Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

بين تغيرات هيكلية وتفاؤل حذر.. ماذا ينتظر الشركات الناشئة المصرية في عام تراجع رأس المال المغامر؟

في ظل أزمة اقتصادية حادة، تدفع بالعالم لمستويات من التدني في النمو، وتحقيق مؤشرات سلبية على كافة الأوجه، وتشاؤم مبرر بما يمكن أن يكون عليه عام 2023 بسبب الكثير من المقدمات التي طرأت خلال العامين الماضين من وباء وصراع بين الدول الكبرى.

تقف الشركات الناشئة على “الحافة” المحاطة بالمخاطر التي لاترغب في السقوط بها “وإن كان سقط بعضها خلال الفترة الماضية”، لتعطي دروسا عملية لما يمكن أن يكون عليه شكل المستقبل، وللانتباه لعدم تكرار الأخطاء حتي لانشهد سقوط حر لشركات ناشئة أخرى خلال الأشهر المقبلة مع اتساع دائرة الأزمة الاقتصادية العالمية.

وبنظرة عالمية في قلبها بالضرورة “عين على المحلية”،  يقف صفين من الأراء حول الشركات الناشئة في مصر ومستقبلها في عام 2023، بين من يرى أن هناك تغير هيكلي قادم في طبيعة الشركات الناشئة وتطورها وإبتكارها من المهد مع تصفية العديد من الشركات التي تسير على قاعدة “هذا ماوجدنا عليه أبائنا”، وصف أخر يرى أن هناك تحولات سيشهدها السوق بشكل كامل ستجعل الشركات أكثر تحوطا، مع ظهور أليات استثمارية جديدة وزيادة عملية الاندماج والاستحواذات لتأسيس كيانات أكثر قدرة على المنافسة، وتتمتع بملائة مالية وتشغيلية جيدة تستطيع أن تؤمن بها نفسها في السنوات العجاف القادمة.

ويعتمد الصف الثاني على قوة أرقام الشركات الناشئة خلال الخمس سنوات الماضية ليس مقارنة بتجارب أخرين وإنما بما كنا عليه وماأصبحنا في الفترة الحالية، حيث شهدت الشركات المصرية الناشئة خلال الخمس السنوات الماضية نموا قياسيا فى حجم الاستثمار الجريء بمعدل نمو سنوى مركب بلغ 83.81%، وإجمالى قيمة الاستثمارات يقارب مليارًا ونصف مليار دولار، وإجمالى عدد الجولات التمويلية 710 جولات.

الشركات الناشئة

وبلغت قيمة متوسط الجولة التمويلية فى الشركات الناشئة المصرية 6.8 ملايين دولار فى 2022، مقارنةً بـ 4.2 ملايين دولار فى 2021، وقد وصل عدد الشركات الناشئة العاملة فى مصر حاليا 677 شركة، توسعت منها محليًّا ودوليًّا نحو 6.2%.

هذه الأرقام والمؤشرات تدفعنا لمواجهة المستقبل، وكأنه محطة للاختبار الرئيسي لهذا النمو السريع وقدرته على الصمود في وجه التحديات، خاصة مع التحديات الاقتصادية العالمية التي فرضتها التوترات في شرق أوروبا ، وتبني البنوك المركزية سياسات متشدة ، إلى جانب تراجع رأس المال المغامر العالمي وتباطوء التمويل بشكل عام .

فالتوقعات العامة تشير إلى مواجهة الاقتصاد العالمي لصعوبات كبيرة في 2023، حيث رجحت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا  جورجيفا، أن يكون العام الحالي صعباً على معظم الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي تعاني فيه معظم المحركات الرئيسية للنمو العالمي، مع تزايد احتمالات انخفاض النمو الاقتصادي العالمي إلى ما دون 2% .

وفي ظل أرقام تبدو إيجابية، ومشهد اقتصادي غير واضح، تجد الشركات الناشئة المصرية نفسها أمام واقع جديد، عناوينه تشديد تمويل رأس المال المغامر، ومخاوف متنامية من الركود الاقتصادي، بالإضافة إلى تنامي القلق من ماهية المستقبل وكيفية الحفاظ على مكتسبات المرحلة الماضية والبناء عليها في ظل قطاع لايمكن القول إلا انه مازال يتلمس بداياته في السوق المصري ويتعلم بالتجربة في ظروف محلية وعالمية ليست مفروشة بالورود.

