Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

مع توقعات نموه 12% سنويًا.. هل يُعيد قطاع التكنولوجيا المالية تشكيل معالم المشهد المالي في مصر؟

أدى التطور الهائل الذي يشهده العالم اليوم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى ظهور العديد من التطبيقات والحلول المالية والمصرفية المبتكرة، والتي تساعد بشكل كبير في زيادة كفاءة الخدمات المالية وتوسيع انتشارها، وما يترتب على ذلك من تأثير إيجابي على الاقتصاد القومي وعلى المجتمعات بشكل عام.

لتصبح التكنولوجيا المالية المبتكرة أحد أهم الصناعات الواعدة على مستوى العالم، نظرًا لقدرتها على استخدام الآليات والتقنيات التكنولوجية الحديثة والاستفادة منها في توسيع نطاق تقديم الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية.

ويقدر حجم سوق التكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 1.36 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل حجم هذا السوق إلى 1.51 مليار دولار في عام 2024، وإلى 2.40 مليار دولار بحلول عام 2029، وفق ما ذكرت منصة «موردور إنتيلجان».

ووفقا لتقرير أصدرته شركة بيانات رأس المال الاستثماري «ماجنيت» فإن قطاع التكنولوجيا المالية من أكثر الصناعات تمويلاً وتداولاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واستحوذ على 24% من إجمالي الاستثمار الجريء بالمنطقة في النصف الأول من عام 2024.

واستمرارًا لهذا التطور، فمن المتوقع أن يشهد عام 2025 نموًا ملحوظًا في القطاع على مستوى العالم، مدفوعًا بتطورات متعددة في البيئة الاستثمارية والتشريعية، إذ تُشير التوقعات إلى أن هذا القطاع سيحقق نموًا تراكميًا يصل إلى 37% سنويًا حتى عام 2029.

قطاع التكنولوجيا المالية في مصر شهد أيضًا نموًا مضطردًا خلال السنوات الأخيرة، إذ تسير الدولة بسرعة كقوة محورية في مجال التكنولوجيا المالية، مما يعيد تشكيل معالم مشهدها المالي من جديد، إذ يمثل حافزًا للتحول الاقتصادي وإرساء الديمقراطية المالية، مدعومة بتحرك قوي من أجهزة الدولة المختلفة وعلى رأسها البنك المركزي، ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهيئة الرقابة المالية، والتي وضعت الأسس الصحيحة لهذا القطاع الحيوي لتكون نواة للانطلاق ودعم الشركات العاملة في المجال.

التكنولوجيا المالية

التشريعات الداعمة.. نواة للانطلاق

هذه الأسس تمثلت بشكل رئيسي في القوانين واللوائح المتعلقة بالصناعة، يتصدرها قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الصادر عام 2020، والذي وضع الإطار التنظيمي للخدمات المصرفية الرقمية والخدمات المالية، وأتاح للمركزي ترخيص شركات التكنولوجيا المالية والإشراف عليها، إضافة إلى قانون التوقيع الإلكتروني لسنة 2004 والذي يضمن الصلاحية القانونية للسجلات والتوقيعات الإلكترونية، وبالتالي تسهيل الخدمات والمعاملات المالية عبر الإنترنت.

القانون الثالث يتمثل في تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي الصادر في 2019، والذي يضمن توفير إطار قانوني وتنظيمي يسهم في تعزيز وتشجيع استخدام وسائل الدفع غير النقدية مثل البطاقات الائتمانية والخصم، والتحويلات البنكية الإلكترونية، والدفع عبر الهواتف المحمولة، والتكنولوجيا المالية، إضافة إلى قانون حماية البيانات والذي يعد جانب أساسي من خدمات التكنولوجيا المالية حيث يكون لأمن البيانات والخصوصية أهمية قصوى.

