البنك المركزي المصري.. علامة فارقة في تاريخ الاقتصاد المصري على مدار سنوات طويلة، كان فيها داعما رئيسيا لكافة مراحل تطور الاقتصاد ومرتكزا لنفاذ السياسات النقدية الموائمة لطبيعة كل مرحلة وفقا للمعطيات المحلية والتغيرات العالمية، وهو ما جعله جديرا بقيادة برامج إصلاح رئيسية للاقتصاد خلال العقدين الماضيين لدفعه لمراحل جديدة من التطور على المستوى النقدي والمالي وأيضا التكنولوجي من ناحية، ولامتصاص التداعيات العالمية السيئة التي أصبحت أكثر “فورانا” في السنوات الأخيرة من ناحية أخرى.
وفي عمر المؤسسات الكبرى كالبنوك المركزية، يكون تغيير قياداتها محل اهتمام وترقب نظرا لأهميتها الحيوية واتصالها في نقاط كثيرة بمستقبل الدول، ويبدو أن المرحلة الحالية تطلبت اختيار قيادات جديدة للبنك المركزي المصري، في توقيت ليس “الأفضل” نظرا للأحداث الدولية الكبرى التي أثرت على حركة رؤوس الأموال، وأسعار العملات مقابل الدولار، وارتفاع مستويات التضخم، ناهيك عن عدم وجود بوادر حلول للأزمات الحالية في المستقبل القريب والتي على رأسها الصراع في شرق أوروبا والتصادم المحتمل بين الولايات المتحدة والصين حول قضية تايوان وقضايا أخرى متعلقة بالتجارة وصراع الزعامة.
ففي السابع عشر من أغسطس الجاري، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً بتعيين طارق عامر مستشاراً لرئيس الجمهورية، بعدما طلب الأخير الاعتذار عن منصبه لإتاحة الفرصة للآخرين لاستكمال المسيرة التنموية الناجحة تحت قيادة الرئيس، وذلك بعد مرور نحو 7 أعوام قضاها عامر محافظًا للبنك المركزي، تخللها العديد من القرارات المؤثرة في الاقتصاد المصري والتي كان على رأسها قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016.
وفي اليوم التالي للقرار، أصدر الرئيس السيسي قرارًا بتعيين حسن عبد الله، رئيس المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية والرئيس السابق للبنك العربي الأفريقي الدولي، قائمًا بأعمال محافظ البنك المركزي المصري خلفًا لطارق عامر، ليبدأ في قيادة أحد أهم الهيئات الاقتصادية في الدولة في مرحلة صعبة وفارقة في تاريخ الاقتصاد المصري، حيث يعاني العالم بأكمله من أزمة اقتصادية طاحنة تقودها الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع مستويات التضخم.
وفي سبيل البحث عن حلول للخروج من الأزمة الراهنة، قامت الدولة بإجراء تعديل وزاري خلال شهر أغسطس الجاري، شهد استقدام عدداً من الوجوه الجديدة لحقائب وزارية حيوية، حيث طال التعديل 13 وزيرا، إلى جانب محافظ البنك المركزي الذي اعتذر مؤخرًا.
خطوات أولى
وكانت أولى الخطوات التي اتخذها محافظ البنك المركزي المصري الجديد حسن عبد الله، بعد قراره بتثبيت أسعار الفائدة في أول يوم له، هي عقد اجتماع عاجل مع رؤساء وقيادات البنوك المصرية الحاليين والسابقين، وحرصه على أن يكون الاجتماع في أحد الفنادق وخارج جدران البنك المركزي كي يغلب عليه الطابع الودي والاجتماعي.
وتمثلت أبرز نتائج الاجتماع في اختيار حسن عبد الله محافظ البنك المركزي، لكلٍ من هشام عز العرب رئيس البنك التجاري الدولي CIB السابق، ومحمد نجيب رئيس بنك saib الأسبق مستشارين له بالبنك المركزي، وهما من أهل الخبرة والكفاءة، مما يشير إلى أن القيادة الجديدة تسعى للاستعانة بأهل الخبرة لتخطي الأزمة العالمية الحالية دون خسائر.