فكيف يمكن للشركات الناشئة المصرية التعامل مع هذه الأوضاع الجديدة، وماهي المطلوب لإعادة صياغة هوية جديدة لها تتلائم مع المعطيات التي فرضتها الأزمة العالمية ، وتعزيز قدراتها على جلب التمويلات الأجنبية كرهان نمو حيوي للدولة المصرية وليس حدثا ثانويا على الهامش؟

وفقا للمؤشرات الرقمية الحديثة التي ترصد لحظيا مايحدث في ظل المتغيرات السريعة الطارئة على العالم يبدو أن الوضع جيد ، فمصر تصدرت المنطقة من حيث تمويل شركاتها الناشئة خلال ديسمبر 2022، حيث جمعت الشركات الناشئة المصرية 45,7 مليون دولار عبر 11 صفقة، تليها الإمارات بتمويل 31,8 مليون دولار عبر 11 صفقة، ثم السعودية بتمويل 31,7 مليون دولار عبر 10 صفقات.

باسل مفتاح
باسل مفتاح

باسل مفتاح الشريك العام في صندوق إنكلود للتكنولوجيا المالية، قال أن الأزمة الاقتصادية الحالية التي يمر بها العالم لها تأثير واضح بالتأكيد على قطاع الشركات الناشئة في العالم ككل ومصر بشكل خاص لكونه قطاع مازال يؤسس لبدياته رغم النجاحات التي حققها خلال الفترة الماضية، وتعد هذه الأزمة هي الأكبر التي تمر بها هذه الشركات خلال العشر سنوات الماضية ، مما يجعلها تحتاج بالضرورة إلى أساليب جديدة في الإدارة وسياسات العمل لتتناسب مع معطيات الأزمة التي تشهد انكماش واضح في التمويل المغامر العالمي والمحلي، إلى جانب السياسات النقدية المتشددة التي تتبعها البنوك المركزية والتي ستوجه رؤوس الأموال للأوعية الأكثر أمانا .

وأضاف أن الأزمة ستساهم في تأسيي نماذج جديدة لسوق الشركات الناشئة على مستوى الشركات وأيضا الأفكار والقطاعات المستهدفة، بالإضافة إلى السياسات التي تتبعها الحكومة لتحفيز عمل الشركات الناشئة ، منوها إلى أن الشركات على سبيل المثال يجب أن توزان بين الإنفاق وتحقيق العوائد على المستوى القصير والمتوسط وليس البعيد في ظل ضبابية واضحة للاقتصاد العالمي بشكل كامل.

وأشار باسل مفتاح، إلى أن الشركات أيضا يجب أن تعمل على مصادر تمويل بديلة خاصة وأن جولات التمويل ستستغرق أوقات أكبر تصل إلى عام، وأيضا إعادة النظر فيما تقدمة من خدمات لابتكار منتجات جديدة أكثر رواجا وتحقق إيرادات أعلي خاصة وأن الأزمة تفرض نفسها على السوق الاستهلاكي وستحدث أنماط جديدة وفرص من ناحية وستسبب صدمة لخدمات ومنتجات أخرى، مؤكدا على ضرورة وجود خطط مرنة للشركات يشترك في وضعها القيادات التنفيذية وأيضا الموظفين في الإدارات العليا لتكون أقرب للواقع وقدرة على التنفيذ.

ولفت إلى أن تحرير سعر الصرف في الوقت الحالي سيجعل تكلفة التشغيل منافس للأسواق الأخرى ويمكن أن يشكل معيار مهما في معادلة جذب الإستثمارات الأجنبية، إلا أنه لايمكن إغفال عشرات التحديات الأخرى الي يمكن أن تعطل تدفقات التمويلات للشركات الناشئة ، منوها إلى ضرورة أن تفكر الشركات أيضا لاختراق الأسواق الخارجية في هذا التوقيت خاصة التي تتمتع بمعدلات نمو وطلب مرتفعة كعدد من الأسواق الخليجية وذلك لضمان عوائد بالعملات الصعبة يمكن أن تحدث توزان لها في سياستها المالية والتشغيلية.

وأكد باسل مفتاح، على أنه رغم التحديات الحالية يجب العمل على تعزيز هوية مصر في قطاع الشركات الناشئة خلال هذه الفترة بما تمتلك من حوافز ومقومات بشرية تتمثل في أعداد الخريجين وأعداد المؤهلين تكنولوجيا من الشباب ، ويتم ذلك بالتحرك الجماعي من المؤسسات المعنية والشركات لمخاطبة المستثمرين الدوليين ، خاصة وأن هذه الضغوط والمخاطر “مؤقتة” بشكل أوبأخر وبالتالي يجب الاستعداد لتحركات رؤس الأموال.