كما لعبت المبادرات الحكومية دورًا هامًا في تعزيز بيئة الأعمال للشركات الناشئة، مما جعل مصر ضمن أفضل البيئات الداعمة لهذا القطاع، والتي شملت إطلاق أول برنامج لتسريع أعمال التكنولوجيا المالية في مصر في 2016، و تأسيس NilePreneurs لدعم رواد الأعمال في 2019، وإطلاق صندوق Nclude للاستثمار في التكنولوجيا المالية في 2022، و إنشاء أكاديمية رقمية لبناء المهارات في التكنولوجيا المالية في 2023، فضلاً عن إطلاق تحدي “FinTech Minds” من البنك العربي الأفريقي الدولي خلال العام الماضي.

ومؤخرًا أعلنت شركة “انطلاق”، بالتعاون مع الوكالة الهولندية للمشروعات (RVO) وسفارة هولندا في مصر، عن إطلاق تقرير شامل يعتمد على البيانات، يستعرض المشهد المتطور لقطاع التكنولوجيا المالية في مصر، حيث يوفر التقرير رؤية استراتيجية للقطاع، محللاً إمكانيات نموه، الاتجاهات الرئيسية في السوق، التحديات، والفرص المتاحة أمام المستثمرين المحليين والدوليين.

نمو مضطرد

ومن المتوقع أن ينمو قطاع التكنولوجيا المالية في مصر بنسبة 12% سنويًا، على أن تصل نسبة انتشار الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية في مصر إلى 65% من إجمالي الشركات الناشئة، حيث تأتي مصر في المركز الثالث بالمنطقة والعاشر في الأسواق الناشئة، بحسب تقرير أعدته شركة “انطلاق” بالتعاون مع الوكالة الهولندية للمشروعات (RVO) وسفارة هولندا في مصر.

وأشار التقرير إلى أن إجمالي عدد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في مصر يبلغ نحو 139 شركة، بينما يصل عدد الشركات التي تدمج التكنولوجيا المالية في حلولها إلى 38 شركة، كما تطرق التقرير إلى تحديات قطاع التكنولوجيا المالية، كالتحديات التنظيمية التي تشمل طول عمليات الترخيص، وارتفاع تكاليف الامتثال، وعدم وضوح اللوائح، وتغييرات متكررة في التنظيمات.

ولفت إلى أن هناك تحديات تمويلية، مثل انخفاض توافر التمويل، وعزوف المستثمرين عن المخاطر، وقلة المستثمرين الدوليين، إضافة إلى تحديات سوق العمل، متمثلة في صعوبة العثور على مواهب متخصصة، وارتفاع معدل دوران الموظفين، وقلة المعرفة بالتكنولوجيا المالية.

كما أشار تقرير “انطلاق” إلى مهارات المستقبل في قطاع التكنولوجيا المالية، والتي يتقدمها مجال البرمجة مثل لغات “بايثون” و”جافا”، وعلوم البيانات والتحليلات، والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، والأمن السيبراني، وتكنولوجيا البلوكتشين.

من جانبها لعبت الشركات الناشئة المصرية دورًا هامًا خلال الفترة الأخيرة، من خلال عقد شراكات استراتيجية مع الشركات الدولية لدعم وتمكين القطاع في مصر، وتوسع الشركات المصرية الناشئة في تعزيز مكانتها في السوق من خلال تقديم الخدمات الرقمية المبتكرة أو الانتشار خارجيا إقليميًا وعالميًا.

وهو ما يترتب عليه ضرورة العمل على الاستمرار في توسيع برامج تمويل الشركات الناشئة، خصوصًا في المناطق غير المخدومة، وإطلاق حوافز حكومية للحفاظ على المواهب المحلية، وتعزيز البنية التحتية الرقمية، خصوصًا في صعيد مصر وسيناء، إلى جانب تحسين التعاون بين البنوك والشركات الناشئة لتسهيل تبني الحلول المالية المبتكرة.

البنوك وشركات التجارة الإلكترونية الأكثر استعدادًا

وبالحديث عن القطاعات الأكثر استعدادًا للتطور في مصر من خلال التكنولوجيا المالية، نجد أن هناك بعض القطاعات التي تولي اهتمامًا خاصًا للتكنولوجيا المالية بسبب حاجتها إلى الابتكار والتطور السريع في الخدمات الرقمية، وفي مقدمتها؛ القطاع المصرفي، والذي أصبح يعتمد بشكل كامل على خدمات الـ”فينتك” في عملياته اليومية، خاصة في ظل التحول الرقمي الكامل الذي يشهده القطاع في مصر والتحول بقوة نحو الاعتماد على الهاتف المحمول في إجراء معظم العمليات المصرفية.

