محمود محيي الدين: انتشار التطبيقات التكنولوجية وتطوير نظم الدفع ساهما في زيادة التحويلات النقدية لمصر
على الرغم من المشكلات الاقتصادية التي تعرّض لها الاقتصاد العالمي بسبب تداعيات جائحة «كورونا»، إلا أن التحويلات النقدية للعاملين بالخارج ظلّت صامدة ومثّلت دعما قويا للاقتصادات المختلفة، حيث سجلت تحويلات المصـريين العاملين بالخارج أعلى مستوى لها في تاريخها، خلال السنة المالية 2020-2021، بمعدل نمو 13.2% أو ما يعادل نحو 3.7 مليار دولار، لتصل إلى نحو 31.4 مليار دولار خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي.
وعلى هامش ملتقى “دور التحويلات النقدية في زيادة الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة”، أجرى موقع «FollowICT» حوارًا مع الدكتور محمود محي الدين، المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، حول مشاركة المصريين بالخارج في التنمية المستدامة، ودور تطور نظم الدفع الرقمية على زيادة تحويلات العاملين بالخارج.
وإلى نص الحوار…
كم تبلغ تحويلات المصريين بالخارج حاليًا، ونسبتها من إجمالي موارد النقد الأجنبي لمصر؟
قفزت التحويلات النقدية للعاملين المصريين بالخارج إلى مستويات تاريخية خلال العام الأول لانتشار الجائحة، حيث نمت بنحو 13.2% خلال العام المالي الماضي، لتسجل نحو 31.4 مليار دولار، ويمثل هذا الرقم نحو ثُلث مصادر النقد الأجنبي في أخر عامين، وفقًا لتقديرات وزارة التخطيط.
ما هي رؤيتك لأسباب زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتأثير الجائحة على التحويلات؟
تحويلات العاملين بالخارج عالميًا وصلت إلى نحو 548 مليار دولار قبل جائحة “كورونا”، وكان هناك توقعات بأن تنخفض بمعدل 20% بسبب الجائحة، ولكنها انخفضت بنحو 1.5% فقط لتصل إلى 541 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يرتفع نشاط عمليات التحويلات النقدية خلال الفترة المقبلة لتتجاوز 550 مليار دولار أي تتخطى أرقام ما قبل الجائحة، وأن تحويلات العاملين بالخارج «المسار الوحيد» الذي شهد تحسّناً في علاقات الدول الاقتصادية مع بعضها، في حين تراجعت معدلات الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الخارجية.
كما أن عدد العاملين بالخارج على مستوى العالم وصل إلى أكثر من 260 مليون عامل خارج بلادهم يقومون بهذه التحويلات بشكل منتظم.
ما هي رؤيتكم لأسباب عدم تراجع التحويلات؟
أولاً لأن هناك صعوبة في تنقل الأفراد بأنفسهم عبر البلدان، واستخدام الطرق الرسمية في التحويل، خاصة في ظل الظروف التي فرضتها جائحة “كورونا” على عمليات السفر، حيث أصبح هناك قلة في عدد المسافرين.
كما أن التراجع في النشاط الاقتصادي في جميع دول العالم، وتراجع معدلات النمو، ترتب عليه زيادة في معدلات البطالة والحاجة الأكبر إلى المساندة والإعانة، مما قد يدفع البعض إلى طلب إعانة من الأصدقاء والأقارب العاملين في الخارج، حيث تعرف التحويلات النقدية بأنها تسير عكس اتجاه الدورة الاقتصادية.
وهناك أيضًا عدد كبير من العاملين بالخارج ينتهزون الفرص الاستثمارية لضخ جزء من أموالهم في شراء عقارات أو غيره، خاصة في ظل حاجة البعض إلى السيولة النقدية، وفي بعض الحالات كحالة العائدين، تصبح أرقام التحويلات النقدية أكبر بسبب ظروف عودتهم للبلد.
وبالإسقاط على مصر، فإن زيادة عدد التطبيقات التكنولوجية المنتشرة في مصر، وتطور المحافظ الإلكترونية ساهم بصورة كبيرة في زيادة وسهولة عمليات التحويلات النقدية، فضلاً عن الاستقرار الاقتصادي في مصر، واستقرار السياسة المالية والنقدية، والسيولة في إمكانيات تحويل النقد، خاصة في ظل برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي ساعد في تدفق جيد للأموال في هذا التوقيت.