مصطفى عبد اللطيف
مصطفى عبد اللطيف

المهندس مصطفى عبد اللطيف، رئيس شبكة رواد الأعمال الشباب ومؤسس شركة Eyouth، قال أن الشركات الناشئة في مصر ستتأثر بشكل سلبي خلال النصف الأول من عام 2023، وهو ما سيؤدي إلى إضطراب في الدخول للسوق، وشركات أخرى ستلجأ لخفض العمالة، من أجل مقاومة الظروف الاقتصادية، خاصة مع استمرار البنوك المركزية عالميًا في تشديد السياسة النقدية في محاولة للحد من تسارع التضخم، لكنها تزامنًا مع ذلك تخلق أيضًا حالة عدم يقين بشأن الوضع الاقتصادي وتأثره بالزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة.

وأضاف أنه في خضم مسعى محفوف بالمخاطر بالفعل، يمكن أن تكون الشركات الناشئة معرضة بشكل خاص لتقلبات السوق مع استمرار الضغوط التضخمية في أوائل العام المقبل، إلا أنه في النصف الثاني من العام ستبدأ الأمور تتحسن، ويصبح العالم في وضع استقرار، ولكن التعافي الكامل يبدأ من العام القادم.

وأشار عبد اللطيف أن التمويلات ستنخفض بصورة كبيرة هذا العام، بسبب رفع الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، وهو ما أدى إلى أن الاستثمارات في الشركات الناشئة قلت، لابتعاد المستثمرين عن وضع أموالهم في صناديق أو شركات استثمارية، وهو ما يمثل معاناة للشركات الناشئة، بجانب أن السوق المصري بهذا الشكل لن يستوعب شركات جديدة.

أما عن الشركات الأكثر حظا والتي تستطيع تجاوز ذلك يرى رئيس شبكة رواد الأعمال الشباب، أنها الشركات التي تعمل بنموذج B2B بصورة أكبر، والشركات التي تضع إدارة نفقات جيدة، وهي تصرف عندما تتعاقد على مشروع معين، فهذه الشركات هي التي يمكن أن تستمر وتكمل، ولكن الشركة التي تسعى للعمل B2C وتريد ضخ أموال لتسويق كبير من أجل جذب العملاء ستجد صعوبة، وهذا ما يحدث في أي قطاع، وربما يكون القطاع الأفضل هو قطاع التكنولوجيا المالية.

وأكد عبد اللطيف على أهمية أن تجد الشركة الناشئة عملاء خارج مصر، لتنويع محفظتها ولضمان تحقيق عوائد في أسواق أكثر استقرار وتوليدا للتمويلات والإيردات .

ولفت إلى إن أبرز التحديات الأخرى التي يمكن أن تواجه الشركات الناشئة في 2023 هي عدم وجود التمويل الكافي، وأزمة ثقة المستثمرين في السوق المصري، بجانب أزمة العملاء، والقرارات البنكية التابعة للبنك المركزي، حيث إن هناك شركات ناشئة تجد صعوبة في دفع الأموال مقابل خدمات تحصل عليها من الخارج، مثل سيرفر أمازون، ولذلك تلجأ الشركات للدفع من خلال قنوات خارجية، مشيرا إلى أنه يجب عدم تعميم القرارات، وأن يتم مناقشتها مع الشركات، بجانب أهمية وجود قوانين تخصصية.

طارق رشدي
طارق رشدي

من جانبه قال طارق رشدي، المستثمر ومؤسس شركة “ui-investments” أن وصول الشركات الناشئة إلى التمويل سيكون أصعب في 2023، حيث أن التمويلات ستظل متاحة ولكنها لن تصل إلا إلى الشركات التي تستحقها، والتي لديها القدرة على إثبات نفسها في السوق، وتستطيع الشركات إغلاق جولات استثمارية اعتمادا على مدى جاهزيتها لأن يكون لديها خارطة طريق نحو الربح بشكل صحي، فالأصل في الشركات الناشئة هو النمو، ولكن هناك من فهم النمو خطأ وتوجه إلى النمو بأي طريقة، فهذا المفهوم تغير، ويجب أن يكون هناك نمو مع وجود خارطة طريق واضحة نحو الربح.

وأضاف رشدي أن الشركات التي ستكون أوفر حظاً في 2023، هي الشركات في مرحلة Seed وPre- seed، فالشركات الجاهزة في تلك المرحلة هي التي ستحصل على الأموال، ولكن الشركات في المرحلة المبكرة والتي ليس لديها وضوح في السوق بعد ستجد صعوبة في ذلك، أما مراحل Series A وما بعدها سيتوقف الأمر على استعدادات كل شركة، فيجب أن تكون الشركة في وضع يسمح لها بجولة استثمارية.