ويأتي قطاع التجارة الإلكترونية والتجزئة في المراكز المتقدمة كأكثر القطاعات استعدادًا للتطور، في ظل الاعتماد على حلول الدفع الإلكتروني والتقسيط الذكي وتنامي استخدام المحافظ الرقمية والتكامل مع أنظمة المدفوعات السريعة ومنصات التسوق التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك المستهلكين.

كما يبرز قطاع النقل والخدمات اللوجستية كأحد القطاعات التي تولي اهتماما كبيرًا للتكنولوجيا المالية لاعتمادها على الدفع غير النقدي في تطبيقات النقل التشاركي والمواصلات العامة، وحاجة القطاع لحلول مبتكرة لإدارة الشحنات وتتبع المدفوعات في التجارة عبر الحدود، إلى جانب قطاع الرعاية الصحية والتأمين، لتحليل البيانات الصحية وتقديم خطط تأمين مخصصة.

البنك المركزي المصري

سياسات استراتيجية للأجهزة الرقابية

الأجهزة الرقابية كانت نقطة الانطلاق الفعلية لترسيخ قواعد قطاع التكنولوجيا المالية وتهيئة البيئة المشجعة للشركات العاملة في القطاع، فمن منطلق دوره كمحفز لعملية التطوير وداعم لصناعة التكنولوجيا المالية، قام البنك المركزي المصري في مارس 2019 بإطلاق استراتيجيته المتكاملة للنهوض بمنظومة التكنولوجيا المالية والابتكار والتي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة التكنولوجيا المالية.

وهو ما أسفر عن وصول حجم المعاملات الإلكترونية في مصر إلى 22 تريليون جنيه بنهاية 2024، بزيادة تتجاوز 200%  مقارنة بعام 2021 الذي سجل 7 تريليون جنيه، لعدد حركات يبلغ 6 مليار حركة  بزيادة 500% مقارنة بمليار حركة في عام 2021.

كما شهدت أعداد البطاقات المصرفية في مصر نموًا ملحوظًا، حيث تجاوزت 67  مليون بطاقة بنهاية سبتمبر 2024، مقارنة بـ 52 مليون بطاقة بنهاية ديسمبر 2021، ما يعكس نموًا بنسبة 30%.

وفيما يخص شبكة المدفوعات اللحظية، تم ربط جميع البنوك في مصر على المنظومة، وتطبيق “إنستاباي”، ليبلغ عدد العملاء المسجلين على التطبيق أكثر من 11  مليون عميل، مع معاملات تتجاوز 2.7 تريليون جنيه خلال عام 2024، بزيادة قدرها ٢١٥% مقارنة بـ 855 مليار جنيه في عام 2023، ونموًا بنسبة  4700%  مقارنة بعام 2022.

كما ارتفع عدد المعاملات عبر التطبيق ليصل إلى 1.5  مليار معاملة خلال عام 2024، مقارنة بـ 423 مليون معاملة في عام 2023، بزيادة 250%  مقارنة بعام 2023 ونمو بنسبة 3700%  مقارنة بعام 2022.

وشهدت نقاط البيع الإلكترونية في مصر زيادة كبيرة، حيث وصل عددها إلى 1.3 مليون نقطة بيع بنهاية سبتمبر 2024، مقارنة بـ 169 ألف نقطة بيع في 2021، بمعاملات تتخطى 640 مليار جنيه بنهاية 2024، وبزيادة 280% عن عام 2021.

ووصل عدد معاملات التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت إلى أكثر من 260 مليون حركة بإجمالي 180 مليار جنيه بنهاية العام الماضي، بزيادة تتخطي 500%  لقيم المعاملات مقارنة بـ 29 مليار جنيه في 2021.