ويتميز هشام عز العرب بقدرة كبيرة على التواصل مع المستثمرين الأجانب، ويحظى باحترام المؤسسات الدولية لامتلاكه خبرة في تلك الاسواق ورئاسته التجاري الدولي أكبر بنك خاص في مصر لسنوات، وينتهج “عز العرب” سياسة الأبواب المفتوحة والاستماع إلى الجميع.
وأيضا إصداره قرارا برفع حدود السحب والإيداع النقدي سواء بالنسبة للأفراد أو الشركات،في إطار هيكلة السياسات المالية والنقدية في البلاد، تمهيدًا للتعامل بشكل مباشر مع التضخم المرتفع.
فما هي خطوات البنك المركزي المقبلة والرهانات التي يتمسك بها لاستكمال مسيرته على مستوى السياسات النقدية، وأيضا على مستوى التطور التكنولوجي الذي أصبح محور عمل البنوك في العصر الجديد؟
تحديات صعبة
تعاني مصر خلال الفترة الراهن –شأنها شأن كافة دول العالم- من بعض التحديات والتي يأتي على رأسها أزمة نقص العملة الأجنبية، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت بشكل سلبي على قطاع السياحة المصري أحد أهم موارد النقد الأجنبي إذ يمثل السياح الروس والأوكران نحو ثلث السياح الوافدون لمصر، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات تاريخية وصلت إلى 130 دولار للبرميل، إلى جانب خروج نحو 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة «الاموال الساخنة»، وهي العوامل التي أثرت بشكل سلبي على تدفقات النقد الأجنبي.
وفي ظل ارتفاع مستويات التضخم فى مصر إلى 14.6% لإجمالي الجمهورية، ووصول التضخم الأساسي السنوي- الذي يستبعد أسعار المواد غير المستقرة- إلى نسبة 15.6% خلال نفس الشهر، وهو أعلى مستوى له منذ 4 أعوام ونصف، من المتوقع أن يستمر البنك المركزي في رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعات لجنة السياسة النقدية المقبلة.
من ناحية أخرى يطالب مجتمع الأعمال، محافظ البنك المركزي، بضرورة توفير الدولار وتيسير إجراءات الاستيراد لتنشيط القطاع الصناعي، الذي يواجه انخفاضًا في الإنتاج وتوقف عدد كبير من الخطوط بسبب صعوبة توفير مستلزمات الإنتاج، وأيضا القطاعات الخدمية وعلى رأسها قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي يتطلب التحديث باستمرار لشبكاته ومنصاته الرقمية عبر استيراد وحدات ومكونات إلكترونية.
والتقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع محافظ البنك المركزي يوم الأحد الماضي، بمقر مجلس الوزراء، لاستعراض عدد من الملفات الاقتصادية، والتي جاء على رأسها موقف تفعيل قرار استثناء مستلزمات الإنتاج ولوازم التشغيل من العمل بنظام الاعتمادات المستندية، واستعراض أهم الجهود المبذولة في هذا الشأن، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بدعم قطاع الصناعة.
كما ناقش الطرفان السياسات المقترحة للتعامل مع هذا الملف مستقبلاً، بما يضمن توافر مختلف المنتجات في الأسواق المحلية، واستمرار دورة عجلة الإنتاج والاقتصاد، بالإضافة إلى الجهود الحالية المبذولة من الحكومة لتحسين مناخ الاستثمار، وتنشيط مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، والأهداف الاقتصادية المستهدفة خلال الفترة المقبلة.
هاني جنينة الخبير الاقتصادي ووكيل مساعد محافظ البنك المركزي السابق، أشار إلى أن الخبرة العملية لمحافظ البنك المركزي الجديد تؤهله للمنصب، وإن الأسواق استقبلت خبر اختياره استقبالًا جيدًا، حيث يتمتع بسمعة طيبة وخبرة عميقة في الجهاز المصرفي وخاصة في إدارة ملف سعر الصرف، متوقعًا أن ينجح محافظ البنك المركزي في إيجاد حلول مرضية لكافة المشكلات التي يواجهها مجتمع الأعمال خلال الفترة الراهنة.
