تحولاً جذريًا غير مسبوق يشهده عالم المال والأعمال خلال السنوات الأخيرة، إذ باتت الشركات الناشئة، وخاصة تلك العاملة في مجال التكنولوجيا المالية والمدفوعات الإلكترونية، تحتل مكانة بارزة على خارطة الاقتصاد العالمي، فلم تعد هذه الشركات مجرد أفكار مبتكرة، بل أصبحت قوى مؤثرة قادرة على تحدي المؤسسات التقليدية وتغيير قواعد اللعبة.
في هذا السياق، لم تعد البنوك تكتفي بدورها التقليدي كمؤسسات مالية حافظة للأموال، بل تحولت إلى لاعبين فاعلين في عالم الاستثمار، متوجهة بقوة نحو تمويل الشركات الناشئة، فبعد أن كانت هذه الشركات تعتمد بشكل أساسي على رأس المال الاستثماري والمستثمرين الملائكيين، بدأت البنوك تلعب دوراً محورياً في دعمها وتوفير السيولة اللازمة لتوسيع أعمالها بعد سنوات من الشك في قدراتها وأيضا تغير فلفسة البنوك في تقييم المخاطر والفرص.
هذا التوجه من جانب البنوك جاء مدعومًا بالعديد من العوامل وعلى رأسها «الابتكار»، والذي يعد المحرك الأكبر للتغيير، إذ تتميز الشركات الناشئة بقدرتها على تطوير منتجات وخدمات مبتكرة تلبي احتياجات العملاء المتطورة، مما يجعلها قادرة على تحقيق نمو سريع وتغيير أنماط الاستهلاك، فضلاً عن فرص النمو الهائلة، حيث يمثل قطاع التكنولوجيا المالية أحد أسرع القطاعات نمواً في العالم، مما يفتح آفاقاً واسعة أمام البنوك لتحقيق عوائد مرتفعة على استثماراتها.
كما أن توجه البنوك نحو تمويل الشركات الناشئة يعكس إدراكها لأهمية الابتكار والتكنولوجيا في تشكيل مستقبل القطاع المصرفي، إذ أن هذه الشراكة الاستراتيجية بين المؤسسات التقليدية والشركات الناشئة تعد مؤشراً واضحاً على ديناميكية القطاع المالي وتأثير التكنولوجيا في إعادة تشكيله.
على المستوى المحلي، سمح البنك المركزى المصرى للبنوك بإضافة مساهماتها فى رؤوس أموال صناديق الاستثمار بالصناديق (Fund of Funds)، والصناديق والشركات التى تهدف للاستثمار فى رؤوس أموال الشركات الصغيرة والمتوسطة، بما فيها الناشئة منها، ضمن نسبة 25% الواجب تحقيقها من محفظة التسهيلات الائتمانية لدى البنوك لتمويل الشركات والمنشآت متناهية الصغر، مع اشتراط ألا يتجاوز إجمالى هذه الاستثمارات نسبة 10% من رأس المال الأساسى للبنك، وألا تزيد حصة البنك عن 50% من رأسمال الصندوق أو شركة الصناديق أو الشركات.
وأعلنت العديد من البنوك العاملة في السوق المحلية خلال الأشهر الماضية، التوسع في تمويل الشركات الناشئة عبر العديد من الأليات والتي جاءت أبرزها في إطلاق صناديق تمويل متخصصة، كإعلان عددًا من البنوك والمؤسسات المالية بقيادة بنك HSBC، إطلاق صندوق بقيمة 1.5 مليار جنيه لتمويل الشركات المتوسطة والصغيرة خلال الربع الرابع من العام الجاري، وأعلان بنك saib مؤخرا عن تعزيز فرص تمويل الشركات الناشئة وخاصة العاملة بمجال التكنولوجيا المالية الحاصلة على جولة تمويلية، وإطلاق صندوق «إنكلود» للتكنولوجيا المالية في وقت سابق من جانب بنوك «الأهلى ومصر والقاهرة»، بالشراكة مع شركة بنوك مصر، ومجموعة إى فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، وماستركارد.