أما القطاعات التي سيتم التركيز عليها فيشير رشدي إلى قطاعات الـ Agri- Tech والشركات التي لها تأثير مجتمعي مثل المتخصصة في البيئة، فهي شركات بدأت تحصل على فرصها بالخارج، وسيصل ذلك إلينا، كما أن التكنولوجيا المالية سيكون لها تواجد، ويتمنى أن يكون هناك فرص لشركات الذكاء الاصطناعي.

محمد أبو النجا
محمد أبو النجا

وأشار رائد الأعمال محمد أبو النجا، أن أي شركة تريد أن تبدأ في السوق وتحرق الأموال فهذا ليس وقته تماما، لأن التوقيت الحالي يتطلب تحقيق الشركات للمكسب، ومن الصعب أن يدفع أي مستثمر أمواله من أجل حرقها في السوق حاليا ولكن يبحث المستثمر عن تحقيق الشركة للمكاسب، ويرى أبو النجا أن هناك فرصة لتكنولوجيا التعليم “E-Learning” ولكن ليس قبل 5 سنوات.

 

أما عن مشاكل الاستيراد في شركات التكنولوجيا، فأكد أبو النجا أنه يجب الالتفات إلى البدائل المصرية، وأنها مع الوقت ستتحسن، حيث يجب أن نجد البديل المحلي حاليا، مؤكدا أننا لدينا استسهال في استيراد كل شيء، ونحن أكثر من 100 مليون ويجب أن نقوم بالتصنيع.

وأشار أبو النجا إلى أن هناك العديد من الفرص في قطاع التجارة الإلكترونية B2B، حيث حصلت الشركات العاملة في هذا المجال على استثمارات كبيرة، وهو سوق ضخم، ولكن يحتاج هذا القطاع إلى من يفهمه ويعرف مشاكله.

وأضاف أبو النجا أن مجال التكنولوجيا المالية أكبر سوق يجذب المستثمرين، وسيظل ترند وقطاع كبير، ولكن مازال حجمه صغيرا في مصر، والسوق يحتاج إلى أفكار جيدة، وأفكار تكنولوجيا مالية مبتكرة.

وأضاف أبو النجا أن المنتجات النسائية فرصتها عالية في السوق، حيث إن القوة الشرائية لها كبيرة، وأشار إلى أن عزة فهمي وشركة “أختين” تقدمان منتجات جيدة واستطاعتا خلق سوق لهما.

محمد عكاشة
محمد عكاشة

من جانبه قال محمد عكاشة، مؤسس صندوق Disruptech المتخصص في الاستثمار بشركات التكنولوجيا المالية الناشئة، إن السنوات السابقة شهدت تسارعا ومبالغة في تقييمات الشركات الناشئة مع توافر رأس المال، لكن نتيجة الأزمة الحالية لم يعد التمويل متوافرا كالسابق، نتيجة الأزمة العالمية ورفع الفائدة في البنوك المركزية، ولكن كل ذلك سيجعل السوق صحيا أكثر، ويعيد التقييمات وسرعة النمو لمعدلات متوازنة.

وأشار أن التمويلات ستظل تأتي إلى السوق المصري، ولكنها ستأتي بطريقة مختلفة، وتركز على شركات بنوعيات مختلفة، فمعظم الاستثمارات التي جاءت خلال السنوات الماضية كانت تركز على الشركات التي تنمو نموا سريعا فقط، فكل تركيزها كان على النمو، ولكن اليوم نتحدث عن النمو وطرق الربحية، وقدرات الشركات، وهذا كان طبيعة الاستثمار قبل ذلك، ولذلك سنصل لمرحلة فيها توازن، بعد المرور بعام صعب في 2023، ولكن سنخرج من هذا العام بنضوج لبيئة الأعمال.

وأضاف عكاشة أن القطاعات التي ستجذب الاستثمارات هي التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية والتكنولوجيا الصحية، فهي القطاعات التي أثبتت أنها لديها فرص كبيرة للنمو، ومازالت تطور، ونفس القطاعات هي التي ستستمر في جذب الاستثمارات، ولكن سيكون التركيز على نوعية معينة من الشركات داخل القطاعات، بعيدا عن الشركات التي لديها نموذج عمل به مخاطرة، مؤكدا أن الشركات التي ستعبر الأزمة الحالية ولديها نموذج عمل ناجح ستكون جاذبة لاستثمارات كبيرة.