وأشار إلى أن هناك ملفات رئيسية وحاسمة للبنك المركزي يجب ان يعمل عليها خلال الفترة المقبلة لضمان حركة الاقتصاد بالشكل المطلوب، وتشمل المباحثات مع صندوق النقد الدولي حول القرض الجديد والذي سيعطى شهادة ثقة كبيرة للاقتصاد المصري، وملف إدارة سعر الصرف مع تحركات الدولار الحالية، ومعدلات الفائدة، والديون الخارجية، إلى جانب مبادرات البنك المركزي المتعلقة بالاستيراد واستكمال دمج التكنولوجيا في العمليات المصرفية لضمان نمو الشمول المالي الذي يعد مرتكز رئيسي لضمان استدامة حركة الأموال في مصر في السوق الرسمي.
وأشار هاني جنينة، إلى أن ملف تحرير سعر الصرف بشكل خاص يعد ضروة ملحة للنظر فيه ودراسته بشكل علمي لاتصاله بشكل مباشر بعملية الإنتاج الصناعي وأيضا الخدمي، منوها إلى أن التحرير ليس بالضرورة أن يكون بشكل كامل، وأن يتم التدخل من توقيت لأخر حتي لا تحدث تذبذبات قوية في السوق، لاتصال هذا الإجراء بشكل مباشر بأسعار السلع والخدمات المقدمة وارتفاع مستويات التضخم.
التحديات المذكورة تشير إلى صعوبة الفترة التي يقود فيها محافظ البنك المركزي الجديد، خاصة في ظل تفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد لسد الفجوة في النقد الأجنبي، وهو ما قد يتبعه فرض شروط صعبة من قبل صندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي وتراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار منذ شهر مارس الماضي بنحو 22%.
رؤية مستقبلية
ونظرًا لهذه الظروف العصيبة، كان لحسن عبد الله رؤية مستقبلية في أهمية اختيار رجال بفكر اقتصادي مرن للاستعانة بهم في قيادة هذه المرحلة الصعبة، حيث يعد هشام عز العرب أحد أشهر رجال البنوك في مصر والشرق الأوسط، واستطاع بخبرته المصرفية التي تتجاوز الأربعين عامًا قضاها بين المؤسسات المحلية والدولية، أن يضع البنك التجاري الدولي على قائمة أفضل البنوك في أفريقيا والشرق الأوسط، وأن يصبح أكبر بنك قطاع خاص في مصر وصاحب أكبر وزن نسبي في البورصة المصرية.
وقاد هشام عز العرب، البنك التجاري الدولي منذ عام 2002، حتى أكتوبر 2020، ليحقق البنك تحت قيادته نجاحات غير مسبوقة، وابتكار أحدث الأساليب التكنولوجية لخدمة العملاء من خلال تأسيس قطاع الـ Big Data وتحليل بيانات العملاء لأول مرة في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا، مما أهَّل البنك ليصبح حالة للدراسة لطلبة الدراسات العليا وماجستير تحليل البيانات بكلية لندن لإدارة الأعمال، بالإضافة إلى تربع البنك على قائمة أفضل بنوك الأسواق الناشئة على مستوى العالم.
ومن ناحية أخرى، لم يغفل حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، الأفراد والشركات، حيث كانت أول قراراته يوم الخميس الماضي، إلغاء الحدود القصوى لعميات الإيداع للأفراد والشركات بفروع البنوك وماكينات الصراف الآلي، وزيادة الحد الأقصى اليومي لعمليات السحب النقدي للأفراد والشركات من فروع البنوك من 50 ألف جنيه إلى 150 ألف جنيه ، مع الإبقاء على الحد الأقصى اليومي من ماكينات الصراف بواقع 20 ألف جنيه.