بالحديث عن تحويلات العاملين بالخارج.. ما هو نصيب التحويلات الرقمية؟
على مستوى العالم، الإسهام الخاص بالتحويلات الرقمية لتحويلات العاملين بالخارج أصبح أكبر من ذي قبل، حيث أن حجم التحويلات الرقمية من إجمالي التحويلات كان لا يتخطى 60 مليار دولار في 2014، ومن المتوقع أن يقفز إلى أكثر من 50% من إجمالي التحويلات العالمية في 2022.
وبالحديث عن مصر، فإن زيادة الاستثمار في البنية التحتية ساهم في زيادة استقبال التحويلات الخارجية، وهو ما يؤكد على الدور الذي يلعبه البنك المركزي المصري من تطوير أكبر في البنية التحتية التكنولوجية، وتطوير نظم الدفع في مصر من خلال التوجيهات الرئاسية في المجلس القومي للمدفوعات لتيسير عمليات التحويل.
هل تلعب نظم الدفع المتطورة دورًا في تخفيض تكلفة التحويلات؟
تطوير نظم الدفع الإلكترونية يساهم في تقليل تكلفة التحويلات والمعاملات لتقل عن 3% من قيمة التحويل، وهذا الهدف يندرج تحت أهداف التنمية المستدامة، خاصة وأن بعض الدول تصل تكلفة التحويلات بها إلى أقل من 0.5% بسبب التطور الكبير في أنظمة الدفع الإلكتروني.
ما هي العوامل التي تحتاجها مصر في الوقت الحالي لزيادة تحويلات العاملين بالخارج؟
ضرورة تعاون وتكاتف جهات القطاع المالي في الدول المختلفة في هذا الشأن لرفع معدل التحويلات الرقمية النقدية، وذلك من خلال محاولة تقليل التكلفة ما بين مصر والدول الأخرى.
ما هو ترتيب مصر بين الدول الأكثر جذبًا للتحويلات الخارجية؟
مصر هي الأولى عربيًا في استقبال التحويلات النقدية من العاملين بالخارج، وتحتل المركز الرابع عربياً من حيث تمثيل نسبة التحويلات لإجمالي الدخل القومي بعد لبنان وفلسطين والأردن، حيث أن الدخل القومي لمصر كبير ومتنوع.
كيف تساعد تحويلات العاملين بالخارج في تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
استخدامات التحويلات النقدية يساعد بصورة كبيرة في تخفيض معدلات الفقر بالنسبة للأسر ذات الدخل الأقل وتحسين نوعية الغذاء، وهو ما يحقق بدوره الهدف الأول والثاني من أهداف التنمية المستدامة.
كما أن الاستخدام الأهم هو استخدام التحويلات في الالتحاق بالتعليم، حيث قام عدد كبير من العاملين بالخارج بالتحويل لتعليم أبنائهم، وهو الهدف الإنمائي الرابع من أهداف التنمية المستدامة، فضلاً عن مساهمة التمويلات في الجانب الصحي في ظل الجائحة وهو الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، إلى جانب زيادة مشاركة الإناث في تحويلات العاملين بالخارج يحقق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة.
تحدثنا عن تأثير تحويلات العاملين بالخارج على الفرد.. فما هو تأثير التحويلات على المجتمع والاقتصاد؟
هناك دراسة تشير إلى أن التحويلات لها تأثير مهم على المجتمع والاقتصاد، والتي تساهم في زيادة فرص العمل والإقبال على الطاقة النظيفة وتوصيل مياه الشرب وزيادة الإنتاج، فضلاً عن زيادة الإقبال على تطوير السكن، وهو الهدف الـ11 من أهداف التنمية المستدامة.
كما أن تحويلات العاملين بالخارج تعتبر نوع من أنواع المشاركة الدولية التي تساعد الدول على تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية.
ما هي رؤيتك للفرق بين تحويلات العاملين بالخارج والمساعدات الخارجية والاستثمار الأجنبي المباشر؟
تحويلات العاملين بالخارج أكثر استقرارًا من المساعدات الخارجية، أو حتى من الاستثمار الأجنبي المباشر سواء في مصر أو في العالم، حيث أنها تعتبر عائد على الاستثمار في البشر أنفسهم، وهو ما ظهر جليًا في أرقام التحويلات سواء لمصر أو عالميًا.