كما شهدت محافظ الهاتف المحمول نموًا ملحوظًا، إذ وصلت حسابات المحافظ الإلكترونية إلى أكثر من 47 مليون حساب خلال 2024، مقارنة بـ 25 مليون حساب في نهاية 2021، بمعدل نمو بلغ 88%.

هذا التطور جاء نتيجة التعاون بين البنك المركزي والبنوك وشركات الدفع المختلفة في خدمات الدفع، كما يعمل البنك المركزي حاليًا على تطوير البنية التحتية ووضع القواعد المناسبة لتقديم خدمات دفع متطورة للمواطنين.

الجدير بالذكر أن  معدلات الشمول المالي وصلت إلى 74.8% بنهاية 2024 مقارنة بـنحو 70.7% بنهاية 2023، وبمعدل نمو 204% خلال الفترة من 2016 حتى 2024، على الرغم من اتساع قاعدة المواطنين الذين يحق لهم فتح حسابات مالية، بعد صدور تعليمات البنك المركزي بتعديل سن فتح الحسابات المصرفية للشباب ليصبح 15 سنة بدلًا من 16 سنة تماشيًا مع تعديل سن إصدار بطاقة الرقم القومي.

كما أسفرت تعليمات الشمول المالي بشأن التيسير على المواطنين وأصحاب الحرف في فتح حسابات بموجب بطاقة الرقم القومي عن فتح نحو مليون حساب للأفراد، بالإضافة إلى نحو 400 ألف حساب نشاط اقتصادي في الفترة من 2022 وحتى 2024، مما ساهم في مساعدتهم على تنفيذ تعاملاتهم المالية داخل القطاع الرسمي. ويأتي ذلك تطبيقا لتوجهات البنك المركزي بالتركيز على الفئات المستبعدة لضمان حصولهم على الخدمات المالية بجودة وتكلفة مناسبة واستخدامها بشكل سليم.

وتكتسب المؤشرات الرئيسية للشمول المالي التي يصدرها البنك المركزي أهمية كبيرة، حيث تساهم بشكل فعال في متابعة تطور معدلات الشمول المالي ووضع السياسات الداعمة لتمكين المواطنين اقتصاديًا في إطار الجهود المبذولة على مستوى الدولة، بما يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.

ويعكس نمو معدلات الشمول المالي في مصر خلال السنوات الماضية زيادة استفادة المواطنين من الخدمات المالية المناسبة لهم، وتحفيز الادخار وتيسير المعاملات المالية وتقليل الوقت اللازم لأدائها وخفض تكلفتها مع إتاحة هذه الخدمات في أي وقت ومن أي مكان، بما يساهم في تيسير حياة المواطنين، والمساعدة في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب.

محمد فريد
د. محمد فريد

وفي نفس السياق، تعمل الهيئة العامة للرقابة المالية على تحقيق التوازن بين استقرار الأسواق ودمج الابتكار والتكنولوجيا لتعزيز دور القطاع المالي غير المصرفي في الاقتصاد القومي، إذ أعلن الدكتور محمد فريد رئيس الهيئة مؤخرًا، أن الهيئة تعمل على زيادة وتيرة نمو السوق مع التركيز على الحفاظ على استقرار السوق في الوقت نفسه، والتحوط ضد المخاطر المحتملة في ظل التقلبات التي تهدد الاقتصاد بشكل مستمر.

ريادة الأعمال

أوضح رئيس هيئة الرقابة المالية، أن الابتكار والتكنولوجيا المالية وريادة الأعمال، على رأس أولويات الهيئة لتحقيق الشمول المالي ودعم الشركات الناشئة، وهو ما يدفع الهيئة لبذل المزيد من الجهود في ذلك الشأن، مشيرًا إلى تدشين المختبر التنظيمي للتطبيقات التكنولوجية والذي يسمح لمزاولي الأنشطة المالية غير المصرفية باستخدام التكنولوجيا المالية وللجهات الراغبة في القيد والمقيدة بسجل التعهيد في مجالات التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية لدى الهيئة، بإجراء اختبارات على تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة بما في ذلك نماذج الأعمال والآليات ذات العلاقة.