من جانبه قال المهندس فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، أن من شأن هذا القرار أن يلعب دورًا في تعزيز المعاملات المالية للشركات الكبرى والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأن يكون له مردود إيجابي على حركة الاستثمار من خلال زيادة حركة التشغيل والإنتاجية داخل السوق، وأن يعظم محافظ الودائع بالبنوك خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى إن القرار سيعمل بشكل مباشر على تنشيط الحركة الاقتصادية وتسريع الدورة الإنتاجية من جانب، وكذلك سحب السيولة والتمهيد لرفع الفائدة الفترة القادمة لمواجهة ارتفاع معدل التضخم، حيث تسببت القيود المفروضة من البنك خلال جائحة كورونا في تقييد الحركة الاقتصادية بالسوق.
ويستهدف “المركزي” من هذا الإجراء نشر ثقافة الشمول المالي ودفع المواطنين إلى استخدام التكنولوجيا المالية، وذلك وفق مجموعة من المبادرات التي أعلنها البنك المركزي طيلة السنوات الماضية.
3 مشروعات رقمية
ولأن القطاع المصرفي المصري يسير بخطى جيدة خلال السنوات الأخيرة نحو التحول الرقمي وتعزيز المنتجات المصرفية الرقمية، فإن المحافظ الجديد يقع على عاتقه استكمال هذه المسيرة بخطى متسارعة أيضًا لمواكبة التغيرات العالمية في الصناعة المصرفية والتي تتجدد يومًا بعد يوم، خاصة منذ انتشار جائحة كورونا واستبدال التكنولوجيا القديمة بمزيج من الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، وهو ما دفع البنوك إلى التوجه نحو بناء القدرات الرقمية التى تسمح بإنجاز الخدمات المصرفية للعملاء دون انتظار.
وينتظر محافظ البنك المركزي 3 مشروعات رقمية، من المستهدف الانتهاء منهم خلال الشهور القادمة، حيث يأتي إصدار ضوابط ورخص البنوك الرقمية في مقدمة المشروعات التي من شأن المحافظ الجديد أن يتخذ قرارًا بشأنها، خاصة بعد تقدم 6 بنوك للحصول على رخصة بنك رقمي، أبرزها بنك مصر، الأهلي المصري، الإمارات دبى الوطنى، بنك قطر الوطنى الأهلى QNB، المؤسسة العربية المصرفية ABC وبنك فيصل الإسلامي، حيث تقوم فكرة البنوك الرقمية بالأساس على إنشاء بنوك دون أن تكون لها فروع تقليدية، فى ظل استراتيجية التحول للحصول على الخدمات البنكية عن طريق الإنترنت.
وسمح قانون البنوك الجديد، الصادر رسمياً فى سبتمبر 2020، بإنشاء بنوك رقمية ومتخصصة لأول مرة فى مصر، مع إعفائها من شرط الحد الأدنى لرأس المال والبالغ 5 مليارات جنيه، المقرر للبنوك التجارية.
فيما ينتظر حسن عبد الله أيضًا الانتهاء من خدمة التوقيع الإلكتروني «EKYC» والتي ستمكن عملاء البنوك من فتح الحساب المصرفي إلكترونيًا دون الحاجة للذهاب لمقر البنك، على أن يتم التعرف على هوية العميل بصورة الوجه أو العين أو بصمة الإصبع بغرض مواكبة التطور التكنولوجي على مستوى العالم، وهو ما يحتاج إلى تعديل بعض الضوابط والتشريعات القائمة التي تلزم العميل الذهاب للفرع بنفسه لفتح حساب كشروط أساسي.
ويعمل البنك المركزي بالتعاون مع عدد من البنوك الحكومية الكبرى على تمهيد البنية التكنولوجية لإتاحة خدمة فتح الحسابات إلكترونيًا قبل إطلاق الخدمة بهدف إنجاح التجربة التي سيتم تنفيذها لأول مرة في البنوك المصرية.
