Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

إيمان مرعي تكتب: المنصات الرقمية والحلقة المفقودة

يتميز قطاع الاتصالات في مصر بالفرص الواعدة لما يتميز به من تطور مستمر وخصوصاً خلال السنوات الماضية، وخير شاهد على ذلك هو زيادة معدلات استخدام الإنترنت واشتراكات المستخدمين.

فعلى سبيل المثال، نجد ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت بعد اجتياح فيروس كورونا لكل دول العالم وخصوصاً مع موجات الإغلاق والسياسات الوقائية المتبعة وبدء تطبيق سياسات العمل من المنزل وتقليل كثافة العمالة لمواجهة تحديات الوباء.

وفي مصر، نسبة مستخدمي الموبايل إنترنت من إجمالي مستخدمي الموبايل كانت 40.9% قبل الجائحة في ديسمبر 2019 وزادت هذه النسبة إلى 61.5% في نوفمبر 2021 حسب بيانات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى ذلك زادت نسبة اختراق استخدام الإنترنت من 48% في 2019/2018 أي قبل اندلاع أزمة الوباء العالمي إلى 57.3% في 2020/2019 بحسب نفس المصدر.

ومع استمرار انتشار الفيروس حتى هذه اللحظة واتجاه العديد من المؤسسات للعمل من المنزل أو تقليل العمالة في مقار الشركات، انخفضت بعض الأنشطة الاقتصادية لعدم إمكانية استبدال كل الوظائف بالعمل من المنزل.

على الجانب الآخر، واجه أصحاب الوظائف التي يمكن أن يتم إنجازها من خلال المنزل بعض المشاكل لضعف جودة الانترنت، ناهيك عن أن مبدأ العمل من المنزل في معظم الأحيان مشكوك في إنتاجيته من قبل المديرين وأصحاب العمل.

فإحصائيات البنك الدولي تشير إلى أن الدول المتقدمة كان لديها الفرصة الأكبر للعمل من المنزل حيث نجد أن حوالي أكثر من 40% من الوظائف يمكن أن تؤدى من المنزل. ولكن من ناحية الدول النامية غير المؤهلة لمواجهة التحديات الاقتصادية والصحية كانت هذه النسبة أقل من 15%. ومما زاد الأمور سوءاً ضعف شبكات الاتصالات والإنترنت مما يجعل الحياة أكثر تعقيداً.

ومع تزايد استخدام الانترنت في المستقبل في مصر يجب أن ننتبه إلى أن هناك حاجة ملحة لخلق منصات رقمية يتم من خلالها تقديم كل ما يحتاجه المواطن من خدمات وتعليمات وإرشادات الاستخدام في كل مناحي الحياة اليومية وهو ما سيساهم في خلق فرص جديدة، خاصةً في المجالات التي يصعب فيها العمل من المنزل، مثل الخدمات الصحية والتعليمية.

وهناك قصور واضح في أعداد هذه المنصات بما يتلائم مع الحراك الذي يشهده ملف التحول الرقمي في مصر مما يشكل تحدي الآن في نمو الصناعة. إلا أن هذه المنصات ستوفر فرص استثمارية عديدة للشركات الناشئة، وهو مانجده متوفراً في شركات التكنولوجيا المالية الناشئة والتي تشهد نمواً واضحاً في مصر خلال الفترة الماضية. إلا أننا مازالنا في حاجة ماسة لمزيد من التطبيقات في مجالات تكنولوجية عديدة.

وهذه المسألة تحتاج إلى حراك جماعي من الدولة كمنظم وموفر لبيئة عمل مناسبة، وأيضاً من شركات الاتصالات والتكنولوجيا الكبرى بما تمتلك من إمكانيات وما يمكن أن تقدمه من دعم مادي وفني لجيل جديد من الشباب يرغب في الدخول إلى معترك التكنولوجيا وصناعة تجربة ناجحة في مجال ما زال هو الحصان الرابح والنقطة المضيئة الجاذبة لقطاع عريض من الشباب.

ولا يمكن أن ننكر مبادرات التدريب العديدة التي خرجت لتدريب الشباب على صناعة التطبيقات، ومنها مبادرات تابعة لرئيس الجمهورية وأخرى تابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وهيئاتها التابعة، إلا أننا نحتاج لمزيد من التكامل والتنسيق للخروج بتجربة متكاملة في هذا المجال.

ومن المتوقع أن تتزايد الاستثمارات في البنية التحتية لشبكات الاتصالات، إضافة إلى اتجاه الدولة لتطوير وتطويع التكنولوجيات الرقمية من أجل تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، إضافة إلى تطوير مجال الذكاء الاصطناعي، وبناء القدرات الرقمية، والبحوث والتطوير، ودعم الابتكار التكنولوجي.

بالفعل، تم إنشاء 7 مراكز وجار إنشاء 10 آخرين يتم من خلالها احتضان الشركات الناشئة وتوفير برامج تدريب تقنية وخدمات استشارية لرواد الأعمال.

ودعونا نتخيل الوضع في مصر مع ارتفاع معدلات استخدام الإنترنت، على سبيل المثال سيكون أداء النشاط الاقتصادي أقوى، وخصوصاً مع انتشار التطبيقات التكنولوجية وثقافة العمل والدراسة من المنزل وما يتبعه من مردود إيجابي على دخول الأفراد وخفض كثافة المواصلات وأخيراً وليس آخراً التقدم التعليمي والعلمي، وهو ما سيتيح فرص أكبر للطلاب من خلال توفير مصادر تعليمية متنوعة بتكاليف أقل ومزيد من المرونة والكفاءة.

في النهاية، يمكن الاستفادة أكثر من الأزمة الصحية العالمية الناتجة عن كورونا كعامل محفز لقطاع الاتصالات بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام، ولكن السرعة في اتخاذ القرارات المحفزة لقطاع الاتصالات ستكون العامل الأساسي للمضي قدماً خلال الفترة القادمة.

تحليل كتبته: إيمان يحيى مرعي

محلل مالي معتمد (Chartered Financial Analyst)