبية على عرشها، فإنها سلعة يمكن بسهولة استبدال المكونات التي تنتجها.
وعلى “سامسونج” التعلم من منافسيها للبقاء على القمة، فـشركة “آبل” لم ترسّخ فقط عقيدة لها توابع، بل نظاماً بيئياً يجعل من الصعب أن يُستبدل بـ”آيفون” بديل يعمل بنظام “أندرويد”، كما أن القدرة الإنتاجية الهائلة لشركة تايوان لأشباه الموصلات وإنفاقها الجريء في تصنيع الرقاقات بخلاف رقاقات الذاكرة، يجعلان عملاءها غير قادرين على الاستمرار دونها.
مع ذلك، فإن براعة “سامسونج” وتكنولوجيتها لن تجعلاها تختفي في أي وقت قريب. ولكن النجاة على المدى البعيد تعتمد على إيجاد نوع من التفرد يجعل عملاءها مدمنين على منتجاتها.
كاتب عمود في بلومبيرج أوبينيون متخصص في التكنولوجيا