وكان البنك الأهلي المصري أعلن في يناير الماضي إتاحة تفعيل خدمة فتح الحساب إلكترونيًا من على موقعه الإلكتروني، قبل الذهاب لأحد الفروع للتوقيع على فتح الحساب كخطوة تيسيرية على العملاء واختصارًا للوقت والجهد، ولكن مازال البنك يشترط على العميل الذهاب للفرع للتوقيع على الطلب لتنفيذ الطلب لعدم صدور تعليمات من المركزي بإلغائها، حيث تعد هذه الخدمة أول خطوات البنوك الرقمية.
فيما يتمثل ثالث المشروعات الرقمية على قائمة محافظ البنك المركزي، في إطلاق منصة ترميز البطاقات الوطنية، والتي تهدف إلى إتمام المعاملات اللاتلامسية باستخدام الهاتف المحمول مثل خدمة أبل باي وسامسونج باي، والذي سيحدث طفرة في المدفوعات الإلكترونية وتقديمها بصورة سهلة وآمنة للمواطنين، حيث يعمل البنك المركزي على تدعيم البنية التحتية للمدفوعات بهدف التحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد، وبما يحقق استقلالية نظم الدفع داخل مصر.
المشروعات الرقمية المذكورة حال تنفيذها ستمثل نقلة نوعية للقطاع المصرفي المصري، وهو ما من شأنه أن يعزز من عملية الشمول المالي والتحول الرقمي، خاصة في ظل وجود محافظ ومستشارين له وكوادر داخل البنك المركزي تمتلك من الخبرة والكفاءة ما يجعلها قادرة على إنجاز هذه المشروعات في وقت قياسي، والنهوض بالقطاع البنكي إلى المنافسة الإقليمية والعالمية ونقل التجربة إلى العديد من الدول الأفريقية والعربية.
وفي هذا الصدد قالت سهر الدماطي نائب رئيس بنك مصر السابق، إن المحافظ الجديد سيضع مشروعات التحول الرقمي والبنوك الرقمية على رأس أولوياته خلال المرحلة الراهنة، لافتة إلى أن إطلاق البنوك الرقمية هي استراتيجية للدولة لمواكبة التكنولوجيا العالمية، كما أنها تتماشى مع تقدم الصناعة المصرفية على مستوى العالم.
وأشارت إلى أن محافظ البنك المركزي حريص على استكمال كافة المشروعات التي يعمل عليها البنك المركزي، مؤكدة على أن المحافظ سيعمل أيضًا على إنجاز كافة المشروعات وخاصة الرقمية طبقا للتوقيت المحدد لها مسبقًا.
مطالب رئيسية لقطاع الاتصالات
وفي إطار خدمة التحول الرقمي على كافة المستويات، طالب عدد من قيادات شركات الاتصالات والتكنولوجيا في مقابلات عديدة مع “FollowICT”، بضرورة أن يقوم البنك المركزي بإعادة النظر فى فتح الاعتمادات المستندية لتسهيل توفير مستلزمات الإنتاج وأيضا التشغيل للشركات العاملة فى القطاع خاصة وأن نسبة كبيرة منها تنتمي للشركات المتوسطة والصغيرة.
وأشاروا إلى ضرورة أن تتغير الفلسفة النقدية تجاه خدمات الاتصالات، بحيث يتم وضعها في إطارها الصحيح باعتبارها سلعة استراتيجية وليست ترفيهية، مما بعطيها أولية في تدبير الدولار لها لاستيراد المعدات التي تحتاجها لتشغيل الشبكات ولإدارة أعمالها.