الخبراء أكدو على أن رهان البنوك المصرية على الشركات الناشئة أصبح في محله، بعد تمكن العديد من الشركات الناشئة من تحقيق مستويات مرضية من النمو وجولات التمويل خلال العام الماضي، بالوقوف على مستوى التحديات وإتخاذ الدولة أيضا خطوات جادة لدعم بيئة ريادة الأعمال، إلى جانب تبني الشركات مراجعات جادة لضبط سياساتها المالية والتشغيلية، وإقرار الدولة المزيد من السياسات الداعمة من جانب الدولة والأجهزة المعنية لتسريع عملية نمو الشركات الناشئة واستيعاب أجيال جديدة من الشركات ورواد الأعمال.
وفي بدايات هذا العام ومع تقييم النصف الأول من 2024 بالعديد من المؤشرات، بلغ حجم تمويل الشركات الناشئة في الشرق الأوسط نحو 880 مليون دولار خلال النصف الأول من 2024، بنسبة تراجع بلغت 45% على أساس سنوي، فيما بلغ إجمالي الاستثمار في الشركات الناشئة في مصر، النصف الأول من عام 2024 حوالي 88.69 مليون دولار من خلال 39 صفقة، ووفقا لشركة انطلاق لدعم ريادة الأعمال فإن قطاع الشركات الناشئة في القاهرة يضم أكثر من 2000 شركة ناشئة وتتجاوز قيمة القطاع 8 مليار دولار، مما يعكس نموه السريع وزيادة جاذبيته للاستثمار.
وفي إطار جهود البنك المركزي المصري لتعزيز الشمول المالي للمرأة وتمكينها اقتصاديًا، وقع حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، على ميثاق مبادرة تمويل رائدات الأعمال WE Finance Code بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، بهدف زيادة إتاحة التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التي تقودها المرأة ورائدات الأعمال في مصر وتقديم الدعم الفني اللازم لهن.
وتتوافق المبادرة مع رؤية الدولة في تعزيز الشمول المالي للمرأة، وجهود البنك المركزي المصري لإتاحة المزيد من الفرص التمويلية لرائدات الأعمال والسيدات وذلك بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية، حيث أسفرت المشروعات والمبادرات التي أطلقها البنك المركزي خلال الفترة الماضية عن تحقيق تطور كبير في مؤشرات الشمول المالي للمرأة.
جدير بالذكر أن مبادرة تمويل رائدات الأعمال، هي شراكة عالمية بين 14 حكومة و8 بنوك تنموية متعددة الأطراف، وغيرهم من أصحاب المصالح في القطاعين العام والخاص، وتستضيفها مجموعة البنك الدولي، وأطلق البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية هذه المبادرة في ثلاث دول بالمنطقة العربية وهي مصر والمغرب والأردن.
تحركات البنوك
وعلى مستوى البنوك في مصر، أعلن عددًا من البنوك والمؤسسات المالية بقيادة بنك HSBC، منذ فترة قليلة، عن إطلاق صندوق بقيمة 1.5 مليار جنيه (نحو 31.5 مليون دولار)، يستهدف الاستثمار فى الشركات الصغيرة والمتوسطة، والذى من المتوقع إطلاقه فى الربع الثالث من العام الجارى 2024، حيث تتولى مجموعة «إى إف جى» القابضة، إدارة الصندوق، الذى يستهدف الاستثمار فى شركات الـSMEs العاملة فى قطاع التكنولوجيا المالية، وذلك بعد موافقة البنك المركزى المصرى.