أضاف أن المختبر التنظيمي سيعمل على تعزيز جهود الهيئة العامة للرقابة المالية، في دعم الشركات الناشئة التي تعمل على أساس تكنولوجي رقمي في تقديم خدمات مالية غير مصرفية، وهو ما يرفع بدوره مستويات الابتكار داخل القطاع المالي غير المصرفي، ومن شأنه أن يؤدي إلى توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية غير المصرفية، وتطوير قدرات وإمكانيات الشركات المالية غير المصرفية ومقدمي الخدمات على أساس رقمي.

ذكر أن الهيئة تعمل على مواكبة التطور التكنولوجي غير المسبوق بما يحقق صالح المتعاملين، عبر ضمان وجود بيئة تفاعلية بين الشركات التي تقدم الحلول الذكية لصالح المؤسسات المالية غير المصرفية والمراكز البحثية والجامعات بالإضافة إلى حاضنات ومسرعات الأعمال والمستثمرين وشركات التكنولوجيا العالمية.

المختبر التنظيمي

أوضح أن المختبر التنظيمي للقطاع المالي غير المصرفي، سيساعد الهيئة أيضاً بتحقيق رؤيتها في دعم وتشجيع الابتكار في الخدمات المالية غير المصرفية، مع العمل على تحقيق استفادة المستهلكين من التقنيات الناشئة وكذلك الحفاظ على المعايير التنظيمية، على أن يساعد المختبر التنظيمي الشركات الناشئة على كسب ثقة المستثمرين وجذب رؤوس الأموال وذلك لخلق بيئة تفاعلية نحو النمو المستدام.

ووجه رئيس هيئة الرقابة المالية الدعوة للشركات الناشئة ورواد الأعمال في مجال الخدمات المالية غير المصرفية ذات الحلول الذكية والمبتكرة للاستفادة من المختبر التنظيمي في تطوير نماذج أعمالهم وزيادة كفاءة مشاريعهم.

وشدد على أن التحول الرقمي لا يقتصر فقط على تطوير موقع إلكتروني أو تطبيق لتقديم الخدمات لكنه رحلة كبيرة تتطلب أنظمة وبنية تحتية، يجب أن يكون في القلب منها حماية البيانات، موضحاً أن رقمنة المعاملات المالية غير المصرفية يعزز من القدرات التنافسية للقطاع المالي غير المصرفي لتحقيق الشمول التأميني والاستثماري والتمويلي.

الطريق إلى التكنولوجيا المالية

التطوير التشريعي

أكد أن الهيئة انتهت من الإطار التشريعي والتنظيمي لتسريع وتيرة التحول الرقمي وتحقيق الشمول المالي، من خلال إصدار حزمة قرارات ولوائح تنفيذية لرقمنة المعاملات المالية غير المصرفية لزيادة أعداد المستفيدين من الخدمات المالية غير المصرفية.

يأتي ذلك في إطار استكمال الإطار التشريعي الذي بدأ عام 2022 بإصدار القانون رقم 5 لسنة 2022 لتنظيم استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية وتبعه قرار رقم 58 لسنة 2022 بشأن الشروط والإجراءات المتطلبة للتأسيس والترخيص والموافقة للشركات والجهات الراغبة في مزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية من خلال تقنيات التكنولوجيا المالية.

وأصدرت هيئة الرقابة المالية، القرار رقم 139 لسنة 2023 بشأن التجهيزات والبنية التكنولوجية وأنظمة المعلومات ووسائل الحماية والتأمين اللازمة الاستخدام التكنولوجيا المالية لمزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية.

كما أصدرت القرار رقم 140 لسنة 2023، بشأن الهوية الرقمية والعقود الرقمية والسجل الرقمي ومجالات استخدام التكنولوجيا المالية لمزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية ومتطلبات الامتثال، وهو ما يعد أول قرار تنظيمي صادر عن جهات الرقابة على القطاعات المالية، والذي حدد تفصيلاً متطلبات التعرف الإلكتروني الرقمي على العملاء،  إلى جانب القرار رقم 141 لسنة 2023، بشأن سجل التعهيد في مجالات التكنولوجيا المالية لمزاولة الأنشطة المالية غير المصرفية، وهي الشركات التي يجوز لها توفير خدمات التعرف على العملاء وسجلات العقود إلكترونياً، للشركات المالية العاملة في المجال.