وأكدوا على أن التوقيت الحالي يجب أن يشمل مبادرات نوعية تلائم التغيرات التي حدثت على مستوى الاقتصاد وأيضا على مستوى القطاع بشكل خاص ، بحيث يجب التركيز على توفير تمويل نوعي لعدد من القطاعات الملحة التي تخدم الرؤية الشاملة للتحول الرقمي وتضمن استدامة الاقتصاد في توفير موارد دولارية ، كالسعي إلى توطين صناعة الرقائق الإلكترونية وتصنيع السيارات والبطاريات الكهربائية عبر توفير التمويل اللازم لها بالشراكة مع مجتمع الأعمال وإجراء حوارات مباشرة مع الجهات الحكومية المعنية خاصة وأن الدولة لديها خطط تنفذها بالفعل لتوطين هذه المجالات وغيرها من الصناعات المتطورة.
وأكدت القيادات على أن هناك محور رئيسي يجب العمل عليه من القيادة الجديدة للبنك المركزي ، متعلق بخدمات التكنولوجيا المالية وتذليل كافة العقبات التي تعيق نموها لضمان مسارها التصاعدي خلال الفترة المقبلة ، مطالبين بمذيد من التعاون والتنسيق بين كافة اللاعبين الرئيسين في هذه المنظومة التي تضم البنوك وشركات الاتصالات وشركات التكنولوجيا المالية للخروج بمبادرات مشتركة وأيضا تنفيذ مشروعات رائدة في هذه المجالات تتخطى المحافظ الإلكترونية لتشمل الشراكة على مستوى البنوك الرقمية.
أرقام إيجابية
الجدير بالذكر أن الإحصائيات تشير إلى زيادة الوعي لدى المواطنين في استخدام قنوات ووسائل الدفع الإلكترونية، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في تلك المعاملات وانخفاض في نسب المعاملات النقدية والذي يسهم في تحقيق رؤية المجلس القومي للمدفوعات في التحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد.
ومن أبرز الدلائل على نمو المعاملات الرقمية بالقطاع المصرفي المصري بشكل كبير، هو الإقبال على إجراء نحو 1.33 مليون معاملة تحويل من خلال شبكة المدفوعات اللحظية وتطبيق إنستا باي، حيث بلغت قيمة تلك المعاملات 6.43 مليار جنيه حتي نهاية يونيو 2022، منذ إطلاقها في 22 مارس الماضي، أي في غضون 3 أشهر فقط من إطلاق الشبكة.
كما شهدت معاملات محفظة الهاتف المحمول طفرة كبيرة تعكس مدى اعتماد المواطن على الخدمة، حيث ارتفع عدد المعاملات من 101 مليون معاملة في النصف الأول من عام 2021 إلى ما يقرب من 212 مليون معاملة في ذات المدة لعام 2022 بنسبة زيادة 108%، كما ارتفعت قيمة المعاملات من 96 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2021 إلى 250 مليار جنيه في ذات المدة لعام 2022 بنسبة زيادة تصل إلى 161%.
وفيما يخص التعاملات عبر نقاط البيع الإلكترونية لدى التجار، فقد تم إجراء نحو 110.6 مليون معاملة شراء، وبلغت قيمة تلك المعاملات 108.7 مليار جنيه في الفترة من يناير وحتى نهاية يونيو 2022، وزاد عدد المعاملات مقارنة بنفس الفترة من عام 2021 بنسبة 46.5%، بالإضافة إلى حدوث زيادة ملحوظة في قيم المعاملات تقدر بنحو 48.7% وبلغ عدد المعاملات 75.5 مليون معاملة بقيمة تقدر بـ 73.1 مليار جنيه خلال النصف الأول من عام 2021.
وأجرى العملاء نحو 60.3 مليون معاملة شراء عبرالانترنت (E-Commerce)، وبلغت قيمة تلك المعاملات 22.3 مليار جنيه خلال النصف الأول من العام الجاري، كما زاد عدد المعاملات مقارنة بنفس الفترة من عام 2021 بنسبة 34%، وحققت قيم المعاملات زيادة ملحوظة بنسبة بلغت 70% ليبلغ عدد المعاملات 49.9 مليون معاملة بقيمة تقدر بـ 13.2 مليار جنيه خلال النصف الأول من عام 2021، وهو ما يؤكد على تنامي الإقبال على المعاملات الرقمية من قبل العملاء.