ومؤخرًا، أعلن بنك saib عن تعزيز فرص تمويل الشركات الناشئة وخاصة العاملة بمجال التكنولوجيا المالية الحاصلة على جولة تمويلية «series A» عبر إتاحة التمويل المصرفي، وتقديم الدعم التمويلي لبعض الشركات العاملة بالسوق المصرية ومنها شركة «وان أوردر»، للخدمات اللوجستية المتطورة، تطبيق «عالنوتة» الذي يتيح إدارة حسابات الشركات وأيضًا شركة «وسيلة» التابعة لشركة «أور» لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وغيرها من الشركات الناشئة.
وأكد البنك أن هذا التوجه يأتي ضمن سلسلة خطوات أطلقها تحت مظلة البنك المركزي المصري لدعم مجتمع ريادة الأعمال والشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها، مؤكدًا أن الاستراتيجية الحالية لبنك saib تتيح للشركات الناشئة التي اجتازت جولة تمويلية “series A” التقدم لطلب التمويل اللازم.
وفي مارس 2022، أطلقت بنوك «الأهلى المصرى، وبنك مصر، وبنك القاهرة»، وعددًا من الشركات المتخصصة فى هذا المجال ومنها شركة بنوك مصر، ومجموعة إى فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، وشركة ماستركارد، صندوق «إنكلود» للتكنولوجيا المالية، حيث يهدف الصندوق لتعزيز الابتكار فى مجال التكنولوجيا المالية وتحقيق معدلات أعلى من الشمول المالى، وبرؤية طموحة بأن يصبح «إنكلود» أكبر صندوق تمويلى فى مجال التكنولوجيا المالية على المستوى الإقليمى.
كما يستهدف «إنكلود» رعاية الكوادر الشابة، لكونها الاستثمار الواعد للمستقبل والقادر على تحقيق العديد من المكاسب للسوق المصرية، وتعزيز التحول الرقمى، كما توقع البنك المركزى أن يجذب الصندوق مستثمرين إقليميين ودوليين بارزين ليصبح أكبر صندوق تمويلى فى مجال التكنولوجيا برأس مال مستهدف 150 مليون دولار.
وأشار «المركزى» إلى أن الصندوق وجه استثماراته إلى 4 شركات جديدة ليصل إجمالى عدد الشركات التى استثمر فيها الصندوق إلى 8 شركات تعمل فى مجال التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها.
وفى 2022، ساهم عددًا من البنوك تضم «بنك القاهرة، بنك قناة السويس، البنك الأهلى المتحد، والتجارى وفا بنك» بالتعاون مع شركة كاتاليست كابيتال مصر وشركة مصر للتأمين على الحياة، وشركة البريد للاستثمار، في إطلاق صندوق كاتاليست كابيتال، بهدف الاستثمار فى الشركات الصغيرة والمتوسطة والمساعدة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة فى مصر، بحجم مستهدف يبلغ مليار جنيه، وبلغ الإقفال الأول حوالى 450 مليون جنيه.
ويسعى الصندوق إلى إحداث تأثير ايجابى وقابل للقياس على الصعيد الاجتماعى والبيئى إلى جانب تحقيق عائد مالى جيد، كما يهدف لتعزيز الاستثمار المؤثر فى مصر كوسيلة رئيسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التى تتضمنها خطة التنمية الوطنية فى مصر، وذلك عن طريق تحقيق الاستثمار المؤثر وفقا للمبادئ والمعايير التى تشملها اهداف التنمية المستدامة السبعة عشر بالنسبة للقطاع الخاص بحلول عام 2030.
ويستهدف الصندوق الاستثمار فى الشركات المتوسطة والصغيرة وفقاً لمعايير البنك المركزى المصرى التى يصدرها والخاصة بتعريف الشركات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وكشف تقرير منظور التكنولوجيا المالية لعام 2023، عن تواجد نحو 124 شركة ناشئة تسعى للحصول على تمويل خلال عام، منهم 64 شركة قامت بالفعل بالبحث عن مستثمرين.
وتمثل الشركات الناشئة التى تسعى للحصول على تمويل مرحلة التمويل الأولى حوالى 47%، تليها مرحلة ما قبل التمويل الأولى لتصل إلى نسبة 18%، ثم الفئة “أ” لتصل إلى نسبة قدرها 16%.
