في كتاب” Zero To One” تحدث رائد الأعمال بيتر ثييل عن كيفية بناء الشركات الناشئة الناجحة، وكيف نجح العديد من موظفي شركة” باي بال” في تأسيس أنجح الشركات التكنولوجية الكبرى، مما يعكس أهمية العمل في شركات ناشئة من أجل الانطلاق بقوة في عالم ريادة الأعمال.
وحاورت بوابة الاقتصاد الرقمي FollowICT محمد حسام خضر، خبير الاستثمار وريادة الأعمال والإدارة، ليتحدث عن الأسباب التي تجعل موظفي الشركات الناشئة يؤسسون شركات ناجحة، وما هي المهارات التي يكتسبونها في خطوات منها لتعزيز ثقافة صناعة الأعمال الريادية.
فاحتمالية العمل داحل شركة ناشئة في الغالب ما تكون مثالية، ويحظى الموظفون المبتدئون بالعديد من المزايا الأكثر حظا في سوق العمل على كافة المستوى، مثل خيارات الأسهم، والبدلات الجيدة، والأجواء المثالية للعمل وما إلى ذلك، إذًا ماالذي يحرك الموظفين للخروج وبناء تجربتهم الخاصة
ما الذي يميز من يعمل في شركة ناشئة عندما يقرر تأسيس شركته الخاصة؟
من يشاركون في إنشاء شركات ناشئة، أو يعملون بها يصبح لديهم بعض الخبرات التي يكتسبونها، وتجعلهم أكثر قدرة من غيرهم وأكثر إقداما من الآخرين على إنشاء شركات ناشئة خاصة بهم، فهم يمرون بتجارب خاصة وخبرات استثنائية لاتتوفر لغيرهم في الشركات الكبيرة، نظرا لطبيعة المهام التي تسند إليهم وأيضا الخطوات التنفيذية لتأسيس الشركات والتي يشارك بها الموظفين بدءا من التأسيس والتسويق ووضع السياسات المالية المناسبة لصناعة علامة تجارية قوية.
وما هي العوامل التي تساعدهم على ذلك؟
أولا هناك المعتقدات أو القناعات أو التوجهات التي توجه الفرد نحو شيء معين، ومدى اقتناع الشخص بأنه يستطيع أن يفعل شيئا معينا، وهي مثل ساق الشجرة، ويأتي فوقها الأوراق والثمار وهي تصرفاته.
وماذا عن القناعات؟
هذا الشخص شاهد كيف تعمل الشركة الناشئة، وأنها تبدأ من اللا شيء، مجرد فكرة ومجهود، فرأى الشركة تبدأ من الصفر، وعرف أن هناك شركة يمكن أن تبدأ من الصفر وتنجح، وتوصل إلى قيم خيالية كبيرة جدا، لا تقارن بها الشركات العادية، فهذه القناعة ممكن تكون عند غيره ولكن ليست بنفس الطريقة، فلو أحد قال إنه لديه فكرة وممن الممكن أن يعمل عليها وتصل إلى ملايين الدولارات الناس ستسخر منه، ولكن من يعمل في شركة ناشئة يكون لديه القناعة موجودة، والاعتقاد جزء من طريقة تفكيره، فيكون لديه قناعة بأنه لا يوجد شيء ليس له حل، فالعمل في شركة ناشئة وخصوصا أن الإمكانيات تكون قليلة في البداية، مما يجعل الشخص يتعب ويجتهد ويعمل ويجرب طرق كثيرة لحل أي مشكلة، ففكرة أنه لا توجد مشكلة بدون حل قناعة تميز أي شخص يعمل في “Startup”.
وما هي القناعات الأخرى؟
القناعة الثالثة هي أنه يستطيع عمل أي شيء، فعندما يبدأ الشخص العمل في شركة ناشئة أو يشارك في تأسيسها تكون المهام في الظاهر محددة، ولكن في الواقع ليست محددة، فيمكن أن يكون عمله في التسويق، ولكن تجعله الإدارة يعمل في مهام أخرى وتخصص أخر ليس له علاقة بمجال، ومع الوقت يبدأ يتعلم ويدخل في مجالات أخرى، ويرى المؤسسين يفعلون ذلك كل يوم، وبالتالي يستطيع أن يقوم بأي شيء حتى لو لم يكن يجيدها لكن سهل يتعلمها.