نتج عن ذلك قيد 4 شركات في سجل مقدمي خدمات التعهيد بمجالات التكنولوجيا بدأوا إجراءات التعاقد مع نحو 84 مؤسسة مالية غير مصرفية أخرى، فيما تم إصدار تراخيص بالفعل لنحو 7 شركات من بينهم شركات ناشئة في مجال التمويل غير المصرفي، لتقديم خدماتهم باستخدام مجالات التكنولوجيا المالية، وكذلك تم توقيع تعاقد لأول شراكة بين إحدى شركات التأمين، وأحد مقدمي خدمات الاتصالات لتسويق وتوزيع الوثائق التأمينية إلكترونياً.

أوضح الدكتور فريد، أن التطوير ما زال مستمراً للأطر التشريعية والتنظيمية في ضوء العمل على تعزيز دور الشركات الناشئة ورواد الأعمال في الاقتصاد الوطني ومساعدة الأفكار المبتكرة في شتى القطاعات.

ذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية، أصدرت بدورها، عدة لوائح وقرارات تنفيذية في إطار دعم ريادة الأعمال والابتكار والتكنولوجيا المالية، وخلق بيئة تنظيمية داعمة لكافة الشركات الناشئة، منها إصدار معايير تقييم الشركات الناشئة.

البنوك الرقمية

أدوات تقييم الشركات

وطورت الهيئة، مناهج تقييم الشركات الناشئة بما يتيح تقييمات تتناسب مع نماذج أعمال الشركات الناشئة، عبر إضافة طرق ومنهجيات جديدة تعكس طبيعة عمل ومراحل نمو الشركات الناشئة خاصة قبل تحقيق الإيراد والمبيعات، بما يساعدها على الوصول للتمويل اللازم للنمو والتوسع وتطوير أعمالها وتحقيق مستهدفاتها.

كما وضعت هيئة الرقابة المالية، متطلبات التأسيس والترخيص للشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية لمزاولة أنشطة التمويل غير المصرفية، وحددت القواعد رأس المال ليكون 15 مليون جنيه بحد أدنى، بدلاً من 75 مليون جنيه حداً أدني لرأس مال الشركات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي بخلاف نشاط التمويل العقاري والذي يصل الحد الأدنى لرأس المال المطلوب إلى 100 مليون جنيه.

أشار فريد، إلى أن التحول الرقمي يساهم في تسهيل عملية الوصول والحصول على التمويل المناسب لكافة فئات المجتمع، مما يتيح الفرص للتوسع أو البدء في نشاط اقتصادي يساعد في تحسين المستوى المعيشي.

 

وفي هذا الصدد استطلعت منصة «Followict» أراء عدد من خبراء التكنولوجيا المالية في مصر، والذي أكدوا على أن القطاع سيقود النمو في مصر خلال الفترة المقبلة بدعم من أجهزة الدولة المختلفة والاهتمام الذي توليه الحكومة للقطاع لتحقيق التنمية الاقتصادية.

وقال الدكتور محمد عبد المطلب، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “إكس باي” الناشئة والتي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية ومتخصصة في توفير حلول دفع شاملة للشركات بجميع أحجامها، إن قطاع التكنولوجيا المالية في مصر شهد نموًا ملحوظًا خلال السنوات الخمس الماضية، ليصل عدد الشركات العاملة به إلى 177 شركة، معظمها حاصلة على تراخيص من البنك المركزي.

وتوقع عبد المطلب أن ينمو القطاع بنسبة 37.5% خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بجهود البنك المركزي لتعزيز الشمول المالي، حيث لا يزال 25.2% من المواطنين المصريين مستبعدين ماليًا، بعد وصول معدل الشمول المالي إلى 74.8% بنهاية العام الماضي.