فى حين، تمثل الشركات الناشئة التى تسعى للحصول على تمويل مرحلة التمويل الفئة “ب” أو أكثر حوالى 7%، ثم مرحلة ما قبل تمويل الفئة “أ” لتصل إلى نسبة 6%، أما عن النسبة المتبقية والبالغة 6% فتوزعت على مراحل تمويل أخرى.
وأظهر التقرير، تواجد نحو 317 شراكة قائمة بالفعل مع البنوك العاملة فى مصر والمؤسسات المالية، موضحًا أنه فى المتوسط تمتلك كل شركة ناشئة أكثر من اتفاقيتى شراكة مع البنوك العاملة بمصر أو المؤسسات المالية؛ بهدف تمكينها من نشر حلولها التكنولوجية فى السوق.
قال عمرو العباسي، استشاري تمويل واستثمار الشركات الناشئة، أنه وفقا لتقارير دولية فإن حجم الأموال المتوقع استثمارها في مصر من جانب صناديق استثمار أجنبية خاصة الإفريقية والخليجية في الشركات الناشئة، تصل إلى 220 مليون دولار خلال العامين المقبلين، بما يشير إلى حجم سوق الشركات الناشئة في مصر ومدى الثقة والتنوع الذي يتمتع بها، وذلك الحراك يمنح البنوك المحلية وألياتها التمويلية المختلفة فرصة كبيرة في ضخ أموال بدون مبالغة في تقييم الشركات.
وأضاف أن اعتماد البنوك على التجزئة المصرفية التقليدية ، والتي تحمل أسعار فائدة مرتفعة لن تجدي نفعا في تمويل هذا القطاع، خاصة وأن أدواتها ستعرقل من نمو الشركات الناشئة التي تحمل طبيعة خاصة من حيث النمو وتقييم الإيرادات والأرباح، مؤكدا على أن طرح مبادرات خاصة أو صناديق استثمار نوعية من جانب البنوك هي الحل الأمثل والأفضل لتمويل الشركات الناشئة وضمان أيضا نموها وتحقيق الأهداف المرجوة.
وأشار عمرو العباسي، إلى أن عام 2023، شكل محطة مليئة بالتحديات للشركات الناشئة على كافة المستويات، بسبب التأثيرات السلبية للتوترات العالمية على حركة رؤوس الأموال والمؤشرات الاقتصادية الكلية، ونقص رؤوس الأموال الجريئة وصناديق الاستثمار وضعف ثقة المستثمرين أصحاب الخبرة في الأعمال الريادية، بما أوجد بيئة صعبة لاتناسب طبيعة هذه الشركات في كافة مراحلها التشغيلية، وقدرتها أيضا على التوسع والانتشار في الأسواق والتي تشكل هاجسا يسيطر على فكر الرائد من ناحية والمستثمر من ناحية أخرى.
واكد على أن قرار تحرير سعر الصرف سيساعد الشركات الناشئة على جذب الاستثمارات مرة أخرى، ولكن ستكون الجولات بقيمة أقل من المعتاد، خصوصا أن استثمار بقيمة 50 ألف دولار إذا تم ترجمته بالجنيه المصري سيصل إلى حوالي 2.4 مليون جنيه ، وهذا سيسهل كثيرا من الحصول على استثمارات،ولكن المشكلة أن العائد للمستثمرين يجب أن يكون بالدولار، ولذلك على الشركات الناشئة أن توسع من نطاق أعمالها سواء بالبيع بالخارج أو التوسع بدول أخرى، حتى يكون لديها عائدا بالدولار.