هل هناك قناعات لها علاقة بجذب الاستثمار؟
نعم، هناك قناعة أن المستثمر لو وجد فكرة قوية فيها مواصفات معينة سيرحب بها ويريد أن يشارك فيها، وهذه القناعة مهمة، فالناس خارج المجال يرون أن التمويل صعب، لكن من جرب هذا الطريق يدرك أن المستثمر إذا وجد شركة قوية لن يتردد في الاستثمار فيها، والجولة التمويلية يكون الإقبال عليها أكثر من المطلوب، وهو مؤشر قوي أن الشركة تسير في الطريق الصحيح، فكل هذه القناعات يتم زرعها فيمن يعمل في شركة ناشئة، وتغير في سلوكياته وتصرفاته.
وما هي التصرفات الناتجة عن تلك القناعات؟
أولا يصبح هذا الشخص أكثر إقداما على المخاطرة، فبالنسبة له لم يعد تأسيس الشركة مغامرة أو مخاطرة بنفس المفهوم الموجود عند غيره، فهي مخاطرة محسوبة، ويدرك ماذا يحدث في كل المواقف، فجزء من عمله يعتمد على المغامرة، وإذا فشل سوف يتقبل الوضع، فهذه الخطورة الكبيرة يقابلها مكسب كبير لن يستطيع الوصول إليه بعمله بالطريقة التقليدية طوال عمره.
ثانيا يدرك أهمية وجود فريق عمل قوي، وهذا الأمر ليس شائعا في الشركات التقليدية، وخصوصا التي تبحث عن شباب متوسطي الخبرة أو حديثي التخرج لأن مرتباتهم قليلة، فمن عمل بالشركات الناشئة التي حصلت على تمويلات كبيرة أو بيعت أو طرحت في البورصة يدرك أن ذلك لم يحدث إلا في وجود فريق قوي نفذ خطط الشركة، واستطاع إقناع المستثمرين بقوته وخبراته أنه يستحق الاستثمار فيه، ولذلك عندما يؤسس شركة لا يكون لديه استعداد أن يعين ناس أقل في الإمكانيات.
وما هي نتيجة كل ذلك؟
يقوم الشخص الذي عمل في شركة ناشئة باختبار السوق، لكي يدرك هل ستنجح فكرته أم لا، وهل السوق يحتاجها أم لا، وهل هناك احتياج حقيقي لفكرته، وهل ستنجح ويدفع الناس فلوس فيها أم لا، فيكون لديه القدرة على اختبار السوق ويعمل بطريقة علمية وممنهجة، ويصبح لديه مميزات رائد الأعمال من حيث القدرة على التنفيذ فورا، فهناك من يملك فكرة ولكن لا ينفذها،
ولكن من يعمل في شركة ناشئة ينفذ فكرته بعدما يتأكد من وجود احتياج لها في السوق، فيتحول إلى شخص مبادر، بجانب أنه يعين فريق قوي، فمن يعمل في ستارت اب يكون أجدر على تعيين ناس أفضل، ويدرك كيف يجعل شركته جاهزة للاستثمار، لأنه لديه الخبرة وعلى معرفة ببعض المستثمرين، نتيجة عمله في شركة ناشئة، فهذا يسهل له الوصول إلى المستثمرين أكثر من غيره، فلو أي شخص يحتاج إلى الاجتماع بـ100 مستثمر لكي يقنع أحدهم، فمن يعمل في شركة ناشئة يمكن أن يجتمع مع ثلاثة فقط لكي يقنع أحدهم بالاستثمار، لأن الأمور بالنسبة لهم أقل مخاطرة، نتيجة امتلاكه لخبرات سابقة.