وسط عالم الأعمال المتقلب سريع المفاجآت، تولد الشركات الناشئة كقصص الحب الملهمة، تحكيها أرواح شابة جريئة تحمل أحلاما وتطلعات كبيرة، تواجه التحدي بالإبداع والطموح، وتعيش أوقاتا من الإثارة والتوتر والقلق.
إن الشركات الناشئة، التي تعد عمودًا فقريًا في النمو الاقتصادي، تمثل مصدرًا حقيقيًا للابتكار والتجديد، وتؤثر بشكل إيجابي على المجتمعات التي تنشط فيها، كما تسهم في خلق فرص العمل وزيادة الإنتاجية وجذب الاستثمارات.
ومع ذلك، قلة من الشركات الناشئة التي يكتب لها النجاح والتألق في سماء الأعمال، بينما تُنسى أخرى في غياهب الفشل!
إن إحصائيات ريادة الأعمال، والمتعلقة بالنجاح والاستمرارية، تشير إلى أن حوالي 20% من الشركات الناشئة تفشل في العامين الأول والثاني، وتتعثر 45% منها لتفشل قبل الوصول لعامها الخامس.
وتحتل الحوكمة دورا رئيسيا في سياق البحث عن القواعد الأساسية التي تضمن استدامة الشركات الناشئة واستمرار نجاحها، والحوكمة نظام يضم مجموعة من القيم والمبادئ التي تعزز قدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها بشكل شفاف ومسؤول، وتظهر الحاجة الى دور الحوكمة كنظام متكامل وأساسي لا غنى عنه لأي منشأة، أيا كان حجمها ونوع نشاطها، كضمان لاستمرار الشركات والمساهمة فى النمو بشكل متزايد وجذب المستثمرين.
وعندما تتبنى الشركات الناشئة مبادئ الحوكمة، يتحقق العديد من النجاحات، فتجذب الشركات الاستثمارات بشكل أكبر، وتضع استراتيجيات محكمة توفر الاتجاه الصحيح، وتزيد من مستوى الشفافية والمسؤولية، وتحفز على اتخاذ قرارات مدروسة تقلل من المخاطر وتعزز الفرص الناجحة.
وإذا كان جذب الاستثمارات واحدة من أهم المشكلات التي تواجه الشركات الناشئة، والتي يؤثر نقص التمويل بشكل سلبي على استمراريتها، فإن تطبيق قواعد الحوكمة تقدم ضمانا يشجع المستثمرين ويطمئنهم للاستثمار فى تلك الشركات.
وتحث أنظمة الحوكمة الشركات على تطوير أهداف محددة بوضوح، واستراتيجيات تفصيلية، ومعايير أداء للتحقق من الوصول إلى هذه الأهداف، كما تضع أسسا واضحة للشفافية والمساءلة، وتساعد الشركات على نشر المعلومات المالية والتشغيلية بقدر عالي من الشفافية والوضوح بين الإدارة وأصحاب المصلحة، كما تعزز مساءلة الإدارة التنفيذية أمام المساهمين.
فالشركات التى تتبع قواعد ومبادئ الحوكمة لا مجال بها للقرارات الفردية أو القرارات الغير مؤيدة بدراسة و تحليل بيانات واضح، مما يؤدى إلى تقليل احتمالات اتخاذ قرارات خاطئة تؤدي إلى انهيار الشركات، كما أن إدارة المخاطر تعد من أهم مبادئ الحوكمة، حيث يتم تحديد أهم المخاطر المحتملة والمتوقعة، والتي تؤثر سلبا على تحقيق الأهداف، وبالتالي وضع إجراءات استباقية لتقليل الأثر السلبي لتلك المخاطر حال حدوثها.
وختاما، يجب أن ندرك أهمية الحوكمة في مسار النجاح للشركات الناشئة، فهي ليست مجرد إطار قانوني، بل هي فلسفة عمل تتجاوز القيود وتبني روح التفوق والاستمرارية، وركيزة أساسية في بناء مستقبل مشرق للاقتصاد والمجتمع.
تحليل كتبه: مصطفى ناصف
الخبير الدولي في مجال المراجعة والحوكمة