ولفت عمرو العباسي، إلى أن هناك فرصة للبنوك في الوقت الحالي للاستثمار في الشركات الناشئة القائمة من أجل التوسع، خاصة مع حركة التصحيح التي شهدتها العديد من الشركات التي بالغت في تقييمها، لأنه كانت هناك مبالغة كبيرة في التقييمات في الفترات الماضية، وهذا صعّب من مهمة الشركات في الحصول على استثمارات في دورات تمويلية أخرى، ولكن الوضع الحالي يسمح للشركات من الحصول على استثمارات في دورات تمويلية أخرى بشكل أسهل، بجانب أنه لن يكون هناك ضغوط على المستثمرين مثلما كان يحدث سابقا، مع تصحيح مسار تقييم الشركات.
وأشار إلى أنه على البنوك أن تبحث عن مجالات تفضيلية لتمويلها في البداية لضمان تحقيق مستويات من النجاح يمكن البناء عليها، كمجالات التكنولوجيا المالية التي تحقق العديد من القيم المضافة للبنوك سواء من ناحية الاستثمار المباشر أو تعزيز أليات القطاع المصرفي بشكل عام وتطويره، بالإضافة إلى مجالات الشركات الناشئة المتصلة بالتقنية والبيانات في ظل تمتع هذه النوعية من الشركات بالعديد من الفرص.
ومن جانبه قال محمد البيه، الخبير المصرفي، أن تحركات البنوك المصرية لزيادة تمويل الشركات الناشئة عبر أليات تمويلية كصناديق الاستثمار، سيدفع السوق إلى سياسات أكثر اعتدالا تضمن تدفقات رؤوس الأموال وأيضا تعزز من هيكل الشركات ومناعتها ضد الأزمات ، وتضمن أيضا الالتزام بالمتطلبات التنظيمية المخصصة للقطاع.
وأكد على أن الشركات الناشئة ستلعب دورا محوريا خلال المرحلة المقبلة فى تحقيق إستراتيجية التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030 بما يعزز من الثقة في تمويلها ، مشيرة إلى أن هناك العديد من المؤشرات التي تشير إلى أن وضع الشركات الناشئة سيكون أفضل خلال الفترة القادمة، لافتا إلى تخطيط العديد من الصناديق العالمية والإقليمية لزيادة استثماراتهم في الشركات الناشئة خلال الفترة القادمة بعد نجاحاتهم السابقة.
ولفت محمد البيه إلى أن تعزيز الدولة للشركات الناشئة بحزمة من التيسيرات التي أتاحتها كتسهيل الإجراءات وتخفيض الرسوم الضريبية لجذب الشركات سيدفع مسارات التمويل لمستويات جديدة وبيئة الأعمال بشكل عام، موضحا أن قطاع التكنولوجيا المالية سيكون في صدارة القطاعات الأكثر جذبا للبنوك.
ونوه محمد البيه، إلى أن هناك نمط مختلف للبنوك المصرية في التعامل مع الشركات الناشئة حيث تخطت المسألة عملية التمويل، وأصبح هناك استثمار مباشر وشراكات في العديد من الشركات خاصة المنتمية لمجال التكنولوجيا المالية في ظل الرهانات القوية على هذا المجال ومستويات النمو الهائلة التي شهدتها رقمنة المعاملات المالية على مستوى مؤشرات التشغيل وعدد العملاء .
ولفت إلى أنه وفقا لتقرير منظور التكنولوجيا المالية الأخير، فأن هناك نحو 115 شركة ناشئة فى شراكة قائمة مع البنوك العاملة فى مصر أو المؤسسات المالية بنسبة 65% من إجمالى الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا المالية، فيما يتواجد نحو 62 شركة دون شراكات، أما عن الشراكات بين الشركات الناشئة ومقدمى خدمات الدفع، توجد نحو 366 شراكة قائمة بين الشركات الناشئة التى تعمل فى مجال التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها.
وكشف تقرير منظور التكنولوجيا المالية، أنه يتم حاليًا إطلاق حلول مبتكرة بالسوق المصرى من خلال 177 شركة ناشئة تعمل فى مجال التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها؛ ومقدمى خدمات الدفع، من بينها 139 شركة ناشئة تقوم بتقديم حلول خاصة بالتكنولوجيا المالية فقط؛ بينما يتم تقديم حلول مغذية لخدمات التكنولوجيا المالية من خلال 38 شركة.