محمد عبد المطلب
محمد عبد المطلب

أشار إلى أن معدلات الشمول المالي في مصر أصبحت من أفضل المعدلات على مستوى الدول النظيرة، حيث بلغ عدد المواطنين الذين يمتلكون ويستخدمون حسابات نشطة تمكنهم من إجراء معاملات مالية نحو 52 مليون مواطن من إجمالي 69.6 مليون مواطن.

وأضاف أن قطاع التكنولوجيا المالية في مصر يتمتع بمستقبل واعد، متوقعًا استمرار القطاع في النمو والتطور خلال السنوات القادمة وأن يكون على رأس القطاعات التي تقود النمو بشكل عام في الدولة.

وأشار إلى أن ارتفاع معدلات استخدام الهواتف الذكية والإنترنت، يسهم بشكل قوي في توفير قاعدة واسعة للمستخدمين المحتملين للخدمات المالية الرقمية، مشيدًا بجهود الحكومة في تعزيز الشمول المالي من خلال مبادرات مثل التحول الرقمي والتشجيع على استخدام المدفوعات الإلكترونية، وزيادة الاستثمارات في الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية مما يعزز الابتكار والتوسع في هذا القطاع.

وفيما يخص التمويل، توقع عبد المطلب، أن يستمر قطاع التكنولوجيا المالية في جذب الاستثمارات، سواء من المستثمرين المحليين أو الأجانب، لافتًا إلى أن المستثمرون يركزون على الشركات التي تقدم حلولًا مبتكرة وتستهدف أسواقًا ذات إمكانات نمو عالية.

وأضاف أنه من المرجح أن تشهد السوق المصرية عمليات اندماج واستحواذ بين شركات التكنولوجيا المالية، بهدف توسيع نطاق الخدمات وزيادة الحصة السوقية، إذ قد تستحوذ الشركات الكبرى على الشركات الناشئة المبتكرة للاستفادة من تقنياتها وحلولها.

ولفت إلى إمكانية توسع بعض الشركات المصرية إقليميًا، خاصة في الأسواق الأفريقية ودول الخليج التي تشهد نموًا مماثلاً في قطاع التكنولوجيا المالية، موضحًا أن أهم المجالات الواعدة في قطاع التكنولوجيا المالية في مصر تتمثل في المدفوعات الرقمية والإقراض الرقمي وتوفير الحلول الرقمية للشركات.

من جانبه قال علاء أبو المجد، خبير التكنولوجيا المالية، إن مشهد التكنولوجيا المالية في مصر خلال هذا العام يشير إلى نمو كبير شهريا، فالمستثمرون شهيتهم مفتوحة على الاستثمار في هذا المجال، وذلك بسبب التوجه الكبير نحو رقمنة العمليات والشمول المالي، مما يؤكد أن الأرقام تتضاعف في هذا القطاع، وهناك جهود كبيرة من البنك المركزي في تعزيز الشمول المالي، مشددًا على الحاجة إلى توعية وتثقيف الناس بأهمية التعامل من خلال المدفوعات الرقمية، وتقديم منتجات أكثر يمكن أن تفيد كل شرائح المجتمع.

علاء أبو المجد
علاء أبو المجد

وأشار إلى أن البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية يقومان بخطوات هامة نحو دعم قطاع التكنولوجيا المالية، من خلال استحداث لوائح وقوانين تسهل على الشركات الانضمام إلى عالم التكنولوجيا المالية بشكل أكبر، وتشجيع أصحاب الأفكار المبتكرة لتنفيذها بموافقات سهلة، طالما أن بيانات العملاء مؤمنة، وتسارع الجهتان لزيادة اللاعبين في هذا السوق، وذلك من أجل الوصول إلى شمول مالي حقيقي، وتصبح جميع المعاملات رقمية بدلا من الكاش.

وأضاف أبو المجد أن أهم التحديات التي تواجه شركات التكنولوجيا المالية هي البنية التحتية، والتي تحتاج إلى تحديث في الأنظمة، بجانب عدم إتاحة وضع البيانات على السحابة، وأن تكون كل البيانات في مصر، وهذا يزيد من التكلفة على الشركات، فاستخدام السحابة يكون أرخص، وهذا يمثل عائقا أمام الشركات.