وخلال السنوات الخمس الماضية، نما عدد الشركات الناشئة التى تعمل فى مجال التكنولوجيا المالية ومقدمى خدمات الدفع المبتكرة، ليصل إلى 5.5 ضعف، وذلك نتيجة لزيادة الطلب على الحلول التى يتم إطلاقها من قبل شركات التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها بالسوق المصري.
وفي هذا الصدد قالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر الأسبق، إن القطاع المصرفي يولي اهتمامًا خاصًا للشركات الناشئة وخاصة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية، ليس فقط في منح التمويل وإنما من خلال الاستثمار في الشركات والتعاون معها لمواكبة التطورات العالمية، وتماشيًا مع استراتيجية الدولة الهادفة إلى دعم ورعاية الشباب المبتكرين في مجالات التكنولوجيا المالية الناشئة والقطاعات التكنولوجية المغذية لها.
وأشارت إلى دخول العديد من البنوك المصرية لتأسيس والاستثمار في صناديق تمويلية لدعم الشركات الناشئة والمواهب الشابة في قطاع التكنولوجيا المالية داخل البلاد، وإيجاد بيئة مثالية تمكنهم من تطوير حلول مبتكرة تخدم الاقتصاد المصري.
ونوهت بأن البنوك المصرية لديها كفاءات ومصادر مصرفية ذات خبرات كبيرة ومتنوعة قادرة على تقييم الشركات الناشئة، لافتة إلى أن العديد من البنوك يقدم خدمات غير مالية واستشارية لأصحاب الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة ضمن مبادرة رواد النيل.
ولفتت إلى أن مصر حققت قفزة نوعية لتصبح موطنًا حيويًا لريادة الأعمال، وتحديدًا في مجال التكنولوجيا المالية وذلك بفضل القوانين والقرارات الحكومية المعاصرة والشراكات المتزايدة مع المؤسسات المالية.
من جانبه قال محمود فرحات، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لمنصة بالمزاد، أنه يجب أن يكون هناك حوافز من البنوك لتسهيل الحصول على التمويلات، والتعامل مع الشركات الناشئة بشكل مختلف عن أنواع المشاريع الأخرى، وخاصة فيما يتعلق بالضمانات، مشيرا إلى أن هذا ما حدث مع بالمزاد، إذ أنها حصلت على تمويل من بنك مصر بدون ضمان أصول تقليدية مثلما يحدث في القروض العادية، فلم تكن هذه الضمانات مطلوبة من الشركة، إذ أن البنك موّل الشركة بضمان الفكرة وفريق العمل وما تقدمه.
وأشار إلى التمويل من جانب بنك مصر مكن الشركة من جذب العديد من المستثمرين، فالبنوك الكبيرة تمنح الثقة حيث أن أي مستثمر عندما يعلم أن الشركة حصلت على استثمار من كيان مثل بنك مصر يتحمس لضخ أمواله في الشركة، فهذا التمويل كان بمثابة شهادة ثقة لنا، ولذلك أرى أن الاستثمار من البنوك أفضل من المستثمرين الأفراد، وأرى أن تحمس البنك في تمويل الشركة دليل على الرغبة في التعاون في تمويل الشركات الناشئة، بسبب الثقة التي تحصل عليها الشركة الناشئة عندما تضخ مؤسسة كبيرة أموالها فيها”.
ونوه محمود فرحات، أن بنك مصر كان يريد الدخول في مجال بيع وشراء العقارات، وعندما تعرف مسئولوه على ما نقدمه وجدوا أننا كشرك ناشئة لدينا استعداد وفكرة جيدة لهذا المجال، ولدينا نفس الهدف، ولذلك دعمنا البنك، وأرى أن الشركات الناشئة في هذا التوقيت في حاجة إلى مثل هذه الثقة التي حصلنا عليها من بنك مصر.